صائب بك سلام

 Saeb Salam

 1905 - 2000


(Courtesy of Al Nahar newspaper)

Saeb Salam was the son of Salim Salam, a leading Sunni Muslim politician who was prominent both under Ottoman rule and then during the French Mandate. Saeb Salam was educated at al-Makassed School and then earned degrees from the American University of Beirut and from London University. He began his political career in the thirties and in 1943 he was elected as a Member of Parliament from a Beirut constituency, a position which he was to retain almost uninterrupted until 1972. When in 1943 the French mandate authorities imprisoned the Lebanese President, Prime Minister and a number of Members of Parliament for introducing amendments to the Constitution that decreased the French mandate’s authority, Salam was active in the demonstrations for their release and for freedom from the French mandate. He became Minister of Interior in 1946 and Prime Minister for the first time in 1952. He was again appointed Prime Minister in 1953, 1960-1961 and 1970-1973.

He participated in the 1958 rebellion against President Camille Chamoun, and when it ended with the election of General Fouad Chehab as president, Salam coined what was to become his trademark slogan in Lebanese politics: "No winner, no loser." He broke with President Chehab, however, over what he saw as the granting of undue powers to the police. Throughout the 1960s he opposed the "police state" that he accused Chehab and his chosen successor, Charles Helou, of trying to establish, and in 1968 he spoke out against political interference by military intelligence.

His last term as Prime Minister ended when he resigned in 1973 in the wake of an Israeli commando raid in Beirut. Salam then declared that he would not accept the post of Prime Minister again. Out of office, however, Salam remained influential. In the wake of the Israeli invasion of Lebanon in 1982, he mediated between the United States envoy, Philip Habib and the PLO chairman Yasser Arafat, securing the removal of the Palestinian military presence in Lebanon.

A noted philanthropist, Salam headed al-Makassed Organization, a educational and healthcare charity, from 1957 to 1982. He was also the founder of the Lebanese national carrier, Middle East Airlines in 1945.

In 1985, Salam went into exile in Geneva, Switzerland, after surviving two assassination attempts. From exile, however, he played a key role in the negotiations that led to the Ta if Agreement of 1989, which eventually led to the end of the Lebanese civil war. He died in January 2000 after receiving several honors and medals including the High Medal of the National Order of the Cedar.

(The text below is a transcription of an audio interview. Times in parentheses denote the position of the text in the audio stream.)


مقابلة مع صائب بك سلام، رئيس الحكومة اللبنانية السابق

تحقيق

قسم التّاريخ الشّفهي _ دراسات الشرق الأوسط الجامعة الأميركيّة في بيروت

التاريخ مجهول (أواخر الستينات وأوائل السبعينات)

(00:00:00)
نبذة عن عائلة سلام (دقيقة وإحدى وعشرون ثانية)

( Start audio: MP3)

(00:00:07)
س ـ صائب بك، هل من الممكن أن تحدّثنا كيف بدأت عائلة آل سلام بتعاطي السياسة؟

ج ـ أولاً كلمة "بك" عفا عليها الزمن. نحن في عصر لم يعد يتقبّلها. وعلى كلٍّ فهي قامت في فترة من الزمن لأن اللّقب قبل وجود "بك" وتعميم هذا اللّقب كان "أفندي". والدي مثلاً كان شيخ من شيوخ البلد في بيروت، وكان له مكانة في العالم العربي (لم يكن يومها لبنان) وكانوا ينادونه دائماً "أفندي" و"علي أفندي"، ومثله غيره من أقرانه. كلمة "بك" طرأت أو عمّت أيام الفرنسيين وتفاقمت حتى شملت تقريباً كلّ اللّبنانيين. فإما ان تكون "شيخ" من لبنان أو أن تكون "بك" وليس بين ذلك من خيار.

(00:01:21)
دخول صائب سلام المعترك السياسي (خمس وعشرون دقيقة وستّة وأربعون ثانية) تسألني عن ابتداء العمل السياسي، فطالما سُئلت هذا السؤال فيكون جوابي منبثق من شعور عميق بأنني في السياسة منذ ما يقرب 150 سنة. ويا للأسف ورثتها ابّاً عن جدّ وسَرَت في عروقي كما سَرَت في عروق مَن قبلي، إنّما يختلف معنى السياسة اليوم عن ما عهدناه من قبل، وأقول آسف انني انزجّيت في السياسة لأن العمل الذي ابتدأ فيه أسلافي، رغم اننا نسمّيه اليوم سياسياً، كان عمل وطني بالحقل العام وهذا النوع كان يلقّب سياسي الى ان تطوّرت الأمور فأصبحت السياسة اليوم سياسة مراكز وتزاحم على المنافع في معظمها إن لم يكن بكامل عملها. وأحدّد أكثر من هذا فأقول مثلاً عشت ووعيت بأيام الأتراك، ولا تستغربوا ذلك لأنني اليوم بلغت ال65 من العمر وعشت ووعيت ايام الإفرنسيين، ايام الإنتداب، فكان العمل السياسي او بالأحرى العمل الوطني هو عمل وجهد وتضحية مجرّدة مطلقة دون مقابل بل على العكس بما يمكن ان يتوقّعه الإنسان في المقابل من إرهاق وخسران، إلى ان تطوّرت الأمور قليلاً بالعهد التركي وزادت أكثر في العهد الإفرنسي وتفاقمت في عهد الإستقلال منذ 25 سنة او ما يزيد وأصبحت او كادت ان تصبح محصورة بالعمل السياسي من اجل نيل جاه أو مركز أو منفعة. ويؤلمني أن أقرّر هذا أؤكّد لك ويؤلمني كلّ الألم، ولذلك ترى ولا تراني وحدي، كثيرين يتنصّلون من وصمة السياسة ولا أقول صفة السياسة، ونحن جميعاً غارقون فيها. أبعدني الله دائماً عن الكرسي والمنافع والجاه في سبيل العمل الوطني وهذا أصبح صعباً. أما دخولي شخصياً السياسة، اقول إنني دخلتها من قديم ولا أبالغ وأقول انها عاشت معي منذ فتحت عينيّ للنور لأنني عشت في بيت في خضمّ سياسي في هذا البيت مع تطوّراته وأحداثه جميعاً، أنّما لا يمكنني بالضبط ان أحدّد يوم دخولي السياسة عملياً ألاّ بعد ان دخلت السياسة المسؤولة. طبعاً كنت بالسياسة سنين طويلة ألازم والدي وعمله الأوّل وصنعته الأولى كانت السياسة، وكنا ثمانية شباب من حوله، إنما كنت تقريباً أكثرهم ملازمة له في عمله وفي مشاركته، وبعد وفاته ببضع سنوات انوجدنا في معركة الإستقلال فدخلتها من أوّل يوم وتطوّرت معها ودخلت النيابة سنة الـ 1943.

