ريمون أده

 Raymond Eddé

 1913 - 2000


(Courtesy of Al Nahar newspaper)

Raymond Eddé, son of former Lebanese president and founder of the Lebanese National Bloc Party Émile Edde (1886 - 1949), was born in Alexandria, Egypt in 1913 where his father, an opponent of Ottoman rule in Lebanon, had taken refuge. In 1920, following the establishment of the French Mandate, the Eddé family returned to Beirut where Raymond Eddé was educated at Jesuit schools and graduated with a Law degree in 1934. After the death of his father in 1949, Eddé became the leader of the National Bloc Party, and in 1953, he was elected Member of Parliament, a position he was to hold until he boycotted the first post-war elections in 1992.

In 1958, he was appointed cabinet minister and ran unsuccessfully for the Lebanese presidency. In 1959, however, Eddé resigned from the cabinet, citing President Fouad Chehab’s interference in political and electoral affairs through the Lebanese military intelligence services. He led the parliamentary opposition to Chehab and to President Charles Helou, his successor, throughout the 1960s.

Eddé was a strong opponent of the 1969 Cairo Agreement between the Lebanese government and the Palestinian Liberation Organization (PLO), which allowed the PLO to launch raids against Israel from South Lebanon.

In 1976, following the outbreak of the Lebanese Civil War, Eddé again ran unsuccessfully for the presidency, but later that year, following several assassination attempts, he left Lebanon for Paris, where he was to spend the rest of his life. He refused to return to Lebanon while Israeli and Syrian troops remained on Lebanese soil, and died in Paris in May 2000.



(The text below is a transcription of an audio interview. Times in parentheses denote the approximate position of the text in the audio stream.)


مقابلة مع الأستاذ ريمون إده عميد الكتلة الوطنية ونائب ووزير سابق في الحكومة اللّبنانية.

أجريت هذه المقابلة في 25 شباط سنة 1970.
ولادته:
ثلاث دقائق وخمسة وعشرون ثانية

( Start audio: MP3)

(00:00:35)
س_أستاذ ادّه، نهتم في هذه المقابلة الأولى ان تحدّثنا في المراحل الأولى من حياتك، نشأتك، دراستك والفترة التي باشرت فيها حياتك السياسية.

ج_ وُلدت في الإسكندرية في 15 آذار 1913 ، وكانت والدتي في الإسكندرية عند والدتها لأنها كانت ستلد، وكان والدي في لبنان في ايام الدولة العثمانية. وقبل شهر من تاريخ ولادتي طلب والدي إذناً للسفر، لأن السفر كان ممنوعا ًولكنّه كان محامياً في شركة الماء التي كانت في ذلك الوقت انكليزية واستطاع بصفته محامياً لشركة الماء، وهي شركة امتيازية، بأن يحصل على مأذونية السفر. ولكن في تلك الأيام كانت تأتي باخرة واحدة من الـ Messagerie Maritime مرّة في الشهر وطبعاً كان يجب ان تبدأ المعاملة قبل بشهرين وكان في ذلك الوقت الوالي هو باكر سامي بك،طبعاً أنا لم أعرفه إنّما كلّمني عنه والدي فيما بعد. كان والدي يلعب "البريدج" مع باكر سامي بك في الـ Cercle de l’Union Française ، وطبعاً علم بأنّه ينتظر ولداً ومن الممكن أن يهتمّ الوالد بمولوده البكر أكثر من اهتمامه بالّذين يأتون فيما بعد. وكان والدي وهو يلعب "البريدج" لا يكفّ عن القول: سيأتيني صبي، وكأنّه كان مقتنعاً بأنّه سيأتيه صبي. وكان أصحابه الشباب مسرورين لسروره وتأتيه رسالة من والدتي تطلب منه أن يحضر، وكان هو قد هّيأ نفسه وأفهم الوالي بأنّه سيسافر. إذن أنجزت المعاملة ولم يعد عليه سوى إنتظار الباخرة. أتت الباخرة وكان من المقرّر ان يسافر في الساعة السابعة مساء من اليوم التالي، ولكن تأتي اوراق في الساعة الثانية عشرة من اسطنبول بإلقاء القبض على إميل اده من قبل السلطات العثمانية. ولكن كما قلت كان الوالي صديق والدي ويلعب معه "البريدج" ويعلم بأنه سيسافر في نفس اليوم الى الإسكندرية لأنه سيأتيه صبي.

(00:03:25)
سفر اميل إدّه إلى مصر وكذلك العديد من المسيحيين هرباً من السلطة العثمانيّة

دقيقتان وثانية واحدة

ترك الوالي الأوراق في الجارور حتّى تمرّ السفينة أمام الـ Union Française وتخرج من المياه الإقليمية، وعندئذٍ اعطى الأوامر للشرطة لإلقاء القبض على والدي ولكنه كان قد سافر. إذن أستطيع أن أقول بكل تواضع بأني ابتدأت حياتي بتخليص والدي من المشنقة، لأنه في ذلك الوقت عندما كان يوقف شخص بمرسوم ما، كان مصيره مثل مصير الذين شنقوهم فيما بعد.

في الإسكندرية، أذكر كان عمري في ذلك الوقت بين الأربع والخمس سنوات، كان بعض الناس يأتون إلى البيت عند جدّتي، وكنت أشعر بأن هؤلاء لا يعملون شيئاً، بل يقضون الوقت بالكلام لأنهم كانوا لاجئين، لأنه بعد أن ذهب والدي كثيرون هم الذين هربوا مثل بشارة الخوري مثل بيت كسفليس، يعني كثيرون هم الذين هربوا من البلاد خاصّة المسيحيون خوفاً من السلطة العثمانية. عندما ابتدأت الحرب، المسيحيون والمسلمون وخاصة المسيحيون كانوا يجتمعون عند جدّتي التي كانت لا تزال غنيّة ولم تفتقر بعد في الحرب، وكان والدي يأتي بالشباب ليأكلوا عنده. أنا أعلم انّهم كانوا يلعبون البليار ويقضون كل الوقت تقريباً في البيت. ولقد أخبروني فيما بعد بأنّهم لم يكونوا يعملوا شيئاً لأنه ليس هناك من شغل أيام الحرب، ولكن والدي كان محامياً وكان يشتغل هناك بالمحاماة وبعد ذلك مع بشارة الخوري عند جول كسفليس وريمون شميّل، وهؤلاء كانوا محامين كبارلأنه كان هنالك المحاكم المختلطة في الإسكندرية.

(00:05:24)
إنضمام والدي إلى الحلفاء لتحرير لبنان وسوريا من الوجود العثماني

دقيقتان وأربعة وثلاثون ثانية

أذكر يوماً ما، لبس والدي لبس عسكري فرنساوي وعلمت فيما بعد بأنها بذلة عسكرية وذهبنا إلى محطّة "سيدي جابر".ظننت بأن والدي إنما لبس هذا اللّباس حتى يفرّحني أو ليضحكني، ولم أكن أعلم بأن والدي في تلك الأيام كان مع اللّبنانيين الملقّبين في ذلك الوقت بالسوريين، يؤلّفون فرقة عسكرية حتى تنضمّ للحلفاء لتحرير لبنان وسوريا من الوجود العثماني. وبعد الحرب أي في سنة 1918 حتى يستطيع الوصول الى لبنان بسرعة، لأن المواصلات كانت صعبة ولم يكن باستطاعة أيٍّ كان الذهاب، لبس ضابط إفرنسي ولكني لم أكن أعلم سوى انه لبس لباساً غير لباسه العادي وأذكر بأننا ذهبنا إلى "سيدي جابر"، وهناك كانت النساء ترتدين القبّعات الكبيرة وفساتين مكسي مثل اليوم، واستغربت بأن جميع النساء كنّ يبكين، وكان البكاء في ذلك الوقت موضة أكثر من اليوم، فاليوم يسافر الإنسان ويأتي ولا أحد يكترث لأنه قربت المسافات، ولكن في ذلك الوقت كانت بأن يهزّوا المحارم ويبكون.وأنا كنت الوحيد الذي يضحك لأني كنت مسروراً بوالدي الذي كان يشير لي ويرفعني ويقبّلني وبعد ذلك رأيته يركب القطار وجلس في آخر "الباكونة" وأخذ يشير لنا بيده. وأنا كان يزعجني كثيراً شخص، علمت فيما بعد بأنه بشارة الخوري، لأنه كان ناصحاً وكان يجلس قرب والدتي حتى يهدّيها لأنه كان صديق والدي، ولكن جسمه لم يسنح لي فرصة رؤية والدي فكنت أحاول ان ارى والدي من ناحية ولكن جسمه كان يمنعني وايضاً من الناحية الأخرى. يعني بأنه كان قد أزعجني من أول حياتي رغم انني لم اعلم في ذلك الوقت بانه كان يدعى بشارة الخوري ولكن فيما بعد أخبرني اهلي بأنه بشارة الخوري. وذهب والدي وهذا الذي اذكره عن صغري في الإسكندرية وعدنا الى لبنان سنة 1921 واستقرّينا فيما بعد في لبنان.

(00:07:58)
عودة ريمون إدّة مع والده إلى لبنان سنة 1921 واهتمام الوالد بالسياسة

دقيقة وخمسة وثلاثون ثانية

وهنا طبعاً جاء والدي واهتم بالسياسة واحتكّ مع الإفرنسيين لأن هؤلاء كانوا يريدون ان يعيّنوا حاكماً إفرنسياً يدعى "ترابو" وكان ابي يريد الحكم الوطني، وكان والدي حائزاً على أكبر الشهادات، فكان دكتور في الحقوق في dans la faculté des orients معتزاً بنفسه، فهو فهمان اكثر من الإفرنسيين الذين كانوا يبعثونهم في ذلك الوقت الى هنا، لأن في تلك الأيام في البلاد الإستعمارية، من كانوا يبعثون؟ كانوا يبعثون الناس الذين كانوا يريدون ان يتركوا بلادهم وطبعاً بعد الحرب كان هناك نقص في الرجال في فرنسا، والإفرنسي المنيح لم يكن مضطراً للسفر والعسكري هو الذي كان يسافر. طبعاً الناس الذين لم يكن لهم حظ النجاح في فرنسا كانوا يهاجرون. وهكذا كان ابي معتزاً بنفسه لأنه كان متعلّماً بمدارس إفرنسية وبأنه يفهم بقدر فهم هؤلاء الإفرنسيين الذين بعثوهم إلى هنا، خاصّة عندما رأى ان "ترابو" يريد ان يكون هو حاكماً على لبنان، وجاء هذا الحادث طبعاً بعد قضية غورو. ابتدأت المعركة الأولى ولم أكن اهتم لصغر سني فقد كنت أبلغ التاسعة من عمري ولكني كنت اسمع عندما يتكلّمون بالسياسة وبعض الأحيان يتذكّر الأولاد اموراً لا تهمّهم كثيراً ولكنهم يحفظونها.

(00:09:37)
إميل إدّة يصبح رئيس وزارة ويشكّل مراسيم إشتراعية وينظّم الإدارة

دقيقة واحدة وستّة وأربعون ثانية

وبعد ذلك أعلم بأن والدي أصبح رئيس وزارة وهو اوّل من عمل مراسيم اشتراعية، خاصة حسّن الإدارة الموجودة والتقسيم في جبل لبنان إلى قائممقامية ومحافظة، أبي الذي قسّمها وبعد ذلك نظّم المحاكم والتربية الوطنية. وقام المسلمون عليه في ذلك الوقت لأن الإفرنسين حتّى يرضوا المسلمين كانوا يعيّنون أي شخص كان "معلّم مدرسة"، وأبي بصفته رئيس وزارة ذهب وعمل دورة على طرابلس ورأى بأن اللّحام هو معلّم مدرسة وهو لا يعلم شيء إلاّ انه لحّام وفي نفس الوقت يكلّف أحد الأولاد ليعلّم الأولاد الآخرين، ورأى بأن هؤلاء الأولاد المساكين لا يتعلّمون شيئاً، فجاء وأقفل عدّة مدارس وقامت القيامة عليه بأن هذا إميل إدّه جاء ليقفل مدارس المسلمين وترك المدارس المسيحية، ويومها ما كان هنالك مسلم ومسيحي، بل كان عند المسيحيين خوارنة معلّمين يعلّمون تحت السنديانة وهم رهبان في كل هذه المنطقة وزغرتا، ولكن المدارس المحمّدية لم يكن عندهم أساتذة متعلّمين لأنّ المسلم المتعلّم في تلك الأيام لم يكن يعمل معلّماً بل تاجراً، لأن البلاد ما تزال جديدة وهناك شغل للجميع

إذن جرّب أن ينظّم الإدارة اللّبنانيّة عن طريق المراسيم الإشتراعية والشيء الذي يتذكّره القضاة الّذين تعيّنوا على ايامه وكانوا شباب مثل بدر المعوشي وغيره، وكان أفضل تنظيم في ذلك الوقت في العدلية هو التنظيم الذي وضعه والدي.

(00:11:23)
بدء المعركة بين إميل إدّه وبشارة الخوري

أربع دقائق وسبعة وعشرون ثانية

طبعاً ابتدأت المعركة بين بشارة الخوري وإميل إدّه. وبشارة الخوري تدرّج على المحاماة في مكتب والدي، ووالدتي جوّزت بشارة الخوري إلى لور شيحا اخت ميشال شيحا لأنهم كانوا أصحاب في الإسكندرية، ثمّ بشارة الخوري كان يهدّىء امي في محطّة "سيدي جابر" وكان يمنعني من رؤية والدي كما سبق وذكرت بسبب حجمه. إذن ساهمت والدتي بزواج بشارة الخوري من لور شيحا. فيما بعد بدأت الإنتخابات في بيروت، طبعاً إميل إدّه من جهة وبشارة الخوري أيّد ميشال شيحا الّذي ترك في ذلك الوقت وأصبح رئيس محكمة استئناف وطبعاً صار من أقرباء ميشال شيحا الذي نزل في الإنتخابات في بيروت ودخل في قائمة مع عمر بيهم وجورج ثابت، ومن ذلك الوقت ابتدأت المعركة. وكل ما أستطيع أن أقوله بأن والدي كان يقاوم الإنتداب الإفرنسي والمفوّضين الساميين الإفرنسيين، في الوقت الذي كان فيه بشارة الخوري وموسى مبارك، الذي لا زال على قيد الحياة اليوم، أمين سرّ مندوب المستشار الإفرنسي أو أمين سرّ المندوب الإفرنسي délégué general سكرتير الجنرال. وطبعاً بفضل موسى مبارك، كان بشارة الخوري يظلّ يتوصّل للإفرنسيين ويظلّ يخبر القصص عن والدي بأنه ضدّ فرنسا. وكيف تريد ان يكون ضد فرنسا وهو انحكم إعدام بسبب فرنسا يوم ولدت في الإسكندرية كما ذكرت. إذن كان في ذلك الوقت والدي يقاوم المفوّضين الإفرنسيين لأنهم كان لهم ميل ان يعتبروا ان هذا البلد مستعمرة لبنانية. في الوقت الذي ذهب فيه والدي إلى باريس مع البطرك الحويّك عندما قرّروا وضع حدود لبنان سنة 1919 ذهب هو في الوفد الثاني الذي كان يترأسه البطرك الحويّك كما ترأس الثالث لأنه كانت هناك ثلاثة وفود، ولا أذكر جيّداً ولكنني أظنّه ذهب في الثاني وأذكر بأنهم دخلوا في ذلك الوقت عند كليمنصو الذي كان رئيس وزراء، وكليمنصو كان يلبس قبّعة سوداء على رأسه وقالوا له: الوفد اللّبناني آت. فقال حسناً. واستقبلهم. وقال لهم: مَن مِن الخواجات يتكلّم إفرنسي؟ فضحكوا وقالوا: كلّنا نعرف إفرنسي. وكانوا كلهم يعرفون الإفرنسي ما عدا البطريرك الحويّك الذي كان عجوزاً يعرف القليل من الإفرنسي وكان سمعه كان ثقيلاً. وعندما دخل البطريرك وهو يرتدي الأحمر، وكليمنصو لم يكن يحب الرهبان والكهنة أو الإكليروس فقال: من هذا الزبون الذي أتيتم به؟ فأقبل عليه الموظّفون وقالوا له: هذا بطريرك الموارنة ستعمل لنا مشكلاً. فقال: حسناً فليجلس بعيداً.

(00:15:50)
رسم حدود لبنان

دقيقتان وإحدى وخمسون ثانية

في النتيجة اختلفوا اين سيضعون حدود لبنان، فأتوا بالخريطة التي لا تزال عندي، وأخذ كلٍّ منهم يخطّ من جهة والبطريرك مصرّ بأنه يريد ان يضع الحدود خلف صور، وهناك اناس يريدون ان يضعوا الحدود على اللّيطاني لأنهم رأوا مثل في اوروبا بأن في بعض الأحيان يكون النهر الفاصل بين البلدين وكلًّ يريد ان يضع حداً حيث يروق له، والبطريرك كان يريد ان يضعه بعد صور، لأنه قرب صور توجد ارض كانت ملكاً للمطران عبد اللّه الخوري أخ المطران شكر اللّه خوري، والبطريرك يريد ان يُدخل هذه الأرض ضمن لبنان وليس ضمن فلسطين، لأن في ذلك الوقت كان يدور البحث بين فرنسا وبين انكلترا، وكانت هناك الآجنس اليهودية او الوكالة اليهودية، وطبعاً لم يكن هناك شيء يدعى اسرائيل، وكانت الوكالة اليهودية تريد مياه الحاصباني والوزاني لأنه كانت توجد شركات استثمارية يهودية ابتدأت تستثمر الأملاك هناك، وكان هناك روتشيلد الذي اشترى الحولة من ابو علي سلام. وفي النتيجة كان البطريرك يلحّ وهو يريد هذه البقعة من الأرض، ما اسمها؟ اسمها "البقبوق". ما هي البقبوق؟ هي نبعة تنبع قرب صور، وكانت للبطريركية، وكانت كلها تسعّر بعشر ليرات ذهبية ولكن كل همّ البطريرك كان بأنه يريد "البقبوق". وفي النتيجة بسبب البقبوق يأتي كليمنصو ويأخذ قلماً فسأل: "ماذا يريد هذا العجوز"؟ فقالوا:"يريد بأن نضع له الحدود هنا". فقَبِل وضرب خطّ من البحر حتى وصل الى العرقوب، وفي اليوم التالي قامت الصرخة لأن الإنكليز لهم جواسيسهم فعلموا بانه بهذه الطريقة طارت المياه وطارت الحولة ولم تعد للأراضي قيمة هنا، فخطّ خطاً إلى فوق وأصبحت الحولة ضمن لبنان. في اليوم التالي قامت القيامة في الصحف الإنكليزية وبدأت تشتغل السفارات الإنكليزية والإفرنسية وعادوا بعد ذلك وعدّلوا الحدود. لذلك ترى الخط مستقيماً ابتداءاً من الناقورة من البحر ويظلّ صاعداً بعد ذلك، يظل يصعد لأنهم تركوا الحولة لفلسطين أي لليهود. ولذلك حتى اليوم انا أعرف القصة تماماً لأن والدي قد أخبرني إياها وقال لي بأن همّ اليهود من أول يوم سنة الـ19 بأن يأخذوا مياه الحاصباني لأنه من قديم وحتى الآن هدفهم بأن يأخذوا المياه.

(00:18:41)
إنتخابات رئاسة الجمهورية وفوز إميل إدّه ضد بشارة الخوري

دقيقة وتسعة وخمسون ثانية

وفي النتيجة نعود الى لبنان ونعود الى الشيء الذي أذكره وهو إنتخابات رئاسة الجمهورية الأولى سنة 1936. كان المجلس النيابي مؤلّفاً من 25 نائباً وحصل والدي في أول دورة على 13 ضدّ 12 لبشارة الخوري، وفي الدورة الثانية زاد له صوت فأصبح مجموع الأصوات 14، وحتى الآن لا نعلم من أضاف هذا الصوت، فبعضهم يقول بأنه كميل شمعون وآخرون يقولون غيره، ولكن الأرجح بأنه كميل شمعون وهو لا يزال على قيد الحياة وتستطيعون ان تسألوه، لأنهم ظلوا يتساءلون مدة من الزمن مَن هو الصوت الرابع عشر. طبعاً ابتدأت اللّعبة البرلمانية على المضبوط لأنه في ذلك الوقت كان هناك حزبان يسمونهم الخوريين والإدّيّين ولم يكن هناك شيء اسمه دستوريين وكتلة وطنية. وكانت اللائحة على أساس المحافظة، وذلك يعني بأن جبل لبنان يبتدىء من جبيل حتى الشوف. إذن من الناحية الطائفية كانت الفكرة بأنه حتى يمنعوا التطرّف المسيحي أو المحمّدي. وعندما يوجد لائحة مؤلفة من 14 شخصاً بينهم السني والماروني والأُرثوذكسي والدرزي، طبعاً الأشخاص الغير متطرّفين يدخلون بقائمة كهذه ينسجمون مع بعضهم وهكذا حصل.

(00:20:24)
س- هل كان هناك شيعي؟

ج- نعم كان هناك شيعي يدعى على ما اظنّ الأستاذ أحمد الحسيني.

(00:20:40)
انتخاب إميل إده لرئاسة الجمهورية لمدّة 3 سنوات ومطالبته بمعاهدة مع فرنسا كخطّ أول للإستقلال

دقيقة وأربعة وثلاثون ثانية

إذن كانت المعركة بين الإدّيين والخوريين. فبشارة الخوري وجماعته كانوا يحرتقون* (يتآمرون) ضدّ إميل إدّة لأنهم لا يريدون ان ينجح، وفي ذلك الوقت انتخب والدي لثلاث سنوات فقط ولم تكن المدة ست سنوات. كان والدي أول من فكر بالمعاهدة مع فرنسا لأن المعاهدة كانت الخط الأول نحو الإستقلال. مثلاً كان لا يزال سعد زغلول في مصر والطريقة الوحيدة التي كانوا يفكّرون بها للوصول الى الإستقلال في تلك الأيام هي المعاهدة. في موجب المعاهدة كانوا مثلاً يتركون نوعاً من الإشراف او نوعاً من العلاقات بالأحرى مع الدولة الإستعمارية، مثلاً إنكلترا، ولكن الجيوش كانت تذهب، وكان الوطنيون يستلمون جميع الإدارات وهذا ما حصل ايضاً في العراق في ذلك الوقت. جاء والدي وفكّر بقضيّة المعاهدة مع فرنسا وكانت المعاهدة سنة 1937 وكان رئيس لجنة الخارجية والمقرّر هو بشارة الخوري، وفي التقرير الذي عمله قال بشارة الخوري بأن أسعد يوم في حياته هو هذا اليوم والمعاهدة مع فرنسا وهذه تكفل حقوق اللّبنانيين. وطبعاً والدي كان من هذا الرأي.

(00:22:14)
انتخاب إميل إده أوّل رئيس جمهورية وتعيينه لأوّل رئيس وزراء مسلم

أربع دقائق وثمانية وأربعون ثانية

في ذلك الوقت كان والدي أوّل رئيس جمهورية يعيّن أوّل رئيس وزارة مسلم وهو خير الدين أحدب. لأنه في ذلك الوقت كان مثلاً شارل دباس رئيس جمهورية ووالدي رئيس وزارة وكان أغسطس أديب باشا كان باشا. إذن أوّل من عيّن رئيس وزارة مسلم كان والدي أوّل واحد كان خير الدين أحدب وبعد ذلك عبد اللّه اليافي، وقد صوّت على المعاهدة مع فرنسا سنة الـ37 في المجلس النيابي بالإجماع ولم يفرّقهم الدين. ولكن بسوريا، كان الوطنيون جميل مردم وربعو ضدّ المعاهدة مع فرنسا، وكما قلت لك، المعاهدة كانت الخطوة الأولى نحو الإستقلال، لأن الوطنيين، لأوّل مرة وبموجب المعاهدة يستلمون الإدارات: الجمرك، الدرك، الجيش، يعني تدريجياً يستلمون كل شيء. في ذلك الوقت سافر والدي الى فرنسا سنة 1937 ليقنّع المجلس النيابي الإفرنسي والسلطات الإفرنسية - وكان اسم رئيس الجمهورية في ذلك الوقت لوبران - بأن يصدّقوا على المعاهدة الإفرنسية اللّبنانية، لأنه في المجلس النيابي الإفرنسي يصدّق عليها كذلك، ولكن الإفرنسيين لم يكونوا يريدون ان يصدّقوا على المعاهدة اللّبنانية قبل أن يصدّقوا ايضاً على المعاهدة السورية، والسوريون ما بدّهم، وكان تفكير السوريين غير تفكير ولم يقبلوا. إذن بسبب عدم موافقة السوريين على المعاهدة التي كانت تقريباً مشابهة للمعاهدة اللّبنانية أجّل الإفرنسيون التّصويت ومرّت الأيام. وفي سنة 1939واضحة، ولكن قبل هذا الوقت كان المفوّض السامي قد عدّل الدستور لأن المفوض السامي كان يعلّق الدستور يوماً ويمشّيه في اليوم التالي كما يريد. إذن علّق الدستور وبعد ذلك حصلت انتخابات سنة 1937 وحصل مثلما يقول عبداللّه الحاج. صار بازار، أعطوا 37 صوتاً لحزب اميل اده و26 صوتاً لحزب بشارة الخوري وعملوا رواية الإنتخابات، وظهر 37 و 26 وعاد المفوّض السامي ومدّد مدّة الرئاسة من ثلاث سنوات إلى ست سنوات، يعني كان يجب ان تنتهي سنة 1942. علقت الحرب سنة 1939 وبعد مدّة جاءت الجيوش الإفرنسية إلى هنا وقد بعثوا الجنرال فيغان. وتدريجياً والدي رأى نفسه مثل الباش كاتب مثلما نحن، أنا عندما أكون وزيراً منكون ايضاً باش كتّاب، لأن غيرنا بيحكم في هذا البلد. فظلّ إلى سنة الـ 1940 أو 41 ثم قدّم إستقالته قبل نهاية مدّته ببضعة أشهر، وطبعاً بدأ الصراع بين الإنكليز والإفرنسيين الديغوليين بعد ان ذهب الفليشيست طبعاً. تعلمي قصة الفليشيست المعركة معركة الدامور، ولكن من الناحية اللّبنانية، لم يعد لوالدي صلاحيات، طبعاً هو رئيس جمهورية ولكن صورة، وبعد ذلك تعيّن بترو طراد وأيوب ثابت بعد استقالة والدي رؤساء دول، عيّنتهم السلطة، وبعدهم الفرد نقاش، وبعد ذلك الإنتخابات سنة 1943.

(00:27:02)
دخول ريمون إده لأوّل مرّة في المعركة الإنتخابية سنة 1943 لمصلحة والده

أربع دقائق وخمسة وخمسون ثانية

كانت إنتخابات سنة 43 من أهم الإنتخابات، لإنه ولإوّل مرة، قيل للشعب اللّبناني، بأنه سينتخب بكل حرية. بالنسبة للإنتخابات كانت نوعاً ما ولكن كانت لائحة أحمد بك مثلاً في الجنوب ولائحة صبري بك وهنا في جبل لبنان، وكان في ذلك الوقت جبل لبنان قلب الجمهورية، وكان جبل لبنان وخاصة نواب جبل لبنان، يديرون السياسة لأنهم كانوا متقدّمين أكثر من نواب المناطق الأخرى، مع بعض الإستثناءات. طبعاً أحمد الأسعد وعبد الحميد كرامي بطرابلس وصبري حمادة كان قد تمرّن في ذلك الوقت وكان من عدّة سنوات نائباً. إذن عركها والدي وبشارة الخوري في جبل لبنان وكل واحد رئيس لائحة، فوالدي ترشّح عن جبيل، وفي هذا الوقت، أنا ولأوّل مرة دخلت في المعركة الإنتخابية بكل معنى الكلمة وذهبنا إلى جبيل وتعلّمنا كيف يعملون الإنتخابات. في ذلك الوقت كان هنري فرعون هو الذي أفسد عمليات الإنتخابات في هذا البلد، يجوز انه يزعل اذا عرف، لأن هنري فرعون كان غنياً وبيت الخوري وبيت شيحا كل هؤلاء كانوا أغنياء، ووالدي كان ملاّكاً وتعلمي ما هو الملاّك ولكنه كان محامياً. إذن بدأت المعركة في البقاع وفي الجنوب. كان أحمد الأسعد يدفّع للّذي يدخل معه مثل دخوليّة على اللّيستة، ولكن في جبل لبنان كانت سياسة بكل معنى الكلمة يعني كانت معركة كسر عظم. إذن في الدورة الأولى ترشّح فرعون في زحلة في البقاع وكانوا يقولون بأنه كان يشتري البوسطة كلها. مثلاً البوسطة فيها 40 شخصاً يشتريها كلها عوضاً ان يشتري الناس كما هو الحال اليوم، فهم يدفعون الى الناس ولكن من قبل بالجملة بوسطة فلان، من عنده مال؟ هنري فرعون. المعركة القوية كانت في جبل لبنان، نجح من لائحة والدي سربة لأنه كان يجب ان تكون عندهم الأكثرية في الدورتين وليس الأكثرية النسبية. إذن المعركة كلها كانت تنصبّ على رئيس اللآئحة، يعني كانوا يشطبون اميل إده وجماعتنا يشطّبون بشارة الخوري من زبائن الدستوريين. في ذلك الوقت بدأوا يتكلّمون عن الدستور لأنهم أصبحوا يطالبون بإعادة الدستور الذي كان قد علّقه المفوّض السامي، لذلك أخذوا اسم الدستور، ولكن إذا كان هناك أناس اعتدوا على الدستور فهم الدستوريون. فانظري إلى صبري حماده الذي لم يزل دستوري كيف يعتدي اليوم على الدستور، يعني كل ما في بحث في الدستور صبري إختصاصي بالإعتداء على الدستور. في الدورة الأولى إذن والدي وبشارة الخوري لم ينجحوا، في الدورة الثانية طبعاً انا كنت نوعاً ما مسؤول في جبيل ولكن اللآئحة كانت من جبيل الى الشوف، وكان كمال جنبلاط في ذلك الوقت داخلاً في لائحة والدي وأصغر واحد في اللائحة، فكان يبلغ الـ 25 سنة. في ذلك الوقت كانت السيدة نظيرة جنبلاط هي التي تدير السياسة وكان كمال جنبلاط لا يزال طالباً وقد تخرّج حديثاً من المدرسة وليس مهتماً بالسياسة، فكان يدرس كيمياء في ذلك الوقت وإختبارات ويريد ان يعمل صابون لإنه يوجد زيتون في المختارة فعوض ان نشتري الصابون لماذا لا نصنّعه نحن. في النتيجة مرّة كنت عند والدته، فقع القصر، ولم يكن يوجد مثل اليوم ديناميت أو بلاستيك، ولكن انا عند والدته لم نسمع الا إنفجار، فعرفنا فيما بعد انه "علم اللّه" كمال بك عم يعمل إختبار وقد جمع التوت والزيت و soude coustique.

(00:31:57)
إنتخابات جبيل واستعمال المال من قبل هنري فرعون

سبع دقائق وثمانية وخمسون ثانية

في النتيجة ذهبت إلى جبيل وليلة الإنتخاب يأتي خبر انه جاي هنري فرعون ويعني ذلك بأن هنري فرعون آت ومعه المال، وبلاد جبيل كانت بلاد فقيرة لم يكن فيها حتى طرقات، فكانت هناك طريق واحدة تطلع إلى قرطبة وأخرى تطلع إلى ميفوق يعني لم يكن يوجد طرقات ولا أعلم إذا كنت تعرفين منطقة جبيل، هناك شيعة كثيرون في جبيل وهم كلهم ضدّي ويمشون مع السيدة رغم ان علي بن ابي طالب بهذا المعنى فضّل الرجال على السيدات ولكن يظهر بأن الشيعة هناك لم يكترثوا له كثيراً وفضّلوا السيدة على اللائحة. معهم حق، فأنا ايضاً أفضّل السيدات على الرجال ولكن لغير موضوع. إذن أعطوا خبراً بأن هنري فرعون آتٍ، هنري فرعون آتٍ ومعه العملة. أنا في اللّيلة ذاتها وزّعت الشباب وقطعت الطرق، كلما يأتي ناس من عند هنري فرعون كنا نوقّفهم ونفتّشهم إذا كان هناك مال كنا نأخذه، وفي الصباح جمعناهم. وبهذه الطريقة استطعت ان أؤمّن نجاح والدي لأن المال لم يصل. وبعد ذلك تساءلت عما سأفعل بالمال فلم أستطع ان أرجع المال، كان هناك أديرة وكان ايضاً السيد أحمد الحسيني فقسمت الثلثين للمسيحيين والثلث للشيعة على أساس الوضع الذي كان موجوداً هناك. وإني لا زلت أذكر كيف اجتمعنا في بيت الشيخ حيدر الخازن في الخامسة صباحاً ووزّعت المال وكان هناك راهب فقلت له بأن يأتي فقط بالمال. في ذلك الوقت جاء أحدهم بمسبحة وكتاب صلاة فقلت للراهب: خذ هذه حصّتك فلم ينبسط كثيراً وقلت هذا المال اعطيه لرئيس الدير ولقد بعثت ايضاً للسيد احمد الحسيني، على كل حال كان ذلك حلال لأن هذا مال جاؤوا به للرزالة فعوض ان يأخذهم زيد بن عمر أخذهم شخص آخر. وأنا نازل من العاقورة وقد عدت بعد ذلك الى العاقورة حيث نمت كل اللّيل ومضى عليّ يومين لم أحلق، اين سأحلق، يوجد هناك في سوق جبيل حلاّق فدخلت وقلت له: احلق لي. وبينما هو يحلق لي وأنا منهوك القوى سمعت هديراً: "يعيش الكتلة الدستورية يحيا الكتلة الدستورية الدستورية"، ولقد ظننت بأني احلم فيأتي الحلاق ويقول لي: "يا أستاذ جاء الدستوريون". فقلت له: "حسناً ولكن احلق لي". بعد ذلك تذكّرت بأني اسمع الدستوري وما الدستوري فقلت له: "ما القصة"؟ قال: "جاء هنري فرعون وذهبوا واجتمعوا صوب عمشيت والآن جاؤوا". وماذا فعل هنري فرعون؟ جاء هنري فرعون ومعه موسى فريج وهو جامع كل الناس عنده في الياخور، لأننا نحن عندنا الأكثرية في جبيل، السيد أحمد الحسيني ممثّل الشيعة بكل معنى الكلمة وحتى الكهنة كانوا يقبّلون يده، لأن السيد احمد الحسيني كان محبوباً كثيراً، ووالدي طبعاً كان يمثّل المسيحيين ولكن كما سبق وقلت لم ينجح في الدورة الأولى مثلما لم ينجح ايضاً بشارة الخوري لأن التشطيب كان يصبّ على رؤساء اللائحة لأن الإثنان كانوا يريدون ان يعملوا رؤساء جمهورية. فوقفت وصعدت إلى الدكان فرأيت انه في الحقيقة هنري فرعون آت، أنا عندي صابون من جهة على وجهي وهم مارقين ينظرون الي وأنا عندي عوائلي واولئك كانوا في ذلك الوقت كلّهم مسلّحون، فبعثت بكلمة إلى هنري فرعون أقول فيها: "شوف هناك فقط خمس دقائق، لأن هذه المنطقة ليست منطقتك وأنت اشتريت البقاع ولن تشتري هنا وهذه المنطقة ليست منطقتك وهذه المنطقة لا يشتريها أحد". وفي ذلك الوقت جاؤوا له بحمار من محل يدعى ابي عبيدات، وعندما جاء ليشتري قال له: "هنا كل شيء يوجد للبيع هو هذا الحمار تريد ان تشتريه اشتريه". كما كان هناك شخص يدعى المطران عقل وهو كذلك يساند لائحة والدي. لا أعلم اذا كان هنري فرعون قد اشترى الحمار، على كلًٍ انا كتبت له ورقة وكنا في نصف الساحة لأنهم عندما مروا انا طرحت الصوت فجاؤوا والجهتين مسلّحين فقلت له: انظر انا اعطيك خمس دقائق وإذا لم تترك الساحة بعد خمس دقائق اعطي الأمر بضرب الرصاص، وعيّرت ساعتي وبعد ثلاث دقائق رأيتهم كلّهم وكلّهم سيّاسة من سباق الخيل، جئنا وأخذنا مسدّساتنا وضربنا الرصاص طبعاً في العالي ولكن هناك من اطلق الرصاص منخفضاً وجرح أحدهم وكل ما فهمته ان هنري فرعون ركب الشاحنة ومعه جميع السيّاسة واختفوا لأن هؤلاء غرباء ولا يحق لهم بأن يأتوا إلى هنا وهم جاؤوا ليفسدوا عملية الإنتخاب وليشتروا اصوات وليشتروا ضمائر الناس، وهناك كانوا لا يفهمون ما هي العملة لأن هناك يوجد أناس مع بشارة الخوري وأناس مع إميل إده وأناس مع السيد الحسيني وأناس كانوا يمشون مع صبري لأن الحمادية أصلهم من بلاد جبيل.

إذن كان يطلع صبري حتى يعمل دعاية ضدّ السيد أحمد الحسيني. ولكن في ذلك الوقت جاء شخص يدعى الفونس عاد ابن الدكتور عاد وقد قالوا عنه: بأن كل من خلق علق ما عدا الفونس عاد هو خلق ووالده علق. إذن جاء الفونس عاد ابن الدكتور عاد من حمانا جاء ورآني وقال: "يا استاذ انا معك". فقلت له: "شو انت معي؟ وقبل كل شيء، انت ماذا اتى بك الى هنا؟ انت محلّك في حمانا". فقال: "نعم، ولكن انا جئت هكذا بالغلط" فقلت له: "كلا لم تأت بالغلط ولكن الظاهر انهم تركوك هنا جاسوس لذلك انا سأعطيك نصيحة، ستذهب الى الكركول* (المخفر-السجن) وستُسجن. وهكذا لا أحد يأتي صوبك". فقال: "أمرك". وذهب عند رئيس المخفر هناك ضابط، وقال: "انا مسجون". ففتح له باب السجن ودخل اليه. وكان سجن جبيل في تلك الأيام كناية عن قبو نعرفه لأننا سجنّا فيه فيما بعد ولذلك أعرف كيف هو، عندما تدخل الى سوق جبيل السوق القديم التي تذهب الى البحر كان هناك بيت على الشمال بيت قديم قسماً منه هدم من قبل الآثار اليوم ولكنه كان قبو براغيث وما اشبه ذلك. ودخل وكانوا قد ذهبوا وعدت انا فسيطرت على الساحة. وفي ذلك الوقت لم تكن السيدات تصوّت. انا سنة الـ53 أعطيت حق التصويت للسيدات. في النتيجة طلعت السيدة أمل. هكذا كافأوني. تريد سيدات يصوّتن؟ خذ.

(00:39:55)
نجاح إميل إده في انتخابات جبيل

دقيقة وتسعة وأربعون ثانية

في ذلك الوقت طلع والدي وأثناء العمليات يأتي ويقول لي الفونس: "تسمح لي بأن أخرج من السجن"؟ فقلت له: "يا أخي احنا اتفقنا بأن تظلّ في الحبس"، وكان خائفاً من ان يضربه جماعتي لأنهم عرفوا بأنه جاسوس. إذن ظلّ في السجن من الصبح حتى المساء ولقد نسيناه ويريد ان يأكل فأطعمناه.

وكانت هذه قصّتنا مع الدستوريين وكيف انتصرت على الدستوريين في بلاد جبيل وطلع والدي وطلع بشارة الخوري ايضاً وابتدأت المعركة الكبيرة بين والدي الذي مشي مع فرنسا وبشارة الخوري الذي مشي مع الإنكليز. كان الجنرال سبيرز في ذلك الوقت يمثّل بريطانيا العظمى وطبعاً كانت فرنسا مكسورة، بلادها محتلّة، ديغول ضابط صغير موجود في لندرا، كاترو كان موجوداً هنا وكان يذهب ويأتي يعني كانت الأهمية الكبرى للإنكليز. كان سبيرز صديق والدي وكان يلعب البريدج معه - وانا لا اعرف كيف يلعبونه ولكن الهيأة أن البريدج مفيد ويساعد - كان باكر سامي بك يلعب مع والدي وخلّصه ولكن لم تنجح هذه العملية هذه المرة.

إذن كان يأتي سبيرز إلى هنا الى البيت ويجلس في الحديقة. وفي ذلك الوقت كان الإنكليز يريدون ان يعملوا الهلال الخصيب لأنهم شعروا بأن المسلمين ميّالين أكثر وأكثر نحو هتلر- نحو المانيا - حتى يستطيعوا ان يعودوا ويجلبوا المحمّديين من جهتهم. وكانت وقعت حادثة رشيد علي الكيلاني في العراق.