معظم أخواتي دخلوا الـ" آي.سي"، كانت يومها اسمها "الإستعدادية". هنا لي اعتراض مع الأسف، لقد تغيّرت الأجواء جداً بالجامعة الأميركية عن ما كنا نعهده أيام فتوّتنا وشبابنا، طبعاً فيها شيء يعزو إلى تغيير الجوّ عند الأجيال جميعاً في لبنان والبلاد العربية بل في العالم بأسره، إنما هنالك تغيير في أجواء الجامعة الأميركية ومعاهدها ومنها الـ "آي.سي"، لأنها صارت مُشاعة للمحيط حولنا في ما يسمّونه الشرق الأوسط. في أيامنا كانت محصورة في البلاد العربية. أفقدها الصفة الأهم التي كنا ننظر لها فيها، لأنه بأيامنا كانت الجامعة والإستعدادية وتوابعها معقل الوطنية العربية في الشرق العربي، اليوم صارت كما يراها الناس من الخارج. لم تفقد هذه الصفة فقط، بل صارت وكأنها تحاربها، مع الأسف، ويحزّ في نفسي ان أقرّر ذلك، لأنها مدرستي وعزيزة على قلبي. وهنا اسمحوا لي ان أقول طالما ردّدت لكثير من الأميركان المسؤولين والسياسيين الّذين اجتمعت معهم في السنوات الأخيرة فكرة غريبة يمكن لأوّل وهلة، ولكن عند تفسيرها يوجد فيها معنى. الجامعة الأميركية أو الكليّة السورية الإنجيلية من قبلها، أضرّت الأميركان ضرراً بالغاً جداً. طبعاً أوّل ردّة فعل عند أبنائها وانا منهم مثلكم انه كيف أضرّت وهي صاحبة الفضل العميم علينا كلّنا في الأقطار العربية، في التعليم وفي إذكاء الرّوح الوطنية؟ أضرّت بناحية أكبر من ذلك، إنّها على مدى مئة سنة أو أكثر من مئة سنة، صوّرت لأجيال وأجيال وأجيال، وصوّرت للمحيط الذي عاشت فيه تلك الأجيال ان الأميركان هم ملائكة السماء على الأرض. وكم كانت الصدمة عنيفة بعد ان اتّصل العالم بالحكم الأميركاني وتحالف الحكم الأميركاني مع المستعمرين السابقين ثمّ تطوّر الحكم الأميركاني للتحالف مع إسرائيل واكتشاف العالم العربي وحتى الأجيال التي تربّت بالجامعة الأميركية أو الكليّة السورية الإنجيلية، إن الأميركان ليسوا فقط بعيدين عن صفة الملائكة على الأرض، بل بما ظهر منهم إنهم شياطين وأشدّ الشياطين قهراً للعالم العربي. فأنا لذلك أقول، مع الأسف بصورة معكوسة، أضرّت الجامعة الأميركية إذ صوّرت للناس في العالم العربي ان الأميركان ملائكة، فكانت الصدمة أشدّ وأقوى عندهم عندما اكتشفوا ان الأميركان أو مَن رأوه من الأميركان من خلال الحكم الأميركاني، أنا لا أقول كلّ الأميركان، أبداً، ولا أقول الشعب الأميركاني أبداً، ما وجدوه من الحكم الأميركاني وما عانوه من ظلامة موقف الحكم الأميركاني، جعل القضية معكوسة تماماً والصدمة أشدّ وأدهى. هذا مؤسف هذا مؤسف.

(00:09:48)
س ـ أيمتى دخلت صائب بك معترك الحياة السياسية؟

ج ـ دخلت سنة الـ 1943، سنة الـ 43 كان لها مقدّمات. بالطبع يوم انهزمت فرنسا وانقسمت الى الحكم الفيشي الذي تحكّم في لبنان مدّة والحكم الديغولي الذي كان مسانَد من الحلفاء: اميركا وبريطانيا وروسيا حتى وقعت الحرب الصغيرة بين الديغوليين الذين جاؤوا مع الإنكليز من فلسطين وبين فيشي، وانكسر الفيشيّون وجاء الحكم الديغولي وجاءت معه انكلترا. كان وقتها ما في شكّ همّ الإنكليز ان يُخرجوا الفرنسيين من هذه البلاد بمناورات وبأعمال. وأعلنوا واضطرّ الإفرنسيون أن يعلنوا انهم سينهون الإنتداب على سوريا ولبنان، وأعلنوا معها انهم يتركون للبلدين حريّة الخيار بأن يكونوا بلدين أو بلداً واحداً. وجرت هنا معارك سياسية طويلة وعميقة الجذور واضطرّوا ان يقيموا الحكم الديمقراطي البرلماني المسؤول في سوريا وفي لبنان. جرت معركة جانبية يومها بين المسيحيين والمسلمين في لبنان على التمثيل النيابي. المسلمون كانوا يُصرّون على ضرورة قيام إحصاء يُبيّن عدد السكان وأن تكون نسبة التمثيل على أساسه، بينما المسيحيون كانوا يُصرّون على إدخال المغتربين التي كانوا يسمّونها يومها "مهاجرين". تغيّرت اللّفظة من يومها. "المغتربون" أو اللّبناني المغترب يجب ان يكون له حقّ التّصويت كاللّبناني المقيم. فقامت معركة حامية جداً وكان رئيس دولة يومها الدكتور أيوب ثابت مُعيّن من قِبَل الفرنسيين. فقامت قيامة المسلمين عليه وعقدنا مؤتمراً إسلامياً ضمّ جميع رجالات المسلمين منهم رياض الصلح وعبد الحميد كرامي وبرئاسة المفتي الشيخ توفيق خالد، وكنت امين السرّ العامّ فيه. رغم الفتوّة يومها أو بسبب حماسة الفتوّة يمكن، وقفنا موقفاً شديداً في مقاطعة الإنتخابات ومقاطعة البرلمان إلاّ ان نحصل على الإنصاف في ان يُمثَّل في لبنان مَن هو مواطن لبناني. وكانت الحجّة منطقية بنظري جداً مع تقديرنا لإخواننا المغتربين وشعورنا العاطفي معهم. المبدأ الأساسي no taxation without representation وبالأحرى no representation but with taxation, يعني مَن لا يدفع ضرائب لا يُمثَّل في تقرير مصلحة البلد. وعامل آخر أنه إذا لم يكن كلّ المغتربين فمعظمهم ولا شكّ أصبح مواطن في بلاد أخرى وما من الحكمة أن يكون مواطن في بلدين له حقّ تقرير مصير البلد الذي ربّما يتضارب بين بلد وآخر. وبنتيجة الأمر تدخّل الجنرال سبيرز الذي كان يمثّل بريطانيا في ذلك الحين، كان ممثّلاً سياسياً ولم يكونوا قد أقاموا سفارة بعد، وكان صاحب كلمة نافذة جداً، الوضع بالنسبة لنفوذ الإنكليز يومها وهم خارجين منتصرين بالحرب وفرنسا كانت ما زالت مريضة الجناح وكان للإنكليز نفوذ عليها، فتدخّل بالموضوع وعمل ما أثّر في، ليس في سير السياسة اللّبنانية وجوهرها فحسب، بل في ذهنية السياسة اللّبنانية ما يسمّى compromise "التوافق" حتى أغرقنا فيها فصار كلّ أمر في لبنان من يومها لليوم قائم على "التوافق". التوافق الذي حصل يومها كان على أساس تمثيل نسبة arbitrair تمثيل فرضي 5بـ6 بين مسيحي ومسلم وبصورة مؤقتة. وليس شيء دائم كالمؤقّت كما علّمنا التاريخ. من يومها لليوم مستمرّين على هذه القاعدة التمثيلية 5بـ 6، وهذا مؤسف جداً لأن الديمقراطية الصحيحة لا يمكن ان تقوم على هذا الأساس. بالطبع يصير في فقدان الديمقراطية الصحيحة وخصوصاً الديمقراطية البرلمانية التي نمارسها، لأنه كما نعلم جميعاً من مستلزمات الديمقراطية البرلمانيةـ الأحزاب ـ ولا يستقيم أمرها إلاّ بتلازم الأحزاب، هذا إذا لم نقل أكثر من ذلك بأنّ الديمقراطية البرلمانية لا تعمل عملها الصحيح الفعّال إلاّ على أساس نظام الحزبين، ونحن بعيدون كلّ البعد مع الأسف عن هذا. عدد نوابنا يتفاوت منذ الإستقلال حتى اليوم بين 55، 99، 77، 66، 44 يمكن ما في عدد مضروب بـ 11 إلاّ مرّينا فيه، ما في عدد إلاّ مرّينا فيه 88. الحياة الحزبية ما نشأ عليها العمل السياسي في هذا البلد وهذا نراه فارق إذا بتلاحظوه بين البلدان التي كانت تحت الحكم الإنكليزي والبلدان التي كانت تحت الحكم الفرنساوي. البلدان تحت الحكم الإنكليزي الّي تركوها تقريباً كلّها ما بيورد بذهني بلد فيها إلاّ وأسّسوا فيه ووطّدوا فيه النظام الحزبي وورثوا عنهم وبالفعل فعل فيه فيما بعد فعل ناجح أو غير ناجح أو غير مكتمل النجاح، هذا شيء آخر، لكن كان على صعيد حزبي. النظام الإفرنسي لم يترك للأحزاب مجالها ابداً، ليس انه لم يشجّعها فقط كالحكم الإنكليزي، بل لم يترك لها مجالاً. كان يحاربها الـ 25 سنة الماضية مع ما في لبنان من رواسب العصور ومع ما في لبنان من تفاعل تيارات أجنبية لا حدّ لها ولا عدد، مع الأسف، لم تمكّن من ذلك. وأنا ما أدعو إليه على صعيد التفكير العلمي الذي نستقيه من استقراء التاريخ وعلى صعيد التجربة العملية الشخصية، أدعو الشباب دائماً إلى الإنضمام إلى أحزاب، إلى تأليف أحزاب. مع الأسف، الأحزاب التي نشأت عندنا كانت بعيدة عن معنى الحزبية الصحيح التي يتطلّبه بلد مثل لبنان. دائماً أصدقائي بالكتائب، مثلاً الشيخ بيار الجميّل بيزعلوا مني عندما أقول لهم "أنتم ما حزب، أنتم منظّمة طائفية". القوميّون العرب مع كل علاقتي الوثيقة فيهم بالسابق قبل ان يتفرفطوا، كنت أدعوهم ان يلبننوا انفسهم في حزب لبناني للعمل من أجل لبنان ومن اجل العروبة التي ينادون بها ويقولون قوميّون عرب لكن Charity starts at home ، نبدأ في بلدنا، ما وعوا هذه الحقيقة وبالعكس حديثهم حديث آخر، تفرفطوا. البعثيون، قبل ان يتطوّر أمرهم إلى ما تطوّر وتركّز في العراق وسوريا وغيره، كانوا شباب ناشط وطني أقرّ له وأعترف له مثله مثل القوميين العرب بنزعته الطيّبة الوطنيّة الخيّرة، إنّه، لبننوا أنفسكم. يمكن الحقّ عليّ ما كنت أدرك انه كم هذا بعيد عن واقعهم. لم يطلع حزب لبناني صحيح من شباب يعمل على صعيد سياسي وطني لبناني عربي صحيح كما أشتهي أنا. يوجد عنصر آخر يدخل هنا ـ الوصولية التي طغت. يطلع الشاب عندنا يتلقّفوه. هون بيطلع موضوع سابق، كانت السياسة بالأول، بلا أي ثمن أو مقابل، كلها تضحية مطلقة ولذلك اسميها عمل وطني وكيف تطوّرت السياسة فأصبحت عمل له مقابل، كرسي أو جاه أو نفع. وأغرقنا فيه حتى صار شبابنا وصولي لدرجة غريبة. وأنا لا يهمّني ان أُسمع الشباب هذا الكلام حتى أستفزّهم أو أستفزّ الخيّرين فيهم حتى يغطّوا هـ النقطة. كلّهم بدهم يوصلوا بيوم وليلة. وجرت القاعدة وأغرقنا فيها، انه طالما وصل شباب أقلّ كفاءة مِن مَن لم يصلوا بين عشيّة وضحاها. هم ينطّون من المجهول ليصيروا نواباً ووزراء لأنهم أُعطوا منحة الكرسي أو الجاه من غيرهم. فصار كلّ واحد من شبابنا يتطلّب ان يصل بسرعة. بغير بلدان شافوها عن طريقة الإنقلاب، بلبنان كان الإنقلاب غير ميسور، بدّهم يوصلوا عن طريقة الوصولية بالمنحة من غيرهم. هذا ضعف كبير عندنا انه لم تؤلَّف أحزاب، طالما أناقش الشباب بحلقات كبيرة وصغيرة وأدعوهم لإنشاء الأحزاب على الشوط البعيد الشوط الطويل، وإن الإنسان ما بيقدر ياخذ شي إلاّ ما يدفع ثمنه. كل عمل بالحقل العام يُختصر بحتمية طلب السّلطة والحكم ومَن يُنكر ذلك يجافي الحقيقة، إنما طلب السلطة يكون أحياناً على صعيد رخيص ولمنفعة ولجاه، بينما يجب ان يكون عند الشباب لتنفيذ ما يتوخّاه من أفكار أو نوايا طيّبة نحو بلده. ما عمّ نوصل لهذا بعد.