(00:41:44)
عرض الإنكليز على إميل إده بأن يكون اول رئيس جمهورية على الهلال الخصيب ورفضه وتفضيله لبنان بكل طوائفه

ستّ دقائق وأربع عشرة ثانية

جاؤوا وحتى يرضوا المسلمين قالوا بأنهم سيعملون الهلال الخصيب والأكثرية محمديّة. امبراطورية عربية محمّدية. وفي نفس الوقت كان قد ابتدأ انطون سعادة بحزبه القومي السوري ولكن لم يكن يوجد هذا الإنتشار، ولكني أذكر انه كان يوجد قمصان حريرية كانت تأتي من سورية قبل سنة 38 و 39 ولكن كانت توجد فكرة الحزب القومي السوري وكان الإنكليز ميالين للهلال الخصيب، وكانت هناك فكرة نوري باشا السعيد بأن يعطي للموارنة نوع من الإستقلال الذاتي في جبل لبنان يعني يعودون ويضعونا على صنين. يمكن والشيعة كانوا وضعونا مع بعض. ولكن الشيعة لا أعلم ما قصّتهم، الأكثرية في العراق والسنيين حاكمينهم. لربما موسى الصدر يحلّ هذه المسألة. في ذلك الوقت يأتي سبيرز ويعرض هذه الفكرة على والدي ويذهب على أبعد من ذلك فإنه يقول له: "شوف أنا سأجعل أول رئيس هل جمهورية هنا يكون انت، ماذا تقول"؟ فقال له والدي: "انا سياستي من صغري ليس لي هذا الطموح، انا اريد هل عشرة آلاف كيلومتر مربّع ونعيش نحن - المحمّديّون والمسيحيون - على هذه العشرة آلاف وأربعمئة كلم ونحن قد تعوّدنا على بعضنا الآن، وإذا انتم لم تتدخّلوا حتى تفرّقونا فنحن نتّفق لأننا تعوّدنا على بعضنا، نفس التقاليد نفس المناخ، والشبيبة الطالعة بدأت تذهب الى نفس المدارس تختلط مع بعضها مسيحي ومسلم وبعد خمسين سنة يتكوّن شعب لبناني بكل معنى الكلمة. لذلك انا ليس لي طموح اكثر من ان اصبح رئيس جمهورية لأن هذا حقي لأهل بلدي". "اسمع وقشاع* (انظر-للإقناع)" ولكن والدي رفض. بشارة الخوري كان سياسياً اكثر:"ندرس ولا ندرس - نرى – أمرك وشو امه"، وفي النهاية أفهم سبيرز بأنه من الممكن بأن يمشي بهذه الأمور ولكنه لا يستطيع بأن يعلنها لأنه إذا أعلنها يقوم المسيحيون عليه. لذلك هذه الأشياء تبقى على السكّيت. وذهب بشارة الخوري مثلما يذهبون اليوم ويأتون بالبركة الرسولية من عند عبد الناصر، ذهب في ذلك الوقت بشارة الخوري وجاء بالبركة الرسولية من نحاس باشا وقال له: "نحن سنعمل اتفاقية". وفي ذلك الوقت كان الإنكليز قد بدأوا يتكلّمون عن تأليف جامعة وهي جامعة الدول العربية وصار بشارة الخوري عامل عربي أكثر من العرب. ولكن كان دائماً يحتفظ بمظاهره بأنه هو مسيحي لأنه كان يخاف بأن يكون إميل إده مسيحي اكثر منه ووالدي لا يريد ان يعمل مسيحي طالما والدي البطريركية قامت عليه. ومن ذهب وحركش* (تحدّى وأزعج) البطريركية عندما عيّن والدي أوّل رئيس وزارة مسلم؟ بشارة الخوري ذهب وقابل البطريرك عريضة وقال له: "أرأيت ما فعله إميل إده؟" لقد جاء برئيس وزارة مسلم وسلّم الحكم للإسلام. فغضب البطريرك عريضة على والدي وبقي لا يكلّمه ثلاث او اربع سنوات لأن والدي كان قد عيّن رجلاً مسلماً. يعني لم يكافئه كثيراً المسلمون رغم هذه القصّة.

ونرجع الى خلف قليلاً، وقت الإنتخابات لأن هذه القصة يخبروها حتى اليوم لما عركوها بين جورج ثابت وإميل إده، كانت انتخابات بيروت سنة الـ 27 او 28 ، جاء جورج ثابت، صديق والدي ولكن كيف سيغلبه والدي وكان عنده مال وغني كثيراً بينما والدي كان طفران وكل ما يطلّع قرشين من المحاماة كان يصرفهم على الشباب وعلى الحزب. في ذلك الوقت رأى بأن والدي عنده علاقات في الأوساط المحمّدية لأنه كمحامي كان يدافع وعنده زبائن من المسلمين من بيت بيهم، وقسم منهم معه ووالده لرياض الصلح كان صديقه. بالنتيجة ذهب في ذلك جورج ثابت واخترع قصة بأن إميل إده سيبعث المسلمين الى مكّه. إذن حسب قصة جورج ثابت، انه إذا نجح إميل إده راحت عليكم يا مسلمين. وهؤلاء المسلمون صدّقوا كالأطفال. وإني أتساءل كيف كان بإمكان إميل إده بأن يبعث المسلمين الى مكة، فلم تكن الطائرات موجودة بعد ولا البواخر الى مكة؟ ومن سيدفع اذا كان والدي سيحقّق هذا الشيء ولكن كيف عملياً ممكن ان يصدّق؟ ولكن هؤلاء بسطاء هنا وكانوا كلهم يسمعون قصة عنتر والزير اعتقدوا حقيقة بأن إميل إده إذا صار رئيس وزارة أو صار نائباً سيشحن كل المسلمين ويودّيهم إلى مكة. فيما بعد عندما بدأت في السياسة، أخصامي هنا صاروا يقولون أف هذا ابنه لإميل إده يمكن إذا الوالد لم يعملها فإن الإبن سيعملها. وأنا قلت لهم عندما بدأت السياسة سنة الـ 52 ، كان هنالك مسلمون أصحابي وصديقي الوحيد الذي راح هو الحج حسين العويني واليوم المسلمون ناقمون على والدي لأنه لم يشحنهم الى السعودية لأنهم لو كانوا ذهبوا الى السعودية كانوا كلهم اغتنوا مثل الحج حسين العويني. لذلك هم اليوم ناقمين ويتراذلوا على والدي ولم يزالوا بعد ان مات يقولون بأنه هو خبر ذلك لأنهم غاضبون لأنه لم يشحنهم. إذن هذه القصة للمسلمين، وجورج ثابت اخترعها من الأول الى الأخير ومشت ولا تزال ماشية الى اليوم. المكتب الثاني يستعملها ضدي ربما غداً سيستعملها ضدي كذلك.

(00:47:58)
توسُّط إميل إده عند الفرنسيين لإقناعهم بتعيين رياض الصلح رئيس وزارة

ستّ دقائق وثلاث ثوانٍ

إذن اختلف والدي مع سبيرز ويوماً ما بعد الإنتخابات عندما تعيّن يوم الإنتخاب كان في هذا الصالون الأخضر مين موجود؟ أحمد الأسعد وعبد الحميد كرامي ورياض الصلح لأن والدي كان يتداخل مع الإفرنسيين حتى لا يعارضوا انتخاب رياض الصلح، لأن الإفرنسيين في ذلك الوقت لم يكونوا يحبون ان يسمعوا برياض الصلح لأن رياض كان دائماً في سوريا مع مردم وشكري القوّتلي وكان صديق لـ"بلوم" وكان يحارب الإفرنسيين ويريد الإستقلال والإفرنسيون لا يريدونه، فجاء والدي وقال: أنا آخذه على عاتقي لرياض الصلح لأن شخصيّة مثل رياض الصلح بالضدّ يجب علينا ان نربحها لأنه أذكى سني موجود، وهذا كل شيء يريده هو ان يدخل يعمل سياسة، وبعد ذلك يعمل رئيس وزارة، وبعد ذلك يصبح لبناني. رياض الصلح أنا أعرف والده الذي كان يعنّ* (يشتكي) من رياض لأن رياض لم يكن يعامل والده بالحسنى، وانا اذكر عندما كنت أذهب الى المكتب وأرى رجلاً يتربّع على هناك ديوان ومن كان؟ كان والد رياض الصلح وكان صديق والدي ولكن في ذلك الوقت كان قد مات والد رياض الصلح. إذن كانوا كلهم هنا مجتمعون بما فيهم كمال جنبلاط الذي كان أصغر واحد فيهم وأنا كنت استعدت همّتي بعد الحفلة التي قمنا بها وكانوا كلهم خبّروا القصّة وأنا طبعاً اخبرتها ووضعنا بهار وملح بأني سحبت مسدّسي وأطلقت الرصاص، ونحن كذلك وإذ يأتي خبر، قرأت اليوم بالأسبوع العربي بأن حنا غصن - أنا يمكن قلت بأنه حنا غصن وهو قال بانه لم يكن هو. ما هي اهميتها؟ - بأنه جاء بخبر. وجاء الخبر عندما كنا مجتمعين هنا بأن سبيرز قال بأنه يعارض انتخاب إميل إده لأنه لا توجد مدة الست سنوات التي نتكلم عنها اليوم بموجب المادة 49 فإنها بعد لم تمر وإميل إده لا يستطيع ان يترشّح قبل ان تمضي مدة الست سنوات، لأن والدي ترشّح سنة الـ36 وكانت مدة الست سنوات تنتهي في الـ 42 واستقال في الـ 41 ويريد ان تمرّ 8 سنوات، إذن لا يقدر حسب تفكير سبيرز ان يترشّح الا بعد 12 سنة مثلما نتكلم اليوم، ولكن مع الفرق بأن والدي في ذلك الوقت عندما انتخب لأول مرة كان والدي اوّل رئيس جمهورية انتُخب من قِبَل مجلس النواب لأن الباقين كانوا قد تعيّنوا بموجب قرار من المفوّض السامي، ولكن مثلما قلت لك انتُخِب لثلاث سنوات ولكن المدّة تمدّدت بموجب قرار المفوّض السامي وتعدّل الدستور، يعني المدّة الثانية والدي لم يحلف يمين الدستور والمدة الثانية تمدّدت ثلاث سنوات بموجب قرار المفوّض السامي، إذن هذا الشيء الذي كان من الممكن ان يتطبّق مثلما نقول اليوم لم يكن من الممكن ان يطبّق على إميل إده.

على كل حال كان هنالك عهد جديد وقالوا لأول مرة صار في انتخابات مضبوطة نوعاً ما، ما عدا هنري فرعون، ولكن لم تنفع امواله مثلما قلت لك، صفّت* (أصبحت) عند الرهبان وعند الشيعة وُزّعت وأخذ الشيعة الثلث. في ذلك الوقت قال سبيرز: أنا باسم بريطانيا العظمى اعرف بأن إميل إده عنده الأكثرية وأنا لا أوافق.وكانت انكلترا كل شيء في ذلك الوقت واميركا، رغم الأسطول السادس ورغم نيكسون، لا تعدّ شيئاً بالنسبة لإنكلترا في ذلك الوقت. يأتي الخبر بواسطة صحافي من الصحافيين ووالدي يسمع الخبر، حبيب ابي شهلا وصبري حماده لم يكونوا موجودين لأنه كان دستوري، والمير مجيد لم يكن لأن كمال جنبلاط كان هنا، والسيد أحمد الحسيني كان وأناس من طرابلس ويؤلفون وفداً وأظن أن بالوفد كان يوجد كمال جنبلاط وغبريال المر وأظن أسعد البستاني او امين السعد ويبعثوهم على سبيرز mission التي كانت مثل شارع فينيسيا، ويذهبون ليتأكدوا من الخبر: إذا حقيقة قال سبيرز بأنه إذا صار إميل إده رئيس جمهورية هو لا يعترف برئاسته باسم بريطانيا العظمى. يذهب الوفد وبعد مضي نصف ساعة يعود وقد قال لهم سبيرز: "بأن الدستور يقول بأن لا تستطيع ان تُنتخب لأنها لم تمرّ السّت سنوات، لذلك هو يعرف بأن الأكثرية معك وكان هنا رياض الصلح ويعرف من يمشي معك، المسلمين ماشيين معك خلافاً لما قيل ولكن هو بموجب معلومات حكومته يعارض".

في ذلك الوقت اجتمعوا وكنا لا نزال ندرس وأنا صرت الاحظ بأنهم واحد ورا الثاني ينسحبون هنا مثلما عندما يكون الميت في بيت فإنه لا يبقى سوى الأهل وآخر واحد ترك هو حبيب ابي شهلا، فحتّى أمزح، قفّلت الباب، باب الحديد، ويفتح من الخارج، فقلت الى السفرجي: "أقفله". وبعد ذلك جاء حبيب فدار دوره حتى يخرج وقد كنت قد اقفلت باب الحديد فصار يحاول فتح الباب الذي لم يفتح فجئنا وضحكنا كلنا عليه وهو كان مسرعاً فغضب لأنه كان يريد ان يسرع ويذهب الى بشارة الخوري لأنه كان قد وعده بشرفه بأنه اذا مشى معه سيعيّنه رئيس مجلس وكان يريد ان يلحق الباقين لأنهم كلهم ذهبوا عند بشارة الخوري.

(00:54:01)
انتخاب بشارة الخوري رئيساً للجمهورية وتطوّر المعركة بين الفرنسيين وإميل إده من جهة وبين الإنكليز وبشارة الخوري من جهة ثانية

سبع دقائقٍ وتسعة وثلاثون ثانية

فبعد ان كان منزل بشارة الخوري مظلماً عاد وشعشع بالنور وصارت الإنتخابات وطلع بشارة الخوري، ولكن عند ذلك عرف بأن المعركة اصبحت بين الإفرنسيين من جهة مع إميل إده وبين الإنكليز مع بشارة الخوري، وكان مسلمو بيروت يستقبلون مارون عرب، مسكين مارون عرب، كان تابع بريطانيا وسبيرز، لم يكن هناك استعمار ما استعمار، كان كل شيء حلال وسبيرز حلال ويعطوه مفتاح المدينة لسبيرز، فكل شيء كان مسموحاً لهم. في النتيجة يجتمع المجلس في تشرين ويبدأون بتعديل الدستور، ووالدي من اول يوم ماشي مع المعاهدة ومن اول يوم يريد الإستقلال، ومن اول يوم هو إميل إده يعتبر نفسه فهمان أكثر من الإفرنسيين، ومن اول يوم اختلف مع ترابو وكل المفوّضين الساميين في الوقت الذي كان يذهب فيه بشارة الخوري إلى أعتاب الإفرنسيين يترجّى ويتبكبك ويحركش من هنا ويحركش من هنا، إذن الوطني الصحيح في ذلك الوقت كان إميل إده.

فما هي أفكار سبيرز وما هي السياسة الإنكليزية؟ يريدون ان يذوّبوا استقلال لبنان بهذا الهلال الخصيب في المجموعة العربية، ووالدي لبناني قبل كل شيء وليس طائفياً، والدليل بأنه كان يستطيع ان يأتي بواحد مسيحي وكانت مشت الخطة، ولكن والدي من اول يوم استلم فيه الحكم يريد أن يشرك المسلمين بالحكم حتى لا يشعروا مثلما كانوا شاعرين بأن هذه البلاد للمسيحيين فقط واعتبر والدي بأن هذه البلد يجب ان تكون للمسيحيين والمحمّديين. لذلك رغم البطرك ورغم خيخنات* (خبث) بشارة الخوري جاء بـ خير الدين أحدب وعيّنه رئيس وزارة ثم جاء بـ عبدالّلّه اليافي وصرت انا وزيره وقت قصّة المطار. احتدّت المعركة لما جاء إميل إده ورأى بأنهم سيعدّلون الدستور بهذه الطريقة عارض، وصارت قصّة 11 تشرين، لغوا الإحتفال لأنهم عدّلوا الدستور بدون موافقة فرنسا. وكان في ذلك الوقت سفير يدعى "هيلو" ورفض بشارة الخوري بأن يؤجّل البحث في تعديل الدستور وفي تلك الليلة عدّلوا الدستور وصوّت أبي ضدّه. وفي اليوم التالي وكنت لا ازال نائماً وفي ذلك الوقت كانوا هنا ينتظرون بأن يأتي مظلّيون المان. يأتي واحد ويدخل الى غرفتي في الساعة الخامسة وبيته يقابل بيت بشارة الخوري ويقول لي: "يا استاذ ريمون، جاء عسكر وخطفوا بشارة الخوري". اعتبرتها قصّة مليحة ولكني لست اعرف من الفاعل فظننت بأنهم ألمان ولكني عدت ففكّرت بأن إذا الألمان، كانوا سيدقون بالجميع، لأن في ذلك الوقت كلّهم ماشيين فيها، ان كان والدي ماشي مع الإفرنسيين او هو ماشي مع الإنكليز. كذلك يعني إذا كان الألمان - لأنهم كانوا منتظرين طيارين ألمان لأنه كانت هنالك قضيّة الكيلاني وكانت هناك حركات المانية فافتكرتها - دخلت الى غرفة والدي ورأيت سريره خال، فظننت بأنهم جاءوا وخطفوا والدي ولكن كيف لم احسّ، وأنا كنت متكبّراً أحمل مسدساًً مثل كل الشباب، فرأيت والدتي وسألتها عن ابي فقالت: "لا تخاف جاء واحد اسمه روزيك، والد شارل رزق وأخذه ولا أعرف لماذا اخذه". أنا حالاً ارتديت ثيابي وكان عندي بويك، ونزلت حتى وصلت الى البسطة وهناك سمعتهم يشتمون الإفرنسيين وإميل إده. كلهم هناك يعرفوني ويعرفون عربيتي، ففي ذلك الوقت لم تكن توجد سيارات كثيرة وحالاً ذهبت الى السرايا حيث السنغاليين وسألت عن والدي واتصلت بالحيمري قال لي: "والدك في السرايا". رفض السنغالي ان يدخلني وأنا اريد ان اتّصل بوالدي ولم يعطوني إيّاه، هدّدتهم بإطلاق النار ودخلت فوضعت السيارة في ساحة السراي وصعدت السلم ووصلت عند جوزف فقلت له: "اريد ان ارى والدي". فقال: "لا تستطيع ان تراه لأنه مع الإفرنسيين والقيامة قايمة وهيلّو ما هيلو". فقلت له: "اريد ان اراه" ثم دخلت وقلت له:"لا تقبل بالحكم لأنه هؤلاء الإفرنسيين سيتركونك كما هي عادتهم ان يفعلوا وأنا اقول لك إنني آتٍ من البسطة وهم كذلك يشتمونك ويظنون بأنك انت عامل الضرب مع الإفرنسيين". قال:"هذه القصة عرفتها وهؤلاء الحمير الإفرنسيين صاروا موقفين فلان وفلان وإني أجرّب اقنعهم بأن لا وقت لذلك وأنا اريد ان أخلّص حبيب ابو شهلا والمير مجيد بعد ان اوقفوهم. وأنا أقول لهم كفّوا عن عمل الآلهة لأن هؤلاء لا يعد احد يهدّيهم، لأن بشارة الخوري كنتم قولوا لي كنت دبّرت أمره ولكنكم أوقفتموه وعملتم منه شهيداً، فلا تكثروا الشهداء". كانوا قد اوقفوا بشارة الخوري وعبد الحميد كرامي ورياض الصلح وكميل شمعون وصار والدي يصرخ فقلت له: "انا لا اعرف، ولكن إيّاك ان تقبل الحكم فدعهم بحالهم واليوم الإنكليز اقوياء فاترك الأمور". بما انه طلعت إشاعة في الشارع بأن والدي سيستلم ولم يكن والدي قد بحث في هذا الموضوع. فعدت غاضباً الى البيت وقلت لوالدتي لا تدعي والدي يقبل الحكم لأن الجو ليس نظيفاً فليترك الموضوع ثم لبست ثيابي وأخذ الناس يأتون الينا من موظّفين وقضاة كبار وكلّهم ممن كانوا تركوا البيت هاربين وعادوا الى منزل إميل إده لأنه سيتسلم. فقلت لهم:" تريّثوا قليلاً، فمن الممكن انه لن يستلم". من بين الذين جاءوا الكثيرين من الدستوريين فكنت استقبلهم وأنا عارف بأنهم بعد برهة إذا حصل شيء سيذهبون مثلما جاؤوا. ولقد رأينا الرواية قبل شهر، فأجلستهم وأخذوا يعملوا لي أهمية ويهتموا بي وأنا ماذا اريد من هذه الشغلة، فأنا كنت احب الصيد ولم اكن اهتم كثيراً بالسياسة، فلقد دخلت السياسة لأرضي والدي وكانت معركة على طريقة السبور ولكني لم اكن احب السياسة فكانوا يجتمعون ويتكتكون بتلك المسابح ولم اكن افهم كيف يستطيعون ان يجلسوا لمدة ساعتين هنا في الصالون يتكلمون ويتكتكون بالمسابح، هذه كانت عندهم السياسة. إذن كنت قرفان مجيء هؤلاء.

(01:01:40)
قبول إميل إده رئاسة الجمهورية خوفاً على لبنان وخوفاً من تعيين جندياً إفرنسياً ثم يقيله الإنكليز وينفّذوا الهلال الخصيب

ثلاث دقائق وثلاثة وخمسون ثانية

وبينما كنا نستمع الى الإذاعة وفي الساعة الثامنة نسمع بان إميل إده قد قَبِلَ. طلعت عند والدتي وقلت لها: لا تدعيه يقبل. جاء والدي في الثامنة والنصف وامتلأ البيت بالناس وأخذوا يقبّلونا ويحملونا. طلعت الى غرفة والدي وأقفلت الباب وقلت له:" هل تريد ان تقول لي لماذا قبلت"؟ قال: "انا قبلت لأن هؤلاء الإفرنسيين مهووسين، فلو لم اقبل كانوا وضعوا واحداً إفرنسياً، يمكن كانوا وضعوا جنرالاً إفرنسياً وكانت القيادة بيد الإنكليز وكانوا لو وضعوا إفرنسياً كانوا بعد 24 ساعة او عزلوه الإنكليز او أعطوه اوامر، وكان الشيء الذي يريد الإنكليز ان ينفّذوه، يعني الهلال الخصيب كان صار. لذلك انا قالولي الإفرنسيين: لبنان طاير، إذا قبلت انت يمكن ستكبر العملية دولياً، الأميركان سيتدخّلون والروس سيتدخّلون ولكن إذا لم تقبل وإذا عُيّن إفرنسي نحن لا نقدر ان نعمل شيء، راح. فاقتنع والدي لأنه إذا قلت له مرّتين لبنان كان يجنّ، فوسواسه لبنان. فقلت له: إذن العوض بسلامتك أنا هذه السياسة لست موافقاً عليها، أنا ذاهب. غضبت من والدي وتركت البيت ولكني عدت بعد مدة من اجل والدتي ولأني حاسس ان والدي لم يعملها عن طموح بل لأنه خائف على لبنان ولا أعلم ماذا أخبره سبيرز، ويعرف الخطة الإنكليزية ويريد ان يحافظ على استقلال لبنان، قبِل حتى لا يعيّنوا جندي إفرنسي كان سيبقى تحت تأثير الإنكليز لأنهم من الناحية العسكرية صاروا الكل بالكل. فعندما قَبِل والدي كانت الجرائد كلّها مسبّات على والدي وكلّهم ينظرون اليّ بالورب حتى اصحابي. في النتيجة جرّب ان يؤلّف وزارة فلم يُفلح. جاء سامي الصلح، وكان عندما يسمع بالوزارة يركض. فقال:" بابا، أنا أقبل". وعندما عاد الى البيت سحب عليه الفرد ابنه عبد الرحمن وقال له:" إذا كنت ستقبل بتأليف حكومة سأطلق عليك النار". خاف سامي من ابنه عبد الرحمن الذي كان اوّل طلعته ويحبّه كثيراً. فبعد ان قَبِل ان يؤلف الحكومة عاد وبعث خبر الى والدي يعتذر. والدي عندما رأى ذلك قال لهم:" الحالة لا تمشي هكذا وأنتم لا تستطيعون ان تفعلوا شيئاً وانا ضد فكرة انكم تسجنون الناس وأول شيء يجب ان تعملوه هو ان تطلّعوا بشارة الخوري من السجن لأني لا اريد ان تعملوا منه إله، وأنا كل عمري اعرف من هو وأنتم تؤلّهونه وترسلوه الى راشيا".

راحوا إلى بشامون صبري حماده والمير مجيد وحبيب ابي شهلا، والشغلة الوحيدة التي أتفق فيها والدي مع فؤاد شهاب هي قضية بشامون. إنها أكبر رواية، يعني إذا لعبتها نضال الأشقر وهي تلعب كارت بلانش اليوم ففي احد الأيام سأخبرها قصة بشامون وتستطيع ان تعمل منها رواية. خاصة ان قسماً منهم لا يزال على قيد الحياة.

(01:05:33)
إستقالة إميل إده لعدم تمكّنه من تأليف حكومة

دقيقتان وأربعة وثلاثون ثانية

في النهاية بلّغ والدي الإفرنسيين بأنه سيستقيل واستقال. نحن في العائلة اذا رأينا أن شيئاً لا يعجبنا نستقيل. استقال وقامت المظاهرات وجاء كاترو وسلّم كل شيء ونزلت النساء الى الشوارع وخليل الخوري عوض ان يذهب إلى بشامون، ذهب واحتمى في بيت سبيرز، ووالدته ايضاً، واحتموا. كانوا خائفين من السنغالية او من جماعة أبوي. وهكذا انتهت الحفلة واضحينا خونة وربح الدستوريون واستبعدونا لمدّة ست سنوات الى سنة إنتخابات 25 ايار. في هذه الفترة تدخّل الإنكليز والأميركان والروس. بدأت تظهر اميركا وتخفّ قيمة الإنكليز ودخل الروس لأوّل مرّة. وبما ان الشعب اللّبناني ذكي ورأى بأن إميل إده لم يفعل شيئاً وليس هو الذي أوقف بشارة الخوري، لماذا سيوقفه لأنه إذا أوقفه سيعمل له قيمة وهو خصمه يعني يعمله شهيد هذا غير معقول. إذن يعمل واحد ماروني شهيد فهذا غير ممكن، ما فيش سياسة، ووالدي رجل سياسة ويعرف البلاد وهو عاجنها. 25 ايار هذه هي الإنتخابات التي يتكلمون عنها حتى اليوم لأنها أكبر تزويرة عرفها لبنان. كان في الماضي ايام الإفرنسيين يأتي المستشار ويقول لهم نحن نريد لائحة احمد الأسعد، ولكن تزوير المادة ودفع العملة لم يحصل الا في 25 ايار. لماذا؟ لأن بشارة الخوري اراد ان يجدّد وان يعمل الرئاسة وراثة، وعلى كل حال عبد الحميد كرامي قال الكلمة الشهيرة بأن "هذه الجماعة جعلوا من لبنان مزرعة لعائلة". وهكذا بدأ الدستوريون يعملون عن جديد لأن الأولاد مثل الآباء لا يتغيّر عليهم شيء.

(01:08:07)
إنتخابات 25 ايار والتزوير

أربع دقائق وإحدى وثلاثون ثانية

عملنا المعركة في 25 ايار وأنا كذلك خضت المعركة وطبعاً لم ينجح احد لأن مثلاً في جبيل عوض أن يقرأوا إميل إده يقرأوان إميل لحود. يا اخي شو قصّتك مكتوب إميل إده، كلا إميل لحود. وأنا لا أستطيع ان اكون في كل الأقلام وأينما ذهبت كلّهم عندهم اوامر إميل إده تقرأوه إميل لحود. على كل حال في ضيعة طلعله ابوي 550 صوتاً اسمها جاج، في بعبدا صار الرقم 55 يعني طيّروا الصفر. بعد ذلك كان الشيخ فريد الخازن ساقط فأرادوا ان ينجّحوه وكذلك إميل لحود فصاروا يزيدون الأصوات حتى استمرّ الفرز في بعبدا ثلاثة ايام. وهذا شيء لا يصدّق فبعض الأحيان ينجح الشيخ فريد وحيناً آخر يسقط الشيخ فريد لينجح إميل لحود. إذن في بعض الأحيان يسقطوا الأصوات حتى ينجحوا لأنهم بحاجة إلى النصف. أكبر تزويرة كانت في 25 ايار. طلع مجلس ال 25 ايار المزوّر، طبعاً لم يهتمّ احد ونحن نصرّخ وألّفنا معارضة وأنا صرت افهم بعض الشيء في السياسة واعتبرت بأن من واجباتي مساعدة والدي. كان والدي في هذا الوقت قد الّف الحزب وابتدأنا نمشي كشباب للحزب وندافع عن الحريّات والديمقراطية. لم يكن الجيش يتدخّل في ذلك الوقت لأنه كان قليل العدد وكان الأمن العام يتداخل والدرك أيضاً وكانت في نفس الوقت توجد شخصية بارزة جداً تدعى السلطان سليم. كان السلطان سليم شقيق الشيخ بشارة وكان كل شيء، كان يذبح بإضفره. ابتدأت المعركة على المضبوط. بطرك الموارنة تدخّل. مظاهرات في الشوارع. في نفس الوقت يجتمع المجلس سنة ونصف السنة قبل انتهاء الولاية الأولى التي كانت تنتهي في ايلول 49 ، سنة ونصف قبل ذلك عدّلوا الدستور لمصلحة بشارة الخوري، وهذا هو التعديل الشهير والذي يسمح لبشارة الخوري بأن يجدّد لست سنوات. تعدّل الدستور وطلع بشارة ومشي الحال. توفي والدي في 27 ايلول سنة 1949 وأنا أصبح عميداً محلّه والشيء الذي كنت اكرهه يعني السياسة أُجبرت ان اخوضه، ولكني عملت هذا الشيء كواجب وليس كطموح لأن كل هل قصة تتكتك المسابح لم يكن يعجبني وكذلك الكلام والإستقبالات وهذه المشاكل وخاصة مشاكل جبل لبنان التي ليست مثل نائب بيروت. سنة الـ 52 مشت المعارضة وقويت، حصلت انتخابات، ترشّحت انا وترشح اخي. أنا أسقطني بشارة الخوري رغم اني أعرف كيف أقطع الطرقات ولكنهم كانوا قد قويوا عليّ. وبعد ذلك في معركة في الدورة الثانية بين بيار اخي وبيار الجميل وهي معركة المتن، معركة البطرسين، انتصر اخي بمئة وسبعة وأربعين صوتاً على بطرس الجميل. كانت الكتائب وهؤلاء يمشون طبعاً مع الواقف. مشوا طبعاً مع الدستوريين وبيار الجميل ألصق صورة السلطان سليم على السيارات. نحن كنا ضد كل شيء اسمه بشارة الخوري والسلطان سليم. في ذلك الوقت جمعنا كل شيء كان ضد. فالقوميين مشوا معنا والشيوعيين مشوا معنا وكانوا لا يزالون أقليّة وكمال جنبلاط مشي معنا لأنه اختلف مع صبري حماده، وفي جبل لبنان كان هناك حماس هائل. انقسم جبل لبنان لأن قلب السياسة كانت جبل لبنان، قسم مع بيار إده وقسم مع بيار الجميل وانتصر بيار إده.

(01:12:38)
الثورة البيضاء والتخلّص من بشارة الخوري

ثماني دقائق وأربع عشرة ثانية

في ذلك الوقت تألّف المجلس، الجبهة الإشتراكية "الوطنيين" مؤلّفة من سبعة وكان فيها اميل البستاني وعبدالله الحج وغسان التويني وكمال جنبلاط وابتدأوا معارضة ونجحت المعارضة وتوصلنا للثورة التي اسميناها "الثورة البيضاء" وطيّرنا بشارة الخوري سنة 1952 ، ما في لزوم خبّركم كيف. على كل حال، كنا نجتمع في النهار وكان كل واحد منا عنده ناس في الجيش يُفهمهم بأنه ليس عليهم ان يتدخّلوا بالجيش. انا ذهبت ورأيت الجنرال كوتشيف وقلت له: نأمل بأنك لن تتدخّل. فقال: "كلا هذا الجيش لا يتدخل في السياسة. الجيش ليس موجوداً لشخص وأنا اذا كنت سأستعمل الجيش أستعمله من اجلي لماذا سأستعمله من اجل غيري". فقلت له: "الحق معك وهل تريد شيئاً"؟ فقال: "كلا لا اريد شيئاً". فقلت له: "على كل حال لن تستعمل الجيش"؟. فقال: "كلا لن نستعمل الجيش". وقامت القيامة، صرنا نعيّن رئيس وزارة ما يهدّي، آخر رئيس وزارة عيّنه بشارة الخوري كان صائب سلام، ونحن متفقون مع صائب سلام، وزادت المطاليب وهناك ازمة إقتصادية شديدة وكذلك الناس ناقمة لأن خليل خوري الكل بالكل والسلطان سليم الكل بالكل، مزرعة بكل معنى الكلمة مثلما قال عبد الحميد كرامي "جعلوا من هل بلاد مزرعة". لا أحد يستطيع ان يربح شيئاً دون موافقة خليل خوري، يعني كانوا مسيطرين على العدلية وعلى الإدارة وعلى كل إدارات الدولة. من؟ الدستوريون آل خوري الكرام. إذن كنا مجتمعين عند غسان التويني، يأتينا خبر بأن الجيش سينزل والدبابات ستنزل. يه، لقد اتفقنا مع الرجل بأن الجيش لن يتدخّل في السياسة ولن ينزل. يأتينا خبر موثوق بأن الدبابات ستنزل. قلنا إذا قبضوا علينا، أنا ليس عندي حصانة، أخي عنده حصانة، فنام أخي عند اختي وطلعت انا وكمال جنبلاط إلى صوفر محاوطين بجماعتنا الدروز والمسيحيين بسلاحهم الكامل، وكنا نفكر بالسلاح، ما السلاح كنا فدائيين في ذلك الوقت. نمت أنا وكمال جنبلاط في نفس الغرفة وأنا نائم وواضع مسدسي تحت الوسادة، فرأيت شيء واقف قدامي في الغرفة. فتحت الضوء وكنت خايف من المكتب الثاني ان يجي ويقبض علينا، في ذلك الوقت ما كان في مكتب ثاني كان في أمن عام أو جماعة بشارة الخوري. فتحت عيني إذن ورأيت كمال جنبلاط واقف وواضع رجل مثلما يعمل يوغا وأنا وضعت مسدّسي وكنت سأضربه بالرصاص، يعني اللّه ستر ولم أطلق الرصاص. فقلت له: "ما القصّة يا بك"؟ فقال: "أنا أفكّر". فقلت له: "أتفكّر هكذا ولا تستطيع ان تفكّر مثل كل الناس؟ هكذا تفكّر؟ كنت سأطلق عليك النار، شو قصّتك؟"، قال: "هذا يوغا". فقلت له: "شو يوغا؟ الآن وقت اليوغا؟ كنا عملنا مشكل لنفسنا. بماذا تفكّر؟" قال: "انا افكّر إمكانية بأنه أنت لأنك ماروني تستطيع ان تعمل رئيساً للجمهورية وأنا لأني درزي لا أستطيع ان أعمل إلا وزير". فقلت له: "أنظر يا كمال بك، نحن اتّفقنا بأن نطيّر بشارة الخوري ولم نتّفق على غير شي، هذه رئاسة الجمهورية انا ابخششك إياها ولا تهمّني. فأنا أريد ان اطيّر بشارة الخوري لأني اريد ان انتقم منه لأنه تراذل على والدي وحرق دينه". إذن أمضينا اللّيلة وبعد ذلك في الساعة الرابعة بعد منتصف اللّيل من اليوم التالي تأتي إيفيت سرسق - التي تظهر على شاشة التلفزيون - وزوجها اليكس سرسق وكان نائباً، ولا ارى الا والباب يفتح في الساعة الواحدة بعد نصف اللّيل وتطبّ عليّ وكادت تخنقني من ثقل حجمها. طبّت عليّ وأخذت تقبّلني وتقول: "طار بشارة الخوري، طار بشارة الخوري". "طيّب ستقتليني مهلاً اريد ان آخذ نفس". هي بتقربنا عن طريق والدتي. كانت في اليوم السابق تشتم أبي، كلا هي كانت تحبّ والدي لكنها كانت ماشية مع بشارة الخوري وزوجها ماشي مع بشارة الخوري رغم القرابة بيننا، وكانت تبشّرني بأن بشارة الخوري قد طار. قمنا لبسنا وكان مارون كنعان جالساً في حديقة صوفر يشرب اركيلة فقال لي: "يا عميد تعالى حتى آخذك واصالحك مع بشارة الخوري". فقلت له: "يا مارون بك هذه القصة بايخة لأن بشارة الخوري سيطير". فقال: "ماذا؟ عنده 55 نائباً". فقلت له: "55 نائباً انا ما بعرف، انا بعرف بأننا سنطيّرلك بشارة الخوري". وكان مارون كنعان من حزب والدي ولكن بعد ان توفي والدي ترك، هو معذور. هكذا طيّرنا بشارة الخوري، طيّرناه ببيانات وتصريحات بدون مدافع.

جاء كميل شمعون وكانت المعركة بين كميل شمعون وحميد فرنجية. نسيت ان أذكر بأنه عندما رفض سبيرز أو عارض انتخاب والدي، فكّر أبي بين بشارة الخوري وكميل شمعون فقال أنا أفضّل كميل شمعون، وكان كميل شمعون كذلك يتدرّج في مكتب والدي، وكميل شمعون كان عنده شعبية كبيرة وإنه نجح من الدورة الأولى في انتخابات الـ 43 وكان الدستوري الوحيد الذي مرّ من أوّل دورة. وكميل شمعون كان يتردّد إلى بيتنا، فكان يأتي الى هنا ويذهب الى هناك ايضاً بحكم السياسة. فقال له والدي: "بتعمل رئيس جمهورية"؟ فقال له: "طبعاً بعمل رئيس جمهورية". فقال والدي: "بتترك بشارة الخوري"؟ فقال: "طبعاً بترك بشارة الخوري". شو هل كلام، فوالدي كان يضحّك بعض الأحيان بأسئلته. جاء والدي وسأل سبيرز في سنة الـ43 هل تقبل بكميل شمعون؟ فقال سبيرز:"طبعاً أقبل بكميل شمعون". فقال والدي لشمعون: "أنا سأعطيك أصوات الكتلة الوطنية". في تلك اللّيلة نام كميل شمعون رئيساً للجمهورية. في نفس اللّيلة يذهب المفوّض السامي ممثّل لفرنسا واحد سكري يدعى "هيلو"، يذهبون ويقولون له: "هذا إميل إده صديقكم قد خانكم، اتفق هو وكميل شمعون ويريد ان يأتي بكميل شمعون رئيساً للجمهورية". من ماذا يشكي كميل شمعون؟ في ذلك الوقت كان شاباً وسيماً وهو لا يزال حتى اليوم والكل يحبّه لأنه كان يذهب إلى الضِّيَع والجفت على كتفه إذا كان هناك صيد او لم يكن، يدخل الى شحيم وغيرها يدخل إلى أحقر بيت فيفرحون به مثلما كان يفعل عبداللّه الحج عندما نزل في انتخابات بيروت واضع جاكتته و"عندكم زيتونة؟. من لا يفرح بأن يعطي زيتونة لشخص سيصبح نائباً؟. فرحوا به لأنه منّنا كما تقولون. إذن قالوا لـ"هيلو": هذا إميل إده ماشي مع كميل شمعون. في ذلك الوقت كان الإفرنسيون وقسم من اهل البلاد يعتبرون ان كميل شمعون متداخل مع الإنكليز وغرقان لرقبته وعميل إنكليزي. كل تلك الأشياء التي يتّهمون الناس بها في البلاد عندما يريدون ان يتخلّصوا منهم، فجنّ "هيلو" وكان قد شرب نصف زجاجة ويسكي وطلب سبيرز في الهاتف وقال له: "أخبروني بأنك توافق على بشارة الخوري وأنا ايضاً اوافق عليه لأني انا لا اوافق على كميل شمعون، ولكن إذا كنت تريد بشارة الخوري فأنا أوافق". فلعب سبيرز لعبته وجاء وقال بأنه مع كميل شمعون وأخذ يردّد بأنه مع كميل شمعون واتفقنا مع كميل شمعون ومع جماعة إده على ترشيح كميل شمعون حتى يفزّع السكري "هيلو" وقال له: "هذا كميل شمعون لا يمكن ان اقبل به ولكن إذا كنت تقبل بشارة الخوري فأنا أقبله". فقال له سبيرز: "أريد بشارة الخوري". وهكذا طلع بشارة الخوري سنة 43 ولم يطلع كميل شمعون.

(01:21:52)
دعم الكتلويين ترشيح كميل شمعون وفوزه في الإنتخابات ضد سليمان فرنجية

دقيقة واحدة وخمسة وعشرون ثانية

إذن بعد ان استقال بشارة الخوري كان هناك مرشّحان إثنان: كميل شمعون وحميد فرنجية. وعندما استقال بشارة الخوري في تلك اللّيلة َعُيّن قائد الجيش فؤاد شهاب كرئيس وزارة، وبعد مضي سبعة أيام عُيّن يوم الإنتخاب، وأثناء السبعة ايام طبعاً ابتدأت المعركة بين حميد فرنجية وكميل شمعون، ولقد كنا مع كميل شمعون لأن كميل شمعون اختاره والدي وكميل شمعون من جبل لبنان ويمكن الزغرتاويي من قديم وجاي يمكن عنده اشياء او امور تزعج بعض الشيء لأنه عندهم تقاليد مزعجة. رأينا ان من الممكن ان تمشي حال كميل شمعون فاتّفقنا معه خاصة بأنه كان في الجبهة معنا، والتصويت انا لا أصوّت لكن أخي كان نائباً. وهكذا طلع كميل شمعون. وأوّل شيء قام به عيّن حكومة من الموظّفين فأخطأ بها وفيما بعد جاء بصائب سلام وجرت انتخابات.

(01:23:17)
ضغط كميل شمعون في الإنتخابات لمصلحة إميل مكرزل ضدّ جورج عقل الكتلاوي

دقيقتان وثلاثة وثلاثون ثانية

بعد ان انتُخب كميل شمعون كرئيس للجمهورية حدث فراغ في اللائحة وكان هناك مركز لماروني وكان من المفروض ان يكون الماروني جورج عقل، لأن جورج عقل كان نازل على اللائحة وسقط، وكان لازم يجي محل كميل شمعون وخاصّة انه كان من الكتلة الوطنية وهكذا كان الإتفاق. ولكن كمال جنبلاط تدخل مع كميل شمعون الذي هو من دير القمر وكمال جنبلاط من المختارة ويتردّد عليه، وكميل شمعون يريد ان يربح كمال جنبلاط وعطف كمال جنبلاط، فباعنا وجاء بـ مكرزل، إميل مكرزل، وقال هذا كان مرّة داخل الحزب التقدّمي الإشتراكي وكان أوّل طلعته ولا احد يعرفه. في النتيجة كميل شمعون حتى يرضي كمال جنبلاط تدخّل في الإنتخابات وطبعاً لم يكن هناك تزوير مثل تزويرة الـ 25 ايار ولكن كان في ما يسمونه الضغط، وعلى اساس الضغط نجح ابن مكرزل وسقط جورج عقل. ابتدأت المعركة في أول ست سنوات بيننا وبين كميل شمعون بسبب جورج عقل واعتبرت بانها لم تكن مضبوطة. وأنا في سنة الـ53 ترشّحت وجاء أخوه وكان مدير الأمن العام ورشّح واحد يدعى سمعان باسيل وهو رجل لا يزال موجوداً ولا يفهم شيئاً بالسياسة، فهو تاجر عنده كرخانة غزل كرخانة حرير ويهتمّ بالتجارة. أقنعه أخ كميل شمعون، وكان مدير عام بأن يجب ان تنزل انت لسبب لا أعرفه. في النتيجة نجحت سنة الـ53 ولكن ضدّ كميل شمعون وحسّيت بأن العملية ليست مضبوطة. بعد ذلك عملت مشاريع قوانين، مثلاً في ايام كميل شمعون كان المجلس مؤلّفاً من 55 نائباً وأحسن مجلس كان هذا المجلس لأنه كان يشتغل وكانت اللّجان تجتمع وكان المستوى جيّد وكان المجلس له أهميّة والنائب له قيمة ولكن عندما يصبحون 99 ما بعود في فرق بين النائب والمختار مع احترامنا للمخاتير.

(01:25:50)
تطبيق قانون سريّة المصارف المطبّق في سويسرا

سبع دقائق وخمسة وأربعون ثانية

وتقدّمت بمشاريع كانت وبكل تواضع أقول بأنها كانت سبب إزدهار هذا البلد فيما بعد. أوّل مشروع قانون تقدّمت فيه رغم انه اخّرني سنتين، سنة 54 تقدّمت به قانون سريّة المصارف. في ذلك الوقت شو سريّة المصارف كان يوجد شخص يدعى المير جميل شهاب مدير المالية وعامل نفسه بنفسه ولكن كان مزعجاً بكل معنى الكلمة: "كيف طيّرتلّي ضريبة الدخل، طيّرتلّي ضريبة الإرث، كيف سريّة المصارف، كيف لا أستطيع ان احجز في بنك؟" يا مير جميل يجب علينا ان نسرق هذا القانون من سويسرا وأنا كنت بسويسرا سنة الـ 47 ورأيت بأن القانون هو الذي جعل سويسرا كما هي اليوم وارتفع المستوى المعيشي السويسراني وأصبحت عندهم اموال وصارت عندهم صناعة لأنه لولا هذا الشيء لم يكن عندها سويسرا شيء، جبال وقتها ski ما كان يعمل شي، إذن بفضل قانون سريّة المصارف الذي لم يكن موجوداً إلا في سويسرا اغتنت سويسرا، اغتنى الشعب السويسري، لذلك نحن شو تفاح شبع الناس من التفاح، ماذا عندك؟ كنز؟ كلا، بترول؟ كلا، ولا حتّى ذهب ماذا يوجد هنا؟ يوجد شمس ومناخ ونريد ان نعمل سريّة مصارف حتى نجذب اموال البترول وأموال الأمراء الّذين عوض ان يضيّعوا أموالهم في سويسرا نحن نعمل لهم قانوناً أفضل من القانون السويسري وتكون اموالهم بقربهم يستطيعون ان يأتوا بمناسبة او بغير مناسبة ليتفقّدوا اموالهم ويطمئنّوا على مصيرهم في لبنان. إذن عملت مشروع البنوك واشتغلت يعني وضعت شيئاً براسي، إجتماع ورا إجتماع ولكن كيف تريدون ان تُفهمي النواب ورجال القانون سريّة المصارف لأنه ألستُ محامياً؟ ولكن لم اكن افهم ما هي سريّة المصارف وماذا تعني سريّة المصارف وكيف لا يمكن لأحدهم ان يحجز في البنك مثلاً. في النهاية قمت بالمشروع وجاء النواب يقولون: ولكن انت يا عميد على ماذا ستحصل؟ فقلت لهم: ماذا سيطلع لي؟ أنا ليس عندي بنك ولا افهم بالبنك، أنا رأيت هذا المشروع في سويسرا ولكن انا حسّنته لأن في سويسرا في اجتهادات في سطر ونص وأنا عملت عشر مواد وأنا أرى بأن مشروعي هذا احسن من المشروع السويسري وأستطيع ان أطمئنك ولا اريد ان اسمي الزملاء الذين كانوا يقولون: سرية ومصارف ومال ولا يوجد شيء؟ فقلت لهم: لا يوجد شيء سرية ومال ولا يوجد شيء. الآن ستحصل البلاد على شيء. فقالوا: ألن تحصل على شيء؟ فقلت لهم: من اين سأحصل واللّه أنتم مضحكون هذه العقلية الموجودة في المجلس النيابي. في النهاية صوّت مجلس النواب على المشروع دون ان يفهموا وصار في بازار، انا وكان في ذلك الوقت عادل عسيران فقال لي: إذا مرّقت لي هذا القانون فإني سأمرّق لك، وكانت قضية في الجنوب بسيطة. كنت في ذلك الوقت مقاطعاً كميل شمعون لأن أخيه كان قد بعث صياد سمك وضع قنبلة تحت بيت المطران عقل والمطران عقل صديقي. نسيت ان اقول بأنه في 25 ايار سنة الـ 47 زبونات بشارة الخوري أخذوني ودكّوني في السجن ثم جاء بعد ذلك المطران عقل واخواته واُدخلوا الى السجن، وكانت اخواته كبيرات الحجم وكان يريد كميل شمعون ان ينتقم من المطران عقل فوضع له قنبلة على بيت المطران ومنذ ذلك الوقت لم تخطّ رجليّ القصر ولم اكلّم كميل شمعون وبعثت له في ذلك الوقت برقية شديدة اللّهجة وهي كانت. لكن المجلس صوّت على قانون سرية المصارف ويريد ان ينشره وعنده شهر ولم يعد يوجد الا 25 يوماً. كنا مجتمعين مع مدير العدلية شفيق حاتم في لجنة الإدارة والعدلية في المجلس فقال لي: يا عميد انت صار لك سنتين عم تتعب وتركض وأنا أصبحت مقتنعاً ولم اكن مقتنعاً من قبل ولكن قرأت عن هذا القانون وإني مقتنع بأنه مفيد، يمكن سيؤثّر على ضريبة الدخل او على ضريب 00 ة الإرث ومن الممكن ان يؤدي إلى تهريب عملة، ولكن حسنات القانون أكثر من سيئاته لذلك حرام بعد كل هذا التعب ان لا نحصل عليه، لذلك انت إذا ما عملته لن يستطيع ان يعمله احد، فهو قانون وحيد من نوعه ليس بمقدور اي بلد ان يطبّقه إلاّ سويسرا واللّوكسمبورغ بعض الشيء وباهاماس الآن. النتيجة ذهبت إلى كميل شمعون وأخذت موعداً وهؤلاء الصحافيين الّذين كانوا يلاحقوني، عندما علموا بأني ذاهب لمقابلة كميل شمعون، اجتمعوا كلّهم على كعب الدرج. وعندما نزلت، "ماذا حصل يا عميد؟" فقلت بأنني جئت من اجل قانون سرية المصارف واردت ان أُفهم رئيس الجمهورية الموضوع حتى ينشره. طلعنا عند كميل شمعون فقال: أهلاً بالعميد ما بك غضبان علينا؟. فشرحت له القانون وبيّنت له حسناته وكيف بفضل هذا القانون جلبت سويسرا كل الأموال ووضع لبنان مثل وضع سويسرا، فليأتوا بأموالهم إلى هنا، وكان يوجد عشر مصارف في ذلك الوقت وبعد القانون أصبحوا تسعين، ثم جاء "إنترا" وخرّب كل شيء، وجاء بيدس وطيّر كل شيء ولكن في ذلك الوقت عشرة بنوك. فقال الرئيس: كثير منيح ولكن أنت تعلم هؤلاء اللّبنانيين سيستعملون القانون من اجل الهروب من الضرائب من كذا وكذا وتعرف كيف هو اللّبناني لا توجد طريقة بأن نضع نصّ بأن الأجنبي وحده له حق الإستفادة من هذا القانون؟. فقلت: شغلة بسيطة بدقيقة اعملها لك أبسط شيء، ولكن انا اريد ان أكون صريحاً معك، عندما جئت رأى الصحفيون الصغار بأني جئت ومضى عليّ تسعة أشهر لم أدعس هنا وكانوا سألوني ماذا جئت افعل؟ مصالحة؟ فقلت لهم: لا يوجد مصالحة، فكميل شمعون لم يقتل والدي ولكن نحن مختلفون بسبب تلك القنبلة التي علمك بها وقد وضعها اخوك للمطران عقل. وقلت انا جئت حتى ادرس مع فخامة الرئيس قضية قانون سرية المصارف والآن عندما اخرج انا مضطر ان اقول لهم بأنك قلت بأن هؤلاء اللبنانيين لصوص ويجب علينا ان نسمح فقط للأجانب بأن يستفيدوا من قانون سرية المصارف. فقال: هكذا ستقول؟ فقلت له: نعم هكذا سأقول. فأنت منذ ربع ساعة تشرح لي وتقول ضع هذه المادة. لماذا؟ لأنك بما انك تعرف اللبنانيين كيف سيهرّبون وما يهرّبون ولكن هل تعتبر الأجانب آلهة وشرفاء ونحن لسنا اهل؟ فقال: من اجلك يا عميد سنمحيها. فقلت: لا ليس من اجلي، او انك مقتنع انت بصفتك رئيس السلطة التنفيذية بأن هذا القانون مفيد لهذا البلد أو لست مقتنعاً. فقال: من أجلك. فقلت: لا ليس من اجلي، إذا كنت مقتنعاً امضي. فمضى اسمه وهي كانت.

(01:33:35)
موافقة الرئيس شمعون على قانون سرية المصارف وانتعاش البلد وانتشار المصارف حتى مجيء قضية بيدس وإنترا

دقيقة واحدة

ومنذ ذلك الوقت انتشرت المصارف وتوسّعت ووصل عددها الى 85 ، وليس من شك بأنه لولا بيدس افندي ولولا قضية إنترا، لكانت اغتنت البلاد، لأن الأمراء العرب كانوا يفضّلون ان يضعوا أموالهم في لبنان عوض ان يضعوها في سويسرا، خاصة ان قانون سرية المصارف اللبناني يعطي ضمانات أكثر بكثير من القانون السويسري مثلاً. ففي هذا القانون لا تستطيعين ان تحجزي اموال شخص في البنك الا اذا افلس ولكن اذا لم يفلس يعني اذا كان تاجراً لأنه يجب ان يكون تاجراً حتى يفلّس وإذا لم يفلس فإن الحجز في المصارف ليس ممكناً. فيستطيع ان يضع الشخص حساباً باسمه ولكن كمان لضمانة ثانية يستطيع ان يضع رقماً اي كل الضمانات موجودة ولكن بيدس طيّر كل شيء.

(01:34:35)
قانون البنايات الفخمة

خمس دقائق وستّة وخمسون ثانية

كذلك عملت قانوناً ثانياً وهو قانون البنايات الفخمة. ففي القديم سنة الـ 54 كان يوجد بكل بيروت خمس بنايات عندها تدفئة ومصعد وبوّاب. وأنا عندما عملت حقوق علمت بأن باريس وفرنسا لم تتحسّن ولم يحدث بناء جديد بعد الحرب حرب الـ 19 لأنه كان هنالك قانون على الإيجارات مثل القانون الذي عملوه هنا في الحرب بأنهم أوقفوا الإيجارات، بأنه ممنوع على الأشخاص ان يزيدوا الإيجارات فأصبح صاحب الملك طالما الإيجارات لا تزيد لم يعد يصلّح بيته ولم يعد احد يتجاسر بأن يعمّر بناءاً جديداً لأن بعد سنة او أكثر يأتون ويحدّدون له إيجاراته، فقلت سيحدث هذا الشيء عندنا وهكذا حصل. وقف البناء ولم يعد احد يشتغل لا النجار ولا الحداد لأن البناء وقف. وأنا تذكرت القصة، يوماً ما كانت هناك لجنة الإدارة والعدلية وكان فيها مارون أفندي كنعان، هذا كان بلجنة الإدارة والعدلية وهذا كان في الساعة السادسة يشرب الأركيلة في نادي بيروت وكان مستعجل. أنا جيت في الساعة الخامسة وأخذت أشرح بمناسبة درس قانون الإيجارات فقلت له: عندي نصّ وهو" البنايات الفخمة" المؤلّفة اي التي عندها تدفئة ومصعد وبواب، هذه لا نُدخلها في قانون الإيجارات، فيصبح كل شخص يرغب ان يبني بناءاً من هذا النوع، أولاً يتحسّن البناء ويصبح مدخل البناء نظيفاً لأن البواب مفروض فيه ان ينظّف ويكون هناك مصعداً، لأننا بدأنا نعجّز. فأصبح مارون كنعان يقول: يا عميد واللّه عندك هذه الأفكار انت أترك اللبناني يبني مثلما كان يبني أبوه وجدّه. فقلت له: أنت يا أخي لماذا تلبس طربوشاً فقط ولماذا تخلّيت عن الشروال، أنت لا تلبس الشروال مثل أبيك وجدّك وتلبس الكرافات ولا يوجد فيك من الأثر القديم غير الطربوش هذا وهذه الأركيلة. فقال: صحيح الأركيلة، خلّصني اريد ان أذهب وأشرب الأركيلة. فقلت له: ما في اركيلة، بتمشّي لي هذا النصّ او أعارض،ماذا ستخسرون؟ أريد هذا النصّ وأنتم لا تخسرون إذا وافقتم على هذا النصّ وأنا أمين بأنكم إذا وافقتم على هذا النصّ، سترون وبعد مدة وجيزة الكثير من البنايات الفخمة سترتفع. وإني في ذلك الوقت كنت قبلها قليلاً عند الأستاذ إدمون كاسبار في مكتبه الكائن فوق شارع اللمبي فوق النجمة، وبينما كنت نازلاً من مكتبه تزحلقت على قشرة موز ووقعت على فخذي. وهنا جئت وكان يوجد بعض الأشخاص من أفريقيا جاؤا يستشيروني كمحامٍ وكنائب ويطلبون نصيحتي حول طريقة استثمارهم لأموالهم. فقلت لهم: أنا بقضيّة المال لا أفهم لو كنت أفهم كان عندي مال ولكن نصيحتي لكم هي "ابنوا منازل". فقال لي احدهم انه يعرف شخصاً كان قد بنى قرب المتحف ووضع مصعداً وبواباً وتدفئة ولكنه لن يعيد الكرّة لأنه بموجب القانون بعد سنتين رجعوا وحدّدوا لي الأيجارات وهذا ما بوفّي معي. وقال: إذن اليوم انا أخسر وأفضّل أن أذهب إلى كندا أو أستراليا وأميركا ونحن إذن سنوظّف أموالنا في بلاد أخرى. فقلت: معك حقّ، أنا الآن كنت عند زميل لنا وأنا ونازل على الدرج تزحلقت بقشرة موز ولا يزال فخذي يؤلمني، وأنا عندي فكرة كنت أفكّر بها من الصبح، إذا البنايات الجديدة الحديثة ولكن شرط ان تكون نظيفة ويكون فيها مصعد وبواب وتدفئة، لا نخضعها إلى قانون الإيجارات فتستطيعون ان تطلبوا عشرة آلاف ليرة أو اثنا عشر ألف ليرة ولا يأتي المشترع فيما بعد ليحدّد الإيجارات، هل تبنون؟ فقالوا: أنت حرّر لنا البناء وما عليك. أخبرت القصّة لمارون كنعان فقال: إذا كنت ستكفل لي بأنهم سيبنون فسأوافق عليه. فقلت له: نعم أكفل لك هذا. وهكذا وبكل تواضع انا عملت هذان القانونان: قانون سرية المصارف وقانون البنايات الفخمة. من الممكن ان يكونوا الناس اليوم نادمين على البنايات الفخمة لأنه صارت البنايات الفخمة اسماً ليس فيها ماء ساخن رغم اني زدت من سنتين الشروط الجديدة بأنه يجب ان يؤمن الماء الساخن لأربعة وعشرين ساعة ولكن المستأجر لا يريد ان يختلف مع صاحب الملك. إذن هذان القانونان جلبوا أموالاً بكل معنى الكلمة لهذا البلد وكانا سبب إزدهاره وإزدهار عهد كميل شمعون لكنه لا يعترف بذلك وبأن الفضل كان لواحد اسمه ريمون إده هو الذي بعناده وضع هذان القانونان برأسه ونفّذهما رغم إرادة البعض والتي كانت سبب إزدهار هذا البلد.

(01:40:31)
مشروع جونستون ومشروع أيزنهاور

تسعُ دقائق وثلاثٌة وعشرون ثانية

(01:40:31)
س- أستاذ إده، في عهد الرئيس كميل شمعون تقدّمت الدول الغربية بعدّة مشاريع منها مشروع جونستون ومشروع ايزنهاور، هل من الممكن ان تحدّثنا عن تلك المشاريع؟

ج- كنت عضواً في لجنة الخارجية وبهذه الصفة اشتركت بدراسة مشروع جونستون الذي يختصّ بروافد الأردن. طبعاً من اللحظة الأولى لاحظت ان مشروع جونستون يفكّر فقط بمصلحة إسرائيل وبمصلحة إعطاء أكبر كميّة من المياه لإسرائيل. مثلاً بما يختصّ بلبنان مشروع جونستون كان يرمي إلى أخذ مياه الحاصباني والوزاني. قليلون هم اللبنانيون الذين يعلمون عن شيء يدعى الوزاني وأستطيع ان اقول دون ان اسمي ان هنالك وزير خارجية اسمه فيليب تقلا مثلاً عندما بحثت فيما بعد معه بمياه الوزاني لم يكن يعلم اين توجد مياه الوزاني. أنا أعرف الوزاني أولاً لأنني عندما كنت شاباً كنت اصطاد في الحولة وأعرف كل المنطقة وفيما بعد ذهبت بمناسبة مشروع جونستون حتى ادرس الوضع هناك وليس هناك شك بأني أعذره لفيليب تقلا لأنك إذا كنت تتطلّع على خارطة لبنانية، لا أعلم إذا كان تحسّن وضع المدارس اليوم ولكن نبع الوزاني لم يظهر بخرائط لبنان اي بالخرائط اللبنانية. هناك الحاصباني ولكن الوزاني الذي ينبع بمجرى الحاصباني على بعد تقريباً كيلومترين من حدود فلسطين ليس موجوداً، لذلك أعذر التلاميذ اللبنانيين الذين يجهلون الوزاني وأعذر ولكن عذراً صغيراً جداً وزيرالخارجية الذي كان يجهل تماماً اين كان موجوداً الوزاني.إذن جونستون بتقريره كان قد اخذ مياه الحاصباني والوزاني ولم يعطِ شيئاً للبنان ولا يوجد مشروع سدّ مثلاً في الحاصباني ليستفيد الجنوب ولا يوجد مثلاً معمل للإنتاج الكهربائي ولا شيء، يأخذ المياه ولا يعطينا شيئاً. اجتمعت معه وكان في ذلك الوقت المرحوم إميل البستاني كذلك في اللجنة وأقمنا حفلة واستطعنا ان نبحث مع جونستون، وفي نتيجة الحفلة قلت له: "أين حصل هذا؟ ما في سابقة بأن يأتي شخص فلقد تعذّبت وجئت من اميركا حتى تأخذ منا كل المياه ولا تعطينا شيئاً مقابل ذلك؟ لا يوجد سابقة في تاريخ العالم بأن تأخذ من دولة شيئاً دون ان تعطي بديلاً عنه". قال: "يمكن هؤلاء الإختصاصيون الذين يعاونونني لم يلفتوا نظري لهذا الموضوع". قلت: "على كل حال هذه هي الخارطة وهنا الحاصباني وهنا الوزاني وهذه هي المياه التي ستأخذها، ماذا تعطينا"؟ فوعدنا بعد ذلك بأنه سيعيد النظر في هذا الموضوع، ولكن في نفس الوقت الجامعة العربية الّفت لجنة من مهندسين عرب لدرس موضوع استثمار روافد الأردن وخاصة الحاصباني. وإذا أذكر بكل تحفّظ بأن المهندسين العرب اقترحوا بناء سدّ على الحاصباني بإمكانه ان يخزّن 30 الف متر مكعّب وبإمكانه ان يروي 30 الف دنم في منطقة الحاصباني بجوار مرجعيون. وبما يخصّ الوزاني كنا قد تركنا الوزاني لأنه ينبع بالحاصباني وعلى عمق تقريباً 80 متراً والشيء المضحك، هناك شخص يدعى علي العبداللّه، امين سرّ المجلس وهو من الخيام وعنده اراضي هناك ومن عدّة سنوات وهو يضخّ مياه الوزاني ويسقي املاكه المجاورة للوزاني ولم يعترض اليهود على ذلك ولا تعارضوه وهو واضع مضخّة يضخّ فيها مياه الوزاني ويسقي أملاكه المجاورة للوزاني ولدرجة انه عندما رجعت سنة الـ64 الدول العربية عادت وبحثت في تحويل روافد الأردن منعاً لإسرائيل بأن تجرّ هذه الروافد أو تستثمر الروافد لجرّ المياه للنقب، في ذلك الوقت حصل اجتماع في القمة الأولى في الإسكندرية. في ذلك الوقت كان الرئيس شهاب في آخر عهده ومرض او ادّعى المرض وقد قال بأن عنده ديسك وهذا المرض لا يمكن ان تتأكّد من وجوده او عدم وجوده لأن الواحد يستطيع ان يقول بأن ظهره يؤلمه وان يستلقي ولو صوّر ولم تعطِ الصورة اي شيء يظلّ يقول بأن ظهره يؤلمه وعندي ديسك. ولكن هذا الديسك ما بطلّع صوت ويستطيع ان يأتي أكبر جرّاح وأكبر طبيب وأن يقول للمريض: ليس عندك شيء والصورة لا تقول شيئاً ولكن المريض يقول آخ وينام على فراشه ويبقى نائماً شهر بطوله. إذن ذهب شارل حلو، الذي كان انتخب في ذلك الوقت، ذهب على مصر عوض ان يذهب الرئيس فؤاد شهاب والظاهر انه لا يحب اجتماعات رؤساء الدول ففضّل بأن يبعث شارل حلو وهكذا كان. رجع شارل حلو وقال: قرّر العرب بأن يمنعوا تسرّب المياه من الحاصباني خاصّة إلى الحولة في فلسطين. عندما عاد ذهبت وقابلته وقلت له: "أنا قرأت في الصحف وأنا هذا الموضوع أعرفه لأني درسته تماماً بمناسبة قضيّة جونستون وأنا إذا كنت تسمح لي بكل احترام بأن الفت نظرك لموضوع قضيّة المياه بالنسبة لإسرائيل قضيّة مهمّة كثيراً وهؤلاء سيعلنون الحرب بسبب المياه لأنه من سنة 1919 وهدفهم الماء وهم يريدون مياه الحاصباني ومياه الوزاني". ونفسه رئيس الجمهورية قال لي: "ما هذا الوزاني"؟ فقلت له: "نبع ينبع بمجرى الحاصباني لأن الحاصباني بالمعنى الصحيح ليس نهراً، فهو نهر في الشتاء وفي الصيف ساقية جافة تظلّ المياه تصبّ من الحاصباني في الحولة حتى شهر ايار وإذا كانت سنة مشتاية كثير يمكن تتعدّى ايار ولكن إعتيادياً مثلما أذكر إبتداءاً من ايار لا تعود المياه تصل إلى الحولة والفلاحون هناك يستثمرونها. ماذا يبقى؟ يبقى الوزاني وهو ينبع بمجرى الحاصباني على تقريباً كيلومترين من حدودنا مع فلسطين وهذا نبع قسم من مياهه التي يدعها تذهب علي العبدالله امين المجلس النيابي التي لا يضخّها هون تذهب وتتسرّب الى الحولة".

(01:49:54)
ريمون إده ينصح شارل حلو بأن يتّفق مع يوثانت، الأمين العام للأمم المتّحدة لإرسال قوات دولية من أجل الحماية في حال استثمار مياه نهر الحاصباني الذي هو لبناني

ثماني دقائق وثماني ثوانٍ

قلت لرئيس الجمهورية شارل حلو: "إذا كنت تريد ان تحوّل مياه الحاصباني،انا رأيي قبل ان تقوم بتلك العملية، تتفق مع الأمين العام السيد يوثانت وتقول له أنا اريد ان احوّل المياه التي هي مئة بالمئة لبنانية لأن نبع الحاصباني ينبع على مسافة تقريباً عشرين كلم من الحدود يعني ذلك ان نهر الحاصباني ونبع الحاصباني هم لبنانيون وهم ملك لبنان، وإسرائيل لا تستطيع ان تدّعي بأن هذا نهر دولي وإن لها حقوق مكتسبة على مياه الحاصباني انا أقول الحاصباني ولا أقول الوزاني لأنه مثلما قلت مياه الحاصباني لا تصل دائماً لفلسطين ولكن أثناء أشهر الشتاء يعني شهرين او ثلاثة او اربعة حسب السنين. إذن انا حسب رأيي لا تستطيع ان تدّّعي فلسطين ولا تستطيع ان تدّعي إسرائيل اليوم بأن هذه مياه دولية لها حقّ مكتسب عليها. لأن وقت الريّ دائماً من قديم وجاي المياه تستثمر من قبل المزارعين اللبنانيين الذين هم موجودون على ضفتيّ الحاصباني. فقلت له أنا أنصحك ان ترى يوثانت وتقول له انا اريد ان استثمر هذه المياه وأنا اطلب منك ان تبعث لي قوّات دولية. وهذه هي اول مرّة نحكي فيها بالقوات الدولية سنة 1964. عندئذٍ إذا وافق مجلس الأمن وأرسل إلى لبنان قوات دولية لحماية لبنان عندما يقرّر إستثمار مياه الحاصباني يعني ذلك بأن روسيا وأميركا وفرنسا وإنكلترا ونحن نتكلّم عن الدول الكبيرة موافقون، عندئذٍ تستطيع ان تستثمر ونستطيع ان نستثمر مياه الحاصباني بكل طمأنينة، وإلا أحسن بألاّ نفعل هذا الشيء لأن النهار الذي نريد فيه ان نضرب اول ضربة معول لتحويل مياه الحاصباني، يأتي الجيش الإسرائيلي ويعمل لنا مشكلة"، ونحن حسب العادة ابتداءاً من سنة الـ 42 نتراجع ونسكت ونبكي لأن حيط المبكى انتقل من اورشليم الى الدول العربية، فبكلّ اسف نحن نبكي وهناك بكاء يؤثّر ولكن هناك ايضاً بكاء لا يؤثّر. إذن ذهبت وقابلت الرئيس حلو فقال: "غير ممكن لأنني لم استلم الحكم بعد". وبعد ان استلم ذهبت وقابلته وحدّثته بهذا الموضوع فقال: "غير ممكن". فقلت له: "يا فخامة الرئيس انا انصحك بذلك". النتيجة في حزيران 1965 وأقول هذا التاريخ بكل تحفّظ لأنه من عدّة سنوات مرّت، أعرف بأن المير مجيد ذهب إلى المجيدية وكانت تلقّب في ذلك الوقت بالخرواعة، يا ليتها ظلّت على لقبها الأول لأنه كان أصحّ. أنا صوّتت من أجل المير مجيد على تبديل الإسم فهي اليوم تسمّى المجيدية. ذهب المير مجيد الى الخرواعة كما كانت تسمّى في ذلك الوقت، وأخذ اركيلته وصعد الى السطح وكان ذلك في النهار الذي كانت ستبدأ فيه اعمال تحويل النهر وكانت القيادة الموحّدة للدفاع المشترك اتّخذت التدابير ورأوا اين سيضعون المدافع والعسكر المختصّ بهم. إذن ذهب المير مجيد حتى يشرف على عمليات تحويل الحاصباني. وبينما هو جالس على الساحة يشرب الأركيلة تأتي طائرة إسرائيلية تضرب، وهي كانت. يعني الشيء الذي قلته بكل تواضع قبل تسعة أشهر حصل لأن الإنسان لا يستطيع ان يهرب من المنطق ولا يوجد سوى العرب الذين يريدون ان يمشوا على اساس العاطفة، العاطفة بالغراميات تجوز ولكن بالأمور العسكرية لا تجوز ومع إسرائيل لا توجد عاطفة. وذهبنا في اليوم التالي ورأيناه لرئيس الجمهورية ببعض التواضع انه: " ماذا يا فخامة الرئيس أخبرونا بأنه (علم اللّه) المير مجيد هرب من هناك هريبة وخسر عجلين ثلاثة (شابين أو ثلاثة من الدروز) وصار الذي صار، الم أقل لك بأن هؤلاء اليهود قضية الماء عندهم مهمّة وإذا كنت تريد ان تحوّل المياه فكأنك تضرب الرصاص أو كأنك بعثت طائرة الى تل أبيب". ومنذ ذلك الوقت يعني من حزيران 65 لم نعد نبحث في قضية تحويل مياه الأردن وروافد الأردن. ورغم خطب عبد الناصر ورغم عنتريات إخواننا السوريين لم يحصل شيء لماذا؟ لأنه نحن الدول العربية تحكي وتهدّد بالكلام، يا سيدي العرب مشكلتهم بانهم يظلّوا يغنون يا ليل، لا توجد دولة لا يوجد شعب في العالم يغني يا ليل مثل العرب، يا ليل يا ليل. حسناً انا اعذر العرب لأنهم يسكنون بلاداً حارّة، يجوز انهم من أجل هذا يغنّون يا ليل لأنه يبرد الطقس ويفرحون بهذا الطقس البارد، ولكن مع اليهود لا تستطيع ان تغني يا ليل. هؤلاء ليسوا يهود وادي ابو جميل ولا يهود من الأحياء في الشام او اليمن، هؤلاء يهود انتظروا هذه الساعة منذ الفين سنة وانتصروا وماتوا وضحوا وحاربوا ويمكن كذلك ان دمهم اختلط فليس دمهم يهودي فقط، فمن الممكن ان يكون دمهم تشيكوسلوفاكي-بولوني- الماني، إذن ليس هناك مكان للعاطفة إنما هناك شيء يدعى جدّي فقلنا له: "أطلب قوات دولية". فقال: "لا يجوز هذا". جئنا وافتكرنا بأن طربوش المير مجيد وأركيلته وشارباه يخوّفون اليهود، هذا الشيء لم يحدث. في النهاية، كما قدّرت جاء اليهود وضربوا ضربتين وهي كانت، ومنذ ذلك الوقت لم نعد نجيب سيرة تحويل روافد الأردن. نعود الى موضوع جونستون قلنا للسيد يا سيدي انت تأخذ المياه دون ان تعطينا شيئاً. كما قلت بأن مهندسين عرب درسوا ورأوا بان في إمكان بناء سدّ على الحاصباني وتوزبع المياه لأننا نحن في حاجة الى مياه وزايد عن مقطوعيتنا لأن الجنوب بحاجة الى مياه الشفة الى مياه الريّ، الزائد يذهب في الحولة. وطبعاً انا صوّتت ضد مشروع جونستون وهذا المشروع على ما أظن تحقّق في اليرموك في الأردن حصلوا على مساعدات أميركية ولكن لم يتحقّق بما خصّ بانياس ولم يتحقّق بما خصّ الحاصباني.

(01:58:02)
مبدأ ايزنهاور وموافقة ريمون إده على هذا المشروع

خمس دقائق

نعود الى قضية مبدأ ايزنهاور، في ذلك الوقت كان شارل مالك وزير الخارجية، وشارل مالك يفهم بعقلية الأميركان، وكان في يومٍ ما قد قال ان هناك مبدأ أيزنهاور وهذا المبدأ لمحاربة الشيوعية الدولية وكان يظلّ يتكلّم فيقول: في الغرفة 107 في الكرملين تنتج كل الأفكار الشيوعية الدولية. يوماً ما يأتي على لجنة الخارجية مع مشروع جونستون وقال لي: "نحن هل بلاد الفقيرة نحن بحاجة الى مساعدة اميركا ونحن ساعدنا اميركا بالمغتربين ونحن ساهمنا بانتصار اميركا. فقلت له: "من كلّ بدّ فأنا ليس عندي مانع"، كذلك كان هنالك طيارون مشهورون جيمس جبارة وقد قتل، يعني حقيقة ساهمنا. إذن حصل عدّة اجتماعات في اللّجنة الخارجية واستعرضنا الفوائد التي من الممكن ان نستفيد من مشروع أيزنهاور. أنا طبعاً ضدّ الشيوعية لأني أعتبر ان الشيوعية ضدّ طبيعة الإنسان. فطبيعة الإنسان لا يمكنها ان تتفق مع الشيوعية، وخاصة الإنسان العربي الشرقي، غير ممكن. وكما قلت لك ان العرب يحبون ان يغنّوا يا ليل يا ليل والشيوعية لا تفهم ذلك وتعتبره إضاعة للوقت.

إذن إبتداءاً من يا ليل، لا توجد إمكانية إتّفاق بين الشيوعية والإنسان الشرقي والعربي. إذن انا قلت له: "من المساعدات انا أريد - كنا هنا قد أصبحنا في سنة الـ 55 او 56 - مئة آلة لحفر الآبار". في ذلك الوقت لم يكن يوجد آلات لحفر الآبار، صار في آلات تنزل الآلة 150 متر لم تكن موجودة في ذلك الوقت. فقلت له: "أنا أريد مئة آلة وأريد مئة تراكتور ضخم، وصار فيما بعد المشروع الأخضر وكان عمق تفكيري بالمشروع الأخضر. مئة دبابة من اجل تحسين الأراضي وأريد سفينتين مبرّدتين لنقل الفاكهة وخاصّة التفاح، لأن مشكلة التفاح ابتدأت منذ ذلك الحين رغم انها ابتدأت ايام آدم وحواء لكننا لا نريد ان نفهم ما هي مشكلة التفاح. كان يجب علينا نحن قبل غيرنا ان نعرف بانه ماذا سنفعل بزرع التفاحة طالما انه بسبب تلك التفاحة خربت العالم يعني كان مفروضاً علينا ان نعرف قبل غيرنا ولكننا زرعنا تفاح رغم المشكلة التي ابتدأت مع آدم وحواء. إذن قلت له: "أريد سفينتان مبرّدتان لنقل التفاح إلى افريقيا". يأتي شارل مالك ويقول لي: "يا استاذ ريمون، أنت لا تعرف أميركا فماذا تطلب منها عندما تطلب مئة مكنة لحفر الآبار ومئة جرّافة وسفينتين، شو اثنين ومئة ومئة، يا سيدي خلّيها مفتوحة". فقلت له: "انت ماذا لك عليّ، انا اريد مئة ومئة واثنين ولا اريد غير شيء". فقال: "لا يجوز تحسبها هكذا". فقلت له: "يا سيدي انت اعطيني هذه وبعد ذلك كل ما تستطيع ان تبعثه لي من اميركا، لن اقول لا، ولكن امّن لي هذه". فقال: "كلا لن أؤمنها لك فانت لا تعرف أميركا، انا أعرف أميركا".

هذا كان حديث اللّجنة الخارجية، فإذا كان صبري حمادة ما حرق المحاضر تكون موجودة في مجلس النواب، ولكن مع صبري حمادة لا توجد محاضر في مجلس النواب وهذا شيء مؤسف. لا توجد محاضر، غداً ترين إذا كنت تريدين ان تذهبي إلى المجلس واسألي صبري حمادة أين محاضر مجلس النواب إبتداءاً من رئاستك الكريمة؟ لا يوجد شيء. ماذا فعل بالأوراق؟ لا أعلم، باعها؟ حرقها؟ لا أعلم. النتيجة على كل حال خيرية بأن هذه الآلة موجودة معك حتى أخبرك ماذا فعل شارل مالك فإني لا زلت أذكرها وأذكر له تلك القصص. إذن على أساس ان تلك الخيرات ستأتي من أميركا.

(02:03:02)
الضجّة في المجلس النيابي على مشروع أيزنهاور واستقالة عدد من النواب وانتخابات سنة الـ57

ثلاث دقائق وثلاثون ثانية

كنت انا قد وافقت على مشروع أيزنهاور وأذكر في ذلك الوقت لا أعلم إذا ذكرت هذا سابقاً بأني قد طلبت من شارل مالك مئة آلة لحفر الآبار الأرتوازية لأنه لم يكن يوجد منهم وطلبت مئة جرافة من الضخم مثلما موجود الآن في المشروع الأخضر وطلبت سفينتين مبرّدتين لنقل الفواكه. وقد قال شارل مالك انت لا تعرف اميركا شو مئة ومئة واثنين، نحن نطلب وسترى ماذا ستبعث اميركا. عندما رأيت شارل مالك وهو ليس مين ما كان فإني لا استطيع ان اكذّبه وهو يعرف الأميركيين أكثر مني وهو المفروض فيه ان يكون مطّلعاً على امور واستعدادات اميركا. فقلت له: "إذا كان الأمر كذلك فأنا أوافق لأني انا ضدّ الشيوعية ومبدأ أيزنهاور ضدّ الشيوعية ومقابل هذا الشيء ستأتينا آلات نحن في حاجة لها وعلى أساس فينيقيا، وافقنا على هذه الشروط. بعد ذلك طبعاً حدثت ضجّة في المجلس وهناك قسم من زملائنا المحمّديين لم يوافقوا على مبدأ أيزنهاور واستقالوا. أحمد بك الأسعد وصائب سلام وكثيرون هم الذين استقالوا. وغير ذلك ثم كان موعد انتخابات، طبعاً الإنتخابات جرت على اساس قضية أيزنهاور لأنها كانت المشكلة الكبرى وفي ذلك الوقت حدث تدخّل لم يكن من الجيش ولكن كان من الأمن العام ومن الدرك.

إذن حدثت انتخابات الـ 57 وسقط عدّة أشخاص في الإنتخابات، كمال جنبلاط وصائب سلام وطبعاً هؤلاء الزعماء بعدما سقطوا تكتّلوا ضدّ كميل شمعون واتّهموا كميل شمعون بأنه سقّطهم في الإنتخابات حتى يؤمّن التجديد ومن الجهة الثانية كان هناك فؤاد شهاب جالس حسب عادته في غرفته وهو يراقب الأمور من الشباك. وفؤاد شهاب مرّة كان قال لي:"انا اذا كنت اريد ان استعمل الجيش - ففي ايام بشارة الخوري طلب منه هذا الأخير استعمال الجيش - فقال الجيش هذا وُجد للدفاع عن الوطن وللشعب اللبناني".

(02:06:32)
محاولة التّجديد لرئاسة كميل شمعون

دقيقتان واثنتا عشرة ثانية

وقد قال لي مرة فؤاد شهاب، وكان ذلك اثناء حوادث الـ 58 :"قال لي كميل شمعون بدّه اني استعمل الجيش لمصلحته، فإذا كان يريد ان يستعمل الجيش لمصلحة شخص فليفكر فيّ انا لأني أولى من غيري بإستخدام الجيش لمصلحة فرد".إذن هذا الشيء كان قد وضعه فؤاد شهاب في فكره بأنه سيأتي يوم عن طريق الجيش يصبح فيه رئيساً للجمهورية هو بصفته قائداً للجيش أو أباً لهذا الجيش النبيل. عندما قرّبنا من نهاية ولاية كميل شمعون، طبعاً أخذت الصحف تكتب بان كميل شمعون يريد ان يجدّد وتجديد كميل شمعون يعني إبعاد هذه الجماعة التي لم تنجح في الإنتخابات، وطبعاً وفي نفس الوقت كان هناك جوّ خارجي وهو جوّ الجمهورية العربية المتّحدة بين مصر وسوريا، وحسب التقاليد من قديم وجاي كلما قويت سوريا تقول: "لماذا يبقى لبنان هذا لوحده فلنضع يدنا عليه في نعومية او في خشونة". النتيجة سوريا لم تهضم فكرة الجمهورية اللبنانية، ومن الممكن انها لا تزال تحنّ الى الأربعة أقضية يعني سهل البقاع، وقضية سهل البقاع هي ان الجنرال غورو بيد واحدة ضمّ الأربعة أقضية عندما أعلن سنة الـ20 لبنان الكبير.

(02:08:44)
الإشكال في زغرتا بين آل الدويهي وآل فرنجية

دقيقة وسبعة وعشرون ثانية

إذن ضغط خارجي من جهة وحسب العادة عندما يكون اللبناني ناقماً على شيء يمدّ يده الى الخارج حتى يحصل على نتيجة. حصلت الحفلة الزغرتاوية بيت الدويهي الذين قوّسوا على بعضهم بالرصاص مع بيت فرنجية واتّهموا الراهب الذي اصبح اليوم نائباً وانّهم أطلقوا النار في الكنيسة واتهموا كذلك سليمان فرنجية وقالوا بان هناك مطارنة قد رأوه، وبعد ذلك لم يره أحد ووقت المحاكمة لم يرَ احدهم الآخر ولكن أثناء إطلاق النار كلّهم رأوا بعضهم لأنهم يعرفون بعضهم ويعيشون في نفس الضيعة فكيف لا يعرفون بعضهم البعض؟ بعضهم قال بأنهم رأوا سليمان فرنجية في قلب الكنيسة حاملاً مسدّساً ويحاول ان يطال دويهي وقالوا كذلك بأن الأب دويهي سحب فرده وبدّه يطال سليمان فرنجية، وكان في دفن وكان هناك عدة مطارنة، ورأى المطران عزمي رأى كل شيء ثم لم يعد ير شيئاً. وفي هذه الأثناء هرب رينيه معوّض وسليمان فرنجية والتجأوا إلى سوريا والتجأوا إلى مصر.