(00:22:43)
س ـ هل فكّرت صائب بك بإنشاء حزب؟

ج ـ فكّرت كثيراً، وما بسّ انا فكّرت، يأتي عليّ الضغط الكثير ممن لم يعانوا الحياة العمليّة السياسية كما أعانيها. لماذا لم أُنشىء حزباً؟ مع الأسف ومن زمان وصلت لطور صار أي حزب بدّي أنشئُه سيكون موسوماً بحزب صائب سلام، وليس حزب شباب فكري عقائدي نابع من نفسه، لتطوّره. والحزب مثل كلّ شيء إذا لم ينمُ نموّ طبيعي ويتطوّر بتجربة الخطأ والصواب والخروج منها بنجاح، لن يكون له الفائدة والصمود المطلوب. هذا رأيي بالحزب وإلى اليوم لا يزال هذا سؤالك يرد عليّ كل يوم لماذا لا تُنشىء حزب؟ عقبة كبرى وبالتالي كمان انا بحياتي السياسية صريح كلّ الصراحة وأؤمن بذلك وأعرف مضارها تماماً، ولكن لست مستعداً أن أتخلّى عنها. اليوم، النشأة التي نشأتها، أصبحت، أحببت أم كرهت زعيماً إسلامياً، والحزب في لبنان من أجل أن يكون حزباً لبنانياً يقوم من أجل مصلحة لبنان، بنظري، يجب ان يتخطّى هذه العقبة أوّل ما يتخطّاه فيكون الحزب حزب مشترك. مع الأسف الشديد إنه بحياتي لاقيت من تفشيل الشباب لي ما لاقيت مما يشيرون بالإصبع عليّ فيه دائماً: "ساندت فلان وعزّزت فلان وقوّيت فلان ويعدّون القائمة بالعشرات، وكلّهم فشّلوك". لو كنت صاحب إيمان ضعيف لكان إيماني تزعزع، لكن إيماني بالشباب لا يتزعزع، لأنني أعتقد إنني إذا فقدت الأمل بالشباب كشباب، مش كفرد فلان أو فلان، أكون فقدت الأمل بالحياة كلّها ولكنت يئست، وأنا لا أيأس. لا يزال إيماني بالشباب قويّ جداً ولا يزال تحريضي للشباب على ضرورة قيامهم بالعمل العامّ على أسس صحيحة. وأعتقد ان هنالك بوادر طيّبة ولكن مع الأسف عمّ تأخذها موجات غير محصورة في وطننا. الموجات العالمية من اللاّمبالاة ومن الإستهتار ومن الإنجراف في اللّهو من مباذل الحياة والماريغوانا والكباريهات والشعور الطويلة والتنانير القصيرة. أنا لا إعتراض لي على ذلك لكن الحقيقة هو ظاهرة من ظواهر العصر ومنّي متزمّت لدرجة اني ما شوف أسبابها، بعرف أسبابها، الرفض، عنف الرفض الذي نشأ عند الشباب، الرّفض لكلّ ما هو قديم بسبب إهتراء القديم، والقديم مهترىء نقرّ بالواقع، القديم مهترىء. نشأ عند الشباب شعور الرّفض العنيف، ومع الأسف بدل ان يروحوا رأساً لتصحيحه، انزلقوا من الناحية الأخرى. أنا واحد من الناس أرى فيها طريقاً آخر للوصول إلى الهدف لأنني أعتقد ان الشباب سيلوم نفسه. ليس من المعقول ان يغرق العالم بموجة الإستهتار القائمة عند الشباب اليوم. الشباب سيجد نفسه ويلوم نفسه.

(00:27:07)
دعوة صائب سلام إلى لبنان الواحد وإلى رفع الحجاب

(أربع دقائق وثمانية وأربعون ثانية)

نعود إلى لبنان. اليوم يوجد في لبنان تمخّض كبير. أنا دعوت أوّل ما دعوت من سنين بعيدة إلى لبنان الواحد لا اللّبنانين، لأننا كنا دائماً نعاني ولا زلنا نعاني ما نعاني من انقسام لبنان إلى لبنان المسيحي ولبنان المسلم، ودعوت إلى لبنان الواحد لا اللّبنانين ويجب الإبتداء بهذا من التّعارف. نحن نجهل بعضنا. اسمحيلي ان أقول لك بكلّ صراحة، انا لا أنادي بالزواج المدني، لأنني أعتقد انها فكرة تُبثّ وتضيّعنا عن الهدف. هل يريد أصحابها فقط من إثارتها بين الناس، إثارة النقاش عليها بعمق من نواحي أخرى حتّى تضيّعنا عن الهدف؟ ما شايف انه الزواج المدني هو الذي يحلّ المشكلة، أبداً. الزواج يحصل اليوم بدون قوانين زواج مدني ولو وضعنا مئة قانون من عشرين سنة ما كان تغيّر شيء. وأضرب مثلاً دائماً على الّذين كانوا ينادون بالحجاب وأنا كنت اشدّ أنصار رفع الحجاب من يوم فتّحت عيني، وطالما لاقيت بذلك ما لاقيت. عندما كنت أخرج مع أختي مثلاً في الشارع وفي شوارعنا المتخلّفة، مع أختي سافرة، ولو ما كنت انا مَن أنا في بلدي وفي شوارعنا وفي بلدي، لكانوا رموني بالوحل. لكن لم يكن من الممكن ان نعمل قانون ونقول "يُرفع الحجاب" ما بعتقد كان هذا معقول ابداً ما كان معقول ابداً. أنا أذكر كان لي شقيقة بيومها من أديبات عصرها، وكانت تقف على المنابر تكراراً تخطب في المنابر الأدبية وتخطب على منبر الجامعة محجّبة، وذهبت وإيّاها إلى إنكلترا وعشنا هناك سنتين كاملتين انا وإياها بإنكلترا بالطبع عيشة انكليزية غير محجّبة، وعادت إلى لبنان وطلبوا منها ان تلقي محاضرة عن "سنتين في إنكلترا". ولها محاضرة قيّمة جداً "سنتان في إنكلترا"، وارادت أو أراد الزمن يومها ان تقف على المنبر محجّبة، فاجتمعتُ مع فئة من الشباب وهدّدناها: "إذا بدّك توقفي محجّبة راح نظلّ نصفّرلك أو بتكشّفي أو منّزلك عن المنبر"، وهذا كان سنة 1927ـ 1928 بعد سنتين بإنكلترا. الزّمن بدّه ينعطى حكمه بالتطوّر. وبالواقع بنفس الصّراحة الّي قلتها انا أشكّك بالكثيرين الكثيرين ممّن يدعون للزواج المدني اليوم لأنهم أصحاب نيّة سيّئة، لأنهم يريدون فقط ان يستثيروا الناس فيناقشوا هذا الأمر على غير صعيد. ليس هذا هو الذي يقف بطريقنا. أين نحن من قانون الزّواج المدني بين أن نقوم بالقوانين اللاّزمة لإلغاء الطائفية في ميادين أخرى كثيرة، لماذا نريد أن نهيّج المشايخ ونهيّج المطارنة، كثير من الناس مَن يعتقد ان الزواج المَدَني يثير فقط المسلمين، لا، غلطانين، إنه يثير الإكليروس اكثر بكثير مما يثير المسلمين. إن رجال الدين على جَدَل فقهي وإجتماعي غير الصعيد السياسي المطلوب منه. هذا كلام. بالواقع انا أشكّك وأشكّك بإخلاص بأنه كثار ممّن يثيرون هذا الموضوع يثيرونه عن سوء نيّة أو نيّة مبيّتة فينزلق معهم كثار ممّن يرون فيه حلّ العقد كلّها. أنا لا أرى فيه حلّ العقد أبداً إطلاقاً.