(02:10:11)
ثورة الـ58 بين كمال جنبلاط وصائب سلام من جهة وكميل شمعون من الجهة الأخرى

خمس دقائق وثماني ثوانٍ

هنا قال كمال جنبلاط: "أنا لست حبّتين (علم الله) لينجّحني كميل شمعون وهو من دير القمر ويسقّطني بالإنتخابات، أنا ابن المختارة لا اقبل". طرح الصوت فعلقت. علقت الثورة ضرب من هنا وضرب من هناك هذه كانت الثورة. والآن إذا كنا سنتكلّم عن الثورة فأنا أعتبر بأننا نشرشح كلمة ثورة عندما نطبّقها على حوادث الـ 58 ، لأن الثورة ليست ثورة مثل كل الثورات. الثورة البلشيفيكية او ثورة 14 تموز في فرنسا، ثورة يعني هون مثل كل شيء يقوم به اللبنانيون يقومون بثورة على ذوقهم، يعني لا تقتلني كثير لا توجّعني كثير فإنهم مثل هؤلاء المصارعين المحترفين، يتّفقون مع بعضهم من سيربح. فالجمهور كان مجدوباً إلا الذين يعرفون الطبيقة فيأخذون بالتحمّس فهذا يضع رأس الآخر تحت فخذه ويجلس عليه ويصرخ الجمهور وكل هذا الشيء مُتّفق عليه سلفاً. وأثناء هذه الثورة كان هناك اتفاق بين فؤاد شهاب وجيشه وبين البسطة الفوقة والتحتة بقيادة مصباح سلام. وكان معروفاً بأن انتوا يا بسطة بتقوّسوا على الجيش او نحو الجيش من الساعة الثالثة حتى الساعة الرابعة، ومن الرابعة حتى الخامسة الجيش يرمي الرصاص ولكن شرط ان لا يصيب وذلك في الفلاء. أنا لست أمزح بهذا الشيء وارى بأن المسألة ليست جديّة ولكن المعركة كانت هنا، كميل شمعون ظلّ محبوساً في بيته شهرين وانا كنت أذهب وأراه ولكن الذي يذهب ليراه كان معرّضاً بأن يصاب برصاصة من البيوت المجاورة قبل ان يفتحوا البولفار الجديد الذي أسموه بولفار فؤاد شهاب. على كلّ حال من بولفار فؤاد شهاب أو البيوت التي كانت مكان بولفار فؤاد شهاب كان يطلق الرصاص على بيت كميل شمعون بالقنطاري. ففي إحدى المرات ذهبت لأراه. أين الرئيس؟ فقالوا: "في التتخيتة". ماذا هناك في التتخيتة؟ فقالوا يرمي الرصاص. فقلت: "يضرب الرصاص في التتخيتة"؟ قال: "نعم". فطلعنا الى التتخيتة ورأينا كميل شمعون يحمل بندقية ورأينا عادل حمدان وابنه وغيرهم. وضعت رأسي حتى ارى من خلال الشباك فسحبوني وقالوا: لا، كيف تضع رأسك فإنهم لا يزالون يضربون الرصاص علينا. فقلت: "من الممكن بأنهم إذا رأوا رأسي انا وأنا لم أدخل في المعركة فلا يطلقون عليّ النار". فقالوا: "يا سيدي هم لا يرون شيئاً فكلما أطلّ رأس من هذا الشباك يطلقون عليه النار". في النهاية نزلنا من التتخيتة وكدت اقع. فقلت للرئيس: "ما القصة"؟ فقال: "إنهم يطلقون علينا النار". فقلت: "ولكن يا سيدي انت رئيس جمهورية طيّب اين الجيش"؟ فقال: "إننا نقول لفؤاد شهاب إبعث لنا قوّة، فيقول إنه لا يستطيع ان يبعث قوة، فهو يستعمل القوة للمحافظة على الأمن". فقلت له: "حسناً ولكن اين الحرس الجمهوري"؟ فقال: "ها هو الحرس الجمهوري إنه موجود في الحديقة". طلّينا من الشرفة على الجهة الثانية حيث لا يوجد خطر من جهة مار الياس، فرأينا الحرس والدرك وهم آخذين متاريس، وفي ذلك الوقت كان الدرك في قيادة سيمون زوين الذي كان مع كميل شمعون والجيش مع فؤاد شهاب. وهذا كان الوضع. استمرّت الحفلة التي يسمونها الثورة فيما بعد شهرين وليس هناك شكّ بأنها كانت تأتي بعض الأسلحة من سوريا مثل اليوم يعني لم يتغيّر شيء كأنه كل عشر سنوات او خمسة عشر سنة هناك حفلة إطلاق رصاص او ثورة. هناك شيء منظّم يعني مثلما تأتي اليوم صواريخ ولكن مع الفرق ان جنسية الأسلحة فالموضة اليوم تقوم على بنادق روسية كلاشنكوف وهناك مدافع فالبارحة قال لي حبيب مطران الوزير بأنه قد دخل الى لبنان حوالي عشرون مدفعاً ولكن هذه المدافع لا يحقّ لها الدخول عن طريق المصنع، فعمل لها الفدائيون والجيش طريقاًً وذلك بموجب اتفاق القاهرة،صوب راشيا، فدخل عشرون مدفعاً (لأن اليهود يصعّبون كثيراً فلقد وضعوا خطاً مكهرباً فلم يعد باستطاعة الفدائيين المرور بسهولة) فوضعوا المدافع والمدفع يصل إلى خمسة عشر كلم مدفع 120 روسي سيضربون الرصاص على الكيبوتس.

(02:15:19)
تدخّل سوريا في ثورة ال 58 ضدّ كميل شمعون ومساعدة الحزب السوري القومي الإجتماعي له

أربع دقائق وستّة وثلاثون ثانية

لنرجع إلى ثورة الـ 58 ، جاءت الأسلحة من سوريا وجاءت خصيصاً لكمال جنبلاط ونظّم كمال جنبلاط نفسه على المضبوط: أطباء ومستشفى وراح له عدّة قتلى لأن هؤلاء الذين أتوا من جبل الدروز انجبر الجيش ان يطلق عليهم الرصاص. في الواقع كان الجيش يستعين في ذلك الوقت بالحزب القومي السوري ضد الشيوعية وعوض ان يعركها الجيش رأساً مع جماعة كمال جنبلاط الدروز الذين جاؤوا والثوار، استثمر القوميين وبعد ذلك تعلمون ماذا حصل للقوميين واليوم يستثمر الكتائب، الله يستر الكتائب حتى لا ينتهون مثلما انتهى الحزب القومي السوري.

في ذلك الوقت حدثت معارك عديدة وأنا كنت في إحدى المرات في وزارة الدفاع لأني كنت عضواً في لجنة الدفاع البرلمانية وبهذه الصفة ذهبت الى وزارة الدفاع وكنت أذهب وأرى القيادة وأرى بأن الأوامر، أوامر الجيش، تعطى ليس لفرق الجيش بل تعطى لفرق القوميين، بأن قولوا لفلان الفلاني بأن ينتقل على قبرشمون مثلاً لأن هناك جاءت معلومات بأنهم سيحتلّون المطار.إذن الأوامر التي كانت تصدر على كل حال التي صدرت أمامي لم تكن تصدر لفرق الجيش لأن الجيش كان قد خلّوه لوقت الحشرة حسب العادة، ومتى تأتي الحشرة لا أحد يعلم. كانوا يستعملون الحزب القومي. في بعض الأحيان وأثناء تواجدي هناك، كنت أرى شخصاً يمشي خليفاني حتى اني افتكرته من أصل ياباني، وفيما بعد ينحني كل ما امرق ولا يكلمني ويريد ان يرى اناساً منهم عبد القادر شهاب وشميط. "طيّب فلينتظرنا هذا فهو يظلّ يزيحنا". فيما بعد عندما دخلت الحكم في الحكومة الرباعية الأولى لفؤاد شهاب وأصبحت وزيراً ذهبنا في تشرين الى اليسوعية، قدّاس اليسوعية بمناسبة فتح المعاهد، معهد الحقوق فهم يعملون قداساً احتفالياً. وبعد القداس يذهبون ويشربون قدح شمبانيا. رأيت احدهم يلبس طقم بروفسور، طقم استاذ أحمر وأبيض، فرأيته ينحني ويرجع خليفاني فقلت له: "نحن نعرف بعضنا"؟ فقال:" نعم". فقلت له: "هل تستطيع ان تذكّرني اين"؟ فقال: "يا معالي الوزير كنت التقي انا ومعاليك في وزارة الدفاع". فقلت له: "آه انت الذي كنت تظلّ في الزواريب"؟ فقال: "نعم". فقلت له: "كنت أظنّك جاسوساً فأنا قد ظننتك مخبراً". فقال: "لا، أنا كنت آتي بالأخبار من زغرتا لأني من قرابة حميد فرنجية". فقلت: "حسناً إذا كنت مخبراً فكيف تلبس هكذا"؟ فقال: "نعم ولكن انا استاذ هنا في الحقوق". ومن كان هذا الشخص؟ بترو ديب. وكان استاذاً ولكن هناك كان يمثّل حميد فرنجية وجماعة زغرتا وكان يريد ان يأخذ أخباراً وكان في الثورة. إذن كان شيء مرتب سلف بأنك انت تعمل كذا وأنت تعمل كذا وذهب ضحيّة الفا قتيل لأننا دفعنا حقّهم فيما بعد على اساس سبعة آلاف ليرة، وحتى الآن البارحة كان هناك مشروع بمئتي الف ليرة من اجل فدية وكثيرون هم الذين لم يذهبوا برسم الثورة، فهذا مختلف مع الثاني بالهرمل وبدل ان يدفع فلوس حتى يرفع دعوى عليه، يضربه بالرصاص ويضع اللّوم على عاتق الثورة، وقتل الكثيرون بهذه الطريقة.

(02:19:55)
تدخّل الأسطول السّادس بطلب من كميل شمعون بحجّة وجود تيّار شيوعي

أربع دقائق وتسعة وثلاثون ثانية

ظلت الحالة هكذا وقرّبنا من النهاية يعني لموعد انتخاب رئيس الجمهورية. طبعاً الحملة كانت تزيد، أخذت الناس تتكاثر وتأتي من سورية، الإذاعة، انقسم المحمّديون وهناك اناس لم يعودوا يريدون لبنان. عدنان الحكيم بعث ببرقية الى عبدالناصر ولا اعلم ما هي المناسبة وقال له:"آمل ان يصبح لبنان النجمة الثالثة ببيرق الجمهورية العربية المتّحدة" يعني مصر وسوريا ممثّلتين بنجمتين. عدنان أفندي هذا ما كان يتمناه. إذن هناك اناس لم يعودوا يريدون لبنان.

عندما زاد الخطر يأتي كميل شمعون ويبعث ورا سفير اميركا ويقول له: "لم يعد في استطاعتنا ان نهدّىء الحالة، نريد الأسطول السادس تنفيذاً لمبدأ ايزنهاور". وأثبت له بأن هناك تيّار شيوعي وتحت هذه المظاهر في الواقع هناك خطة شيوعية، خطة مرسومة من قبل الشيوعية الدولية حتى يطيّروا النظام اللبناني ويطيّروا لبنان.في ذلك الوقت طبعاً عمل واجباته وبلّغ الحكومة ولكن بدون جدوى. يوماً ما نسمع بان الثورة علقت في العراق وقتلوا فيصل وكان ذلك في 14 تموز. وإذ بعد الظهر يقولون لنا لقد جاء اسطول له اوّل وليس له آخر، وجماعتي في الحزب كانوا في برج البراجنة وهناك على البحر وكانت ايام صيفية ورأوا الأسطول وهو آتٍ وبعد ذلك اخذ يقترب. انا حالاً ذهبت واتّصلت بالقصر فقالوا: "لقد بلّغونا الآن بان الأسطول السادس آتٍ"، فذهبت إلى وزارة الدفاع وكانت الساعة الواحدة والنصف. شو القصة؟ رأينا الشباب متحمّسين: "نحن لا نقبل. كرامتنا". مضبوط ماذا اتى يفعل الأسطول السادس حتى يتدخّل في معركة عركها اللبنانيون مع بعضهم. الخطر الأكبر هو الجيش، والجيش ما كان يتعب كثير لأن ضرب الرصاص كان منظماً مثلما قلنا من الساعة الثالثة حتى الساعة الرابعة باسم الأحياء الغربية، اربعة خمسة الجيش،وبعد ذلك لم يكن احد يضرب الرصاص. كنا نجلس بعد الظهر على ساحة السان جورج، لم يكن هناك شغل ونحن جالسون نشرب قدح، ما نسمع سوى تاك تاك وإذا الرصاصة تقع قرب القدح على الطاولة ونظلّ قاعدين لأن الناس تعوّدت، فالإنسان يعتاد على كل شيء يتعوّد على الرصاص. اوّل رصاصة تخوّف والثانية تخوّف اقل والثالثة لا تؤثّر تقريباً لأن الإنسان يكون قد اعتاد. وخيرية بأن يعتاد الإنسان وإلاّ كنا اصبحنا كلنا في العصفورية. إذن ذهبت إلى وزارة الدفاع ورأيت بأن الضباط اللبنانيين لا يقبلون ابداً "وقبل ان يُطلق الأسطول السادس الرصاص فإننا سنطلقه عليه".فقلت لهم: "حسناً ولكن انتبهوا، يعني الأسطول السادس بفتكر أقوى من الجيش اللبناني". قالوا: "نحن لا يهمّنا هناك كرامتنا". فقلت لهم: "انا معكم موافق معكم فيجب على هذا الجيش ان يضرب الرصاص مرّة على الأقلّ جديّاً عوضاً ان نطلق الرصاص في الفلاء مثلما يطلق اللبنانيون الرصاص على البجع، فلنحافظ على كرامتنا بعض الشيء".

(02:24:34)
دخول الأسطول السادس الأراضي اللبنانية ووصول سفير اميركا لمقابلة فؤاد شهاب قائد الجيش

ستُّ دقائق وستّة وثلاثون ثانية

يأتي خبر بأن سفيراً آتٍ ليقابل فؤاد شهاب القائد الأعلى للجيش. وأنا أذكر بأني كنت جالساً في غرفة توفيق سالم الذي كان رئيس الأركان وغرفته قرب غرفة فؤاد شهاب. يأتي شميط وعبد القادر شهاب وأحد الضباط وأنا المدني الوحيد، وأخذوا يتكلّمون: "ماذا نفعل"؟ طبعاً كان الجو حرجاً بعض الشيء وكنا نتساءل إذا كان الأسطول سيطلق الرصاص او لا، وإذا كان سيظلّ في البحر او سينزل، وماذا جاء يفعل؟وكنا لا نزال نتكلّم وإذ يأتي خبر وصول سفير اميركا.يدخل عند قائد الجيش، الضباط يقولون لتوفيق سالم: "يمكنك ان تدخل لأنك بصفتك رئيس الأركان، إذهب واسمع ماذا يجري وعد وأخبرنا". تردّد سالم بالدخول وبعد إلحاح الحضور يدخل ثم بعد برهة يخرج خليفاني. والظاهر بأن فؤاد شهاب طرده ويريد ان يبقى مع سفير اميركا لوحده. عاد وقال: "الجنرال قال لي إنتظر خارجا"ً. بعد عشرين دقيقة سمعنا بأن الباب قد فتح بضجّة ورأينا السفير وهو مغادر المكان. يُفتح باب الغرفة التي كنا فيها وأنا كنت في ذلك الوقت قرب الشباك لأن الطقس كان حاراً، انفتح الباب فلم اعد منظوراً في الغرفة لأن الباب غطّاني فأصبحت بين الباب والشباك. هنا دخل فؤاد شهاب ولم يرني. طبعاً، ضربوا سلام هذا ما يعرف أن يفعله العسكر. قال لهم: "جاء هذا الأميركي وأبلغني بأن الأسطول السادس قد وصل وقد قال لي بأنه آتٍ بناءاً لطلب الحكومة ولولا طلب الحكومة لم يأتِ، وحكومة شرعية، وطالما هكذا فقد جاء وبلّغني حتى نعرف ما هي التدابير التي يجب علينا ان نأخذها حتى لا يحصل احتكاك بين الجيش اللبناني وبحرية الأسطول السادس، حسناً سنرى كيف ندبّرها نستطيع ان نتكلّم مع الشباب ومنشوف كيف مندبّر الأمور، سينزلون على البحر هناك صوب خلدة. إذن هم آتون هل عندكم شيء تقولونه"؟ فقال توفيق سالم: "إن الجيش مهيّج ولن يقبل ويعتبرها إهانة، وعزيز الأحدب، وهو كان في المطار، يقول بأنه إذا نزل رجال الأسطول السادس، سيطلق عليهم النار". فقال فؤاد شهاب:" ليس عندي مانع ولكن قولوا لعزيز بأن مدفعه بهذا الحجم ومدافع الأسطول السادس بهذا الحجم، يريد ان يطلق النار فليطلق. على كلٍ انا سأذهب وأنام الآن، قبل الساعة الرابعة لا أسمح بأن يوقظني احد، وأنت يا توفيق سالم، أنت مسؤول، compris"؟ عادوا وضربوا سلام وذهب الجنرال لينام. أنا دُهشت، بأنه كيف الأسطول السادس آتٍ، جيش غريب آتٍ وقائد الجيش يذهب لينام. أنا أعرف بأن نابليون وقت أكبر معركة في بعض الأحيان كان يذهب لينام ولكن قبل ان ينام يكون قد نظّم كل شيء، وكان ينام في العربة او وهو راكب على الحصان وكان ينام على الأرض ولكنه كان ينتصر، كان يعمل معارك عسكرية وكان أشهر واحد وكان ينام ولكن بعد ان يكون قد دبّر الأمور، ولكن هذا ذهب لينام ولم يكن قد تعب ولم يرتّب شيئاً وكل ما فعله قال لتوفيق سالم بأن يقول لعزيز الأحدب، مدفعك بهذا الحجم ومدفع الأسطول السادس بذاك الحجم، يريد ان يعركها يعركها، على كل حال انا ذاهب الى صربا ولا احد يزعجني قبل الساعة الرابعة. في ذلك الوقت انا لا انسى هذا الشيء، فبعد ان احسّوا بأنه نزل، أرى توفيق سالم وكأنّ دبوراً قد قرصه، صار يفزّ* (يقفز) ويبرم* (يدور) ويقول لي بالفرنسي: "هل رأيت يا سيّد إده، هل رأيت"؟ فقال: "ما رأيك"؟ قلت: "طبعاً هذا الشيء لا يعجبني كثيراً ولكن على كل حال انا معجب بهذا القائد الأعلى الذي يذهب ويرتاح في الوقت الذي ارض الوطن محتلّة بهذه الطريقة، ليس هناك شكّ بأن هذا الشيء مستغرب ولكن في هذا البلد لم اعد أستغرب شيئاً لأن هذه البرتيتة الثانية التي قمتم بها مع الأحياء الغربية مع الثوار من الممكن بأن هناك تدابير مطمئنة اتفق على اساسها مع السفير". فقال: "حسناً شو مطمئنّ وأنا لا أعلم ما عليّ ان افعل، أطلق النار، لا أطلق النار"؟. فقلت له: "قال لك أفهم عزيز الأحدب ولا يريد ان يُفهمك بأن مدفعك بهذا الحجم ومدافع الأسطول السادس بذاك الحجم، ويعني ذلك بأن مدفعك ليس باستطاعته ان يفعل شيئاً مقابل مدفع الأسطول السادس، فالأفضل ان تذهب وتنام وتعمل مثله". فقال لي:"كيف تريدني ان انام وقد قال لي أنت خذ القيادة. وأنا سأقول لك لماذا، لأنه إذا كل شيء سار بشكل جيّد سيقولون برافو فؤاد شهاب إنه لقائد عظيم، وإذا حدث شيء يقولون الحق عليك يا توفيق سالم".

(02:31:10)
احتلال الأسطول السادس وتعيين جلسة الإنتخاب في 23 تموز

ستُّ دقائق وستّ عشرة ثانية

إذن احتلّ الأسطول السادس وقرّبنا من انتخابات رئاسة الجمهورية. في ذلك الوقت جاء مورفي والجنرال هوليداي، قابلوا رئيس الجمهورية وقابلوا فؤاد شهاب وعملوا الترتيبات للمحافظة على ارواح البحّارة حتى لا تحصل تعدّيات. وفيما بعد تقرّر بأن ينتخب في اقرب وقت رئيس الجمهورية.

تعيّنت الجلسة في 23 تموز ويوم الأحد قبل الإنتخابات ببضعة ايام، ماكينتوك كان صديقي ويقول لي: "مورفي بدّه يشمّ الهوا ويرتاح نهار الأحد، هل عندك فكرة"؟ فقلت له: "نعم انا سآخذه إلى منطقتي في جبيل-أفقا". طبعاً هنا الأميركيون لم يروا شيئاً كهذا لأن هناك عندهم شلالات نياغارا وأشياء كثيرة ولكن تاريخ، يوك ما في، إلا تاريخ الهنود وهو لا يناسبهم. فجاء معي وكتب كتاباً فيما بعد وفيه يخبر قسماً مما حصل أثناء الزيارة.

انا عندما وصلنا الى افقا أخبرت الدرك هناك بأننا جئنا نعمل زيارة انا ومورفي، حتى لا أكون مسؤولاً مهما حصل، لأنه كان يمثّل أيزنهاور. بعثوا لنا جيباً وموتوسيكلات درك في حال حصل شيء على الطريق. هناك عندي في المنطقة بيت زعيتر من جماعتنا وكلّهم كانوا هناك مسلّحين ليس بسبب الثورة ولكنّهم عايشين هناك وهذه كانت عاداتهم بالجرد. عندما وصلنا إلى أفقا يوجد هناك جسر وهناك احدهم ويدعى علي زعيتر مطلوب من العدالة، واضع خرطوش على صدره يمين وشمال وشوارب وهيئة وعندما وصلنا فرح به مورفي ونزل فقلت له: "هذا ليس له دخل بالثورة، هنا بالجنوب وفي جبيل هكذا يلبسون". ففرح به مورفي وقال: "هل أستطيع ان آخذ له صورة"؟ فقلت لعلي: "هذا الأميركي يريد ان يصوّرك". فقال: "دعه يصوّر". بعدها بقليل سمعت صفارة وأنا معتاد هناك. قلت لعلي: "هؤلاء اتباعك يظنّون بأننا جئنا لنلقي القبض عليك فهّمهم مَن نكون". فأخذ علي يصرخ: "العميد هنا العميد هنا لا تفعلوا شيئا"ً. ولكن الظاهر بأنه الصوت لم يصلهم، فرأيت حركة على التلال، فأفهمت ماكنتوك بأن هؤلاء لا يحبون الدرك وهذا الشاب مطلوب من العدلية وأنا ارى حركة، فشوف كيف بدّك بلباقة تفهّم مورفي بأنه علينا ان نترك لأنه جاء وقت الغداء في اللقلوق ونفركها بسرعة، لأني أظنّ ان هناك حفلة رصاص علينا وقدّيش حلو ان تطال مورفي شي رصاصة. فنظر ماكنتوك إلى ساعته وقال له: "يجب علينا ان نمشي حالاً لأننا تأخرنا". فقال له:"فلقد وصلنا منذ برهة". وكان يريد ان يبقى ويستمتع بالمنظر ونحن لا نستطيع ان نقول له لماذا نريد ان نذهب، في النهاية اقتنع وركب في السيارة وأجلسناه في الوسط وكنا في سيارة سفير اميركا وكنت انا اجلس على اليمين وأضع مورفي في الوسط وماكنتوك على الشمال وقلت للدرك اهربوا بسرعة. وهم لا ينتظرون سوى هذه الكلمة. ركبوا الدراجات ومع الجيب وذهبوا، ولم نكد نركب السيارة حتى نزل الرصاص علينا مثل الشتاء، انا مجبر على الضحك وتعجّب مورفي وقال: "ماذا حصل"؟ فقلت له: "هنا يوجد تقاليد، عندما علموا اهل هذه المنطقة بأنك جئت وانا جئت برفقة سفير اميركا، أخذوا يطلقون النار ابتهاجاً". ولكن الرصاص كان قريباً وكان مورفي قد دخل في الحرب وكانت الحالة خطرة فالسيارة كانت مغطاة ولكن كان الرصاص قريب. فقال: "كيف"؟ فقلت له: "حسناً ولكن إذا كان هؤلاء يطلقون الرصاص علينا كنا الآن كلنا ميتين، هؤلاء العراضة بانهم يقرّبون الرصاص من السيارة حتى يظهروا براعتهم". وكان ماكنتوك يضحك وكذلك انا ولكن الذي لم يضحك هو السائق وكان يشتم بالعربي بأنه كيف سيخلّص وهو متزوّج وعنده اولاد "يا عميد ماذا فعلت بنا"؟ وكان الرصاص نازلاً بغزارة. في النهاية بعد ثلاث او اربع تكات* (ثواني) لفّينا الكوع وأضحينا خلف تلة وتخلّصنا منهم ووصلنا الى اللقلوق وتغدّينا وحكينا القصة وماكنتوك قال له: "في الواقع هؤلاء اطلقوا علينا النار ولكن النائب لم يرد ان يقول لك ولكنهم لم يطلقوا النار عليك ولا على البيرق الأميركي،هنا لا توجد عداوة ضد اميركا، فإنهم عندما رأوا الدرك ظنوا بأننا جئنا نلقي القبض على علي زعيتر ولم يقدر علي زعيتر ان يفهمهم بأننا لم نقصد القبض عليه".

(02:37:26)
إتفاق اميركا مع عبد الناصر على تعيين فؤاد شهاب رئيساً للجمهورية

دقيقتان وسبع ثوانٍ

المهمّ تغدّينا، ونحن في طريق العودة، رأينا أناس يلحقون بنا وجاؤوا بورقة سلّموها لمورفي. قرأ مورفي البرقية وكنا قد وصلنا إلى مدخل بيروت فقال لي: "أشكرك على هذا المشوار وأريدك ان تكون أوّل لبناني يعرف الشيء الذي يهمّ مستقبل بلادك". فقلت: "خير".فقال: "إتّفقنا مع عبد الناصر على إنتخاب فؤاد شهاب رئيساً للجمهورية". فقلت: "حسناً ولكن هذا الاتفاق على الإنتخاب طريقة طريفة أظن انها تستعمل لأوّل مرّة، على كلٍ الظاهر ان الديمقراطية تليق لأميركا، اما نحن هنا Natives ليس لنا حقّ في الديمقراطية لا يحقّ لنا ممارسة الديمقراطية. ولكن طالما أنت أحببت أن تخصّصني وأكون أوّل لبناني مضطلع على أمر هامّ من هذا النوع، فأنا ايضاً اريد ان اردّ لك التحية وأريدك ان تكون أوّل أميركي يعرف بأني انا سأترشّح ضدّ فؤاد شهاب محافظة على الديمقراطية وحتى لا يقال الذي تقوله لي بأن مدافع الأسطول السادس هي التي انتخبت او عيّنت فؤاد شهاب رئيس جمهورية بالإتفاق مع الرئيس عبد الناصر".

(02:39:33)
ترشّح ريمون إدّه ضدّ فؤاد شهاب محافظةً على الديمقراطية ومشاركته في تأليف الحكومة

تسع دقائق وإحدى وخمسون ثانية

إذن قلت له: "أنت أوّل أميركي، أنت وصديقي ماكنتوك الثاني، معكما خبر بأني اوتوماتيكياً سأترشّح ضدّ فؤاد شهاب". تعجّب وقال: "لماذا لم تقل لنا هذا الشيء من قبل"؟ فقلت له: "أنا لم أفكّر قطّ بأنّكم ستأتون برجل عسكري وتنتخبوه رئيس جمهورية وهو من الممكن ان يكون غير مضطلع على هذا الموضوع ويمكن انه لا يريد". فقال: "لقد تكلّمنا معه وهو لا يريد ولكننا نعرف بأنه لا يريد ولكن بالنتيجة سيقبل". فقلت: "حسناً وأنا ايضاً لم يكن في نيّتي ذلك ولكن انا كديمقراطي لا أقبل بأن لا يجري انتخاب خاصّة وأن الأسطول السادس موجود هنا وسيظنّون في العالم بأن الأسطول السادس جاء بفؤاد شهاب وهذا ايضاً من اجلكم لا يصلح، وكذلك من أجل فؤاد شهاب هذا لا يجوز، وفي هذا البلد لا يجوز، وحسب تفكيري لا يجوز".وهكذا كان، ترشّحت ضدّ فؤاد شهاب ولم يتمكّن ان ينجح في الدورة الأولى ونجح في الدورة الثانية ومن الممكن انه من ذلك الوقت زعل مني بعض الشيء.

(02:41:32)
(هنا تابع الأستاذ إده سرد الحوادث التي حدثت بعد إنتخاب الرئيس شهاب وتأليف الوزارة الأولى التي ضمّت عدداً كبير من الوزراء اعتبرها اليمينيون انها لا تمثلهم في الحكم وبالتالي هدّد الكتائب وبقية مؤيدي عهد الرئيس شمعون بالثورة المضادّة، عندئذٍ استُدعي الأستاذ إده إلى القصر الجمهوري للمساهمة في تأليف وزارة جديدة. وهنا تابع الحديث):

إذن انا نتيجة البحث سألت كيف تريد ان تؤلّف حكومة؟ في إمكانية ان تأتي بألفرد نقاش مع الشميط وعسكر لا نريد، فيكفي ان تكون انت عسكري يا فخامة الرئيس وهناك إمكانية بأن نغيّر. فقلت له: "انا عندي حلّ، نؤلّف حكومة خماسية: إثنين من الموارنة إثنين من السنة والكوتيلي* (مسيحي يوناني كاثوليكي) فيليب تقلا" لأنها كانت قضية ذوق لأنه كان قد اتّصل فيّي وكان كوتيلي وكان وزير خارجية وأحسن وزير خارجية في هذا البلد كان كوتيلي لأن الكوتيلي يعني يوناني وكاثوليكي، يعني هكذا لا تفهم منه شيئاً طول عمرك. الحج حسين ايضاً هكذا ويوسف سالم ولكن هؤلاء الكواتلة*(الكاثوليكيون) إختصاصيون بتلك الأمور. اعطي السنيّة واقول مثلاً رشيد كرامي رئيس وزارة ويمثّل المتراس المحمّدي وأنا الآن لا احد يفزّ ولا احد ينزعج ويمكن إذا واحد يريد ان ينزعج فهو انا رغم ذلك سأظلّ أقول بأني وطني أكثر مما تظنون وأنا سآتي بممثّل المتراس الثاني بيار الجميل وبعد ذلك الحج حسين العويني لأن هذا لم يكن لا هكذا ولا هكذا، وأنا كما تعلمون كنت على الحياد لأني لست مقتنعاً لا بثورة الكرتون لأنه ذهب ضحيّتها الفا قتيل بدون فائدة ولا هذا جدّد ولا سراج افندي استولى على لبنان ومفهوم بأن كل هذا الشيء مصطنع من قام بهذا الشيء انا لست موجوداً لأكتب التاريخ والتاريخ يكتب بعد خمسين سنة بعض الحاضرين يجب ان يكونوا توفوا لأنهم يخافون لأن في ذلك الوقت كان يوجد ضرب مواس ولكن انا رجل واقعي واريد ان ارى كيف سنخلّص من هذا المأزق.

إذن إثنين من السنيين الحج حسين ورشيد كرامة، إثنين من الموارنة بيار الجميل وأنا، والكاثوليكي من اجل وزارة الخارجية. ويقول فؤاد شهاب:"غير ممكن هكذا، نحن بدزينة لم نقدر وانت بخمسة"؟ فقلت له: "السياسة يا فخامة الرئيس اتركها لي وكل شيء له علاقة بالجيش وبالمعارك وبالحرب أتركه لك ولكن هذه امور سياسية وانا اعرف من اين تشرق الشمس في بلادي إلاّ إذا لم تكن عندك ثقة بي". فقال: "كلا عندي ثقة بك". وأردف ماذا نعمل بالشيعة؟ فقلت له: "ماذا نعمل بالشيعة، الشيعة نفهمهم، على كل حال الشيعة ندبّرها مع صبري الذي يريد ان يعمل رئيس مجلس وقد كان مكانه في ذلك الوقت عادل عسيران، صبري ندبّره وأنت وعده بأننا سنعيّنه رئيس مجلس وأنا أسمح لك بان تعده عن لساني انا ككتلة وطنية بأني أصوّت معه لأننا نسينا الآن دستوري ووطني لم يعد يوجد، بل يوجد مصلحة البلاد وهذا كل شيء يريده رئاسة المجلس، رئاسة المجلس تعطيه إياها طالما عادل عسيران لم يعد يستطيع الآن بأن يأتي، فالجوّ تغيّر والشيعة يبيعونا إيّاها وبعد ذلك الروم أرثوذكس غير موجودين". يأتي فيليب تقلا ويقول: "وأنا لا أريد"، لأن فيليب تقلا لم يعتقد للحظة بأن من الممكن ان تقدر هذه الوزارة المؤلّفة من أربعة ان تنجح وتمشي. قال: "حسناً ولكن مَن سيكلّم بيار الجميل"؟ يقوم رشيد كرامي ويقول لي: "يا عميد لا يجوز كيف بيار الجميل؟ كيف سيقبل المسلمون بيار الجميل"؟ فقلت له: "لا تتكلّم عن المسلمين كيف انا ريمون إده سأقبل بيار الجميل؟ أنا قبلت لأني أريد ان أضع مصلحة بلادي فوق كل شيء فوق بيار الجميل كذلك، فأنا بيار الجميل ينرفزني رغم ذلك سآخذ حبوباً وأتحمله لأن هناك مصلحة وطنية وغير ذلك إن بيار الجميل ماذا فعل؟ لم يفعل شيئاً في الثورة. البارحة حتى ضرب ضربتين ثلاثة في بيت الكتائب ولا اعلم إذا كانوا قد قتلوا احداً، ألقوا القبض على أحد المارة وأنا لا اوافق على هذا الشيء ضربوهم ولكن مقابل ذلك قتلتم لهم واحداً من بيت فؤاد حداد". حسناً كثير منيح على كل حال أنت تمثّل المتراس المحمّدي وأنا أذكر يا رشيد بك ذهبت من شهرين وجئت بك من أين؟ من طرابلس تحت الرصاص، جئت بك عند الجنرال شهاب وهي كانت ولكنّك جئت أنت بسيارتي وكنت قد قلت لي كيف سنمرّ هناك خطر. وقلت لك لا يا سيدي انت دبّر حالك ودبّرني في طرابلس. رحت عند رشيد كرامي قاعد فوق طرابلس في حي ابي سمرا وحواجز وتوقيفات وما اشبه ذلك. فقلت له: "يا سيدي انت احميني هنا" وهو وصل بدون حماية، وكنت قد ذهبت مع أحمد الداعوق وأحمد الأحدب، أحمد الداعوق الذي كان سفيرنا في فرنسا. ذهبنا لنرى رشيد كرامي وكان جالساً مع الشباب وحالة حرب ورأيته في ذلك الوقت وقد اتّفقنا بأن نوقّف كل شيء وكان ذلك قبل انتخاب رئيس الجمهورية الذي كان في حزيران-تموزعندما جئت به وأوصلته الى جونية واختلى هو وفؤاد شهاب وافتكرت بأنه سيطلع، لأنه اتفق معي بأننا سنوقف الثورة الآن طالما كميل شمعون ليس آتٍ فلماذا نقتل بعضنا ونعملها طائفية ومسلم ومسيحي. ولكن عندما خرج من عند فؤاد شهاب رأيته متغيّراً. الظاهر ان فؤاد شهاب فهم بأنه إذا لم تستمرّ الثورة لا يطلع هو.

النتيجة قلت لرشيد كرامي: "أنا جئت بك هل تذكر من ابي سمرا تحت وابل من الرصاص ومررنا في البترون ومررنا في جبيل"؟، فهو كان يحميني هناك وأنا حميته هنا. إذن أنت كنت تمثّل المتراس وبيار الجميل يمثّل المتراس. فقال حسناً. وقال الرئيس فؤاد شهاب: "هل انت امين بأنّك تنجح"؟ وقلت له: "أنا أمين، وأنا حتّى أدلّكم بأني أنا إذا كنت أريد ان اعمل شيئاً أتحمّل المسؤولية. ما هي اصعب وزارة اليوم؟ وزارة الداخلية، هذا كان قبل ان يستلم العسكر - فوزارة الداخلية اليوم باش كاتبية إذا كنا نستطيع ان نستعمل هذا التعبير ولكن وقتها كان لا يزال الوزير وزيراً - أنا سأتحمّل وزارة الداخلية إذا كانت هناك رذالات أو ثورة أنا أتحمّل والدليل أني أنا مقتنع وأنا أعرف بلادي وأنا سأدبّرها مع المسلمين رغم أني انا لست أروق كثيراً للمسلمين بدون سبب على كل حال". النتيجة قال: "حسناً مَن سيكلّم بيار الجميل"؟ فقلت له: "أنا سأكلّمه".

(02:49:22)
تأليف وزارة رباعية في أوّل عهد فؤاد شهاب

دقيقتان وستة وثلاثون ثانية

أتّصل ببيار الجميّل وكان موجوداً في الحزب واقول له: "انا موجود هنا وجئت من السفر والحالة خطرة جداً والقوميون يريدون ان يعلّقوها من أوّل وجديد وهناك خطر بكل معنى الكلمة وأنا عندي إقتراح". وقلت: "هناك عدّة إقتراحات في الحكومة، وهناك إقتراح بأن يأتي الفرد نقّاش وتأتي انت ويأتي شميط وزير الداخلية، وهناك إقتراح بأن يأتي فلان وفلان وهناك أنحس إقتراح وهو إقتراحي أنا، حكومة مؤلّفة من أربعة وأنا موجود فيها وأنت ورشيد كرامي والحج حسين العويني، وهذا أنحس إقتراح لأني سأنوجد أنا وإياك، على كلّ حال عليك ان تختار بين تلك الثلاثة إقتراحات وعندك عشرة دقائق وأنا موجود هنا عند فخامة الرئيس وتردّ عليّ". بعد ست دقائق يجاوبني ويقول لي: "أنا وافقت على الإقتراح الثالث الذي انت فيه". فقلت له: "هل تتكلّم جديّا"ً. فقال: "أنا أتكلّم جديّاً وقل لرئيس الجمهورية". فقلت لرئيس الجمهورية: "فخامة الرئيس وافق الشيخ بيار". فقال: "فليأتِ إذن". جاء ومن جاء معه؟ جوزف شادر لأنه لا يستطيع ان يأتي دون معلّمته. إذن أتى مع جوزف شادر وهو موهوم بعض الشيء. طبعاً كانت أوّل مرّة يعمل فيها وزيراً، ولكنه ينكر الآن بأن الفضل يعود لي وأنا لا زلت على قيد الحياة ولم أخرف بعد والقضية ليست قديمة كثيراً فلقد حدثت من 12 سنة. جاء وألّفت الحكومة والشعب في ذلك الوقت سهر كل اللّيل لأن في اليوم التالي كانت ستعلق الثورة على أثر مقتل وحيد الصلح واضطرابات وصار الذي صار وعادت الحواجز والمتاريس، إذن كان الجو مكهرباً. في الساعة الثالثة عرفت بأن الإذاعة طلعت وبشّرت بأن فلان وفلان وفلان، مثل طاسة باردة أو ساخنة وقعت على الناس، فمنهم من فرح ومنهم من لم يفرح. على كلّ حال كلّهم داخوا بأنه ماذا؟ أربعة؟ هذه هي أوّل مرّة في التاريخ في تاريخ لبنان. كانوا قد خابروا صبري وعملوا البازار معه وقالوا له: "يا سيدي، ريمون إده سيصوّت لك في رئاسة المجلس". والشيعة الطائفة الشيعية؟ فقالوا: "الأرثوذكس ليسوا ممثّلين والدروز غير ممثّلين وكذلك الروم الكاثوليك، معليش الشيعة سيُمثّلون بك يا صبري بك".

(02:51:58)
ريمون إدّه وزيراً للداخلية بعد الثورة

أربع دقائق وثانيتان

جئت في اليوم التالي الساعة السادسة، نزلت بسيارتي وسرت في كلّ الأسواق لوحدي وكان الناس لم يعلموا شيئاً وبأني أصبحت وزير داخلية ذهبت في البدء إلى الأحياء المسيحية وأنا أستطيع ان امون عليهم فقلت لهم: "أريدكم أن تفتحوا وانا صرت وزيراً للداخلية"، وأخذت الإذاعة تذيع بأني قد أصبحت وزيراً للداخلية فتشجّع المسيحيون وفتحوا محلاّتهم فطلعت بسيارتي بدون بوليس بدون شيء. ذهبنا إلى البسطة وأنا أعرف بعض الناس في البسطة والذين يعرفوني من الصغار فرحوا عندما رأوا وزير داخلية شاب، يعني نسبياً شاب فخلقنا جواً نفسياً ومشي الحال، خلقنا هزّة نفسانية. بأربعة وعشرين ساعة نظفنا الجمّيزة والسور، نظّفنا البسطة، وكنت انا في الليل ادور لأنه لا يوجد بوليس، فالبوليس المسيحي يخاف من البوليس المسلم والبوليس المسلم يخاف من البوليس المسيحي والإثنين لا يمشون مع بعض، يعني حالة يرثى لها، فأضحيت انا البوليس فقلت لصائب سلام: "يا أخي، كفّ عن وضع هذه الجماعة دار من دار بيتك على الكرسي تدفع لهم مئة وخمسين ليرة ومئتي ليرة في الشهر جالسين بالبنادق فلنتخلّص من البنادق اليوم انا البارود اليوم". هناك أناس لم يصدّقوا باني ذهبت إلى البسطة في الليل وكنت ارى اناساً يحملون البنادق وكنت أنزل من سيارتي وآخذ منه بندقيته وهو نائم او أوقظه وأقول له أنا وزير الداخلية، قدّ ما ينوهم* (يخاف) كنت آخذ له بندقيته وأركب في السيارة وهو لا يزال لا يعي ما حدث. في إحدى المرات جاء جميل لحود وكان قائد مركز بيروت وكان هناك اللّواء مصباح سلام رحمة اللّه عليه وكان اللواء بالحركة، ولقد مررت وكان قد وضع لي أناس امام بيته على الرصيف مسلّحين وكانت القصة حدثت من شهر وطلّعنا وزراء وانتهت الحفلة وهم لا يزالون مسلّحين وكنت قد قلت له: "يا سيدي انا لا أريد أسلحة في شوارع بيروت، في بيته سلاح في سريره قدر ما يريد ولكن سلاح على الطريق لا اريد وأنت مسؤول عن الأمن أنت قائد بيروت". قال: "لا يوجد سلاح". في يوم من الأيام قلت له: "إنتظرني سآتي وآخذك في الساعة الحادية عشرة". جئت في الساعة الحادية عشرة وانا وزير داخلية وليس لي شيء عليه ولكنهم كانوا متّفقين بأني أستطيع ان أهتمّ بالأمور العسكرية بالإتفاق مع رشيد كرامي الذي كان وزير الدفاع، أمرّ على القيادة وآخذ جميل لحود لابساً البدلة فقال: "سنأخذ دبابات". فقلت له: "كيف ستأخذ دبابات"؟. فقال:"نريد ان نأخذ اسلحة". فقلت له: "لن نأخذ أسلحة بل ستركب معي بالسيارة وأنت سترى". فأخذته إلى البسطة أمام بيت مصباح سلام لأن هناك كان يوجد خمسة او ستة مجتمعين بأسلحتهم. أوقفت السيارة ونزلت وتكلّمت مع الشباب: "ماذا تفعلون هنا؟ أنا ريمون إده وزير الداخلية وهذا الشيء قد قلت لكم بأني لا أريده، أو أن تدخلوا أو أقوم بالمشاكل". فقالوا:"أمرك لا تزعل يا معالي الوزير أمرك".ودخلوا. عدت فرأيت جميل لحود يتصبّب عرقاً وهو يفتح النافذة فقلت له: "ما القصة"؟ فقال: "يا سيدي هذا الشيء غير ممكن غير ممكن وهذا ضدّ القوانين العسكرية". فقلت له: "يا أخي انا لست عسكرياً ما هي القوانين العسكرية"؟ فقال: "عندما يكون هناك اناس مسلحون لا يستطيع ان يأتي الواحد بدون سلاح". فقلت له: "عسكرياً معك حق ولكن انا رجل مدني وأنا لا أريد ان أقتل احداً انا جئت لأفهمهم بأني وزير داخلية ولا أقبل أناساً مسلّحين في الطرقات وأحببت أن أريك أنت بعينك لأنك أنت بتقريرك تقول بأنه لا يوجد شيء فأحببت ان أريك بأن هناك شيء ومن الآن وصاعداً إذا كنت تريد ان تأتي بدبابة او بجيش او بشيء آخر أنت حرّ ولكن الآن أحببت أن أريك بأن إطلاق النار على الناس ليس شغلي". فعلى كل حال بدون سلاح دخلوا إلى بيت اللواء مصباح وقلت لهم: "أفهموا اللواء مصباح بأني انا ريمون إده وزير داخلية اليوم، هذه المظاهرات البايخة هذه لا أريدها بعد الآن وانتهت حفلة الثورة".إذن هذه هي اخبارنا بما خصّ كيف أصبح الرئيس وكيف ابتدأنا بمبدأ ايزنهاور وكيف جاء الأميركيون على أثر مقتل فيصل كيف ابتدأت الثورة أو كيف انتهت الثورة وكيف انتُخب فؤاد شهاب وكيف وكيف ترشّحت ضدّ فؤاد شهاب وكيف ألّف الحكومة الأولى ولم تنجح وكيف ألّفنا الحكومة الرباعيّة وكانت ناجحة.

(02:56:50)
تنظيم الدولة والمراسيم الإشتراعية

عشرون دقيقة واثنتان وعشرون ثانية

استمرّت الحالة وفكّرنا طبعاً بالأمور الداخلية وقلت للرئيس شهاب بأننا خارجين من ثورة وعهد جديد يجب علينا كذلك بأن ننظّم الدولة والطريقة الوحيدة بأن نلجأ إلى المراسيم الإشتراعية. فقال: "كيف؟ وما معنى المراسيم الشرعية"؟ فقلت له: "يعني نحن نطلب من المجلس بان يعطينا الصلاحيات لوضع قوانين في الأمور التي نتّفق عليها وعندئذٍ نستطيع ان نشترع كما نريد". فقال: "هل أنت أكيد بأنك تستطيع هكذا وبدون مجلس ان تشترع"؟ فقلت له: "نعم وهذه يسمونها مراسيم إشتراعية. فوالدي سنة الـ 29 نظّم الدولة اللبنانية عن طريق المراسيم الإشتراعية وهذه الأمور انتم العسكريون لا تعرفونها وإذا كنت تريد أن تعيّنني رئيس لجنة فإني أعمل لك لجنة ونتّفق على المراسيم الإشتراعية، يعني الخدمة المدنية". ديوان المحاسبة كان موجوداً ولكنه لم يكن مجهّزاً كما يجب كانت هناك عدة مصالح نريد ان نخلقها. فرح فؤاد شهاب بأننا سنستطيع نحن مجلس الوزراء ان نجتمع ونأتي بإختصاصيين دون ان نرهق أنفسنا بأنه ماذا يريد دندش أفندي او ماذا يريد فلان افندي بالمجلس ونأخذ رأيه ونصوّت. وأخذنا مهلة تقريباً ستة أشهر حتى حزيران ومشينا بالمراسيم الإشتراعية. أنا جبت خبير من فرنسا وإختصاصي لأنه كان يشتغل في مراكش وفي الغرب ويعلم التنظيمات ورأينا مع الخبراء اللبنانيين كذلك، فأخذ كل واحد من الموظّفين يفتح جارور كل المشاريع التي كانت موجودة وكانت مستّفة* (مُكوّمة) من عدّة سنوات.

طبعاً انا اهتممت بمشاريعي انا، وهنا المشكلة الكبرى لأني انا كوزير داخلية كان عندي أربع وزارات: البرق والبريد والشؤون الإجتماعية والخ، وكنت اهتمّ خاصة بوزارة الداخلية وبمراسيم. وفي ذلك الوقت كان قد عيّن قبل ان أجيء في الوزارة ضباط بالأمن العام وبالدرك وبقوّات الأمن وأنا كنت ضدّ تدخّل الجيش في الأمور المدنية وعملنا قوانين بالمراسيم الإشتراعية يسمح فيها بتعيين ضباط في الأمن العام وفي البوليس كمدير بوليس وكقائد للدرك ولكن كان الإتّفاق بيني وبين فؤاد شهاب بأن هذا الشيء مؤقّت لسبب اننا طالعين من ثورة وليست هناك أهمية وهيبة إلاّ للجيش لأن البوليس انهار والدرك انهار وقاموا بكل شيء من اجل ان ينهار. فقلت له: "عظيم انا امشي معك ولكن على ان يكون هذا الشيء مؤقّت". فقال: "نعم مؤقت". مضيت تلك المراسيم الإشتراعية ونُشرت بعد حزيران، وفي أيامي توفي نائب منطقة جزّين فريد كوزما وحدثت إنتخابات في ذلك الوقت لم يتدخّل الجيش.

وفيما بعد يوماً ما وأنا جالس في مجلس الوزراء وقد نسيت ان اقول انه في شباط في ذلك الوقت يوماً ما وبينما كنت نائماً بعد الظهر لأن الطبيب كان اشار عليّ بالنوم بعد الظهر. كنت نائماً وقلت للسائق أن يأخذ فرصة وكان نهار أحد فيطلبني بالهاتف نهاد أرسلان أخ المير مجيد وقال لي: "يظهر انك نايم يا عميد". فقلت: "نعم. ما بك يا نهاد"؟ فقال: "علقت الثورة وأنت نايم"؟ فقلت: "أين علقت الثورة"؟ فقال: "هنا أنا أكلّمك من على السور وهي علقانة وهم حرقوا القطارات وقامت ثورة لها أوّل وليس لها آخر". وفي ذلك اليوم أظن انه كان يوم سبت، وماكنتوك الذي كان مع مورفي جاء بـ"باليه" من سان فرنسيسكو وهو عامل حفلة وعازم كل السلك الدبلوماسي، أظن في الكابيتول، وأظن أيضاً بأنه كان نهار سبت، وحتى نظهر بانها عادت الحالة إلى طبيعتها في لبنان وهناك الباليه وكان هذا الشيء مهماً وكانوا سيخربون لي القصّة وكان ذلك على الأرجح الأحد مساءاً. فقلت لنهاد ارسلان: "من اين انت تكلّمني"؟ فقال: "يا معالي الوزير مضبوط حرقوا قطارين هنا". فقلت: "لماذا حرقوهم"؟ فقال: "لا أعلم ولكنّهم أخبروني بان قطاراً كان آتٍ من البسطة وصل إلى الجمّيزه ومكتوب عليه شتيمة لكميل شمعون، وصل القطار الى الجمّيزة وهو عائد كتبوا نفس الشتيمة لعبد الناصر، وصل القطار إلى البسطة حاملاً الشتيمة لعبد الناصر، فهاجت البسطة". وفي الأحياء المسيحية نهار الأحد بعد الظهر لا يوجد احد. فالناس أو في الجبل أو ذهبوا إلى سبق الخيل.

إذن يأتي نهاد أرسلان فقلت له: "نهاد أفهمهم بأني وزير الداخلية". فقام نهاد ارسلان وقال: "يا شباب وسّعوا جاء وزير الداخلية". جئت انا وكنت أسوق ونزلت من سيارتي ووصلت إلى القطارات التي يحرقونها وكنت أرى الأولاد فرحين برؤية القطارات المحروقة. فقلت لهم: "أنا وزير الداخلية". فلم يحدث عندهم ردّ فعل وبعد ذلك أرى علي بلّوط وهو صحفي يعمل في الأنوار ويشتمني اليوم ولكن في ذلك الوقت كان غير ذلك. فقلت له: "هل تعرفهم انت لهؤلاء"؟ فقال: "كلا". قبل مدّة، قبل شهر كان هناك واحد يدعى ابو راشد شهاب الدين وكان مستلماً القيادة مع اللواء مصباح سلام مقاومة شعبية وهو كان ينفّذ كل شيء، رأى بأنه في باب ادريس هناك محلّ مثل حديقة صغيرة قرب سوق الإفرنج من الجهة الثانية وكانوا قد قالوا بأنها تخصّ عمر الداعوق الذي قدّمها لبلدية بيروت قبل شهرين او بتشرين. جاء ابو راشد شهاب الدين عمل محلاً جاهزاً ويريد ان يضعها هنا على الرصيف ويريد ان يؤجّر خلوّ مئة الف ليرة في السنة عملها تعويضاً لأنه قام بالثورة. يأتي التجار هناك اسلام ومسيحيين ويقولون لي:"أنت لا علم لك بما يجري هنا". فقلت له: "ماذا يحصل"؟ فقالوا: "هناك ابو راشد شهاب الدين يبني هناك محلاً امام هذه الساحة الصغيرة وهناك خلوّ بمئة الف ليرة وكيف هذا؟ لا يجوز. وهم مع ذلك يبنون". فقلت له: "حسناً هذه الساحة ملك مَن"؟ فقال: "ملك البلدية". مسكين كان هناك واحد يدعى نقولا رزق الله وكانوا يسمونه محافظ حيّالله ولكن آدمي وكان قد ذهب في ذلك الوقت إلى الشام لحضور حفلة بمناسبة إنتخاب بطرك*(بطريرك) الروم فذهب يمثّل الدولة هناك وعاد الى المكتب هنا فقلت له: "هناك قطعة أرض أريد ان اعرف ملك مَن؟ إذا كانت ملك شهاب الدين لا أستطيع ان اقول شيئاً إذا ملك خاص باعه لا أستطيع ان اقول شيئاً". فقال: "كلا هذه الأرض ملك البلدية". فقلت؟ "هل أنت متأكّد"؟ فقال:"نعم"، فقلت له: "اتّصل. أتّصل. معك خبر بانهم يشتغلون وإن هناك رمل وبحص وهناك عمال يركّبون هذا المحل وأوّلاً المنظر لا يجوز بأنه كيف اعتداء على ملك البلدية". وهذا المسكين ليس معه خبر لأنهم يريدون ان يعملوها بسرعة ونفّذوا الشغل يومي السبت والأحد حيث لا يوجد أحد والدنيا شتاء وهم جاءوا بالقناديل للإنارة والساحة خالية ويريدون ان ينهوا العمل بأربعة وعشرين ساعة. في هذه الأثناء جاء أحدهم وأخبرني قبل الظهر اتّصل فيه بوليس في البلدية فقال له: "هناك شيء هنا ملعوب به". فقال: "حسناً مَن يبني"؟ ولم اكن قد قلت له مَن يبني وإنه ابو راشد لأني لم اكن واثقاً من انه هو. وهو يتكلم بالهاتف لم ارَ إلاّ نقولا رزق الله يصفرّ وقال: "لا نستطيع ان نعمل شيئا"ً. فقلت له: "لماذا"؟ فقال: "هذا ابو راشد شهاب الدين". فقلت له: "ماذا يفعل هذا وماذا يبيع"؟ فقال: "هذا هو المقاومة الشعبية". فقلت له: "ولكننا انتهينا من الثورة فهل تريدنا ان نظلّ نتكلم بالثورة، فمنذ شهرين انتهت الثورة". فقال: "انا لا استطيع ان افعل شيئاً ليس عندي أجهزة وليس عندي شيء". فقلت له: "انت لا تفعل شيئاً ولكنني اريد ان اعرف ملك من هذه"؟ فقال: "ملك البلدية". اتّصلت عندئذٍ بجميل لحود الذي كان قد اعتاد عليّ وقلت له: "إبعث لي فرقة عسكر مع واحد ذكي بعض الشيء ليس كثيراً وتقول له بأن ينفّذ اوامري فإني اريد إثنا عشر واحداً مع السلاح الأوتوماتيكي ويأخذون الأوامر مني". فقال: "أمرك معالي الوزير". في ذلك الوقت كانت علاقتي حسنة مع فؤاد شهاب ومع الجيش. إذن يبعث لي إثنا عشر عسكري وأرى حوارنة يشتغلون وطلع الطابق العلوي وبعد قليل سيطلع الطابق الثاني. أنا عزيز الأحدب غير موجود وبعدما اتّصلت فيه قال: "نعم ولكن معالي الوزير انا لا استطيع ان آتي، فأنا اريد قوّة وليست عندي واليوم سبت والقوة راحت تنام" فقلت: "القوة بتظلّ نايمة عندك". وفي ذلك الوقت لم نكن قد أسسنا الفرقة 16 ولذلك أسست الفرقة 16 فيما بعد. فقلت له: "أنا سأذهب". فوضعنا الشباب وقلت لهم: "انتم ستمشّون لي السير من هنا وهؤلاء الذين كانوا يشتغلون قلت لهم الآن ستهدمون وأدخلتهم الزاروب وقلت لهم عندما ترون احداً تقرطوه دكّة* (تطلقون النار عليه) على حسابي". وكان ابو راشد شهاب الدين يشرب الأركيلة وأصبح صديقي فيما بعد. هرب فضربوه بالرصاص. استولينا على سيارة جيب كانت المقاومة الشعبية قد سرقتها اثناء الثورة من البلدية اخذناه في ذلك اليوم، يعني في هذه الحفلة نظّفنا كل شيء وخلّصنا كل شيء وفي اليوم التالي كتبت الجرائد وأضحيت انا بطل بفضل ابي راشد شهاب الدين.

نعود لحادثة عسّور وانا موجود هناك، علي بلوط يقول لي: "اتى الشباب". مَن هم الشباب الآتين؟ فقال:"شباب ابي راشد شهاب الدين وكلّهم مسلّحون وانا ليس عندي شيء، عندي نهاد ارسلان وهو جالس وعنده خيزرانة وكانت الخيزرانة تظلّ في يده"، وأنا السيد ابو راشد شهاب الدين سيعمل لي حفلة وهو الوحيد الذي يعرفنا وهؤلاء الصغار لا يعرفوننا ولكن فقط هذا شهاب الدين وواحد يدعى احمد الأرنؤوط وكان قد سجن لأنه أطلق النار على فؤاد عمون في القديم فخرج من السجن وكان من المقاومة الشعبية وأنا قلت قاتلاً ومقتولاً، وأنا كنت فيما مضى اعمل هذه الشغلة ولم اقتل احداً ولكني كنت أحبّ السلاح وعندما جاء، حالاً وضعت يدي بزناره وسحبت منه المسدس وقلت له: "هل تعرفني"؟ فقال: "كلا لا أعرفك". فقلت له: "انا ريمون إده". فقال: "انت العميد"؟ فقلت له: "نعم انا العميد". "هل انت مَن هدم لي الدكان"؟ فقلت له: "انا هو والآن سأطلق عليك النار". فقال: "ما هذا الكلام كلا انا بأمرك". فقلت له: "ما هذه الأشياء"؟ وأنا قد اخذت مسدس ابي راشد، طلعت على القطار المحروق وخطبت بكل هؤلاء الأولاد فقلت لهم: "ما هذه القصة؟ انا اوّل واحد هنا أوقع القطار". وهذا صحيح لأني اول ثورة قمت بها سنة الـ34 ، لأني كنت طالباً وكنا نريد ان نرخّص سعر السينما، كانت السينما بعد الظهر بعشرة قروش ونحن الطلاب طفرانين، نريد ان نعمل الدّخلة بخمسة قروش. عملنا ثورة اتفقنا اليسوعية والأميركان* (طلاب الجامعة اليسوعية وطلاب الجامعة الأميركية) وكان اول مرة أوقعنا فيها الترامواي سنة الـ34، وأنا لا زلت اذكر حتى الآن ان الترامواي كان امام مطعم ابي عفيف على البرج، كل هؤلاء الشباب وضعوا ايديهم لكي يوقعوا الترامواي ولم يقع الترامواي إلاّ عندما وضعت يدي، وبقيت أتصوّر لعدّة سنوات فيما بعد بأنه لولاي انا لما وقع الترامواي.وعندما رأيت هؤلاء الشباب بأنهم حرقوا الترامواي وأوقعوه، تذكّرت عندما كنت طالباً فخطبت بهم: "بأن الترامواي شغلتي وأنا كنت وقّع الترامواي ولكن كان ذلك في ايام الإنتداب وليس اليوم في ايام الإستقلال وهو أصبح ملكنا فقبل ذلك كان ملكاً للإفرنج وهو اليوم ملكنا نحن، فكيف تحرقوه"؟ قالوا: "كان مكتوباً عليه كذا وكذا وكذا". قلت لهم: "انا لا أقبل. الآن هذا يكفي وفّروا على التراموايات كيف سينزل أهلكم غداً الى السوق؟ وهذا لا يجوز".إذن تكلّمت معهم فقالوا: "يعيش الوزير". وبعد ذلك يأتي الأرنؤوط ويقول لي: "هناك شيء لا نقبله فلقد جاءنا خبر بأن الفرير* (الرهبان) يدقّون بحريمنا في الجمّيزة". فقلت له: "ماذا تقول ما هذا القول يا أرنؤوط"؟ "هكذا جاءتنا اخبارية ونحن لا نقبل". فقلت له: "يا سيدي اطلع". طلع هو وابو راشد وعلي بلوط وأنا أسوق بسيارتي. فقلت لهم: "ولكن لا أحد يتراذل عليّ الآن". لأنهم كلّهم مسلّحون ورا وانا ليس عندي شيء. فقالوا: "كلا كلا". لأني كنت قد أعدت لأبي راشد مسدسه، ولكن عندما رأى ابو راشد بأني أعرف كيف اشتغل هذه الشغلة صار يحترمني لأني مثلي مثله. ذهبنا على الجميزة مدرسة الفرير لا يوجد فيها احد. فقلت لهم: "ما القصة لا يوجد احد لا فرير ولا حريم ولا شي والدنيا رايقة". عدنا من جديد وصلنا هناك وكان يوجد بعض العسكر في ذلك الوقت بهذه النصف ساعة التي برمنا فيها ماذا حصل؟ حصل بان نزل زبونات عدنان الحكيم والكتائب موجودون امام (سينما) الأمبير وهم يراشقون بعضهم بقناني الكوكاكولا. وأنا بعد هذه البرمة ذهبت الى دائرة البوليس كان قد جاء عزيز الأحدب وقد كان مدير البوليس في الجيش واتّصلت بجميل لحود وقلت له: "إبعث جيش". إنتظرت الجيش ثلاثة ارباع الساعة. اتّصلت بفؤاد شهاب وقلت له: "يا سيدي اريد جيشاً ودبابات لأنهم سيعلقون مع بعضهم ستعود الثورة مسلم ومسيحي وأخبار مثل اخبار الفرير واخبار ثانية وحصل ضرب رصاص وقتل فلان وفلان وانتشرت بأنها عادت وقامت ثورة". وأخبروني بأن هناك واحد يدعى التكميل قتل ثلاثة من المسيحيين وانتشرت ولا يوجد بوليس لأنه كان يوم احد يوم عطلة، وبعد ذلك هناك شخص يخصّني يدعى محمد مطر ابنه عمل حادث بالطائرة مع السوفييت، ومحمد مطر يخصّ والدي وكان على ايام والدي، انا نزلت من هناك وانتظرت لأن الجيش لم يأتِ وصار في سلاح فقلت لعزيز الأحدب: "لننزل". فقال: "لا نستطيع ان ننزل". فقلت له: "سننزل انت وانا. انت مسدسك بجنبك وانا ما بدي شي"، وأخذت الخيزرانة من البوليس الذي كان موجوداً. انا ومحمد مطر وعزيز الأحدب قطعنا البرج وأهدّد الكتائب بالكرباج ووصلنا الى العسور، مَن هم؟ الأرنؤوط وربعه. فقلت له: "خلصنا منك يا أرنؤوط افندي. رجّعلي هوذي". فقال: "أمرك يا معالي الوزير". انتظرنا الجيش فلم يأتِ فأخذت اتّصل بفؤاد شهاب وشهاب يتّصل بجميل لحود، الذي كان يقول لي بالفرنسي: "في embouteillage". تعرقل سير أمام دبابة؟ كيف هذا؟

في النهاية انتظرت نصف ساعة وعندما رأيت بأنهم لم يحضروا ورأيت بأن المسيحيين والمسلمين سيعلقون مع بعضهم نزلت كما اخبرتك وانا احمل عصا وبعد ذلك الى عسّور واتّفقت انا والأرنؤوط وأبو راشد بأن نظلّ اصحاب وغداً تعالى واشرب فنجان قهوة بمكتبي. فقال: "امرك انا بأمرك". والأرنؤوطي قال: "امرك". لا اعلم مثل الأعجوبة. فقلت له: "أرجع كل الشباب"، فرجعوا وأنا كنت اريد ان أسرّع القضية لأني اريد ان تصير حفلة الكابيتول والسلك الديبلوماسي وان لا يقال بأن الثورة علقت وانا وزير داخلية. في المساء جاء الجيش وبعثوا عبد القادر شهاب والدبابات. فقلت له: "عظيم ولكن انتهى كل شيء، تعرقل السير انا آسف جداً ولكن لا دخل لي في تعرقل السير ولا افهم كيف يمنع تعرقل السيرالجيش اللبناني بان يصل الى ساحة البرج وصار لنا ثلاثة ارباع الساعة والّي مات مات والّي خلّص خلّص". إذن في تلك الليلة ظلّيت ساهراً كل الليل على الرصيف وصارت الحفلة ولم يلاحظ السفراء شيئاً لأني انا لم انشر الخبر بالإذاعة.

(03:17:12)
حادثة التكميل ومقتل ثلاثة واكتشاف الجثث

خمس دقائق واثنتا عشرة ثانية

ولكن كان حادثة التكميل وبين الثلاثة الذين قتلوا اثنين موظفين من وزارة الداخلية. وكنا نريد ان نكتشف الجثث ولم يعرف احد اين الجثث. يأتي شخص لا استطيع ان اذكر اسمه يقول لي: "انا اعرف اين هي الجثث ولكن على ان تأتي انت وحدك معي وأنا أدلّك". كان صار لنا ثلاثة ايام ونحن نفتّش عليهم والبوليس والأمن العام والمكتب الثاني ولا احد يعرف ولا عزيز الأحدب يعرف ولا احد. انا عندي ناس في الأوساط المحمّدية فقلت لهم: "حسناً فتّشوا ولم يعثروا على شيء". يأتي شخص ويقول لي: "انا اعرف". فقلت له: "انظر إذا كنت تعلم حقيقة، لك مكافأة وهي ان تذهب على حسابي وتشمّ الهوا بمصر". فقال: "حسناً ولكن لا تعطي اسمي". فقلت له: "لن اعطي اسمك". فيقول: "ولكن شرط ان تأتي معي". فقلت: "حسناً آتي معك شرط الاّ تكون مسلّحاً". فقال: "كلاّ مسدسي لا اتركه". فقلت له: "بل ستتركه هنا، يمكن تطلق عليّ النار فلا أحد يعرف ما بيني وبينك". فقال: "كلا بحياة العميد". إذن قبل ان اذهب أعطيت خبر للأحدب وللأمن العام بأني سأكون في المحلّ الفلاني في البسطة في الساعة الفلانية، وإذا لم أطلّ بعد عشرة دقائق دبّروا انفسكم ولكنهم لم يقبلوا ان اذهب وحدي وأنا وزير، فقالوا:"يا معالي الوزير لا نقبل". فقلت له:"يا سيدي هذا شغلي فأنتم من ستة ايام لم تتمكّنوا من ان تكشفوا الأمر". في النتيجة اذهب وآخذ مسدّسي معي وهو حامل مسدّسه فقلت له:"تسير امامي". فقال: "حسناً". وأنا كنت ذاهب بسيارتي، أوقفنا السيارة لأن هناك زواريب وطبعاً الحيّ دار من داره كان محاطاً بجماعته. قال لي: "الآن عليك ان تتسلّق هذا الحائط". فقلت: "كيف تريدني ان اتسلّق هذا الحائط"؟ قال: "انا أطلع قبلك وأعطيك يدي وبعد ذلك انت تطلع". قلت: "حسنا". طلع قبلي وناولني يده وشدّني وطلعت. دخلنا في حديقة صغيرة والدنيا ظلام وكل هذه الحفلة في الساعة الحادية عشرة ليلاً وأخذ قلبي يدقّ وكنت حاملاً مسدسي وأنا لا احبّ ان اقتل احداً. قال: "إقترب". قلت: "اين تريدني ان اقترب"؟ فقال: "هنا، ألا تشمّ"؟ فقلت: "نعم إنني أشمّ". فقال: "إنهم موجودون هنا. سأنير لك حتى تراهم جيداً". أضاء ورأيت منظراً مخيفاً. قلت: "حسناً أهنّئك". رجعنا وأنا أنظر الى الساعة لأني كنت خائفاً بأن يأتوا ويعملوا مشكلة. ركبنا السيارة وأطلقنا الزمور مرّتين وثلاثة حسب الإتفاق بانه انتهى كل شيء فأوصلته الى بيته وقلت له: "تعالى الى عندي غداً لتشرب القهوة في الوزارة"، وهو مسرور وشايف حاله بأنه آتٍ عند الوزير، وبعد ذلك في البسطة يخبّر بيضرب بمئة يضربها بمئة كل شيء حصل. في اليوم التالي نبعث من يطلّع الثلاث جثث من البير وعملنا تحقيقاً فطلع واحد يدعى التكميل. كيف سنلقي عليه القبض؟ نفس الشخص قبض عليه وحتى الآن انا عندي القنبلة اليدوية التي كانت في يدّ التكميل لأنه كان يحشّش وكان يشرب، وبعد ذلك عندما قبض عليه قال بأنه أخذ وعداً من عزيز الأحدب بأنه يسلّم، سلّم عن يدّ الشخص الذي تكلّمت عنه، "ولكن قبل ان اذهب اريد ان اذهب عند الحج حسين الذي كان وزيراً للعدلية". أخذوه عند الحج حسين ولم يكن الحج حسين مسروراً بهذه المقابلة، في النهاية وعده. أخذوه للحج حسين الذي قال له: "انظر انت لا تتكلم، قل الله، وما عليك". مسكين هذا لم يتكلّم عند المستنطق لأن الحج حسين طلب منه بألاّ يتكلم ولكن كل الإثباتات واردة، لم يتكلّم في المحكمة وبعد ذلك عندما حكم عليه بالإعدام، سبّ الله وبعث اخته لترى الحج حسين التي قالت للحجّ حسين: "أنت قلت لأخي بألاّ يتكلم". فسألها: "هل تكلّم"؟ فقالت: "كلا ولكنه سبّ الله". فقال لها: "سبّ الله"؟ إذن الحق عليه. في النتيجة كل الإثباتات تدلّ بأن التكميل كان مسؤولاً عن هذا الشيء.

(03:22:34)
طلب ريمون إده تنفيذ حكم الإعدام وتهديده بالإستقالة إذا لم ينفّذ

دقيقتان واثنتان وثلاثون ثانية

الآن نريد ان نأتي الى الإعدام، فؤاد شهاب لا يعدم فهو يخاف والغريب ان عسكري يخاف. قلت له: انا مسؤول عن الأمن وهذا الرجل قتل ثلاثة اشخاص وقد قتل بتعمّد وسابق تصميم وهو محكوم إعدام واللّجنة قرّرت بأن هذا الشاب يجب ان يُعدم وإلاّ انا لا اقدر ان أهدّىء الحالة. فقال لي: ولكن اليوم ايام رمضان وفي رمضان لا يُنفّذ حكم الإعدام. ذهبت وقابلت شيخاً وقلت له: "في أيام رمضان لا يجوز الإعدام"؟ قال: "بل بالعكس، رمضان شهر التضحية فلا شيء يمنع، وإذا مات شخص في رمضان، الله يشفق عليه". أعود انا إلى مجلس الوزراء وأقول لهم: "هكذا قال لي الشيخ". وذهبت عند الشيخ حسين وسألته إذا كان يفهم بهذه الأمور فقال: "كلا لا أفهم". فقلت: "انت يا رشيد هل تفهم كونك ابن مفتي"؟ فقال: "كلا لا أفهم ولا احد يفهم". فقلت: "ناظم بك، في ايام تركيا كانوا يعدمون كثيراً. على كل حال دعها إلى بعد العيد." وبعد العيد قلنا لهم: "هل تعدمون ام لا"؟ قال الحج حسين: "يجب ان نعدمه فقد قتل ثلاثة وهذا لا يجوز". وأنت يا رشيد أفندي؟ قال: "كلا، فكيف سيمكننا ان نهدّىء الحالة فيما بعد وإلاّ عادت الثورة". فبعد أن هدّدت بالإستقالة، طلب فؤاد شهاب من ناظم بك بأن يحضّر له المرسوم الذي فيه أمر بالإعدام.

(03:24:06)
الرئيس شهاب يمضي حكم الإعدام بحق التكميل

ثلاث دقائق وخمسون ثانية

وفي المرسوم مَن يمضي قبل الجميع؟ وزير العدلية. يأتي الحج حسين ويمضي ومَن يمضي بعده؟ رشيد كرامي وبعده ناظم بك لأنه يحضر مجلس الوزراء معنا ويمرّ على رئيس الجمهورية فيقول: "ليمضِ وزير الداخلية قبلي". فقلت له: "انا لا امضي". فقال: "كيف لا تمضي"؟ فقلت له: "انا ليس لي الحق في ان امضي، ليس مكتوب وزير داخلية، فهنا مكتوب وزير العدلية ورئيس الوزارة ورئيس الجمهورية،انا ليس لي اسم هنا". فقال: "انت من شهر تزيحنا بأنك تريد ان تعدمه والآن لا تريد ان تمضي"؟ فقلت له: "يا فخامة الرئيس، انا ليس لي الحق بالإمضاء انا مهنتي انحس بكثير من الإمضاء، أنت ستمضي وتذهب لتنام اما انا إذا مضيتم المرسوم الآن يجب ان اذهب وأحافظ على الأمن، لأن هذا يعلّقونه على العدلية قدام السرايا الكبيرة، فهناك شغلي". وأنا أكره هذا الشيء لأني انا عندما كنت محامياً في ايام الإنتداب، كان المحامي المتدرّج يعطوه الدعاوى التي ليس من ورائها أمل، أي واحد قتل زوجته وأختها ووالدتها أي قتل ثلاثة وأعطوني الدعوى وكان صار لي سنة في المحاماة وقتلهم عن سابق تصوّر وتصميم، فحكم عليه بالإعدام، وكان في ذلك الوقت المحامي مجبراً على حضور تنفيذ الحكم. يعني نهار المشنقة، يوقظونك في الساعة الثالثة وهناك وكيل يلبس الروب وأنا كنت مجبراً ان احضر، وانا منذ ذلك الوقت اكره الشنق وأكره الموت. ولكن انا اليوم وزير داخلية ومسؤول عن الأمن ومجبور بأن أحضر ولكن هذه المرّة كوزير داخلية. يعني ظلّت القصّة نصف ساعة حتى قبل فؤاد شهاب ومضى.

مضى فؤاد شهاب وأخذت الإحتياطات اللاّزمة وسألت: "هل هناك أحد يعرف كيف يشنقون"؟ فقالوا: "نعم هنالك واحد يعرف يشنق أبّاً عن جدّ هنا في بيروت". "كم يأخذ على الشنقة"؟ قالوا: "يأخذ مئة ليرة". وأنا أرى بأن مَن يموت شنقاً أفضل عليه مِن مَن يموت بالسرطان، لأن مَن يمرض بالسرطان يتعذّب أشهر وسنين، والموت شنقاً تأخذ ثواني. النتيجة بعد ان مضى ذهبنا وعملنا واجباتنا كوزير داخلية. أخذنا الإحتياطات وفزعنا من ان تنزل كل البسطة. وهذه هي قصة التكميل. بعد هذا عملت قانون الإعدام، إعدام القاتل لأنني رأيت حوادث القتل ستعود لأنه عندما يعتاد الواحد ان يقتل شخصاً تمشي العادة وفي ايام الثورة كثيرون هم الذين قتلوا اناساً ووضعوها على عاتق الثورة. مثلاً عندما كان يختلف اثنين بقضية دعوى لها علاقة بقطعة ارض مثلاً، فبدل ان يرفع دعوى بداية وإستئناف وتمييز، يقتل احدهم الآخر ويضعها على حساب الثورة. هذا ما حصل في الهرمل وكذلك في بعلبك.

(03:27:56)
قانون الإعدام

دقيقتان وثلاث ثوانٍ

لهذا عملنا قانون إعدام وقلنا: القاتل يُقتل. يعني بمعنى اني منعت الأسباب التخفيفية ولكن تركت العذر المخفّف يعني الدفاع عن النفس، فإذا قتل احدهم دفاعاً عن النفس يكون القانون وارداً وإذا عاد احدهم ورأى زوجته مع زبونها، يقتل زوجته والزبون وكذلك هذا يسمونه عذر مخفّف. فالأعذار المخفّفة ظلّت سارية المفعول ولكن منعت الأسباب التخفيفية الشيء الذي ليس وارداً في القانون، الشيء الذي يعتبره القاضي سبباً مخفّفاً كان في الإعدام إذا رأى القاضي ان هنالك اسباباً تخفيفية تنزل العقوبة من الإعدام الى المؤبّد إلى خمسة عشر وهلمّ جرّا. إذن انا ألغيت الأسباب التخفيفية وعملت دعاية كبيرة لقانون الإعدام، ورغم كل القوانين التي عملتها، القانون الوحيد الذي ما زال يحمل اسمي هو قانون الإعدام، في الوقت الذي لا تحمل القوانين الباقية مثل سريّة المصارف لا تحمل اسمي. هذا شغل المكتب الثاني حتى يجعلوا الناس تكرهني بسبب قانون الإعدام ولكني عملت قوانين أخرى فلماذا لا تحمل القوانين الأخرى إسمي؟ نعود الى وقت كنت وزيراً فبعد هذه الحوادث أخذت شهرة وأصبح المسلم والمسيحي يرى بأني لا أشتغل طائفياً وانعدم ثلاثة بعد ذلك ونفّذ بهم حكم الإعدام. وهناك نقطة اني بعدما تركت لم يعدم احد ولكن في ذلك الوقت كان الأمن مستتباً وكان اي شخص يستطيع ان يذهب الى حيّ المسيحيين او المسلمين ولم يعد هناك شيء وانتهت القضية لأن الشعب عندما يحس بان هناك حاكم يمشي الحال.

(03:29:59)
أعمال المكتب الثاني بواسطة انطوان سعد وإستقالة ريمون إده احتجاجاً

خمس دقائق

مَن غار مني؟ رئيس المكتب الثاني واحد يدعى انطوان سعد، قال هذا ريمون إده مدني، علاقاته جيدة مع فؤاد شهاب وهو ماشي حاله. وصار في احد الأيام كنت في مجلس الوزراء فلا ارى إلاّ اناساً يندهوني فذهبت وسألت: "ما القصّة"؟ قالوا: "هناك شخص يدعى فيليب خير من اللّجنة التنفيذية، رجل محترم وهو رئيس جمعية مستوردي مواد البناء، اتوا به إلى المكتب الثاني وقالوا له انت عملت قصيدة لكميل شمعون وأدخلوه الى غرفة انطوان سعد الذي قال له يا كلب لماذا كتبت تلك القصيدة"؟ وقالوا بأن الرجل لا يعرف كتابة القصائد وهو يجهل العربي. فقال الرجل: "انا؟ وإني لا اسمح لك بان تهينني". فعلقوا مع بعضهم وضربوا بعضهم وقال انطوان سعد فيما بعد بأن هذا الرجل قال له "معّاز". وهو عنده مركب نقص فإذا قال له احدهم معّاز، يتذكّر اجداده الذين كانوا معّازي، يفور دمه. إذن علقوا مع بعضهم وأخذوا الرجل وضربوه قتلة، وكابي لحود كان لا يزال ليوتنانت وهو اليوم رئيس المكتب الثاني. فبعد ان ضربوا الرجل وضعوه على الأرض ودعوسوه. يقول له كابي لحود: "مَن هذا الرجل"؟ يجيب فيليب خير بأن هذا الرجل هو فؤاد شهاب رئيس الجمهورية. فقال له كابي لحود: "كلا قل بأنه "الله". والرجل لا يريد ان يقول بأنه "الله" فقال: "كلاّ ليس "الله". فقال له كابي لحود: "بل قلْ "الله". فقال الرجل: "هذا فؤاد شهاب رئيس الجمهورية". فأخذ يدوسه برجله على صدره. أنا عندما اخبروني القصة لم أصدّق وحالاً دخلت إلى مجلس الوزراء وقلت لهم: "الآن هناك شيء مهم كثيراً، هناك شخص يدعى فيليب خير وهو في اللّجنة التنفيذية في الحزب بعثوا وراه وضربوه. أنا لا أقبل يا فخامة الرئيس بأن يتراذل الخواجة انطوان سعد على جماعتي وهو حرّ إذا كان يريد ان يعمل قصيدة". فقال: "حسناً روق". وكان الهاتف معطّلاً وكذلك هاتف رئيس الجمهورية مع انه لم تكن قد سقطت الأمطار في ذلك اليوم وكانت القصّة في ايار على ما اظنّ ونزلنا تحت وأتّصل. قالوا: "مضبوط ولكن هناك قضية مهمة جداً". فقلت له: "أنا لا يهمّني انا لا أجلس ثانيةً في مجلس الوزراء وهذه هي استقالتي". وأنا إذا استقلت طارت كل المراسيم الإشتراعية لأن المجلس النيابي كان قد وضع شرطاً بأن نحن نعطيهم صلاحيات المراسيم الإشتراعية شرط بأن يمضي الأربعة، يعني لو استقلت طار كل شيء وكان شغل ستّة أشهر. من أجل ذلك كانوا متمسّكين بي. إذن تركت مجلس الوزراء وجئت هنا إلى البيت. إذن رأيت هذا الرجل وهو كبير بالسنّ فكان يبلغ الستّين سنة في ذلك الوقت ولا أعرفه ولم أعرفه لأنه كان مدمّى ولا يستطيع ان يتكلّم. ما القصة؟ القصة انهم اتّهموه بكتابة قصيدة ثمّ فيما بعد قالوا أن غوّاصة روسية دخلت إلى مرفأ بيروت ورأوا بأن فيليب خير ذهب الى رأس السنسول وتكلّم مع القائد الروسي ولا نعلم إذا كانت الغواصة روسية او يهودية. وكنت قد بعثت بتقرير فيما بعد بأنه إذا كانت توجد هناك غوّاصة ماذا تفعل البحرية؟ هل تكشّ الذباب وكيف تدخل الغواصة؟. قالوا: "تحت الماء".