(00:30:31)
س ـ ......

ج ـ تقريباً وفي الحقيقة حصل ذلك في مدرسة الأحد أو في نادي مدرسة الأحد دعوها في ذاك اليوم إلى محاضرة وكان جمع غفير. وكان يومها ما يزال للمحاضرات والخطب والمنابر الأدبية شأنها وقد ضعفت هذه الأيام مع الأسف ضعفت كثيراً. استثارني من مدة كلمة قرأتها في مهرجان أدبي لألبير أديب. كان عاش جيلنا على مهرجانات أدبية فكتبت كلمة إلى الأستاذ ملحم كرم الذي نشر كلمة الأستاذ زخريا عن ألبير أديب وهي كلمة رائعة، فنشرها في اليوم التالي بالحنان للأشياء الأدبية التي نفقدها مع الأسف. فنحن نفقده وكثيرون من أجيالنا يستهزئون به. يمكن ان نكون بنطيل الحديث في مواضيع غير الّتي جئتم من أجلها ولا أعلم إذا كان ذلك من غاياتكم لأن سؤالاتك محدّدة هناك عن تطوّر الأمور.

(00:31:55)
مطالبة صائب سلام بالجديّة في العمل السياسي والوطني

(خمس دقائق وخمسون ثانية)

(00:31:55)
س ـ نحن نريد ان يستطيع ان يفهم واقع الأمور مَن يسمع الشريط ولو بعد مئة سنة.

ج ـ طبعاً نحن اليوم في أوضاع خطيرة جداً ومصيرية ومنقول كلنا أوضاع خطيرة ومصيرية، ولكن كادت الكلمات ان تفقد معناها كادت ان تفقد محتواها وأكثر كلمة فقدت محتواها ومعناها كلمة "الجديّة" وأنا دائماً أنادي وأطالب بـ "الجديّة". وآخر جلسة بالمجلس النيابي مع الأسف كانت جلسة سريّة كنت بحب تكون علنية ليسمعها الجميع ، بعد كلام طويل وقبل كلام طويل كنت حاصر ندائي باللّجوء إلى "الجديّة". مثلاً يوم وقفت بالمجلس النيابي من بضع سنوات بخطاب، أؤكّد لك اني تعمّقت بدراسته، صحيح ارتجلته ارتجالاً ولكني كنت قد تعمّقت بدراسة الموضوع دراسة عميقة شاملة مخلصة بتنبيه وتحذير وإرشاد المسؤولين إلى العمل الصحيح بقضيّة بنك إنترا ـ الكارثة الكبرى التي حلّت على لبنان. كلّ ما أرادوا أن يأخذوا بعد هذا من كلامي "انه صائب سلام هاجم بنك إنترا" وشغّلوا المكنات الدعاية الي صارت بسيطرة المتسلّطين لتصوير صائب سلام للناس هاجم بنك إنترا ونسوا كل ما ناديت فيه من أخذ الأمور بجديّة بجديّة بجديّة. وتكراراً بالمجلس النيابي هذه الكلمة تعب منها لساني "جديّة" ما عم ناخذ الأمور بجديّة. يا ريت وأتمنى ان يرجع أحد لخطابي المكتوب عن بنك إنترا، أؤكّد لك إنك تجد فيه التّوعية التي وعّيناهم إياها من قبل للمسؤولين والتحذير الذي أعطيناهم إيّاه من بعد، وشرح الواقع كما هو على صعيد علمي، والإرشاد الذي أرشدناهم لعمله والنداء الأخير لأخذ كلّ هذه الأمور بجديّة، فلم يسمع أحد ولم يعِ أحد وكان كلّ شيء انه صائب سلام هاجم بنك إنترا هذا على الطريقة اللّبنانية البسيطة، انه مين معه مين ضدّه، هاجمه. المطلوب جديّة بوعي المسؤولين. أولاً بدّك توعى مسؤوليتك، إستهتار بالمسؤولية واللاّمبالاة أصبح أمراً غريباً. بأسف انّي اضطرّ احكي عن شيء ويصوّروه ايضاً مزاحمة كرسي. أنا ادّعي انه لو كنت أسعى وراء الكرسي كنت أخذتها بلمح البصر وذلك بإرضاء بعض الناس الذين يعطون كراسي. أنا أرفض هكذا كراسي. إنّما يجلس على الكرسي واحد مثل رئيس وزارتنا الحالي بلا مبالاة وباستهتار كامل وغياب عن المسؤولية وعندما يكون المنصب فيه راحة وشمّ هوا وحفلات وعشوات وجاه، يكون مبسوط فيها، وعندما يجدّ الجدّ ويتطلّب منه المسؤولية حكم، يهرب ويقول انا انسحبت. هذا ما أعني فيه الجديّة وعدم الجديّة. رئيس الجمهورية الحالي يلهو ويأخذ الأمور كما تأتي. كلّ همّه ان يمضي 6 سنوات في جاه وعزّ الرئاسة، وفيها ما فيها من مباهج ومن نفوذ شخصي. ولا أتعدّى فأقول عن المسؤولين أمور أخرى من منافع وغيرها، لأنهم كلّهم يغرقون بالمنافع مع الأسف، ولكن رغم المنافع كانوا بيقدروا يكونوا جديّين، كانوا بيقدروا يكونوا مسؤولين، لكن ما في جديّة وما في مسؤولية. بيطلع شباب بدّهم يأخذوا الأمور بجديّة ممن يناديهم مثلي او ممن يناديهم ضميرهم، فيتلقّفوهم ويغرّقوهم بمنافعهم ويغرقوهم بالكراسي وبالجاه، فلا يعودوا جديّين. وعندي أمثال كثيرة منهم. الشباب الذين يقولون ان صائب سلام ساعدهم وأوصلهم: عثمان الدنا النائب والوزير اليوم، شفيق الوزان النائب والذي كان بالأمس وزيراً، جميل مكاوي الذي كان نائباً ووزيراً، فوزي الحصّ الذي غاب وراح. أعدّد أسماءهم للتاريخ، محيّي الدّين النصولي، للتاريخ عم عدّدلك أسماؤهم، وسلسلة ساعدتهم يوم كانوا شباب ناهضين، ساعدتهم ليوصلوا للشيء على طريقته وعلى حقه. بالأمس كان عندي واحد منهم اسمه باسم الجسر، واحد منهم، ساعدته وكدت اعمله وزير بظرف من الظروف، وجاء يعترف لي ويقول: "انّ الوصولية أخذتنا الوصولية انزلقنا فيها الحقّ معك". هذا من القلائل الذي جاء يعترف وبكلّ صراحة. مع الأسف لكن لو كان غيري أضعف ايماناً لكان فقد الأمل بالشباب. لم أفقد الأمل. همّي بالمقاصد التي تأخذ ثمانين بالمئة من تفكيري وجهدي ووقتي، همّي بعد المقاصد أنشأت منذ بضع سنوات هيئة تشجيع التعليم العالي.