مفهوم بأنها تدخل تحت الماء، النتيجة تركيبة لها أوّل وليس لها آخر. منذ ذلك الوقت ابتدأت علاقاتي مع المكتب الثاني تضعف. هذا تاريخ علاقتي مع المكتب الثاني. إذن عملوله قصاص لأنطون سعد وقال لي فؤاد شهاب: "نحن لا نقدر ان نعلن قصاصاً في المحكمة العسكرية ولكن ستين او ثلاثين يوم Arrêt de Rigueur ما هو هذا الشيء، هو بان يجلس الضابط في بيته. فكنت أذهب الى كوكتيلات أمثّل فيها الحكومة في السفارات، ومَن ارى امامي؟ أنطون سعد. اعود في اليوم التالي فيقولون أجل هذا مجبور ان يذهب فإذا كانت هناك مهمة رسمية يجب عليه ان يذهب رغم السجن. فقلت له: "يا سيدي انا هذا الرجل لا اريد ان اراه وإذا رأيته فإني سأضربه كوزير، إبعث غير ضابط". بعثوا غير ضابط وقالوا بأنهم أخّروا له ترقيته. وهو لا يزال حتى الآن يخبر بأنّه لم يترقَ كما يجب بسببي انا. وانا اظن بأنه بسببه هو.

(03:34:59)
ذهاب فؤاد شهاب الى الشوف لأوّل مرّة بعد الحوادث ومقتل نعيم مغبغب

اثنتا عشرة دقيقة وستٌّة وأربعون ثانية

يوماً ما أسمع بأن رئيس الجمهورية قرّر بأن يذهب ويحضر حفلة بأيلول او بآب للمغتربين في بيت الدين وهذه كانت اول مرة كان ذاهباً فيها فؤاد شهاب الى الشوف وهناك في دير القمر كميل شمعون وهناك في المختارة - علم الله - كمال جنبلاط. ورئيس الجمهورية فؤاد شهاب ذاهب لأول مرة على الشوف بعد الحوادث لم يكن ذلك هيّناً، وهناك تدابير كان يجب علينا ان نأخذها.

انا حالاً أتّصل بالرئيس شهاب وأقول له: "فخامة الرئيس انا قيل لي بأنك ذاهب الى الشوف، هل هذا صحيح"؟ فقال:"نعم ذاهب الى الشوف غداً". فقلت له:"نعم ولكن انا وزير داخلية وليس عندي خبر". فقال: "انت تتعب كثيراً وتشتغل كثيراً ولا اريد ان ازعجك وعذّبك". فقلت له: "يا فخامة الرئيس واجباتي هذه". فقال: "كلا المكتب الثاني سيهتمّ بهذه الأمور". فقلت له: "افهمتك يا فخامة الرئيس بأنك قد اصبحت اليوم مدنياً وطالما اصبحت مدنياً كل شيء له علاقة بالأمن وبشخصك الكريم صار من صلاحياتي". فقال: "نعم ولكن انت تتعب والحكيم قال بأنك تتعب وأنت تشتغل كثيراً وأنا بدي صحّتك". فقلت له: "أشكرك ولكن انا واجباتي قبل صحّتي". فقال: "كلا أخذنا الإحتياطات اللاّزمة، المكتب الثاني اخذ الإحتياطات اللاّزمة". فقلت له: "إذن انا لست مسؤولاً". فقال: "كلا انت لست مسؤولا"ً.

أظن انه كان نهار سبت جلست في المكتب في السرايا حتى الساعة السادسة وبعد ذلك طلعت الى بيت الدين لأن اللّياقة تقضي بأن أطلع إلى بيت الدين. وعندما وصلت على كوع بيت الدّين رأيت ازدحام سيارات. فسألت: "ما القصة"؟ قالوا: "قتلوا نعيم مغبغب".

طبعاً نزلت من السيارة وهناك بعض الناس الذين عرفوني وأخذوني الى جنب وأخبروني بأنه كان وراء سيارة نعيم مغبغب سيارة الزعيم شميط وحدث هذا الحادث ولم يستطع احد ان يدافع عن نعيم مغبغب وقتل بالضرب والعصي وجثّته أخذوها، ولم أستطع ان أصل إلاّ مشياً إلى بيت الدين. مشيت تقريباً ربع ساعة لأن الطريق كانت مسدودة وعندما وصلت إلى بيت الدين كان رئيس الجمهورية واقفاً مع رشيد كرامي وبيار الجميّل ويتقبّلون التهاني من المغتربين. وعندما وصلت قال لي الرئيس شهاب:" وأنت يا وزير اين كنت"؟ فقلت له: "اين كنت؟ في مكتبي". فقال: "ألم يخبروك بما حصل"؟ فقلت له: "الآن عرفت بما حصل". فقال:"ولكن أنت مسؤول عن الأمن". فقلت له: "كلا. إني أذكّرك بأني اتّصلت بك وأنت قلت لي بان المكتب الثاني سيهتمّ بالأمن ولا لزوم لي بأن أهتمّ، لهذا وأنا عندي غير مشاكل ولكن انا لا مانع عندي ولا اتهرّب من المسؤولية ولكن إذا كنت تريدني ان أهتمّ بالأمن ورأيته مضطرباً لأنك لأوّل مرّة تأتي فيها الى الشوف - والجوّ في الشوف ليس ملائماً له - فقلت له لا تظنّ بأني أتهرّب من المسؤوليات. إذا كنت تريد ان اعود وأستلم الأمن من جديد، تعطي أمر للعسكريين بأن يكونوا تحت تصرّفي وينفّذوا اوامري وتقول لوزير الدفاع الذي كان رئيس الوزارة بأن يوافق على ان أهتمّ انا بالأمن وأعطي اوامر للجيش". فقال: "حسناً". ورشيد كرامي عندئذٍ قال: "انا موافق، خذْ كلّ التدابير اللاّزمة. وانا موافق وليس عندي مانع". فقلت له: "ولكنّ هذا لا يكفي. أريدك بأن تبعث تجيب الضابط المسؤول وتبلّغ قائد الجيش عادل شهاب بأنه من اليوم وصاعداً يأخذ الأوامر مني بما خصّ قضيّة الأمن، وقلْ لرئيس المكتب الثاني انطوان سعد وأظنّ بأني لمحته هنا وأنا ما كنت اتكلّم معه، إبعث وراه وأفهمه وقل له معي لا يوجد مزح الأمر سيُنفّذ". إذن يأتي بأنطون سعد ويقول له:"مِن الآن فصاعداً تأخذ أوامرك من معالي وزير الداخلية وكل الأوامر التي يعطيك إياها يجب ان تُنفّذ حرفياً وبلّغ كذلك عادل شهاب". أنا حالاً لأني أعرف الشوف وأعرف منطقة الشوف طلبت جيشاً فقالوا: "ليس عندنا جيش هنا". فقلت له:"كثير منيح". إذن انا عندي شخص هنا لي ثقة به يدعى الكولونيل حرب كان موجوداً في البقاع اتّصلت به وقلت له: "أريدك ان تأتي حالاً مع مصفّحات والعسكر الذين في استطاعتك ان تأتي بهم معك الى الشوف وعندما تأتي اتّصل بي" وأعطيته مكان إقامتي، "وعندها نأخذ التدابير اللاّزمة سوية". انتهت حفلة المغتربين عند الساعة التاسعة تقريباً. وفي ذلك الوقت تفرّقت الناس وأنا كنت قلت لرئيس الجمهورية بأنه يجب ان لا أخبر احداً بوجود حادث قتل حتى لا يخاف المغتربون. أعطيت الأوامر لكل الجماعة في الأمن العام بأن نعيم مغبغب قتل في حادث سيارة وذلك تلافياً لحدوث اضطرابات في الشوف. شاع الخبر في الشوف بأن المغبغب قتل في حادث سيارة وبقي رئيس الجمهورية مع المغتربين. هنا حدثت قصّة مضحكة، يريد رئيس الجمهورية ان يذهب الى جونية وكان من المفترض ان يرجع عن طريق عين زحلتا لأنه اتى عن طريق دير القمر .فمن المفروض بأن يرجع عن طريق عين زحلتا وكانوا عاملين أقواس نصر حسب التقاليد والوفود تنتظره هناك، ولكن طبعاً بعد حادث نعيم مغبغب اختفت الوفود وأطفئت الأنوار في المنطقة المسيحية ولم يعد من احد لاستقباله. هنا يأتي أنطون سعد ويقول له: "انا يا فخامة الرئيس أقترح بأن تعود عن طريق دير القمر". فقلت له: "وأنا أقترح بأن تعود بحسب الخطّة المرسومة اي عن طريق عين زحلتا إلاّ إذا كنت تعتبر نفسك يا كولونيل سعد بأنك انت مسؤول عن مقتل نعيم مغبغب، وإذا لم تكن مسؤولاً فمما تخافون؟ على كلّ حال انا صرت مسؤولاً عن الأمن وأنت تنفّذ أوامري وأنت يا فخامة الرئيس أنا مسؤول عن الأمن وأنا أرى بأن تعود عن طريق عين زحلتا لأنك أنت لست مسؤولاً عن مقتل نعيم مغبغب". فقال: "حسناً". فقلت له: "الدليل بأنه لا يوجد شيء وإني سآخذ الإحتياطات أنا سأذهب قبلك بخمس دقائق وسآخذ موتوسيكلات معي حتى يظنّوا باني انا رئيس الجمهورية عندئذٍ إذا كان هناك ضرب رصاص او خطر على الطريق سيضربونني انا دون ان يعلموا مَن أكون وأنت تمرّ بعدي بخمس دقائق". فقال: "مثلما تريد". ركب هو ورشيد كرامي ولا أعلم أين ذهب بيار الجميّل واتّفقنا بأن نجتمع في وزارة الدفاع في بيروت حتى نأخذ التدابير اللاّزمة وقلت له: "لا يجوز بأن نظهر ضعف ونهرب وأنا لذلك سأمشي عندما تأمر بأنك ستمشي عندئذًٍ أسبقك بخمس دقائق وأنت تلحقني وأنا أنتظرك في صوفر ومن هناك نذهب كلّنا سوياً إلى وزارة الدفاع". فقال: "حسناً سننفّذ أوامرك يا معالي الوزير". فقلت له: "شكراً يا فخامة الرئيس".

وهكذا حصل ركبت في سيارتي وأخذت اربع موتوسيكلات حتى يعتقدوا بأني رئيس الجمهورية وإني أمرّ بتلك القرى وهكذا حصل. مررنا في عين زحلتا وطبعاً كان الظلام مخيّم وأزالوا أقواس النصر ولا احد على الطريق ولكن عرف بأن رئيس الجمهورية مارق. مررنا دون ان يحصل شيء وانتظرته انا على المديرج وعندما جاء سبقته الى اوتيل صوفر عندئذٍ قلت له:"كيف كان المشوار؟ إن شاء الله لم تنزعج"؟ فقال: "كلا ماشي الحال". فقلت له: "أرأيت لم يحصل لك شيء وهؤلاء العسكريون يخافون كثيراً والظاهر بأنك تخاف مثل انطون سعد، فما قصّتكم انتم العسكريون تخافون كثيرا"ً؟ فقال:" حسناً ولكن الآن نريد ان نرى التدابير". فقلت له: "انا سأنزل الى وزارة الدفاع". نزلنا الى وزارة الدفاع ورأينا ماذا يحصل وعادوا وبلّغوا بأن الأوامر تصدر مني. هم ذهبوا وناموا وانا عدت فطلعت ورأيت الكولونيل حرب في اوتيل صوفر وقلت له: "أريدك ان تحاوط لي القرية الفلانية والقرية الفلانية والأوامر هي إذا طلع شخص من بيته وهو يحمل السلاح تنبّهه أوّل مرّة وثاني مرة وثالث مرة وإذا ما وقف تطلق عليه النار". في اليوم التالي صباحاً، شخص لا اعرف اسمه طلع من منطقة أغميد فأنذره الجيش ولم يقف فأطلقوا النار عليه فقتل. قتلوه وبهذه الطريقة جمّدت الحالة لأن هنا عندما يموت مسيحي يجب ان يموت مسلم والعكس بالعكس طبعاً لم اقتل هذا الشخص ولكن الظروف قضت بأنه خالف الأوامر وأحسّ الناس والمسيحيون خاصة بأن القوّة موجودة وكذلك أحسّ الدروز وكل واحد بأنه لم يعد يوجد مزح بأن يقتل احدهم الآخر فهناك جيش وحكومة وأوامر، ودلعة ما بقى في. طبعاً أنا لم أكن مسروراً في ان يقتل درزي ولكن انا واجباتي ان أحافظ على الأمن وهي كانت ولم يحصل شيء ولم يضرب احد الآخر وابتدأ التحقيق. طبعاً الذين اغتالوا نعيم مغبغب قاموا بعملهم هذا وهربوا بنفس الوقت الى سوريا وفيما بعد حوكموا ولكن حتى الآن لم نستطع ان ننفّذ الحكم.

(03:47:45)
انتخابات لخلف نعيم مغبغب واستقالة ريمون إدّه احتجاجاً على تدخّل الجيش ودخوله في المعارضة

ثلاث عشرة دقيقة وستّة وعشرون ثانية

بعد ذلك حصلت انتخابات لخلف نعيم مغبغب. هناك ابن رعد، أنعام رعد وهو في الحزب القومي السوري وهناك ابن أخ المطران نبعا، سالم عبد النور. في ذلك الوقت رجعت ورأيت رئيس الجمهورية وقلت له:"هل ستكون الإنتخابات حيادية؟ أو الدولة ستتدخّل"؟ فقال: "كلا نحن نريد ان تكون انتخابات مثالية". فقلت:"حسناً". وأنا في ذلك الوقت كان قد ذهب رشيد كرامي على نيويورك لأنه حدث اجتماع هيئة الأمم، الحج حسين ذهب الى باريس لأن قلبه تعب وفي كل مدّة يتعب قلبه ولا أعلم إذا كان هذا صحيح، فأضحيت أنا وبيار الجميّل كلّ الدولة، أنا عندي سبع وزارات وهو عنده سبع وزارات وأصبحتُ في تلك الأيام وزير الدفاع ووزير الخارجية ووزير الداخلية.

قمنا بالإنتخابات في هذا الجو وكنا خائفين بأن تحدث بعض الحوادث في الشوف بمناسبة الإنتخابات، ولكنهم علموا بأني انا مزح لا يوجد عندي. وكنا قد انتهينا من التكميل وكان عندي صيت بأني أخوّف، ضمن القانون طبعاً. وتقرّرت الإنتخابات وهناك ابتدأت أوّل مشكلة أو بالأحرى ثاني مشكلة مع العسكريين. مَن كان قائد الجيش؟ عادل شهاب. وكان هناك قائمقام، وأنا كنت قد عملت بلاغ بأن الحكومة على الحياد ولن تتدخّل. كان هناك محافظ يُدعى بشارة عقل فقلت للمحافظ: "أريد ان تكون الإنتخابات حيادية مئة في المئة وممنوع على القائمّقام والمخاتير بأن يقولوا بأن ميل الحكومة لفلان او لفلان، هذه هي أوامر الحكومة والذي يخالف يعرف شغله". يأتيني خبر بأن قائمّقام الشوف يجيء بالمخاتير ويقول لهم: "الوزير يميل الى سالم عبد النور يعني ضدّ الحزب القومي". والحزب القومي - أنا درست الوضع - لم يكن له حظّ النجاح في ذلك الوقت، إذن ليس هناك لزوم بأن نتدخّل ومثلما قلت للرئيس شهاب: "مصلحتك أنت بهذا العهد بالقليلة ان تنسّي اللبنانيين العهود السابقة بأنه كان هناك تدخّل رغم ان التدخّل كان عن طريق الأمن العام والدرك، لذلك يجب ان لا يتدخّل الجيش في الإنتخابات. أولاً يجب ان لا يلوّث الجيش يديه بدمّ اللبنانيين وهذه العمليّات البوليسية لا تليق بالجيش، فليس من اللاّئق بأن يتعاطى الجيش الأعمال البوليسية، وأنا أرى أنك تستطيع ان تعمل عهداً جديداً في حقل الإنتخابات، يعني عهد نزيه". فقال: "نعم". فقلت للمحافظ بشارة عقل: "إبعث لي القائمّقام". فلم يأتِ. وعندما اتّصلت به مرّة ثانية قال لي: "أعطيته أمراً فلم يأتِ". فقلت له: "حسنا"ً. في ذلك الوقت كان عندي مدير قوات الأمن ويدعى نور الدين الرفاعي، فقلت له: "تذهب الآن مع جيب وتأتيني بهذا القائمّقام مكلبج وتأتي به إلى هنا، وحتى تذهب إلى عنده أعطيك نصف ساعة وحتى تلاقيه نصف ساعة وحتى تعود نصف ساعة، يعني أعطيك ساعة ونصف نور الدين بك حتى تأتيني وتكون هنا مع القائمّقام مكلبجاً وأريد ان ارى الكلبجات في يده وهذا امر". فقال: "أمرك". بعد ساعة ونصف رأيت القائمقام مكلبجاً فتركته مكلبجاً وقلت له: "أنت خالفت أوامر الوزير". فقال: "كلا". فقلت له: "إذن أنت كاذب، كيف لم تخالف؟ خالفت لأنهم أعطوك أوامر بأن الحكومة على الحياد". فقال: "أنا لم أفعل شيئاً". فقلت له: "بلى. جئت بالمخاتير الإثنين وقلت لهم قولوا لي ماذا قال لكم القائمّقام". فتردّد وقال: "لا تؤاخذني معالي الوزير، غلطت". فقلت له: "حسناً، لأنك غلطت أنت ستجلس هنا ولم يعد هناك لزوم بأن تطلع إلى منطقتك، تجلس هنا في السرايا، تنام على كرسي وتأكل على كرسي وتغسل بالحنفية هناك، تظلّ هنا ولا تترك السرايا فإذا تركت تعرف شغلك". فقال:"أمرك معالي الوزير". فقلنا لهم: "ضعوه في غرفة وراقبوه وأعطوه جرائد حتى يتسلّى ويفكّر بوزير الداخلية الذي اسمه ريمون إده". في اليوم التالي تجري الإنتخابات وتطلع بعض الجرائد منهم النهار على اول صفحة "وزير الداخلية يعزل قائمّقاماً لأنه تدخّل في الإنتخابات". احتجّ الفريق الثاني وأنا كنت رتّبت الإنتخابات بطريقة ان ممثّلي الحزبين ينوجدوا معي في غرفتي في سرايا بيروت وطبعاً عندي تليفون وآلات لاسلكية والمخابرات حتى يعرفوا ما هي الأوامر التي اعطيها الى الدرك وغير الدرك حتى يقتنعوا ولو لأول مرة في حياتهم انه عندما يقول وزير الداخلية بأن الإنتخابات ستكون نزيهة وستكون حيادية، يقتنعوا ويراقبوا كل الأعمال. عملت هذا الشيء قصداً ولست مجبراً على ان أفعله ولكن انا عشت تلك الفوضى وأنا كنت ضحيّة تزوير إنتخابات وتدخّل السلطات في الإنتخابات، حان الوقت بان أدير الإنتخابات حتى خلّي غيري ما يشعر بالشيء الذي انا شعرت به من عذاب ورذالات.

ابتدأنا الإنتخابات وكانوا موجودين ويأتيني تليفون في الساعة التاسعة من جريدة "النهار" ومن غير جرايد بأن الجيش وضع المصفّحات على المديرج وفي غير تلك الأماكن وهو لا يدع الجرائد تصل. فأخذت التليفون وطلبت قائد الجيش عادل شهاب وقلت له:"يا جنرال، جاءتني أخبار بأنك والجيش منعتم دخول الجرائد الى المنطقة هذا ليس له علاقة بالجيش، أنتم موجودون لمساندة الدرك إذا كان الدرك بحاجة الى مساندة، وإلاّ انتم العمليّات الإنتخابية ليست من صلاحيّاتكم وهكذا اتّفقنا". فقال لي: "لست مضطلعاً فإني سأستفهم وأجاوب". بعد مدة يجاوبني، بعد نصف ساعة، وكنت قد عدت وطلبته فقال: "التليفون غير ماشي". لأن التليفون هنا ينقطع في أغلب الأحيان او على كل حال في الماضي كان ينقطع. يقول لي:"اعتبروا بأنه إذا سمحنا للجرائد بأن تباع في المنطقة يمكن هذا الشيء يؤثّر على الناخبين فيصبح الناخبون ينتخبون فلاناً عوضاً عن انتخاب فلان". فقلت له: "هذا تدخّل في السياسة لذلك فإني أعطيك أمراً بأن تعطي حالاً أمراً بأن يُدخلوا الجرائد إلى المنطقة". فقال لي: "أمرك". بعد نصف ساعة لم تكن الجرائد قد دخلت. فقلت له: "أنظر يا عادل شهاب، أنا أسمي ريمون إده وأنا أعطيك عشرة دقائق وإذا لم تنفّذ الأمر انا أضعك ستين يوماً في السجن لأن تلك هي من صلاحياتي كوزير دفاع. أنا لا أقبل فكرة انك لا تنفّذ أوامري، هل فهمت؟ أعطيك عشرة دقائق". وهي كانت بمدّة عشرة دقائق دخلت الصحف ولكن الجيش - انا لم اكن موجوداً في بيروت، أليس كذلك؟ - فيما بعد علمت بأنه قد تدخّل في بعض المناطق ولا يوجد هاتف والذين يريدون ان يحتجّوا لا يستطيعون ولا يقدرون ان يصلوا لي، يعني رغم الأوامر ورغم كل شيء قلته، خالف الجيش اوامري وتدخّل بدباباته ومنع الناس من الإنتخاب رغم ان هذا سالم افندي (سالم عبد النور) طالع والقومي لا يوجد له حظ واحد في المئة بأن ينجح، لأن الناس لا يريدون قوميين ولا مشاكل لأن بعد حادثة نعيم مغبغب لا يريدون المشاكل. تلقائياً الناس ميالون إلى سالم عبد النور قرابة المطران وكوتيلي*(كاثوليكي). إذن رغم أوامري تدخّلَ الجيش. في اليوم التالي أذهب وأرى الرئيس شهاب وقلت له: "انا قلت لك بأني أريد ان أستقيل من المرّة الفائتة ولكن اليوم عندي سبب جوهري للإستقالة، أنا لا يُضحك عليّ وأنا لا أقبل كوزير دفاع أن أعطي أوامر ولا تُنفّذ تلك الأوامر وطبعاً لن أطلب منك ان تُدخل عادل شهاب الحبس لستين يوماً لأنه فوّتلي الجرائد، فعادل شهاب قرابتك ولكن انا لا أقبل هذه المهزلة وهذه هي استقالتي". "إسمع إقشع* (للإقناع)". ظلّ ثلاث ساعات يترجّاني، فقلت له بعد ذلك: "وعدتني أنت أيضاً بأن هؤلاء الضباط الذين وضعتهم في الأمن العام وفي الدرك وفي البوليس بأن تقيمهم لأنها ليست شغلة ضباط الجيش بأن يهتمّوا بالإدارة المدنية لمصلحة الجيش لأنه عندئذٍ تدخل السياسة في الجيش والسياسة تُفسد كلّ شيء. نحن المدنيين إذا أفسدت السياسة أخلاقنا نصف مصيبة ولكن إذا أفسدت السياسة أخلاق الجيش هناك الخطر ويمكن يوماً ما هناك ضباط ينفسدون سياسياً ويفكّرون ان يعملوا رؤساء جمهورية مكانك ويأتي الموس لذقنك. لذلك انا هذا تفكيري وهذا تفكيري من زمان وليس من اليوم قبل ان اعمل وزيراً. لذلك أترجّاك مع شكري للثقة التي حصلت عليها من فخامتك ان تعفيني من هذه المهمّة وتكلّف غيري". طبعاً انا عندما أضع شيء في عقلي لا أحد يستطيع ان يشيله وهي كانت. استقلنا من الوزارة لأسباب انه أولاً كان قد وعدني الرئيس بأن يعدّل المراسيم الإشتراعية خاصّة التي تتعلّق بوزارة الداخلية بخصوص وجود بعض الضباط في بعض المراكز. قال لي: "أنا لا أستطيع فأنا معتاد على التعاون مع الهمشرية وأنا لا أعرف أشتغل إلآّ مع هؤلاء الهمشرية". فقلت له: "أنا همشرية لا أعرف انا أشتغل مع المدنيين". وثانياً قضية إحتجاج على تدخّل الجيش بمناسبة إنتخابات الشوف وهي كانت. استقلنا وطبعاً عندما تركت الحكم دخلت في المعارضة لأنه هذا التقليد عندما تكون في الحكم تكون موالي وعندما يكون الواحد خارج الحكم يكون معارض خاصة وإن مجال المعارضة كان واصل لدرجة انه كان من الصعب عليّ بأن لا أكون معارضاً. وهكذا ابتدأت المعارضة بعهد فؤاد شهاب.

ابتدأت المعارضة في ذلك الوقت ولكن معارضة خفيفة وظلّت علاقاتي حسنة مع الرئيس فؤاد شهاب لأني كنت أحترمه كرئيس، طبعاً عسكري والتربية العسكرية لا تتفق مع تربيتي انا المدنية وأفكاره العسكرية لا تتفق مع أفكاري المدنية، وأنا مع الجيش ولست ضدّ الجيش كمنظّمة طبعاً ولكن انا مثلما قلت ضدّ تدخّل الجيش في السياسة وبأمور المدنيين لأنه أولاً هناك شيء، فالجيش عندما يتعوّد على التعامل مع المدنيين يرتخي وتتغيّر معنويّاته وبعد ذلك يصير في شوية دلعة، فيجب ان يكون الجيش بعيداً دائماً عن المدنيين ويجب ان يعيش في محيط عسكري ويظلّ يتمرّن خاصة وإننا نحن في حالة حرب مع إسرائيل ولا يجوز ان تكون المعركة التي يجب ان يحتل فيها ليست المعركة الإنتخابية ولكن المعركة العسكرية ضدّ العدوّ الإسرائيلي.

(04:01:11)
انتخابات سنة الستين دون تدخّل يذكر للجيش ونجاح لائحة ريمون إده كلها

خمسون ثانية

مرّت الأيام وحدثت انتخابات سنة الستين. تعدّل قانون الإنتخاب ونجحت أنا وكلّ لائحتي في بلاد جبيل، انا وأحمد اسبر والأستاذ غبريال جرمان ولم يكن هناك من تدخّل او بالأحرى كان التدخّل خفيفاً في الإنتخابات لأنهم كانوا لا يزالون يخافون مني لأني كنت وزير دفاع ووزير داخلية وكان الناس يتذكّرون أعمالي كيف حافظت على الأمن في الشوف وكانت علاقاتي حسنة مع الرئيس شهاب لأني كنت أعارض الحكومة ولكني لم اكن أجيء صوب الرئيس شهاب.

(04:02:01)
استقالة فؤاد شهاب من رئاسة الجمهورية ثمّ عودته عن الإستقالة

خمس دقائق وسبعة وأربعون ثانية

بعد الإنتخابات سمعت، وكان هذا في 20 تموز، وكنت على البحر، بأن الرئيس شهاب استقال وفهمت بأن جميع الدستوريين او ما تبقّى من الدستوريين ابتداءاً من صبري حمادة، كلّهم ذهبوا الى الكسليك عند بشارة الخوري وانا ضدّ بشارة الخوري وفهمت ان بشارة الخوري وجماعة الدستوريين فرحين باستقالة فؤاد شهاب لأنه مَن سيأتي مكانه؟ بشارة الخوري. حالاً انا ذهبت الى جونية ورأيت حشداً وعجق*(زحمة) ورأيتهم يطلقون النار وأين يطلقون الرصاص؟ عند فؤاد شهاب. بهدلة، كيف يطلقون الرصاص في منزل قائد الجيش؟ فالتقاليد اللبنانية تنتقل من المدنيين الى العسكريين ومن العسكريين الى المدنيين. وصلنا الى هناك ورأينا الرئيس شهاب وكان يلبس قميصاً بيضاء sport. فقلت له: "كيف انت تستقيل"؟ فقال: "نعم استقلت". فقلت له: "ولكن انت عسكري ليس لك حقّ بأن تهرب من واجباتك وغير ذلك. ما هو سبب الإستقالة؟". فقال: "أنا قلت بأني قبلت بأن أخوض المعركة الإنتخابية، معركة الرئاسة لأني انا مهمّتي بأن أحافظ على الأمن وأردّ الأمن للبلد، والآن استتبّ الأمن في البلاد وصار هناك مجلس جديد وانتخابات جديدة وتستطيع انت الآن ان تترشّح وانا رجل عسكري، فأنا أفضّل العودة إلى الجيش لأني أنا لا أحبّ السياسة ولا أريد ان أكون رئيس جمهورية". فقلت له: "حسناً ولكن انا قبل كل شيء لا اريد ان اعمل رئيس جمهورية الآن وثانياً انت قرّرت ان تعمل رئيس جمهورية لستّ سنوات وواجباتك بأن تحكم هذا البلد وأنا قلت بأني تحت تصرّفك وأساعدك بكل شيء وأنا الآن استقلت للأسباب التي تعرفها ويمكن لا أقبل ان أكون وزيراً طالما هذه السياسة التي لا تستطيع إلاّ ان تتمشّى عليها ولكن انا لا أعتبر بأنه لك حقّ بأن تستقيل".

في الساعة الثامنة كان قد جاء صبري حماده وأناس كلّهم موجودين ولأننا شدّدنا عليه قال: "حسناً دعوني أذهب وأشاور الستّ". ونحن الستّ لا نعرفها وكنت قد رأيتها مرّة فقط. بالنتيجة ذهب ورأى الستّ ثمّ عاد وقال: "قَبِلَت الستّ". فصفّقنا وفرِحنا وطلع ضرب رصاص لدرجة انه لو سمعته إسرائيل لتراجعت وأحرقنا الإستقالة وعاد عن استقالته.

والآن هناك سؤال ممكن ان يُطرح عليّ: "لماذا استقال"؟ أنا أظنّ ان فؤاد شهاب أمير وهؤلاء الأمراء عندهم عقلية غير شكل وتفكيرهم تفكير اقطاعي بكلّ معنى الكلمة، اعتبر أنه مديون بانتخابه لجماعة كميل شمعون في ذلك الوقت ومن الجهة الثانية لم ينجح في الدورة الأولى بسببي انا لأنه لم ينجح إلاّ في الدورة الثانية وهو كأمير أمير على البلاد يريد ان يكون مُنتخباً من قبل تقريباً الأكثرية الساحقة من النواب. أكيد بأن هذه العملية عملها وهو يعرف تماماً بأني لن أترشّح ضدّه، فإننا عملناها في المرّة الأولى من أجل التاريخ وكان قد ترك الأسطول السادس ولم يعد هناك من مبرّر، فحجّتي لم تعد واردة وهو يعرف تماماً بأني لن أوافق على رجوع بشارة الخوري وغير ذلك لم نهيّء احداً حتى يحلّ محلّه وأكيد بأن كل تلك الأمور دُرِست من قِبَل المكتب ومن قِِِبَله هو وما في شكّ إنه بالرغم اني كنت مختلفاً انا وفؤاد شهاب ولكني اعتبرت بأن فؤاد شهاب هو رجل شخصياً نزيه ويستطيع ان يخدم البلد وكانت علاقاته حسنة بعبد الناصر ومصلحة البلد تقضي بأن يستمرّ ولا يجوز بأن يغيّر الشخص رئيس الجمهورية مثلما يغيّر قميصاً. وأعتقد ان تفكيره كان بأنه يريد ان يُنتخب من قِبل مجموعة المجلس النيابي وهي كانت لأنه تقريباً جاء الجميع عنده ووافقوا على بقائه. إذن حرقنا الإستقالة وعادت مشت القضية.

(04:07:48)
إنقلاب الحزب السوري القومي الإجتماعي بقيادة فؤاد عوض

ثلاث عشرة دقيقة واثنتا عشرة ثانية

والشيء المهم الذي حصل فيما بعد في ليلة وأنا نائم كانت آخر سنة الستين، يأتي أحدهم ويوقظني في الساعة الواحدة بعد نصف الليل ويقول لي: "حصل إنقلاب في الليل". وهو من الحزب وعنده لعب قمار. فعندي في الحزب ليسوا كلّهم قديسون وهو حتى يكون محمياً من البوليس اين فتح لعبته؟ وراء وزارة الدفاع وهو مرتاح وجاء وقلت له: "ما القصة؟ إنقلاب؟ ماذا تقول"؟ قال: "هناك ناطرين واحد يدعى عريف او طنوس كان في صور وهو قد قبض تعويضه والسماسرة كمشوه حتى يلعب، وهو جاء ومرّ امام وزارة الدفاع، مَن رأى هناك؟ الكابتن عوض اللي جاي من صور وكيف كانوا آتيين من صور الدبابات وكانت قد صارت الواحدة والنصف. فقال له هل تأمر بشيء يا كابتن"؟ فقال: "كلا، ولكن إذهب وبلّغ بأننا عملنا إنقلاب وأوقفنا الضباط وقتلنا فؤاد شهاب". فأخذ طنوس - لنسمّيه طنوس انا لا أذكر اسمه - فأخذ يرجف، أين سيذهب؟ إلى أقرب مكان نسميه نادي في المكان الذي يوجد فيه قمار. عندما وصل فوق كانوا قد حضّروا له المازة لأنهم يهيئونهم هناك للشباب حتى يلعبوا بدون وعي. فقال له: "لا، لعب ما في، وأنتم أين تعيشون؟ هناك إنقلاب". فقالوا له: "بلا خلط بلا إنقلاب إجلس إلعب. شو إنقلاب؟ نحن بإنتظارك أهلاً وسهلاً فيك". فقال:"يا هو يا جماعة هناك إنقلاب تعالوا وانظروا". فأنزلهم ورأى بأن وزارة الدفاع مُحاطة بالدبابات وقد وُجّهت المدافع نحو وزارة الدفاع القديمة في شارع فؤاد الأول كما كان يُسمّى.

فعندما رأى الحالة تلك أتى الى عندي في الساعة الواحدة والنصف او الثانية، دخل الى الغرفة، وانا لا أذهب الى حفلة رأس السنة لأني في اليوم التالي سأستقبل الناس وليس من لزوم في ان أذهب وأسهر وأمشي على هذا المنوال من عشرين سنة. إذن دخل عندي وقال: "يا عميد هناك إنقلاب". فقلت له:"يا جورج أنا رأسي بيوجعني وهذه المزحات اتركها". فقال: "بحياة العميد هناك إنقلاب والوزارة محاطة بالدبابات، وتلفن ترى". كانت التليفونات مقطوعة لذلك انا جئت بالسيارة. أخذت التليفون الذي هو قرب سريري وضربت النمرة فلم يجاوب احد. فابتدأت أصدّقه وعدت إلى المكتب هنا في الغرفة وعندي فيه هاتف آخر واتّصلت ولم يجاوب أحد، لأن هناك فرقة ذهبت وقطعت كل الخطوط في البلد. فمشيت بالبيجاما ويجب ان أتّصل مع احد وليس هناك هاتف، فلبست بسرعة وذهبت عند رشيد كرامي وكان رئيس وزارة ورأيت الباب مفتوحاً فسألت الحارس تحت: "هل سمعت شيئاً"؟ فقال:"كلاّ، سمعت طلقة نارية فقط". طلعت إلى فوق ورأيت الباب مفتوحاً وهناك عبد سوداني او مصري نائم ورغم اننا كنا في كوانين لا أعلم لماذا كان الباب مفتوحاً، فقلت له: "أريد أن أرى الرئيس". فقال: "مَن تكون"؟ طبعاً لن يعرفني. فقلت له:"قُلْ له ريمون إده". ثم قلت له: "إنتظر لا تقول له شيئا"ً. وعدت وفكّرت، أنا يمكن تليفوناتي مقطوعة لأنه عندما كانت تسقط الأمطار في الحي هنا كانت تنقطع الخطوط. فذهبت وأخذت التليفون وطلبت البوليس الفرقة 16 وكنت قد أسستها. لم يردّ. فقلت له: "ألا يمشي الهاتف"؟ فقال: "لنرى إذا كان الفيش موضوعاً". فرأى بأن الفيش موضوع والتليفون لا يمشي. اطمأنيت بأن الشيء جدّي. "إذن إذهب وأيقظ الأفندي". يأتي الأفندي لابساً عباية الساعة الثانية. فقال: "ما القصة يا عميد"؟ فقلت له: "لا أعرف، كل شيء أعرفه ان هذا الرجل الذي تراه هنا أيقظني وقال لي أن هناك إنقلاب وهو يسكن قرب وزارة الدفاع وأن هناك شخص يدعى الكابتن عوض عمل مشكلة وقال بانهم خطفوا أو قتلوا فؤاد شهاب وكل الطرقات مقفلة وخطفوا الضباط ولم يقل لي مَنْ. ماذا سنفعل"؟ فأخذنا نمشي مثل الدوخانين فقال لي: "تلفن*"(اتصل). فقلت له: "لا تعذّب نفسك جرّبت التليفون، غير ماشي". فقال: "لنبعث الحراس في كوميسيارية الساعة الثانية والناس نائمة وهناك ناس يرقصون، عيد". في النتيجة قلت له: "انت انتظرني هنا، انا سأذهب وأرى ماذا يحصل هناك وسأعود ولكن انتظرني هنا". ركبت مع جورج (طنوس) في سيارته وعندما وصلت امام وزارة الدفاع رأيت مثل حفلة كوكتيل فبدل ان يحملوا اقداحاً في يدهم حاملين، هذا مسدساً وهذا رشاشاً وهناك دبابات وحفلة كلام: "إنزل يا فلان بمعنى مسبّة إذا كنت رجل اطلع الى فوق حتى اورّيك"، حفلة كلام. ولا احد يطلق النار على الآخر فاما أطلقوا النار على بعضهم او اطلقوا فيما بعد. فلم يروا الاّ وانا نزلت من السيارة اريد ان اعرف ماذا يحصل فهم لا يعرفوني ولا انا اعرفهم عسكر لا أحد يعرف الثاني والدنيا ظلمة، فلقد كسروا القناديل وعييط وصراخ يأتي واحد الى عندي ويقول:"مَن تكون"؟ فقلت له: "أريد ان اعرف ماذا يحصل". ولم ارد ان اقول له مَن أكون. فقال: "اطلع في سيارتك أحسن ما اضربك دكّة* (اطلق النار عليك)". هذا جورج الذي كان معي قال: "يا عميد أنت لست متزوّجاً ولكن انا متزوّج وعندي أولاد فماذا نريد من هذه العملية؟ فخّار يكسّر فخّار. ماذا نريد من هؤلاء؟ سنروح نحن وليس لنا دخل في هذا الموضوع". أنا حقيقة خفت عليه لأن الجوّ هائج ولكن غريب مثل سيناريو روميو وجولييت، فواحد جالس تحت والثاني فوق تطلق النار لا تطلق، ولم ار بأن القصة جدية كثير. فعدت الى عند رشيد أفندي فرأيت بأن هناك كوميسار والكوميسار عيتاني فأخبرته القصة وان الظاهر يوجد شيء فقلت له: "سمعت هناك بأنهم خطفوا فلان وفلان فقط ولكن اكثر من هذا لا أستطيع ان اقول لك". رجعت عند رشيد كرامي سألت: "أين الأفندي"؟ فقال: "الأفندي ذهب الى المقاومة". فقلت له: "أية مقاومة"؟ فقال: "المقاومة عند الدنا". فقلت له: "ولكني قلت له ان ينتظرني". فقال: "ولكنه ذهب خاف لأنه علم بأن الإنقلاب من قِبل القوميين". فصرنا نفهم بعض الشيء، قوميين ما قوميين ولكن لم يكن ظاهراً بأنهم القوميين ولا أحد يذكرهم. ولكن وأنا آتٍ سمعت احدهم يقول: "هذا إنقلاب قومي". وأنا لم افهم لماذا إنقلاب قومي. وأنا عائد قلت لأذهب عند عثمان الدنا لأن طريق منزله على طريق منزلي وأنا عائد رأيت عثمان الدنا على الرصيف وهو لابس فقلت له: "يا عثمان ما القصة"؟ قال: "والله لا أعلم فلقد قالوا بان هنالك إنقلاب عمله القوميون". فقلت له: "ماذا ستفعل"؟ قال: "أنا أنتظر السيارة وإني ذاهب عند الجماعة". فقلت له: "حسناً أذهب عند الجماعة وأنا عائد الى البيت". هنا كانت الفرقة 16 - طبعاً أنا أسستها - وأنا عائد قلت لهم: "أنظروا انا أعطيكم أمراً: أي شخص يريد ان يدخل الى الإذاعة أطلقوا عليه النار أمر منّي". هم ظنّوا بأني أصبحت وزير داخلية في تلك الليلة لأني انا اعلم انه إنقلاب وما معناه، معناه إذا لحقوا ووصلوا إلى الإذاعة تمّت بلاغ نمرة واحد وكل يلازم منزله، ما نحن معتادين بفضل السوريين. فقلت لهم:"تطلقون الرصاص وانا هنا في البيت صار ما صار تعطوني خبر". قالوا: "أمرك معالي الوزير". وقد ظنوا بأني قد أصبحت وزيراً.