(00:37:50)
إنشاء هيئة تشجيع التّعليم العالي

(دقيقتان وأربعة وثلاثون ثانية)

وجدت الكثير من شبابنا بعد ان ينتهوا من التعليم الثانوي يتعطّشون للتعليم العالي وإمكانياتهم لا تسمح لهم بإكمال تعلّمهم، ومنهم النوابغ، فأنشأت هيئة تشجيع التعليم العالي، واستطعت ان أشحذ من أصحاب المال. أنا رجل مديون وغارق بالديون، ومع ذلك حطّيت الخميرة. خمسة آلاف ليرة سنوياً مني، واستطعت ان أشحذ خمسة آلاف خمسة آلاف وجمعت من ثماني عشر شخصاً، نزل العدد بأول سنة إلى إثني عشر وثاني سنة إلى ستة. مع الأسف مثل شأننا، لكن ما بيمنع اننا علّمنا حوالي إثنين وأربعين تلميذاً وتلميذة تعليماً عالياً ممّن انتخبناهم خير انتخاب على ثلاث قواعد: (والعمل عمل إسلامي محض لأنني أعتقد ان الجناح الإسلامي المهيض هو الذي يستحقّ المساعدة ومن حقّه علينا ان نساعده) والشرط الأوّل أن يكون صاحب دين وأخلاق، وأنا أصرّ على هذه الناحية. ثانياً ان يكون من المبرّزين في نتائجهم في الثانوي. وثالثاً ان يكون من أصحاب الحاجة. ربّما هناك دافع شخصي قوي الإنسان لازم يعترف ما ينكر الدافع الشخصي لأنني شخص ممّن تخلّفوا عن إتمام تعليمهم العالي بسبب التقصير المادي. فبعد ان انتهيت من الإستعدادية ودخلت الـ Freshman والـ Sophomore، اضطرّيت ان أنقطع عن الدراسة لأنني لم أعد بإمكاني دفع القسط. فهذا يمكن ان يكون الحافز الشخصي وأنا لا أنكره.

أنا فخور انه بالرغم من كلّ ما انتابني من هـ الشباب الّذين يسميهم البعض عاقّين، وأنا لا يهمّني ان يكونوا عاقّين لي، بل عاقّين لما أراه من واجب ومصلحة بلدهم عليهم. بعدني أثابر وإني أتأمّل بالشباب. السنة طلع عندي ثلاثة مهندسين وفي السنة القادمة حوالي ثلاثين طبيب ومهندس من هذه الهيئة المتواضعة الّي قلال عرفوا فيها.

(00:40:14)
صورة عن التاريخ التركي في لبنان

(دقيقتان وتسعة وثلاثون ثانية)

نرجع لأوّل المنطلق. بالطبع اليوم شباب مثلكم ينظرون للتاريخ التركي القديم على انه تاريخ بعيد وسحيق في بطون التاريخ، لكن أنا عشت أولّه. ولدت في عهد السلطان عبد الحميد وواعي تلاميح، رغم صغر سني، يوم الحريّة وأيّ بهجة كانت عند الناس وأيّ قيامة قامت

إن الشعب نال الحرية وذهب ظلم السلطان الذي كان يلقي المغضوب عليهم بالبوسفور ويسفك دمّ الأحرار، ومنهم مدحت باشا أبو الأحرار الخ. هذا راسخ بأذهاننا وهذا ما فتحت عيني عليه. كنت أنزل معهم إلى البرج، يحملوني وأنزل مع والدي إلى البرج حيث يتجمّع الناس ويخطبوا. ودائماً كان عندنا مسلم ومسيحي ويتباوس الخوري والشيخ وتطلع قصيدة أسعد رستم:

"أفا ما عَبَطَ الشيخ الخوري من بعد مجيء الدستور".

وبعدين يقف فلكس فارس، خطيب المنابر، كان يومها الخطباء قلائل، اليوم كلّ من وقف على رجليه يقف على المنبر ويحكي، كان يقف ويقول: "بماذا تريدون ان أخطب بكم"؟ يقولون: "باي شي أخطب لنا بس أخطب لنا". عشنا هذه الأيام كلّها وبعدين بدأ يتفتّح للناس انه الحرية هذا شيء زائف ما صحيح كلّ شيء صار انه حكم جديد نشأ بتركيا وهو حكم من الناحية القومية كان أشدّ وطأة علينا العرب من حكم عبد الحميد لأنه طلع الفوتوغرانية التي تمثّلت في رجال العهد الجديد بتركيا وأخذوا يحاكمون العرب وبعدها صار في حزب الإتّحاد والترقّي وكان حزبهم. ونشأ حزب الإئتلاف التركي ايضاً لكنه كان يساير العرب ودخلوا فيه جماعتنا ومنهم والدي، الذي كان دائماً بالنضال وتعرّض كثيراً للسجن والمشانق باستمرار. فكان يسجن فنعتبر اننا في السجن معه ويروح على المشنقة فنعتبر اننا ذهبنا معه إلى المشنقة.

(00:42:53)
مؤتمر باريس

(ثماني دقائق وثلاثة وخمسون ثانية)

كيف عملوا "جمعية الإصلاح" في بيروت وكانت هي بذرة التحرّر العربي بالبلاد العربية كلّها. كثار بحبّوا يهضموا حقّها فيقولون إنها جمعية الفلاني والعهد والفتاة يعطوهم حقّهم أكثر باسطنبول كلّها جمعيّات قامت لا مركزية بمصر، لكن النبض الأقوى كان من جماعة بيروت، ولكن اشتركوا بالمؤتمر وكانوا روّاد المشتركين بالمؤتمر العربي بباريس المؤتمر العربي الأول الذي كان يمكن في مفترق التاريخ رغم انه ما كان يدعي بصورة واضحة للتحرّر العربي الكامل والإستقلال العربي للقومية العربية، كان لسّه تحت السلطنة العثمانية، لكن ما بيمنع انه كان أوّل حدث عربي بارز عالمي في باريس اجتمعوا بباريس حتى انه يذكرني شيء يمكن انه من الأسباب التي خلّصت رقبة والدي من المشنقة في عهد جمال باشا. في باريس عندما راحوا اثناء اجتماع المؤتمر، شعروا انه بعض إخواننا المسيحيين راحوا لوزارة الخارجية في فرنسا وطالبوا بالحماية الإفرنسية. والدي ورفاقه استاءوا كلّ الإستياء من ذلك وراحوا إلى فرنسا كان وزير الخارجية شوبيشون وقالوا له: "إنه ربما لأنه قيّموها بصورة خاصّة يكون البعض قال لكم إننا مجتمعون عندكم ضدّ دولتنا وعمّ نطالب بحماية فرنسا، نحن أبداً مجتمعين وعمّ نطالب مطالب محدّدة منها كان وقتها ان اللّغة العربية تكون اللّغة الرسمية، ونطالب بالتصليحات بالبلاد العربية وبإصلاح الضرائب وباللاّمركزية العربية الخ، إنما لا نطلب عن دولتنا بديل". هذا كان سبب لما فتحوا سفارة فرنسا هنا أثناء الحرب وجدوا بأوراق قنصل فرنسا مكاتيب توبيخ من وزارة الخارجية، "انّه كيف تقولون لنا ان هؤلاء قادمون ليعملوا مؤتمر عندنا وهم اصدقاؤنا، وكيف يأتي ابو علي سلام ومختار بيهم ويقولون انهم يرفضون حماية فرنسا"؟ فبعد ان كانت رقبة والدي قد وصلت للمشنقة بأيام جمال باشا فهذه كانت سبباً من الأسباب المهمة التي خلّصته من المشنقة.

وكانت وقتها إيام يوجد قلائل من الناس المتنوّرين. مثلاً أنا كنت في التاسعة من عمري ولكن واعيها تمام، الهمّ الأكبر عند مسلمي بيروت ليس ما يجري في المؤتمر وليس الحدث العربي الهامّ وليس ماذا قال وعمل أبو علي بالمؤتمر، بل، ابو علي بباريس بقي بالطربوش أو لبس البرنيطة؟ كان الجواب صعباً إذ هناك المفاسد. فالإتحاديون جرّبوا يقنعوهم ويقولوا إنه كفر ولبس البرنيطة. بالقول وصلوا لأكثر من هذا مع أحد أعضاء الوفد كان معهم الشيخ أحمد طبّارة، صاحب جريدة "الإتّحاد العثماني"، صوّروه وكانت عندي الصورة كارت بوستال مع ستّ "مونتاج" ركّبوا الصورة واقف على كرسي ورا كرسي مع ستّ قاعدة على كرسي ولابسة لبس لا mini-jupe ولا decolté، محشوم، وهو واقف وراها وهي حاملة لوحة بيضاء ومكتوب عليها "الإصلاح" وما بتتصوّري ماذا فعل هذا في محيطنا، أنّه شوفوه مع النسوان هناك، انّه هيذا الإصلاح بيجي عن طريق إمرأة مصاحبها؟ وهذا كان كلّه كان Activated بينشغل من قبل العمّال الإتّحاديين الذين يريدون ان يشوّهوا الأحرار وعمل الوطنيين، انّه أبو علي كفر ولبس البرنيطة هذا أهمّ من كلّ شيء. والسذاجة كانت كثيرة اندرجت راحوا بعد مؤتمر اسطنبول بعثولهم من الحكومة المركزية مندوب فاوضهم، وقرّر المؤتمر يودّي وفد إلى اسطنبول ليفاوض السلطان. راح والدي ومختار بيهم الى اسطنبول واتّفقوا ان يعطوهم مطاليبهم. يمكن هنّي* (هم) كانوا سُذّج كمان انّه اعتقدوا ان هذا الإتّفاق كان صحيحاً لكن مأكّد ما بعرف إذا كانوا سُذّج او لا، بعرف أنّهم جاءوا بطنطنة قويّة انّهم اتّفقوا مع السلطان وحكومته أن يعطوهم مطاليب الإصلاح. وكان لهم إستقبال هائل، وعلى البور أرى أمامي الأعلام والزِيَن والجماهير وجايين وجايبين معهم الإصلاح. ما بتتصوّري انّه الناس بتتساءل ثاني يوم انّه شفتوهم مبارح وحدهم ما معهم "الإصلاح"؟ ما اجا الإصلاح معهم وكان الهجوم مركّز عليهم، "أنا شفتهم" يقولوا لبعضهم الناس: "انا شفتهم ما معهم "الإصلاح"، ثلاثة فقط ما معهم أحد ما معهم الإصلاح.

(00:49:31)
صورة عن سذاجة الناس واتّهام صائب سلام بأنّه عميل أميركاني

(دقيقتان وخمس عشرة ثانية)

يمكن عمّ بعطي صورة كاريكاتورية أكثر من اللاّزم ولكن بالواقع وللتاريخ أسجّل كم كان هناك سذاجة عند الناس. لا أقول إنها زالت اليوم تماماً، ما زلنا نعاني منها ما نعاني. بعدها السذاجة نفسها إلى اليوم بشغّلوا الناس فيها. صار لهم عشر سنين مثلاً، أجهزتهم تقول إن صائب سلام أميركاني، صائب سلام شمعوني. وهذه الإشاعات فعلت فعلها عند جماعة من الناس والجواب عليها بسيط جداً بدّها تفكير بسيط بدئي ومحدود. أنا ما بقول انه ما حدا من الزعماء ينحرف للأميركان اللي هنّي بيعتبروهم اليوم أخصامنا عم بأيدوا إسرائيل، ما بقول انه ما حدا بخون، كلّ واحد عرضة.ما بقول انه الشمعونية وصمة أو ما وصمة، لكن قليل من التفكير بقلّهم، أميركاني عال، لماذا؟ يجب ان يكون مقابل شيء، فلوس؟ بقولوا لا ، لأنه أنت معروف انّك مديون غرقان بالدين وهيذي ما موضع بحث، شو بيعطوني الأميركان؟ آه، مع شمعون، وشمعون شو بيعطيني؟ كرسي؟ يا فلوس يا كرسي، الكرسي من عشر سنين لليوم بيعطيها فؤاد شهاب ما شمعون، إذا كنت طامع بكرسي فالأولى كون مع فؤاد شهاب ما مع شمعون. آ، والله صحيح. طيّب الناس فهموهم. بعدها السذاجة ذاتها يأتي بعض الناس ما تتصوّري لو ما طولة البال بيجيني ناس من المتحمّسين كثيراً ومنهم يحبونني كثيراً منهم نساء، مثل حجّة جاءت تقول لي: "دخيلك لماذا أنت مع كميل شمعون وليش مع الأميركان؟". لماذا تريدينني أن أكون مع الأميركان؟ وأكلّم هذه الحجّة بمنطق بسيط فتقول: "صحيح يا لهم من كذّابين". يمكن أن أكون كثير التنقّل من موضوع إلى آخر لكن هناك صور يستخلص منها الإنسان أشياء للتاريخ.