وقبل ان أجيء مررت على السرايا وقلت للذي يجلس على باب السرايا نفس الشيء:"إذا دخل أحد تطلق النار عليه، أمر مني، أتفهم"؟ فقال لي: "أمرك معالي الوزير". وقد ظنّوا بأني عدت وزيراً ولا أحد يعلم شيء عن الذي حصل في البلد. رجعت إلى هنا وعندما وصلت طلبني الكولونيل غانم على الهاتف الآخر. قال: "يا عميد هناك إنقلاب". فقلت له: "نعم معي خبر ومررت امام الوزارة". فقال: "نحن موجودون في الداخل وهناك ضرب رصاص وجرحى ونحن نستطيع ان نصمد حتى الآن ولكن إتّصل بالكولونيل حرب وهو موجود في الفياضية حتّى ينزّل فرقة". فقلت له: سأجرّب انا سأتّصل بالكولونيل حرب ولكن الهاتف لا يمشي. وأنا هنا طرح الصوت زلم الحزب الموجودين هنا وأخذ يأتي الواحد تلو الآخر وأصبحوا تقريباً عشرين شخصاً فبعثت شخصاً من الحزب يستطيع ان يصل إلى الفياضية وقلت له: "ولكن انت جرّب الاّ تذهب عن الطريق حتى لا يلقون القبض عليك، جرّب ان تصل للكولونيل حرب وقل له، أعطيته كلمة حتى ينزل حالاً إلى وزارة الدفاع". يصل هناك فيقبض العسكر عليه: "أنا أتيت لأرى الكولونيل حرب من قِبَل العميد". أي عميد؟ وإسمي عسكري ولم يكن دارجاً عندهم العميد ولكن هذا العسكري لا يعلم. قال: "أريد ان أرى الكولونيل حرب". فرآه وأخبره بأنه حصل إنقلاب وبأننا نطلب منه ان يأتي بفرقة تنزل تحت على الوزارة وكانت الساعة الثالثة والنصف تقريبا.ً فقد لاقى كثير من الصعاب حتى وصل ونزل مع الكولونيل حرب ولكن صارت الأخبار تجي وبعد ذلك جاءنا خبر بأن هناك شخص ذهب صوب رئيس الجمهورية فؤاد شهاب وقُبض عليه. في النتيجة تبلورت الحالة وعدت انا وحاولت أن اتّصل برشيد في المقاومة فلم أقدر فعدت وذهبت في الساعة السادسة على وزارة الدفاع تكون قد انتهت الحفلة ومَن أرى هناك؟ الكولونيل سعد ما غيره، طبعاً لم أقدر إلاّ أن أهنّئه لأنه دافع عن الوزارة في ذلك الوقت. فهمت بأنهم أخذوا الكولونيل شميّط بدون لباس بالبيجاما والجلبوط وأخذوا غير ضباط، عبد القادر شهاب وأخبروني بأنه صار في قتلى في المكان الذي كان فيه الضباط.

(04:21:00)
فشل الإنقلاب وقبض الجيش على إثني عشر الف شخص وإعتراض ريمون إدّه على سوء معاملة المقبوض عليهم

خمس دقائق وخمسون ثانية

وبعد ذلك أعطوا أوامر للدرك وفي اليوم التالي قبض على الجميع، يعني إنقلاب كرتون مثل ثورة الكرتون. يعني نحن اللبنانيون لا شيء نعمله بطريقة جديّة ولا نعمل ثورة جديّة ولا إنقلاب جدّي، يمكن خيرية بأن لا نعمل شيئاً جديّاً. بعد ذلك قبضوا على عشرة آلاف اثني عشر ألف شخص وأخذوا يوقفون عن ابو جنب لدرجة انه هناك أناس في منطقتي ليست لهم علاقة لا بالموقوفين ولا بشيء وضعوهم ثلاثماية او اربعماية واحد في غرفة واحدة. يعني النازية لم يفعلوا ذلك مع اليهود.

ذلك الوقت عملت التصريح الشهير بأني لا أقبل بأن يعامل الشعب اللبناني تلك المعاملة ولا يجوز بأن يعامل الإنسان مثل الحيوان يزربوه مثلما يزربون الخنازير، وأحتجّ بإسم حقوق الإنسان وأعمل تصريحاً يطلع في الجرائد. فيما بعد أوقفوا على ما أظنّ سبعة عشر الف واحد. إذا كنا نريد ان نعمل نفس النسبة مع روسيا في ايام ستالين عندما عمل تلك ال Purge الشهيرة يمكن يعملوا حوالي مليون وسبعماية ألف إذا كنا نريد ان نعمل حساباً حتى نعرف النسبة ما تكون. إذن النسبة هي سبعة عشر الف لمليونين، لمئتي مليون ماذا يعملون؟ يعني شيء فظيع. مثلاً هناك شخص يدعى فؤاد خوري وهو قومي، أوقفوا كل من يدعون فؤاد خوري وضعوهم في كميون*(شاحنة) واحد فيما بينهم فؤاد خوري المحامي وكان نقيب سابق وبينهم فؤاد خوري أخو بشارة الخوري، وأنا لم أزعل كثيراً ولكن لا يجوز ان يأخذوا كل واحد يدعى فؤاد خوري وظلّوا عدّة ساعات في الكميون حتى جاء أهلهم. يا سيدي هذا فؤاد خوري نائب سابق وهذا فؤاد خوري أخو بشارة الخوري. وبعد ذلك سعادة، مساكين بيت سعادة، في المكان الذي كان يوجد فيه واحد يدعى سعادة، قبضوا عليه. روقوا ماذا حصل؟

النتيجة انا عملت ذاك الإحتجاج وفي اليوم التالي كان هناك باسم الجسر وكان قد بدأ المكتب الثاني يشتغل وكانوا قد وضعوه في الإذاعة. في الإذاعة يقول: "انزعج ريمون إده لأن ثنية بنطلونه تجعلكت". فقلت له: "أنا نهار الإنقلاب كنت لابساً بنطلوني وذهبت ببذلتي أمام وزارة الدفاع ورأيت ماذا يحصل. أنا لم أكن في سريري وقاموني منه دون بنطلون وأخذوني وخطفوني، أنا لم يخطفوني بدون بنطلون أنا لست خائفاً من ان تتجعلك ثنية بنطلوني، أنا أخذت يوم الإنقلاب - وكان بإمكاني ان أجلس قرب سريري ولا احد سيأتي صوبي - ولكني أخذت سيارتي لأني اعتبرت كنائب وكوزير سابق عليّ واجب وأنا أيقظت رئيس الوزارة وأنا أعطيت خبر للكولونيل حرب وأنا عملت واجباتي كمواطن لأني ضدّ إنقلاب عسكري وأنا لو كنت حاكماً بأمري كنت هؤلاء العسكريين نيشنتهم بأربعة وعشرين ساعة، لأن العسكري الذي يعمل إنقلاب، عليه ان يعرف بأنه أو ينجح وبرافو عليه، أو لا ينجح وله كمكافأة رصاصتين او إثنا عشر رصاصة".

في ذلك الوقت بدأت تعلق من جديد بيني وبين المكتب الثاني وبيني وبين الجيش لأني دافعت عن حقوق الإنسان وهذا لا يجوز. أوقفوا سبعة عشر الف، انتهت القضية بأن حكم ثلاثماية واحد محكمة عسكرية، وكيف صفوا كلّهم في الخارج وهناك البعض في الداخل وهذه هي القصة. لكن الطريقة التي حصل فيها الإنقلاب لا أعرف من شجّع للإنقلاب ومن ساعد على الإنقلاب ولكن هذا الإنقلاب ساعد الجيش بأن يسيطر، وأنه هو المنقذ هو خلّص البلاد فهم منكم وفيكم هؤلاء الضباط، انت ايها المكتب الثاني ماذا تفعل؟ أنت يا كولونيل سعد عوض ان تلعب ترمب فواجباتك ان تعرف بأن هناك ضابط يدعى فؤاد عوض وآخر لا أعرف اسمه شوقي خير الله وأن هناك مؤامرة هذه هي شغلة المكتب الثاني وليس بأن تعرف بأن هناك فتاة اتّصلت بـ ريمون إده وتعلم ماذا ستقول له الفتاة على الهاتف وأين ذهب وشمّ الهوا ومن يعاشر، فهذه ليست شغلتك، فأنت شغلتك ايها المكتب الثاني بأن تعرف ماذا يفعل الضباط والعسكر. وبعد ذلك هذه التوقيفات التي عملتوها والمخالفة لحقوق الإنسان وكل هؤلاء القتلى الذين ماتوا دون محاكمة وقوّستوهم* (اطلقتم النار عليهم) في الثكنات وغير الثكنات، وهذا لا يجوز، سيأتي يوم ويحاسبونكم عليه. وابتدأت المعركة بيني وبينهم وهذا كل ما أذكره من قضية القوميّين، رغم انه فيما بعد كافأني القوميون ومشوا ضدّي ولكن هذا ليس له أهمية لأني عندما أشتغل، أشتغل على أساس مصلحة بلادي ومصلحة الإنسان اللبناني بقطع النظر بأني لا أعمل حساب بأني في الغد أربح عطف القوميين. أنا ضدّ القوميين لأني أعرف بأن أناس يقولون: "تحيا سوريا"، في لبنان، أنا لا أوافق. "تحيا سوريا" في سوريا ما قدروا يقولوها، في العراق لم يقدروا ان يقولونها، فأضحى هذا الحزب السوري منبوذاً من سوريا وبعد ذلك انا أعتبر بأن كل شخص يعيش في هذا البلد يجب ان يشكر ربّه لأنه عايش في هذا البلد خاصة في الظروف الحاضرة. رأينا حفلة المشانق في العراق والآن تحسّن الوضع نوعاً ما في سوريا رغم ان قضيّة الجولان لا تشرّف البعث ولكن لا يجب ان ندخل في امور غيرنا.

(04:26:50)
بدء المعارضة الحقيقية للمكتب الثاني واشتغل الجيش ضدّي في انتخابات الـ64

ثماني دقائق وسبع ثوانٍ

في ذلك الوقت ابتدأت المعركة جديّاً ونهائياً بيني وبين المكتب الثاني. أثناء الإنقلاب لم يلقَ القبض على كميل شمعون، فهناك صلاح لبابيدي وفؤاد لحود، على كل حال أعرف بأن هناك أناس كثيرون أوقفوا ولم يكونوا من القوميين بل كان عندهم أهل من القوميين او تداخلوا في الأمور. فؤاد لحود كان ماروني وكانوا يريدون ان يتخلّصوا منه وكان شمعوني وكانوا يريدون ان يقضوا على جميع الشمعونيين الذين كانوا في الجيش لأنهم كانوا دائمي الخوف بأن يعود شمعون ويلعب دوراً، ولكن انا الدعوى كلها لم أهتمّ ولم أتداخل بها، وهذا الشيء الذي أعرفه في قضية الحزب القومي. طبعاً استمرّت معارضتي للحكم وفي سنة الـ 64 كانت هناك معركة إنتخابية وأنا في ذلك الوقت وضعوا لي نقطة عسكرية على نهر ابراهيم، وأقول وضعوا لي لأنه ليست من حاجة في ان تكون موجودة هناك، فبإمكانهم ان يضعوها على الحدود ولكنهم وضعوها على مدخل نهر ابراهيم. خضت المعركة في ذلك الوقت وتألّفت لائحة مخاصمة لي: الدكتور سعيد شهيد الخوري والأستاذ علي الحسيني. وأنا طبعاً الجيش حاربني.

وعندما اقول بأن الجيش حاربني يعني حرب بالمعنى الصحيح، يعني دبابات وكميونات والذي رأى هذا العدد الكبير من العسكر يعتقد بأن الجيش ذاهب إلى الجنوب حتى يردّ هجوماً إسرائيلياً، ولكن أهل الجنوب لم يروا حشداً كهذا، فلقد رأوه عندي في جبيل، وأنا لست زعلاناً الآن لأني أعتقد بأن الجيش اللبناني تمرّن لأنه منذ سنة الـ 58 لم يعمل مناورات فإنه تمرّن على حسابي وأكون انا أدّيت حصّتي من الخدمات للجيش، هذا الجيش اللبناني الذي لم يعد يعمل مناورات ككل جيوش العالم، فتحت له المجال بأن يتمرّن على حسابي. ابتدأت المعركة وكما قلت لك كانوا قد وضعوا لي نقطة على مدخل نهر ابراهيم. سياراتي فيها إشارة الحزب كانوا يوقفوهم ويفتّشوهم حتى يؤخّروا وصول الناخبين والناخبات إلى أقلام الإقتراع، وأنا منطقتي بعيدة، تبدأ من البحر لأفقا وإلى لاسا والمنطقة هناك منطقة جردية وفي تلك الأيام لم تكن فيها طرقات وكان هناك كما ترون في الصورة دبابة وخيمة وعسكر والقلم كان تحت الخيمة والشخص الذي يريد ان ينتخبني عليه ان يصل إلى خيمة العسكر والدبابة كانت موجودة حتى تكشّ الذباب يمكن. النتيجة انتصر الجيش عليّ بكل بساطة، خيرية، لأن من الناحية الوطنية يجب ان ينتصر الجيش عليّ ولكن انتصر مرّة عليّ.

بعد مضي سنة توفي الدكتور سعيد ففرغ مكانه، طبعاً أجبرت على ان أخوض المعركة والجيش الذي كان قد تمرّن سنة الـ 64 أخذ راحته أكثر وأكثر واتّخذ التدابير وكانت أوسع وكان تنظيمه قد تحسّن كذلك، تنظيمه من ناحية المعركة الإنتخابية. وأذكر في 5 تموز قبل الإنتخاب كنت طالعاً إلى أفقا وكانوا قد اتّفقوا بأن الجيش لا يتدخل، وعدوني على كل حال. وحتى يتدخّل الجيش اراد المكتب الثاني ان يوجد سبباً، لأني عندما اقول جيش أعني المكتب الثاني. عندما طلعت في 5 تموز الى أفقا كان هناك اثنين من الأمن العام يراقبونني ويواكبونني.

وصلنا الى مكان قرب بيت الخازن وهناك جبال عالية جداً وما كدنا نصل لم نر الاّ والرصاص ينزل من كل الجهات، نحن نزلنا من السيارة والجماعة الذين كانوا معي لم يكونوا مسلّحين لأنهم ذاهبون إلى معركة إنتخابية وليس إلى الصيد او الى مقاومة إسرائيل، أنا ضدّ السلاح في تلك الظروف ولم نستطع ان نعرف من اين يأتي الرصاص لدرجة ان هؤلاء الإثنان التابعون للأمن العام فؤاد ابو عيد وطلال البعيني هؤلاء المساكين تخفّوا وراء صخرة والظاهر ان الرصاص يلحق الذي يهرب منه، لحقهم الرصاص فجرحوا واحد ظلّ ستة أشهر في المستشفى العسكري والآخر شهر، انا ظلّيت على الطريق والرصاص حولي ولم يصبني شيء وحشريتي كنت اريد ان اعرف من اين يأتي الرصاص والجبل بعيد وطبعاً كانوا يطلقون الرصاص بالمرتيني. فبعد ان استطعنا ان نأخذ سيارة واستطعنا ان ننسحب من مكان المعركة لأني كنت قد رأيت اوتوميترايوز للدرك فقلنا له: "يا سيدي هناك اناس يطلقون النار علينا هل تريد..".فقال: "ليس عندي اوامر". فقلت له: "حسناً انت جالس هنا وعندك هذه السيارة وهذا المدفع لماذا؟ لتصيد الطيور؟ تعال وانظر الرصاص هنا". فجاء، عندما وصل اخذوا يطلقون النار عليه عندئذٍ الضابط خاف كذلك فأطلق ضربين قويّين فظنّ أولئك بأن الأوامر قد تغيّرت وإنهم لم يعد مفروضاً فيهم ان يطلقوا النار عليّ فتوقّفوا عن إطلاق النار.

عندما حدث هذا طبعاً جرائد بيروت طلعت وقالت :"مؤامرة على ريمون إده"، والصحف تنتظر خبراً من هذا النوع حتى تعمل نشاطات وتبيع. حالاً الرئيس شارل حلو خاف على صحّتي وقال كلاّ يجب ان نبعث له الجيش. فقلت له: "يا سيدي نحن نشكو من الجيش"، وهذه مؤامرة ركّبها المكتب الثاني لأننا اتفقنا على الاّ نبعث الجيش وعمل هذه القصة يمكن كنت سأموت فيها لأنهم يطلقون النار على ثمانمئة متر ولن يعرفوني على البعد طلع بفخاذ هؤلاء المساكين التابعين للأمن العام وأنا لا زلت على قيد الحياة ولكن النتيجة بأنّهم يقولون كلاّ هذا ريمون اده ما بصير يجب ان ندافع عنه ونبعث الجيش. إسمع واقشع لم تكن هناك طريقة. بعثوا الجيش الذي جاء واستلم. إذن هذه هي الأشياء العادية.

(04:34:57)
فوز العميد بالإنتخابات سنة الـ65 ضدّ المكتب الثاني والجيش وسقوطه سنة الـ 66

ستّ عشرة دقيقة واثنتان وخمسون ثانية

نهار الإنتخاب نفس الشيء وزّعوا حوالي الفين او ثلاثة آلاف مأذونية نقل سلاح، لمن؟ لأخصامي طبعاً. أنا جماعتي تسلّحوا دون عملة لأنها أصبحت قضية دفاع عن النفس وأنا سياراتي أوقفوها على نهر ابراهيم ويوقفونها في كل الأماكن حيث عملوا حواجز فكانت حالة حرب فلو انّهم عملوا هكذا في كفرشوبا اليوم يا محلانا كنا.

النتيجة انتصرنا على الجيش وأنا لا أحبّ ان انتصر على الجيش. انتصرنا على المكتب الثاني يعني رغم كل الدبابات والعسكر والخوف والتزوير والضغط على الناخبين والناخبات. اللّه وفّق وانتصرنا في الواقع على الجيش ولكنا انتصرنا على رذالات المكتب الثاني. ذهبنا بعد ذلك وقدّمنا شكوى ضدّ مجهول فهؤلاء الإثنين الذين أصيبوا هم موظفو الأمن العام وكانوا في الخدمة وصارت هناك شكوى كما قيل لي ولكن كل شيء أعرفه هو بأن المستنطق العسكري لم يستمع بعمره للمفوّضين الإثنين وظلّوا في المستشفى العسكري أحدهم لا يزال يعرج بعض الشيء وأظنّ بأنهم أعطوهم اكرامية بسيطة. هذه كانت النتيجة ولكن الدعوى ضدّ مجهول أوقفوها لأنه ليس مجهول. حصل هذا سنة الـ 65 إذن طلعت نائباً. سنة الـ 66 يتوفى الدكتور شهيد الخوري، لدرجة بأنهم ظنّوا ان كلّ واحد يدقّ بي في المنطقة يحدث له حادث، وأنا لا أريد ان أقتل احداً طبعاً انا لا استطيع ان اترشّح مرّتين، فرشّحت محل الدكتور شهيد الخوري الدكتور انطوان شامي الذي كان رئيس البلدية وهو من حزبي.

نفس الشيء هذه المرة كذلك فتداخلنا وقلنا بأن الجيش لا يجب ان تعلّموه ولا يليق للجيش بأن يلوّث يديه بتلك المعاملة فيجب ان ندع الجيش للدفاع عن الوطن ضدّ العدوّ ليس في قلب البلد، وغير ذلك هذا انتخاب فردي وليس انتخاب عام حتى تخافوا، فهناك درك يكفون وأمن عام يكفون ولا يستحقّ ذلك كل تلك القصة. الدكتور شامي نازل في الإنتخابات ضدّ زوجة الدكتور سعيد كلا ضدّ اخوه نجيب الخوري الذي طلع.

إذن نفس الرواية، الحاجز في نهر ابراهيم وهو لا يزال موجوداً: دبابات وما أشبه ذلك. وهذه المرة كانت على أوسع بكثير لأنهم يريدون ان يأخذوا ثأرهم من انتصاري. أنا الذي انتصرت قبل سنة. هناك بدوية من اللقلوق أذكر اسمها تدعى ديبة تأتي وتخبرني بأن ابنة اختها التي كانت ستجلس على القلم من قِبلي في اللقلوق جالسة في شكا لأن هناك عرب في شكا. وجاء اثنان من الجيش قالوا لها: "أنتِ لن تطلعي غداً". فقالت: "كيف لن اطلع؟ انا عندي ورقة وسأطلع لأني انا من ِقبل العميد على الصندوق"، وبعد ذلك أخذوا والدها وقالوا له: "أنت لن تدع ابنتك تطلع". "وأنا ما استطيع ان أعمله" قال الأب وهو عجوز. في النهاية أخذوه في الجيب وذهب الجيب الى طرابلس، في نصف الطريق بين شكا وطرابلس أنزلوه وقالوا له: "أنت تعود الآن الى بيتك وتفكر، غداً في الساعة الثامنة او العاشرة في الليل نعود وإذا لم تمنع ابنتك فأنت تعرف ماذا سيحصل لك". هذا يخبر ديبة التي جاءت وأخبرتني وتقول بأن صار في هذا التهديد وسيأتون الساعة العاشرة والنصف ليأخذوا والد سميرة، الفتاة التي ستجلس من قِبلي. أنا كنت قد أنهيت الترتيبات اللاّزمة في جبيل وضعت ديبة في سيارتي وذهبت انا وديبة والسائق والمرافق لي. وصلنا وأنا لأني تعبان كثيراً نمت في السيارة وديبة أخذت تغنّي بدوي. وصلنا الى شكا امام الباب. عندما وصلنا أيقظتني ديبة: قمْ يا عميد أنظر الجيب، رأيناه عن بعيد لأننا خرجنا عن طريق زفت دخلنا في بستان وهناك طريق رمل توصّل الى البيت وقد رأيت شبه جيب امام البيت فقالت: "أرأيت؟ أتوا حتى يأخذوا والد سميرة". والد سميرة كان قد هرب وابنته ايضاً والظاهر انهم منتظرون، فلما جئنا نحن ورأوا السيارة وهي تصل، حالاً مشى الجيب من هناك. أنا قلت للسائق بأن يتوقّف ونزلت وجلست في نصف الطريق حتى أمنع الجيب من المرور فلما رآني الجيب أسرع وحاد عن الدرب وعندما خرج من الطريق كان انقلب الجيب لأنهم حافرين حفراً وفالحين الأرض هناك طلع الجيب ونزل فظننت انهم سيقلبون فأخذت ديبة تشتم ولم تترك شيئاً لهؤلاء الإثنين اللذين هربوا مثل الأرانب وجاؤوا وكسروا عليّ ولكن ديبة كانت قويّة وبما ان الجيب مفتوح دفعت السائق فأجبر ان يكوّع ولكنهم هجموا عليّ مثل قضيّة Z. في فيلم Z الذي جاء من شهرين هنا وقصّة الفيلم مثل قصّتي انا. النتيجة انا النائب الذي يدافع عن الحريّات الديمقراطية وكان شيوعي ولكني لست شيوعياً هذا يشبه وضعي. وقلت لجنبلاط: لنأتِ بالفيلم حتى نرى ما يحصل في البلاد الأخرى. في ذلك الوقت أخذنا نمرة الجيب وهي تحمل الرقم 503168 وعملنا مشكلة ومَن سينشر كل تلك القصة؟ في اليوم التالي انتهينا من هذه القصة وقد جاء أهل شكا وقد عرفوا وأخذ كل واحد منهم يحتجّ على تدخّل الجيش وهذا الجيب الذي يتمرجل على رجل مسكين وعلى فتاة تريد ان تطلع إلى القلم، النتيجة لم نستطع ان نبعث احداً الى اللّقلوق لأن العرب الّذين كانوا معي لم يدعوهم يطلعون والّذين هم فوق عبّوا الصندوق مثلما كانوا يفعلون في انتخابات 25 ايار المشهورة سنة 1947. في اليوم التالي نهار الإنتخاب في الساعة السابعة صباحاً أوقفوا لي حوالي 50 شخصاً يعني كل زمبركات* (محركات) الحركة يعني كل الأشخاص الذين يديرون الحركة، ففي الإنتخاب نوع من الاستراتيجية وبين هؤلاء هناك محامون وأطباء ومهندسون ووجهاء، هؤلاء كانوا كل واحد بمنطقته، مثلاً هناك أناس في الشمال وفي قرطبا في أناس وفي قرنة الروم هناك أناس يعني المنطقة مقسّمة. في السابعة صباحاً أوقفوهم، وماذا يحصل في الضيعة عندما توقفي الزعيم او المختار؟ تنشلّ . يركض الأهالي عندئذٍ وراء الزعيم. يا عميد من هنا ويا عميد من هنا ولكن العميد هل هو اللّه حتى يكون موجوداً بنفس الوقت في كل مكان؟. وكذلك اخترعوا شيئاً جديداً هناك "الكونسنترايشن كامب" في المانيا، فعملوا هنا مثله ولكن تحت الأشجار، فأوقفوهم، فصرت انا أروح وأجيء وأصرخ وكان بيار الجميّل وزير الداخلية فقال: "لا يوجد شيء رايقة". فقلت له: "شو رايقة؟ تجلس في السراي وتقول رايقة؟" وأجمل شيء أذكر الآن عندما جاء بيار الجميّل انا كنت أدور وأتفقّد الكامبات، هؤلاء موقوفين تحت الشجرة، هنا عشرة هناك عشرين هنا خمسة، النتيجة حتى أعمل حسابي، آتي وأجيب اللآئحة. وكان زبائن الحزب يجيئوني بالأخبار اين هم موقوفون ففي كل دقيقة كانوا يوقفون شخصاً لي. يأتي الشيخ بطرس الجميل وزير الداخلية في الثامنة او الثامنة والنصف قال: سأذهب الى السرايا وأين أذهب أنا الى القائمقامية فدخلت ورأيت المحافظ محافظ الجبل والقائمقام الإثنين يتسلّون بالمسبحة ليس عندهم عمل. فقلت لهم: "هل انتم عاطلون عن العمل واليوم انتخاب؟" قال: "الشغل فوق في الطابق الفوقاني". فقلت لهم: "الوزير اين؟" قالوا: "فوق". يعني الطابق الثالث الجيش يعني كل الـ état majeur بقيادة واحد يدعى انطوان سعد، الكولونيل انطوان سعد نفسه الذي علقت فيه عندما كنت وزير داخلية والشيخ بيار جالس وراء الطاولة وهو مسرور فهؤلاء العسكر يضربون له السلام وكانت عنده عدة مكنات شيء يضوي اخضر شيء احمر راديو لاسلكي تليفونات يعني فرح بيار الجميل بأن يلعب دور قائد الجيش. من تحارب هنا وما هي هذه المعركة العظيمة التي تديرها انت وكل هؤلاء. دخلنا: السلام عليكم. فردّوا السلام. فقالوا تفضّل يا استاذ. فجلسنا. فقال: "ما القصّة؟" فقلت له: "ما القصة؟ اول كل شيء الحاجز على نهر ابراهيم يوقف لي جماعتي". فأخبرناه قصة البارحة وأخبرناه كيف أصبح عندي حوالي 50 شخص موقوفين والكامبات موجودين في غرزوز في حالات في العاقورة الخ وعندي اللوائح واني اعطيهم. يسأل الكولونيل سعد الذي كان هو يدير الحركة وهو الآن يديرها في الجنوب ولا احد يحسّ به، فيسأله هل هذا صحيح؟ فأجاب: "كلا". فلم استحِ وقلت له: "انت يا كولونيل سعد نعرف بعضنا فأنت كذاب وجبان وأنت شرشحت الجيش وأنت جعلت من الجيش مضحكة للناس وحرام على هؤلاء الضباط الجدد الذين ذهبوا ودرسوا في فرنسا وانكلترا وأميركا بأن تدعهم يشتغلون تلك الشغلة التي لا تليق بالجيش وهذا ليس جيش فؤاد شهاب بل جيش الجمهورية اللبنانية هذا جيش الشعب اللبناني وليس لك الحق في ان تلوّثه مثلما تفعل". فلم أخلّ ولم أبقّ فالآن لا أذكر ما قلت له يعني لدرجة ان وزير الداخلية اخضرّ واصفرّ وأنطون أفندي سعد كذلك وقلت له:"لو كنت مكانك وعندك شويّة دمّ وسمعت هذه الشتائم لسحبت هذا المسدس الذي تضعه على جنبك ولضربتني دكّتين ولكنّك جبان لا تتجاسر ان تفعل ذلك". وقلت ذلك امام الضباط الذين كانوا موجودين. وبعد ذلك قلت لبيار الجميل: "أنت ماذا تريد من هذه الشغلة فهذا كذّاب انا أعرفه وجبان إذا انت حقيقة تريد أن تعرف شرّف وأنا أدلّك على مكانهم". فقال:"كلا انا أصدّقه". وكان بيار الجميل يخاف من أنطون سعد. وفي النهاية قال: "أنا أبعث لك ضابطاً". يأتي الضابط في حالات وفيها كانوا قد أصبحوا عشرين واحد تحت الشجرة لأنهم كانوا قد لمّوهم من كل المناطق. فقال: "حسناً ركّبوهم في السيارة". فقلت له: "كلا هؤلاء سيذهبون في السيارات وأنت واكبهم". قال:"حسناً حتى يأخذوهم إلى السرايا". ركبوا في السيارات مع ضابط الجيش الذي كان قد بعثه انطون سعد على اساس انهم يذهبون أين؟ على السرايا. وإذ يأتي جيب مع أوامر جديدة: كلا هؤلاء لا يذهبون إلى السرايا هؤلاء يذهبون إلى بعبدا. يا أخي أنا أريد أن آخذهم إلى السرايا حتى يخلوا سبيلهم حتى يستطيعون ان يذهبوا إلى عملهم. فقال: "نذهب إلى بعبدا". فقلت: "حسناً نذهب إلى بعبدا". أنا مررت وتركت الجيب ورا وتركت سيارتي ورا وجعلت السيارات الإثنين مع الضابط في الأمام تمرّ وقلت للسائقين: "تذهبون رأساً إلى جبيل". عندما وصلنا آخر الطريق قبل ان نصل على طريق طرابلس قلت للسائق:"قف". فوقفت السيارة وهي دائرة وأضحى الجيب وراءنا وأخذ يطلق الزمامير فقلت له: "تعطّل الموتور". في هذا الوقت وصلت سيارتان مع الضابط الذي سار في الأمام على السرايا وبعد ذلك لحقنا بهم إلى السرايا. جئنا: "أين الخواجا الكولونيل سعد؟" قال: "ليس هنا". أين الوزير؟ قال: "ليس هنا". إذن هرب الإثنان.

وهذه الأسماء أستطيع ان أقرأها فهناك مثلاً: الأستاذ أنطوان صعب المحامي، الدكتور نعوم عيسى وهو حكيم اسنان وهناك ريمون غالب وهو مختار، يوسف بركات وهو مهندس من الجامعة الأميركية، هؤلاء كلّهم أوقفوا تحت الأشجار حتى الساعة الثانية عشرة ظلّوا موقوفين وهؤلاء خواجات لا يزوّرون ولا شيء. النتيجة انتصر الجيش على الدكتور انطوان شامي، انتصر الجيش اللبناني على انطوان الشامي من جبيل.

وأذكر ايضاً حادثاً آخر، فهناك مختار يدعى حسين اسماعيل المقداد في لاسا وعمره سبعين سنة يأتي عنده في الليل ناس درك ومن المكتب الثاني. حسب العادة في تقاليد المختار يطعم هؤلاء الناس. في اليوم التالي يأتي أناس، كان في البستان في الصباح يوم الإنتخابات يسقي بستانه، يأتي اثنان ويفتّشونه ويلاقون في جيبه علبة خرطوش ستّة ميلي، هذا في الحقل يسقي بستانه قبل موعد الإنتخابات، هم الظاهر وضعوا له في جيبه علبة خرطوش فألقوا القبض عليه: تفضّل إلى المحكمة العسكرية، وأنزلوه هذا المختار المسكين العجوز في جبيل كل النهار في قفص (أرجعناه إلى الوراء لأنه كان على مدخل السرايا) وبعد ذلك ذهب إلى المحكمة وبعد ذلك دبّرنا الأمور ورأينا بأنه كذلك جماعة المكتب الثاني هم الذين عملوله هذه الرذالة لرجل عمره سبعين سنة. إذن المكتب الثاني انتصر على الدكتور شامي.

(04:51:49)
انتصار العميد على زوجة الدكتور سعيد في انتخابات الـ 68

أربع دقائق وتسعة وأربعون ثانية

راحت الأيام انتخابات الـ68 كذلك نفس القصة على أخفّ لأن أهالي جبيل اعتادوا ولم يعودوا يخافون لا من الدبابة ولا من التوقيف، عرفوا بأنّهم يوقفون تحت الشجرة أو في السرايا وفي المساء يطلعون. النساء هجموا وقلنا بأنها هذه المرّة صار دور النساء وعلّمناهم بأنه إذا توقّف واحد منكم في الضيعة لا تخافوا وتضيّعوا وقتكم انتخبوا على بكّير وإذا توقّف أحدكم لن يصيبه شيء. وهكذا حصل ورغم ذلك لم أنتصر إلا بمئة وأربعين صوتاً ضدّ المرأة زوجة الدكتور سعيد الذي كان قد توفي، لأن هذا فؤاد شهاب بقدر ما إنه بحبّ ان يذلّ الناس لأن هذا تفكير أمير قديم قال أنا سأنزّل زوجة سعيد، إذا انا انتصرت يقولون هذا شاف حاله وقد انتصر على إمرأة وإذا انكسرت شوفوا هذا العميد الذي بطحته إمرأة. هذا كان تفكير فؤاد شهاب. اللّه وفّق وانتصرنا على المرأة بـ 140 صوتاً وانتصر معي من لائحتي أحمد اسبر، انكسر إميل روحانا الذي كان من لائحتي وانتصر من الجهة الثانية نجيب الخوري وكانت هذه هي المرحلة وبعد الإنتخابات انتخابات الـ 65 كان هناك قائد جيش جديد يدعى إميل البستاني. تقابلنا معه لأول مرّة ذهبت ورأيته وأخبرته بما حصل في انتخابات الـ 1965 وكيف تدخّل الجيش وماذا عمل، تأثّر معي فقلت له: "لا يجوز بأن يفعلوا هكذا بالجيش وأحتجّ بأن هناك مأذونيات نقل سلاح بكثرة في المنطقة ولماذا؟ ليست هناك منطقة الحدود لتعطوا سلاح حتى يقاوم الأهالي إسرائيل، منطقة آمنة وليس فيها قصّة مشاكل بين الإسلام والمسيحيين فهناك شيعة والمسيحيون عائشون وعلاقاتهم حسنة ولا يجب ان تفسدوا أخلاق الناس. فقال لي: "معي خبر في عشرين الف مأذونية نقل سلاح في الجمهورية اللبنانية وأعطيت أمراً بأن ينقّصوا العدد الى الخمسة آلاف". فقلت له: "حسناً ولكن هؤلاء الذين تراذلوا يجب ان تحوّلهم على المحكمة العسكرية، هؤلاء الضباط الذين تراذلوا بأمر فيمكن ضمناً الضابط لا يريد ان ينفّذ مهمة كهذه لأنه شاعر بأنهم يشغّلونه شغل لا يليق بعسكري ولا يليق بضابط جيش محترم". فقال: "سنرى". ولم يفعل شيئاً لأن هذا كذلك ليس له مصلحة بان يقوّيني ولا يهمه الجيش كثيراً وبعد ذلك رأينا ماذا حصل بعد ضرب المطار ذهب الى الدفن عوض ان يأتي ويحضر جلسة لمجلس النواب. هذه هي قصة انتخاباتنا سنة الـ 68.

مثلما قلت انا سنة الـ 64 انتصر عليّ المكتب الثاني وكانوا في ذلك الوقت قد أنزلوا كل الجهود حتى يمنعوني من النجاح لأنه كانت هناك معركة رئاسة الجمهورية وأنا طبعاً لم أكن نائباً ولا يجوز ان أترشح لأن تجاه الرأي العام من جهة بأن شخصاً خسر في منطقته لا يجوز بأن يصبح رئيس جمهورية من الناحية الديمقراطية وأنا مقتنع بالديمقراطية وأنا شخصياً رأيت بأنه لا يجوز رغم ان الجيش والمكتب الثاني هم الذين تداخلوا.

(04:56:38)
ترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية ثمّ الإتّفاق على ترشيح شارل حلو

دقيقتان وعشرون ثانية

في ذلك الوقت رأيت انه اجتمعت انا وسليمان فرنجية فقلت له: "إذا كنت انت تريد ان تترشّح نحن معك"، لأني انا لا أستطيع ان أترشّح واتّفقنا مع صائب سلام ومع المعارضة بأن نرشّح سليمان فرنجية وبعد ذلك حدثت تدخّلات، وفي ذلك الوقت ما روح القدس تداخل الآن، روح القدس مين؟ لا أعلم ونبذ فجأةً شارل حلو وتمّ الإتّفاق بأن نصوّت له تقريباً بالإجماع.

بيار الجميل وهو دائماً يقلّد كل ما أفعله، فعندما رأى بأني ترشّحت في الزمانات ضدّ فؤاد شهاب وإنه صار عندي شيء لم يكن موجوداً عنده، يعني انا ترشّحت لرئاسة الجمهورية،صحيح سقطت سنة الـ1958 وهو رئيس حزب وأنا رئيس حزب، هو نائب وكذلك انا، هو وزير سابق انا وزير سابق، بعد في شي عندي إيّاه أكثر منه هو انني ترشّحت لرئاسة الجمهورية وهو ما ترشّح لرئاسة الجمهورية لأن الكتائب يفكّرون لبعيد. في ذلك الوقت ترشّح هو ضدّ شارل حلو وقال إنه سيستمرّ في الترشّح لأسباب مبدأية ولكن انا عندما ترشّحت ضدّ فؤاد شهاب صحيح انه كانت هناك أسباب مبدأية، في قضية ديمقراطية والأسطول السادس وأنا مدني أترشّح ضدّ واحد عسكري، فهناك شيء يدعى مبدأ ولكن هنا لا يوجد مبدأ، فهنالك واحد مدني كان في الكتائب معك عندما أسست الكتائب ابن الحلو ولا يضرّ ولا ينفع. في النتيجة لم يكن هناك مبرّر لاستمرارك في معركتك ولكنه استمرّ في معركته، وشارل حلو طلع بأكثرية الأصوات ما عدا أصوات الكتائب. وأجبر طبعاً سليمان فرنجية على الإنسحاب. وكذلك نحن بحثنا في قضية التجديد لفؤاد شهاب.

(04:58:58)
حرب 5 حزيران سنة الـ67 وانكسار الجيش المصري

ثلاث دقائق وتسعة وأربعون ثانية حرب الـ 67 كان طبعاً مفاجئاً واجتمعنا في خمسة حزيران في مجلس النواب والأخبار كانت تأتي مثل أخبار العرب. نحن هنا في الشرق نتحمّس بسرعة ودائماً العاطفة تؤثّر علينا.كل دقيقة تأتينا خبريّة بأنّهم أسقطوا مئة طائرة وماءتي طائرة يهودية لدرجة انّنا عملنا حساب عندما اجتمع مجلس النواب لم تعد توجد طائرات في اسرائيل. اجتمعنا وطبعاً كنا مبسوطين بأن نتخلّص بعد عشرين سنة من إسرائيل وانتصرنا عليها وجوّ حماسي ونشيد وطني وأعطينا الصلاحيات الإستثنائية للحكومة بأن تعمل ما تريد لأنه لم يعد هناك من وقت معارضة وموالات للدفاع عن الوطن وللهجوم على إسرائيل. نحن لم نهجم لأن الدور الذي كان مُعطى للبنان بموجب الدفاع المشترك انه هو بسبب ضعفه من الناحية العسكرية او بسبب إمكانياته المحدودة بأن يحافظ على الحدود أولاً الجيش الإسرائيلي لم يأتِ صوبنا وثانياً وقفنا. ولا أعلم إذا قلت لك ان إميل البستاني فيما بعد قائد الجيش اللبناني هنّوه لأنه لم يحارب ومن أيام ما وجد الجنرالية من أيام هانيبعل وقبله وبعده هذا أوّل جنرال يهنّوه لأنه لم يحارب وليس لأنه حارب وانتصر في معركة بل لأنه لم يحارب. نحن اللبنانيون هكذا ولسنا وحدنا، عبدالناصر قلب إنكساره الى انتصار ونحن كذلك قلبنا عدم المحاربة الى انتصار وهنّينا في ذلك الوقت قائد الجيش.

في اليوم التالي راحت السكرة وجاءت الفكرة، رأينا ان الطيران المصري تحطّم قبل ان يطير والطيران الإسرائيلي لا يزال يملك السماء وهو المنتصر ورأينا بأن الجيش الإسرائيلي انتصر وسمعنا عبد الناصر على التلفزيون وأسماها نكسة، يمكن في العربي المصري النكسة شيء مهم كثيراً ولكن هنا في لبنان عندما يقول الواحد انتكس يعني ترشّح او مرض قليلاً، انا هذه العبارة كانت تنرفزني ويقولون لي أنت لا تعرف عربي، النكسة يعني هزيمة. فقلت فليسميها هزيمة فهذه كلمة عربية هزيمة بكل معنى الكلمة لماذا نستحي ان نقول بأنها هزيمة لماذا نسميها نكسة؟ على كل حال هذا الشيء الذي حصل بما خصّ لبنان وطبعاً الدولة استثمرت هذه الصلاحيات الإستثنائية التي حصل عليها المجلس في تلك الفورة حتى تعمل عدّة قوانين، والجيش اغتنم الفرصة حتى يعمل قوانين لمصلحته وحتى يسيطر أكثر وأكثر على المدنيين. هذه القوانين التي نجرّب اليوم ان نعدّ لها. وأنا تقدّمت فيما بعد بالتعديلات ولم استطع واليوم كمال جنبلاط يجرّب بان يحصل على التعديل. هذا بما خصّ 5 حزيران.

(05:02:47)
إستقالة شارل حلو بسبب ضغط المكتب الثاني عليه وعودته عن الإستقالة شرط ان يؤلّف حكومة كما يريد وكان للعميد مشاركة فيها

سبع دقائق وسبعة وأربعون ثانية

هناك انتخابات الـ 62 انتهينا منها فأضحينا في أزمة رئيس الجمهورية. يوماً ما لا نعلم لماذا أراد رئيس الجمهورية ان يستقيل. اجتمعنا عند صائب سلام وعند كامل الأسعد ودرسنا الوضع وبعد ذلك في الساعة الثانية بعد نصف الليل عدنا وذهبنا كلّنا معاً عند رئيس الجمهورية. لماذا تريد ان تستقيل؟ ما القصّة؟ فهمنا بأن هناك ضغط من المكتب الثاني عليه. فقلت له: "حسناً فكل واحد بدوره يذوق الطعمة طعمة المكتب الثاني". لا يدعونه يؤلّف وزارة مثلما يريد لا يدعوه يعمل كذا. فقلت له: "كنا نقول لك هذا الشيء ولم تكن تصدّقنا". النتيجة ضلّينا سهرانين ونحن ليس لنا مصلحة وأنا ليس لي مصلحة لأني رأيت ان الخواجة إميل البستاني، وكانت لا تزال التهناية طازجة لأنه لم يحارب، جالساً في القصر يتمشّى يروح ويجيء وأنا قلت انه يمكن هذا دبّر نفسه، وقائد الجيش لبس مدنياً وسلّم عليّ وجلس جنبي وأحسست بأنه ينتظر من الخواجة شارل الحلو ان يترك هل القصر حتى يحلّ محلّه. أنا عندما رأيت ذلك لم أتحمّل، فلو كان مدنياً لم يكن ممكناً، ولكن واحد عسكري بهذه الطريقة يأتي ويقطفها من تحت ذقننا كلّنا هنا، هذا غير مضبوط، رغم انه لبس مدنياً ولكنه عسكري. ذهبنا ورأينا شارل الحلو. النتيجة الساعة الخامسة أللّه لهمه وقال: "أنا أسحب استقالتي على شرط ان أؤلّف حكومة مثلما أريد". فقلت له: "يا سيدي ألّف حكومة مثلما تريد".

فقال شارل حلو: "أتشترك بالحكم"؟ فقلت له: "نعم أشترك بالحكم". قال: "ولكنني لا أستطيع ان أعطيك وزارات سياسية". فقلت له: "عدنا لا تستطيع ان تعطيني؟ مَن يمنعك ان تعطيني وزارات سياسية؟ ما أنت بعدك الجماعة مترازلون عليك ولا يدعونك تؤلّف وزارة الآن كذلك؟" قال: "يعني هل تقبل أن تعمل وزير زراعة؟" فقلت له: "يا سيدي أقبل ان أعمل الوزير الذي تريده على شرط أنّك لا تستقيل". وأنا كنت أفكّر بإميل البستاني لأن فؤاد شهاب لا يستطيع ان يترشّح لأنه لم تمضِ الستّ سنوات. قال: "حسناً أنت وبيار الجميل". فقلت له: "رجعنا أنا وبيار الجميل"؟ فقال: "أنت وبيار الجميّل ورشيد كرامي وعبداللّه اليافي والحجّ حسين العويني". شاورنا الحزب قال: "نعم يا عميد يجب ان نخلّص البلاد فكلّ مدّة يجب على أحدنا ان يخلّصها". قرّرنا بأن نشترك في تخليص هذا البلد وافقنا. قال: "كثير منيح إذن ونم وتعود الساعة الحادية عشرة". رجعنا في الحادية عشرة طلعت المراسيم أنا طلع لي وزارة الأشغال العامة، الموارد الكهربائية والمائية، والتصميم والزراعة. يعني مثلما قلت في ذلك الوقت للصحفيين الصغار حتّى اضحكهم بأني انا طلع لي الزفت والشمندر، لم يعطوني شيئاً سياسياً حتى لا أعود وأعركها انا والعسكرية. استلمنا هذه الوزارات وجرّبنا ان نشتغل بقدر الإمكان وهنا الإدارة تشتغل نصف نهار وماذا يقدر ان يفعل وزير عنده أربع وزارات ووزارات كبيرة بنصف نهار؟

بدأنا نقوم بواجباتنا بإدارة الوزارات وبالأشغال العامة، في هذه السنة كان هناك ثلج كثير وشتاء كثير وفدائيين. ابتدأ الفدائيون يأتون، عبداللّه اليافي كان قد عمل عدّة خطب قبل ان يؤلّف حكومتنا من شرفة السرايا الكبيرة: "أنا الفدائي الأوّل". طبعاً هو في بيروت ولم يذهب الى الجبهة وكان يريد غيره ان يعمل فدائي. بتعرفي الأمور الديماغوجية التقليدية. يوماً ما أضطرّ بأن أنظّم قضية الجرّافات جرّافات الثلج لأن هناك عدّة مراكز تزلّج. هنا بسكنتا كان جديد، فاريا، اللّقلوق، الأرز. أربع محلاّت ولا يوجد عدد كافي من الجرّافات، صرنا ننظّمهم. جاؤونا بلائحة جرّافات وفيما بعد قالوا لنا بأن تلك الجرّافات الموجودة في الأرز كلّها ملك النافعة ـ الأشغال العامة، ولكن هؤلاء تحت أمر ضابط وهناك الوزير السابق الذي كان قبلي عثمان الدنا، عمل قرار بأنه وضع تحت تصرّف ضابط منطقة الأرز ضابط الجيش، لأنه هناك مدرسة للتزلّج في الجيش، وضع الجرّافات بأمر ضابط المنطقة فوق. الضابط صار يستعملهم مثلما يريد، هذا صاحب الأوتيل راضي عليه ينظّف له الطريق، ذاك غير راضٍ عليه لا ينظّف له الطريق. نحن نأخذ مذكّرة ونلغي مذكّرة سلفنا الوزير عثمان الدنا ونقول: "أعطونا تلك الجرافات لأن هذه ملك وزير الأشغال". ظلّينا عشرة أيام نطلب هل جرّافة وصلنا على مثلما قصصتها في مجلس النواب مرّة أظنّ هنا في الخطاب، بترو ديب تداخل بإسم رئيس الجمهورية لأن الحجّ حسين العويني، وزير الدفاع لم يكونوا ينفّذون له كلمته. فقلت له:"جاء وقت يا سيدي أو تعطوني الجرّافة أو أستقيل". وصارت مهزلة هكذا هؤلاء بدأوا يحرتقوا فيّ بقضيّة الجرّافة. أنا مسؤول عن الطرقات بهذه الجمهورية وغداً الناس الذين يطلعون يقولون أين الوزير؟ وماذا يفعل الوزير؟ ويكون الوزير لا يستطيع ان يعمل شيئاً لأن الجرّافات أخذها الضابط أبو نجمة أو نجمتين. في نفس المرّة في مجلس الوزراء قلت له: "أنا أريد الجرّافة، لا توجد جرافة لا يوجد مجلس وزراء". جلست انا عابس على جنب، يأتي بترو ديب رئيس غرفة رئيس الجمهورية يأخذ التليفون ويكلّم الجنرال: "يا جنرال نريد الجرافة التي معالي الوزير.."وكانت شرشحة. قصص قصص غريبة وكمال جنبلاط ماذا يفعل؟ نفس الشيء. إذن لم نستطع ان نحصل على الجرافة وقد وعدوني ضمن 48 ساعة والحج حسين العويني يضع يده على ذقنه يعني كرمال ذقني. فقلت له: "ماذا كرمال ذقنك؟ فأنا أريد الجرافة حتى أؤمّن الطرقات من أجل الناس الذين يطلعون على الأرز". ونحن ملتهيين بالجرافة والوزراء الآخرين ملتهيين بقضية المظاهرات. كانت هناك مظاهرات طلاّب عديدة هذا يقول يعيش فلان وذاك يعيش فليتان. كلّهم يريدون ان يحرّروا فلسطين ولا أحد يريد ان يموت حتى يحرّرها في ذلك الوقت. الآن تغيّر الوضع قليلاً

(05:10:34)
حادث الطائرة الإسرائيلية في اثينا وتنبّه ريمون اده بوجود خطر على المطار

ستّ دقائق وثلاث ثوانٍ

يوماً ما تكتب الجرائد بأن اثنين من الفدائيين مرّوا من لبنان وعملوا حادثاً بطائرة يهودية موجودة على مطار اثينا. أنا بعد يومين صباحاً وكان على ما أظنّ نهار جمعة في 27 الشهر. أسمع الإذاعة وأسمع واحد يهودي يتكلّم هناك ويقول: "لا يجب ان نعتقد بأن لبنان ليس له مسؤولية في الحادث، فللبنان مسؤوليته".

انا لا أعلم ما الذي استنتجته بأن اسرائيل ستضربنا طائرة بطائرة مطار بمطار هكذا خُيّل اليّ. آخذ التليفون في الثامنة وأتّصل بنجيب علم الدين وهو رئيس طيران الشرق الأوسط وأقول له: "أنا حاسس بأن هؤلاء اليهود سيعملون ضرباً مع طائراتنا، أين طائراتك موجودة اليوم حتى اتّصل بزملائي في اوروبا الوزارات المختصّين وإذا كان يلزمك شيء هنا قلْ لي ما هو وأنا آخذ الإحتياطات اللاّزمة". فقال: "كلاّ أنا فكّرت مثلك وعملت اللاّزم على كل حال إذا كان هناك شيء أنا أشكرك". بعد ذلك أتّصل بالمطار وأقول لمدير المطار المدني السيد غصن بأن يجمع كلّ السلطات الموجودة من أمن عام ودرك وحرّاس وإطفائية كل الّذين لهم ويقدر أن يجمعهم وخذوا التدابير اللاّزمة واعملوا تقريراً ومحضراً وماذا يجب ان نأخذ تدابير للدفاع عن المطار لأنني حاسس بأنه ستكون هناك غارة على المطار. يطرح عليّ السؤال: "هل يوجد شيء"؟ فقلت له: "يا سيدي انا حاسس هكذا نفّذ أوامري". نفّذ اوامري ولكن هناك كذلك عشرون دولة في المطار، الدرك لا يجتمع مع الجمرك، الجمرك لا يجتمع مع الإطفائية، الإطفائية لا تجتمع.

النتيجة بقدر ما صرّخت استطاع ان يجمع الكل ما عدا الجيش لأن لا صلاحية له فالجيش فوق الجميع إلاّ في ايام الإنتخابات في جبيل يتقرّب من الناس. عمل اجتماع نهار الجمعة مساءاً واليوم التالي سبت ضربت له تليفون: "أين المحضر"؟ فقال:"لم نستطع ان ندقّه لأن الدكتيلو ذهبت. انتهى الإجتماع وقد ظلّ من السادسة حتى التاسعة وذهبت الدكتيلو في التاسعة، الآن يا معالي الوزير سندقّه ونمضّيه ونبعثه لك". فقلت له: "أنا عندي مجلس وزراء الساعة 11 أكون في سنّ الفيل، ابعث لي المحضر ممضياً لسنّ الفيل". الساعة 11 إجتمع، وفي أوّل اجتماع مجلس الوزراء أقول لهم: "هناك شيء أهمّ من الجرافة". فقالوا: "خير إن شاء اللّه ما هنالك"؟ فقلت لهم: "اليوم سمعت في الإذاعة او البارحة كذا وكذا، أنا حاسس بأن إسرائيل ستضرب". في ذلك الوقت كنا ثلاث وزراء لأن الحج حسين كان في باريس لأن قلبه يدقّ قليلاً كلّ مدّة فإنّه يذهب الى باريس. كان هنالك عبداللّه اليافي رئيس وزارة ووزير دفاع بالوكالة، وبطرس الجميل وزير داخلية، وأنا كنت قد أصبحت وزير عدلية في ذلك الوقت وعيّنوني وزير عدلية قصداً حتى انا أسلّم بختياري لإيران. وقلت لهم: "أنا لا أستطيع ان أسلّمه لأن الوزير الأصيل الحج حسين العويني قال علناً هنا بأنه لا يسلّم وأنا لا أسلّمه لأني مبدئياً من رأيه لأن هناك سياسة من وراء هذا التسليم وأنا اللّياقة تقضي ان بغياب الوزير الأصيل وهو سيغيب عشرة ايام لا يجوز ان أعمل شيئاً مخالفاً لرأيه، لذلك انا لا أمضي. ولم أمضِ. إذن قلت لهم هناك شيء أهم ولقد سمعت عنه البارحة وأنا اتّصلت بنجيب علم الدين وعملت اجتماعاً بأني طلبت إلى غصن بأن يجمع الجماعة والآن يأتي المحضر وأنا يا دولة الرئيس ألفت نظرك بأنه يوجد خطر وليس هناك من دفاع عن المطار وعندنا إمكانية الدفاع لأنه في نقطة جيش قرب المطار إبحثوا مع قائد الجيش ما هي التدابير التي يمكن ان تأخذوها للدفاع عن المطار إذا هوجمنا من قِبل إسرائيل". فأجابني عبداللّه اليافي فقال: "أنت ستحلّ محلّ القائد؟ نحن في حالة حرب مع إسرائيل من 5 حزيران وقائد الجيش يعرف واجباته". فقلت له: "على كلٍ ما في مانع في ان تلفت له نظره لقائد الجيش". فقال: "حسناً سنرى". نبحث في أمور عديدة والساعة الرابعة والنصف يأتون بالمحضر. أفتح المغلّف وأعطي محضراً لكل واحد من الوزراء وإلى رئيس الجمهورية. يقرأون ويقرأون ويقرأون وأنا وضعت علامة على بعض المحلاّت حتى ينتبهوا خاصة ماذا اقترحوا وما هي التدابير التي يجب ان نأخذها والتي يجب ان يأخذها الجيش فقلت له عن جديد: "الظاهر انكم آخذين القصة غير جديّة، انا حاسس هكذا". رئيس الجمهورية يقول: "غريب انا حاسس مثل الوزير. يا عبد اللّه بك أنظر للأمر". فقال: "حسناً سنرى ما نفعله". في الخامسة وكنت تعباً ولم نأكل لأن رئيس الجمهورية لا يطعم فوق، وأنا على كل حال لا آكل كثيراً ولكن الساعة الواحدة ونصف لأني اريد ان أضع شيئاً في معدتي.

(05:16:37)
ضرب المطار

ثماني دقائق وإحدى وعشرين ثانية

جئت هنا أكلت ونمت وبعد ذلك ذهبت خارج بيروت وكان عندي عشاء خارج بيروت وأنا عائد في الساعة الحادية عشرة كنت صوب جبيل وكنت آتٍ الى هنا الى البيت التقيت بسائق قال لي: "يا عميد ما أقوى أعصابك فأنت ذاهب لتنام والمطار يحترق"؟ فقلت له: "ما قصّتك يا طنوس، الظاهر انه بما ان اليوم سبت وانك مكثّر العرق، إذهب ونم ودعك من هذه القصة". فقال: "بحياة العميد المطار يحترق". انا لم أستطع أن أصدّق بأن الشيء الذي تنبّأت به حصل. فبعد ان ترك مجلس الوزراء انا لمت نفسي بأنه كيف انا أسمح لنفسي بأن أعمل كل هذه الضجة في مجلس وزراء وهذا المحضر الذي عملته ولم أخلِّ ولم أبقِّ في المطار فوق وهؤلاء ماذا سيقولون عني إذا لم يحصل شيء؟ يعني أخذت ألوم نفسي لماذا اجتهدت بهذا القدر وما هي هذه الحشرية مني بأن أستبقْ الأمور. إذن لم أصدّق ولم أقدر أن أصدّق بأن هذا الشيء حصل فعلاً. فحلف لي بأولاده. حالاً ذهبت الى المطار وكان قد جاء رئيس الجمهورية وكل الدولة وذهبت ووصلت وأنا أسوق سيارتي وليس عليها نمرة، لا نمرة وزير ولا نائب، أكره هذا الشيء منذ طلعت نائباً سنة الـ 1945 وأنا عندي نمرة عادية. وصلت، برّاجات الجيش، هجمت عليهم وهم لا يعرفوني. أنا الوزير ولكن ليس هناك من بحث، وصلنا النتيجة أمام المطار، رأيت بأن الجيش قد أوقف كل المصوّرين والتلفزيون والخ فعندما وصلت قلت لهم: "ادخلوا كلّكم". فقال الضابط: "عندنا أوامر". فقلت له: "يا سيدي هذا المطار مطاري أنت مهمّتك انتهت لأنه كان المفروض فيك ان تدافع عن المطار فطالما انك لم تدافع عنه إذهب واجلس على جنب". إذن بهدلنا الضابط المسكين الذي تعرّفنا عليه فيما بعد وأدخلنا التلفزيونات الأجنبية والوطنية وكل الصحافيين ليأخذوا صوراً لأنني اعتبرت بأنه يجب ان نعطي أكبر شهرة، أكبر انتشار، لهذا الحادث الذي وقع لأن 13 طائرة وهي تحترق، وأنا جنّيت ولم أكن مصدّقاً نفسي ان هذا الشيء الذي كنت متوخّاه حدث.

فبدأ يأتي العسكر أخبرونا بما حصل، جاء غصن وأخذ الموظّفون ينظرون إليّ وهم غير مصدّقين أو هناك أناس يعتقدون انه عندي مكتب ثاني خاصّ بي. استطعت ان أعرف ماذا يقصد العدو وما الذي ينوي ان يفعله. رتّبنا أنفسنا وأعطيت أوامر من أجل تنظيف المطار لأننا حوّلنا كل الطائرات إلى نيقوسيا أو على سوريا لأنه لم يكن في إمكان الطائرات ان تحطّ. ظلّيت ساهراً الى الساعة السادسة في المطار، نظّفت كلّ المطار وحالاً أعطينا الأوامر، لأنه كان هدفي بأن يرجع إلى طبيعته حتى أكيد هذا الإسرائيلي بأنه عملتلّنا كذا وكذا وبعد أربع ساعات عدت ومشّيت المطار. وهكذا حصل، في السادسة أبلغنا كل الشركات التي كانت طائراتها ستأتي، بأنهم يستطيعون ان يحطّوا إبتداءاً من الساعة السادسة والنصف أو السابعة إلاّ ربع، وفي السابعة إلاّ ربع أوّل طائرة تحطّ هي طائرة الخطوط الجويّة الهندية. وفي ذلك الوقت كانت هناك حركة في المطار ليس كاليوم وبعد ذلك كنت قد اتّصلت برئيس الجمهورية فقلت له: "لا أريد ان أشمت بك يا فخامة الرئيس ولكن تذكّر ماذا حصل بعد الظهر عندما كنتم تقولون ماذا اريد من هذه الشغلة". فقال: "حسناً ولكن كيف عرفت"؟ فقلت له:"فيما بعد أخبرك كيف عرفت والآن لن أخبرك كيف عرفت ولكن على كل حال أنا طلبتك على الهاتف حتى تعرف بأنه كان معي حقّ". فقال: "حسناً غداً سنعقد مجلس وزراء".

رحنا الى مجلس الوزراء صباحاً، وبعد ذلك قرّرنا في اليوم التالي كان نهار الأحد فعملنا مجلس وزراء مصغّر وبعد ذلك الإثنين يوجد مجلس نواب قبل الظهر، عملنا جلسة سريّة وعملت تقريراً لمجلس النواب، وأخبرتهم فيه كل ما أخبرته لك، وكيف وقت الغارة أخذوا يتّصلون بالغرفة رقم 106 التابعة للجيش ونهار السبت لا يوجد جيش لأن فرصة والذي كان مفروضاً فيه ان يكون في هذا المكان غير موجود، الرادار العسكري لا يشتغل نهار السبت إبتداءاً من الساعة الخامسة. وأخبرت مجلس النواب كل شيء وقلت: كذلك شيء أعظم لأنهم لم يركبوا بعد.. في اليوم التالي الأحد عندما رجعت الى المطار في العاشرة مرّ اثنان من الميراج فوق المطار، أنا لم أنتبه وظننت ميراج لبناني لأنه عندنا ميراج وبعد ذلك قالوا لنا: "كلاّ هذا ميراج اسرائيلي". فقلت: "حسناً ولكن لماذا لم تطلقوا النار"؟ فقال: "ليس عندنا أوامر". فقلت:"كيف إذن انتم لماذا كلّ تلك الأسلحة والمدافع ضدّ الطيران موجودة؟". فقال: "ليست عندنا اوامر". فهمت بأن هؤلاء يخافون من ان يطلقوا النار ويخافون من ان يصيبوا الطائرة كذلك، هذا الأنكى. يصيبوا الطائرة فتسقط وخذْ بعد ذلك ردّ فعل اسرائيلي إذا أسقطنا الطائرة الإسرائيلية. أنا في المجلس النيابي قلت وأخبرت كل شيء، لأني انا رجل ديمقراطي وأعتبر بأن ممثلي الشعب لهم حقّ في ان يطّلعوا على كل شيء، وأنا ليس لي أسرار إلاّ الأسرار الأسرار، وأنا هذه الأسرار الخنفشارية التي يتكلّم عنها العسكريون ويكونوا قد قرأوها في الصحف. فكانت توجد أسرار في حرب الـ 14 ، في حرب الـ 39 يمكن توجد أسرار، أما الآن الحرب لم يعد فيها أسرار لأنه حالاً في اللاّسلكي وبهذه الطائرة U2 التي تطير فهم يعرفون كل شيء. اليهودي يعرف كل شيء موجود في الجيش المصري والجيش المصري يعرف كل شيء موجود في الجيش اليهودي، فلقد صار هذا مفهوما.ً كل جيوش العالم تعرف، الشيء الوحيد الذي أصبح سراً اليوم، هو الدقيقة التي تقرّر فيها حكومة الهجوم على بلد، فإني لا أعرف انا متى إسرائيل تريد ان تهاجم لبنان، وإسرائيل لا تعرف متى سيهجم الجيش اللّبناني على إسرائيل ولكن عدا هذا السرّ الذي مختصّ في الوقت الذي يتمّ فيه الهجوم، كلّ واحد يعرف ما هو نوع الأسلحة وما هي كميّة الطائرات. يعني السخيف هو الذي يتكلّم اليوم عن أسرار عسكرية، فلا توجد أسرار عسكرية. إذن انا أخبرت كل شيء لمجلس النواب وقلت: "إنه ربما ان هذا الجيش يجب ان نعطيه نحن، الحكومة المدنية، أمراً خطياً، وإلاّ هذا يفزع ان يعرّض البلاد الى كارثة إذا ضرب وأسقط طائرة إسرائيلية، لذلك على المجلس النيابي ان يبحث الموضوع، وأنا هذا هو الموضوع الذي أطرحه على بساط البحث. أما أنا، بما خصّني انا كوزير وأنا كمواطن، أقول بأنه حان الوقت لكي نحافظ على كرامتنا وندافع عن شرفنا بان نعمل واجباتنا العسكرية أياًً كانت النتائج، يضربون المطار او المرفأ، ينسفون بيروت، قضية كرامة يجب ان ندافع عن بلادنا.

(05:24:58)
قرار مجلس الوزراء بالدفاع عن الوطن ضدّ الإعتداءات الإسرائيلية وتخلّف عماد الجيش عن الحضور بسبب دفن

ثلاث دقائق وستّة وأربعون ثانية

طبعاً في ذلك الوقت جوّ حماسي، يؤيّدون اقتراحي، ننتع حالنا ونروح الى أين؟ عند رئيس الجمهورية نأخذ التّصويت بالإجماع. كميل شمعون تكلّم لأوّل مرّة فوضع الأسطوانة الفلسطينية التقليدية وصفّقوا له - وكانت أوّل مرّة يصفّقون لكميل شمعون في مجلس النواب - ما عدا كمال جنبلاط، فإنه لم يصفّق له لأنه يعتقده كوميدي. حسناً ذهبنا عند رئيس الوزارة وكان قد جاء الحجّ حسين من السفر ورحنا عند رئيس الجمهورية وقلنا له بأن المجلس النيابي قد قرّر بأن نأخذ قراراً بالدفاع عن الوطن ونبلّغ الجيش. إذن نأخذ قراراً بأن على الجيش ان يدافع عن الوطن رغم النتائج أو ردود الفعل التي ممكن ان تحصل. إذن يأتي رئيس الجمهورية ونقول له: إذا كنت تريد قلْ لقائد الجيش ليأتي ويحضر مجلس الوزراء. رئيس الجمهورية يأخذ التليفون ويتّصل بجونية بعماد الجيش إميل البستاني ويقول له: "جاء الوزراء وعقد مجلس نواب". وفي المجلس النيابي قرأ عبداللّه اليافي برقية وصلته من المراقبين الدوليين يقولون له هناك حشد إسرائيلي على الحدود وطبعاً تحمّسنا أكثر، قلنا لرئيس الجمهورية على أساس البرقية وعلى اساس البيان الذي عملته انا في مجلس النواب هذا القرار اتّخذه مجلس النواب بالإجماع ونحن جئنا لننفّذ المهمّة. إذا كنت تريد قلْ لعماد الجيش حتى يأتي لنبحث الأمر معه. يأتي رئيس الجمهورية ويتّصل بعماد الجيش إميل البستاني ويقول له: "تعال". فيقول له: "لا أستطيع لأنه عندي دفن". والدفن الساعة الثالثة والنصف، دفن سفير تاهيتي. فيقول له رئيس الجمهورية:"الدفن أية ساعة، في الثالثة والنصف وهناك وزير الخارجية الذي سيذهب إلى الدفن والآن الساعة الواحدة والنصف شرّف وهي كلّها نصف ساعة وتستطيع ان ترجع بعد ذلك". اعتذر ولم يأتِ قائد الجيش. فنرفزت وخبطت على الطاولة فطار فنجان القهوة ووقع على سجادة رئيس الجمهورية، عندما رأيت هذا الكلام بأن رئيس الجمهورية عوض ان يعطيه أمراً، فلو كنت محل رئيس الجمهورية لقلت له:"لا تريد ان تأتي إذن إبقَ في الدفن وانتهت مهمّتك". وكنت قلت له ذلك على الهاتف. وبعد ذلك يأتي عبداللّه اليافي رئيس الوزارة يأخذ التليفون من يدّ رئيس الجمهورية فيقول له: "يا mon général". فقلت له: "كيف تقول له كذلك فأنت لست كابورال فالكابورال يقول يا mon général ، فأنت رئيس وزارة وليس عليك سوى ان تقول له جنرال، فهل هو رئيسك أم أنت رئيسه"؟ فنرفزت بزيادة وعيّطت على رئيس الوزارة وطريقته البايخة التي لا تليق بأن يحكي فيها مع موظّف هو قائد الجيش. فلم يأتِ ورفض. فقلت لهم: "أعطوني إيّاه هذا حتى ارى ما سأفعل به". فلم يقبلوا وقالوا: "ليس لك دخل". والمضبوط انني ليس لي دخل ولا صفة. وزير زراعة ووزير الأشغال العامة ليس لي دخل أو علاقة مع الجنرال. ذهبنا تغدّينا وعدنا في الثالثة والنصف. جاء الأفندي طبعاً مسموم. جلسنا يتكلّمون: "يا جنرال حصل كذا وكذا وجاءتنا برقية بأن هناك حشد إسرائيلي على الحدود وصار في مجلس نواب وبالإجماع مجلس النواب قال بأنه علينا ان ندافع عن الوطن بكلّ إمكانياتنا وبقطع النظر عن العواقب وعن ردود الفعل التي ممكن ان تأتي بسبب الردّ". وأراد كل وزير ان يطرح فكرته.

(05:28:44)
حصول مناوشة بين العميد إدّه وقائد الجيش بسبب تقصير الجيش في الردّ على الإعتداء الإسرائيلي على المطار

أربع دقائق وتسعة وخمسون ثانية

فقمت وقلت لعماد الجيش: "انا عندي سؤال فنحن إذا هوجمنا من قِبَل إسرائيل نحن كجيش لبناني كم من الوقت بإمكاننا ان نصمد"؟ فجاوب: "هذه أسرار عسكرية". فقلت له: "لم أفهم عليك". فقال: "معالي الوزير هذه أسرار عسكرية". فقلت له: "لا زلت لم أفهم عليك". فقال: "إنني أقول لك بأني لا أستطيع ان أجاوبك على سؤالك لا أستطيع ان أقول لك كم من الوقت يستطيع الجيش اللّبناني ان يصمد بوجه الجيش الإسرائيلي لأنه سرّ عسكري". فقلت له:"يا أخي ما قصّتك؟ انا لست ريمون إده المرشّح لأنتخابات جبيل الآن، ولا نائب، أنا اليوم ربع الحكومة وأنا أُصبت بالمطار، رغم اننا أبلغناك بأن الجيش الإسرائيلي سيهاجمنا، أنت لم تفعل واجباتك كعسكري ولم تدافع عن المطار. وكنا ندقّ على الغرفة 106 ولا أحد يجاوب لأنه لا يوجد عسكر هناك أو لا تريد أن تردّ. وكان في ذلك اليوم لا يزال البنتاغون الجديد مشعشع في وزارة الدفاع ولا يزال مشعشعاً رغم اننا أطفأنا المطار وهو لا يزال مشعشعاً ولا أعلم اين كنت، فمن الممكن انك كنت تلعب البوكر لا أعرف، النتيجة انت لم تعمل واجباتك، لذلك انا لا أسمح لك بأن تردّ عليّ هكذا". ولم أخلّ ولم أبقّ وقلت له: "ما هي الأسرار فنحن نعرف بأن جيشك لا يستطيع ان يصمد وأنت لست أهلاً لكي تكون قائد الجيش وأنا مكان رئيس الجمهورية ورئيس الوزارة لما كنت تركتك خمسة دقائق على رأس الجيش اللّبناني لأنك لا تليق له". وقلت أشياء أخرى وبقيت عشرين دقيقة لم يوقفني أحد. طبعاً هو اعتبر بأن هذه إهانة فقلت له: "اعتبرها كما تريد، عجبك عجبك، لم يعجبك إذهب". هذا الذي حصل.

في ذلك الوقت وبعد مدّة بعد سنة ونصف طار عماد الجيش بعدما عملت حملة ضدّه أثبتت فيها اننا اشترينا أشياء لا حاجة لنا فيها، اشترينا راداراً موجوداً فوق كفريا ويشعشع كله لأن هذا ليس سراً عسكرياً لأن أي حمار يمرّ من هناك يرى قبّة، ما هذه القبّة؟ يقرأ رادار، يعني اليهود يعلمون أكيد أين هو فهو يبيّن من جبل الشيخ من كل الجهات بقدر ما انه يلمع، وهذا الرادار نحن لا نحتاجه، لأن هذه الطائرة الإسرائيلية من الحدود لبيروت فإنها تأخذ دقيقتين أو ثلاثة دقائق. فالزبون إذا رأى النقطة على شاشة الرادار ليس عنده وقت بأن يأخذ الهاتف ويتلفن: جاءت الطائرة. لأنها تكون قد وصلت ضربت ويمكن رجعت قبل ان نأخذ احتياطات، إذن للبنان ما في فائدة. يمكن الدفاع المشترك العربي قرّر ذلك ولكننا دفعناه، فمن الممكن ان يكون هذا ذا فائدة للعراق ولسوريا، ولكنها لا تفيد لبنان مثلما سبق وشرحت في مجلس النواب. وهذا الحادث حادث المطار المؤسف، والشغلة الوحيدة إننا عدنا وانتصرنا على اليهود بأن الثلاثة عشر طائرة كانوا مضمونين بـ"اللّويد"، وأكبر عدد من المشتركين بـ"اللّويد" هم من اليهود، صفّت بان دفع "اللّويد" ثمن الطائرات وهكذا انكينا اليهود. وبعد ذلك عملوا غلطة، لأنه دولياً كان الرأي العام معنا وانتصرنا بمجلس الأمن على أثر الشكوى وانحكم على إسرائيل، ولكن أحكام مجلس الشورى مثل أحكام القاضي المعزول، يظلّ يعطي أحكاماً وهو يظنّ بأنه لا يزال عادلاً يعطي أحكاماً ولكن هذه الأحكام لا تنفّذ. مجلس الأمن قراراته وأحكامه مثل أحكام القاضي المعزول الذي حتى يتسلّى ويمضّي وقته يجلس وراء الطاولة ويصدر أحكاماً.

(05:33:43)
قضيّة تطهير الإدارة

خمس دقائق وثمانية وخمسون ثانية

قضيّة تطهير الإدارة طبعاً انا لم أوافق على الطريقة، لأني أنا مع حقوق الإنسان ولا تستطيع أن تحكم على شخص إلاّ بعد ان تستمع اليه ولكن يمكن الحكومة التجأت لهذه الطريقة لأن المجلس التأديبي لا يعطي فائدة، بلاد صغيرة أصغر واحد يقدر ان يجيب واسطة من البطرك من المفتي ومن الإمام ومن شيخ عقل الدروز، كل الناس بتعرف بعضها، وهنا واحد صارت قضية السرقة والنهب داخلة بتقاليدنا لدرجة انها لم تعد شيء عيب كثيراً، وفؤاد شهاب مراراً يخبّر القصّة: بأنه هناك إمرأة في الضيعة تعيّن ابنها بـ 150 ليرة ويأتي الجيران ويهنّئونها بأن ابنها تعيّن بـ 150 ليرة وهي تضلّ تقول:" 150 ليرة فقط وهو عنده شهادة لماذا؟ ولكنّه يطلّع برّاني بقيمتهم او أكثر منهم". يعني الأم تفتخر بابنها الموظّف بـ 150 ليرة وهي تقول بكلّ بساطة: "نعم لكنّه يطلّع برّاني" لأنه كذلك هي حسب عقليتها البرّاني مثل الجوّاني، حلال.

إذن هنا المجلس التأديبي من الصعب عليه بأن يطرد موظّفاً فإنها تعمل له خصم معاش وبعد ذلك مع السنين تكاثرت هذه الفضائح ولا توجد عقوبة. اللّه والأديان اخترعوا جهنّم حتى يفزّعوا بني آدم بأنه إذا أكلت التفاحة تذهب إلى جهنّم ورغم ذلك يأكلون التّفّاحة. في بلاد الشيوعية لا توجد جهنّم ولكن في سيبيريا وهناك السجن. هنا لا يوجد شيء يخوّف اللبناني بهذا الموضوع، عملوا هذا القانون استثنائي بأنه حسب الملفّات لا يوجد شكّ بأن أغلبهم مثل الصيني وزوجته، فالصيني يضرب زوجته وهو لا يعرف لماذا يضربها ولكنها تعرف لماذا زوجها يضربها. إذن لا يوجد شكّ بأن أكبر عدد من الموظّفين الذين تطهّروا طبعاً أنا وأنت لا نعرف السبب ولكن الذين أخرجوهم يعلمون السبب، الرأي العام لا يعرف ولكنّهم أكيد يعرفون لماذا طردوا. ولكن رغم ذلك أنا مبدئياً كمحامي لا أستطيع ان أسمع بأن شخصاً حُكم دون ان يسمعوا دفاعه، فهو له الحقّ في الدفاع عن نفسه. هذا شيء يجعلني أقول بأنني انا كنت اقترحت فيما بعد قانوناً لم يمشِ وعملوا قانوناً آخر: إن الشخص الذي يستطيع ان يتقدّم أمام مجلس الشورى ونعمل قانوناً خاصاً ويقدر ان يقول او يطلب ما هي الأسباب التي حملت اللّجنة بأن تقرّر طرده، ولكن له حقّ بعد ذلك بأن يثبت العكس ولكن ليس له حقّ القول: "مضبوط انا اشتريت سيارة بصفتي سفير ولم يكن لي حقّ شراء تلك السيارة"، ولكن شراء السيارة لا تستوجب طرده من الوظيفة. كان انا حسب تفكيري له الحقّ في ان يثبت انه لم يشترِ السيارة او يثبت بأنه لم يعمل الشغلة الفلانية ولكن ليس له الحقّ في ان يثبت ويدافع انه رغم انه عمل الشغلة الفلانية هذه الشغلة الفلانية لا تسمح للإدارة في ان تستغني عن خدماته رغم انها استغنت عن خدماته ودفعت له التعويض. يعني هذه هي اوّل مرّة تطرد فيها الإدارة موظّفاً وتعطيه تعويضاً، تعويض الطرد، إذن من جهة اعتبرته مذنباً ومن جهة لم نعتبره مذنباً لأنها دفعت له كل تعويضاته. أكثر من هكذا هناك قاضٍ محترم وكبير طرد بين هل قضاة الذين طردوهم. وبعد مدّة يطلع ويشكي همّه لرئيس الجمهورية. رئيس الحمهورية يقبّله ويقول له: "كلا هذه بسيطة هذه عملناها لاعتبارات خاصة". ما هذه الإعتبارات الخاصة؟ وقد عاد القاضي من هناك وهو مهزوز بعض الشيء منذ ذلك الوقت. وقد قال: "أنا طهّروني وبعد ذلك رئيس الجمهورية قبّلني لأني رفيقه في المدرسة وقال لي بسيطة هذه لاعتبارات خاصة". شو اعتبارات خاصة؟ خربتلّي بيتي وصيتي بين المحامين وبين القضاة، شو اعتبارات خاصة؟ النتيجة رئيس الجمهورية يدبّر الأمور بالّتي هي أحسن. إذن لم يمشِ اقتراحي وطلع قانون المجلس النيابي لم يصوّت عليه حتى يسمح لكلّ الذين تطهّروا بأن يرفعوا دعوى امام مجلس الشورى، وفيه عملوا طريقة خاصة للدفاع، ولكني لا أعتقد بان المجلس سيجتمع وسيوافق على هذا المشروع. وظلّ التّطهير على شهر وعلى شهرين وقد خاف الناس. وبعد ذلك رجعت حليمة لعادتها القديمة.

(05:39:41)
دور البطريركيّة المارونيّة في السّياسة اللّبنانيّة

أربع دقائق وخمسون ثانية

(05:39:41)
س_ عندنا الآن يا عميد بضعة أسئلة موجّهة من طالب أميركي يدعى افرام فرنكلن حول دور البطركية المارونية في السياسة اللّبنانية.

ج_ كان هناك خلاف بين البطرك والرئيس شمعون، ولكن أكيد الرئيس شمعون يعرف ما هو الخلاف فالأفضل ان تسأله. أما البطرك فإنه مشى في ذلك الوقت مع عبد الناصر وقد سمّوه بطرك العرب، البطرك المعوشي، لأنه كان ضدّ كميل شمعون وليس هناك من شكّ بأنه خسر في ذلك الوقت من ناحية بطائفته البطرك، لأنه وقف تلك الوقفة والطائفة المارونية اعتبرت ان كميل شمعون شهيد الوطن وشهيد لبنان، ولكن لا أعرف السبب الحقيقي للخلاف، فإنه لا بدّ انّ سبباً أو من الممكن ان يكون سبباً تافهاً. ولقد مشى البطرك ضدّ كميل شمعون ليس لأنه مع عبد الناصر ولكن ضدّ كميل شمعون التقى بعبد الناصر، ولكن من الأوّل هو ضدّ كميل شمعون. وبعد ذلك ما هو دور البطريرك المعوشي في تاريخ سياسة لبنان؟ اليوم لا شيء لأن البطرك ساكت ويمكن بعد ان لمس الشيء الذي حصل سنة الـ 58 وروما أو الفاتيكان احتجّ عليه بسبب موقفه ورأى بأنه أريح بأن لا يهتمّ. على كلّ حال من عدّة سنوات لم نسمع فيها صوته إلاّ بعض بيانات عملها لم تعطِ نتيجة، لأن الطائفة قامت ضدّ البطرك والذي كانت له مطاليب بخصوص الموارنة الموجودين في مصر وأملاكهم على ما أظنّ، وعبدالناصر لم يلبّ له طلبه رغم المشية التي مشاها معه سنة الـ 52. وأذكر انه حدث شيء في هذا الخصوص ولكن على المضبوط لا أعرف. الفريقان على حقّ مضبوط، فمن جهة خفّف النزاع الطائفي من الناحية الطائفية، وأذكر ان هناك مشايخ إسلام ذهبوا وصلّوا في بكركي تحت صورة بابا رومية وهذه كانت أوّل مرّة، فلقد صوّروهم وبعثوهم للفاتيكان، وطبعاً الموارنة المتطرّفين اشمأزوا من هذا المنظر، ومن جهة ثانية نسبوا له انه كانت له مصلحة، ولكن هذه الأمور انا نسيتها. وعلى كلّ حال من الناحية التاريخية ليست لها أية قيمة... ضدّ كميل شمعون، لأن هناك يوجد بعض الناس يعتقدون بأن كميل شمعون يريد ان يجدّد، والموارنة ضدّ التجديد، وكذلك كانت هناك انتخابات سنة الـ 57 وكان قسم كبير من الزعماء المحمّديين مثل كمال جنبلاط وصائب سلام كانوا خارج الحكم وكانت هناك مشاكل زغرتا وسليمان فرنجية وكانت هناك عوامل كثيرة بعيدة عن الطائفية جعلت الناس تقوم على كميل شمعون بعدد كبير من المسيحيين والمحمّديين. والبطرك لأسباب خاصّة أجهلها كان ضدّ كميل شمعون، وكل هذا الشيء أدّى الى ان يكون هناك تيّار ضدّ كميل شمعون وفي هذا التيار كان هناك البطرك.

(05:43:31)
س_ هل البطريرك كان ناجحاً بمحاربة كميل شمعون؟

ج_ لم يكن ناجحاً لأنه كان هناك تيار ضدّ كميل شمعون وضمناً الموارنة كذلك لم يكونوا يريدون كميل شمعون واعتبروا بعد ثورة الـ 58 بأن هل أنت يا كميل شمعون تريد ان تجدّد وتخرّب البلد؟ فدعْ التجديد. وقد رأوا بأن كميل شمعون مستمراً وكان يقول كميل شمعون بأن هذا غير صحيح ولكن لم يكن أحد يصدّقه بأنه لا يريد ان يجدّد. إذن حصل نوع من الهجوم من كل الجهات بما فيها الناس الذين لم يكن عندهم شيء ضدّ كميل شمعون ولكنّهم يريدون ان يخلّصوا من كميل شمعون حتى ترتاح البلد ويرتاحوا.



Alternative audio formats: raymond_edde.ogg - raymond_edde.flac

American University of Beirut © CAMES, 2007


Last modified: Sun Aug 10 11:56:59 2008