(00:51:46)
عهد جمال باشا

(ثلاث دقائق وستّة وأربعون ثانية)

بأيام جمال باشا عشنا بأيام سوداء يمكن صعب عليكم أن تتصوّروها. يمكن اليوم عندما تسمعون بالراديو عن بيافرا كيف عم بموتوا فيها من الجوع أو المجاعات التي تحدث في أواسط آسيا أحياناً انّه هذا كيف بتصير؟ صارت عندنا. أنا بعده لليوم كناشىء ما بقول طفل أكبر من طفل شوي بأوّل الفتوّة. كم هي مؤثّرة بمشاعري أني أمشي بشوارع البلد وأسمع الأنين من الجوعانين الذين أصبحوا جلدة وعظمة، وشوفهم بعيني على وشك تسليم الروح، ويمرّ الطنبر ببغل قدّامه ويحملوهم ويحطّوهم فوق بعضهم بالطنبر ليدفنوهم. هذا منظر عشناه ومأساة عشناها أثناء الحرب. وكان يوجد جمال باشا واستبداده الفظيع ودخّل والدي أوّل وثاني إلى السجن، شنق أوّل وجبة ويتردّد إنهم سيشنقون غيرهم. كان عمري على وجه التحديد يومها عشر سنوات. كان أخواتي الذين يكبروني عندهم من جهة بنادق صيد ومن جهة مسدّسات وذخيرة معهم، وكان الألمان يومها مشجّعين فرد* (مسدّس) اسمه "بارابيللّو"، كنت أحمل فردي وأضعه تحت رأسي وأقول: "إذا شنق والدي بدّي طيّر راسه". وأذكر حادثة كأنها اليوم قدّامي يوم كان جمال باشا عامل استعراض بالحرش على الطيّوني، كانت الدنيا مفتوحة، ما في هـ الشوارع وهـ الحواجز وغيره، وكان جمال باشا راكب حصان أبيض وواقفين قوّاده حوله وهو على حصانه يستعرضهم انا ولد ابن عشر سنين ما حدا اعترضني، وأنا كنت ولد تسلّلت حتّى وصلت تحت حصانه وقلت: "إذا كان شنق والدي فسأقتله".

هذه تعطي لمحات عن ما عشنا فيه من مآسي أثناء الحكم التركي وما زالت أيام الفرنسويي. حطّوا والدي أوّل مرّة وثاني مرّة بالسجن ونفيوه، ومرّة طوّقونا ودخلوا عليّ اثناء اللّيل وحطّوا فردين برأسي وكنت ابن 17 سنة، ومن جهلهم قالوا: "أنت أبو علي سلام"؟."طوّلوا بالكم. هو جوّا". وأخذوا والدي وبقينا يومين لم نعرف عنه ورفاقه شيئاً. حطّوهم "بالقلعة"، ما كان حدن منا يعرف انّه في قلعة ببيروت. ما بعرف إذا بتعرفوا القلعة يمكن سمعتوا فيها مؤخّراً بقصّة عوض الذي هرب من سجن القلعة. إذن حطّوهم بالقلعة وكبّلوهم بالحديد وأوقعوا الرعب بالبلد.

(00:55:32)
صائب سلام وزيراً للداخليّة

(دقيقة وخمسة وعشرون ثانية)

أذكر سنة الـ 1946 وكنت لأوّل مرّة وزيراً للداخليّة وكنا نتسلّم المسؤوليات من الفرنساويي ومن بين هذه المسؤوليات كان علينا ان نتسلّم "القلعة" فقلت "القلعة" أريد ان أتسلّمها. كانت هذه الذكريات في نفسي فذهبت وذهب معي مدير الداخلية قائد الدرك ومدير الشرطة والحوسة كلّها بدّهم يفتحولي الباب، قلتلّهم: "ما بفتحه" وأخذت أضرب كل باب من ابواب الزنزانة برجلي، فتّ على كلّ زنزانة بزنزانة منهم الزنزانة الّي كان فيها والدي حطّوه بزنزانة بالأوّل وبعدين شالوه وحطّوه بغرفة مرتّبة. برجلي أفتحها وترجّ الدنيا. انبسطت مثل الأولاد الصغار وفرحت كوزير بحكومة مستقلّة عمّ كسّر الأبواب التي كانوا يسجنون فيها أحرار بلادي. الواقع يمكن كانت ولدنة لكن ما بيقدر الإنسان إلاّ ما يكون له هذه النواحي رغم اكتسابه رجولته إلاّ ان تكون عنده هذه النواحي من الولدنة.

(00:56:57)
الحكم الإفرنسي بعد إحدى عشر يوماً من الحكم الوطني

(دقيقتان وستة وأربعون ثانية)

بعهد الفرنساويي قضّينا كثير. أوّل ما دخلوا زال الحكم التركي واستلمنا الحكم هون محليّاً وأعلنّا الحكومة العربية وجاءنا مندوب فيصل من الشام واستلم الحكم لمدّة إحدى عشر يوماً إلى ان دخل الفرنساويّي بتأييد الإنكليز وأنزلوا العلم العربي ورفعوا العلم الفرنساويّي ورجّعونا للحكم الأجنبي ومن ثمّ تطوّر إلى ما يشبه الإنتداب. إنني أذكر يومها أي ابتهاج حصل بسبب تحرير البلد من الحكم التركي ولأوّل وهلة زالت مسلم مسيحي. ابتهج الجميع سوا، واشترك الكل سوا، وكان والدي من الداعين دائماً إلى المحافظة على استقلال لبنان الداخلي. كان يشعر بأنه يجب المحافظة على استقلال لبنان الداخلي حتّى إنه سنة الـ 1920 عندما ذهب ممثّلون عن الساحل ليشتركوا بمناداة الفيصل ملكاً على سوريا، نحن معتبرين نفسنا منها، أصرّ والدي وأدخل في دستور فيصل في 8 آذار سنة الـ 1920 الإعتراف بالحكم الذاتي للبنان. لبنان كما كان يومها "لبنان الصغير" الذي ورثناه عن الأتراك.

هذا أخذني إلى مرحلة أخرى إنما للمرحلة الأولى يوم تسلّموا، سلّمه الوالي التركي لعمر الداعوق بصفته رئيس بلدية. الواقع المحرّك القوي وراءها أو رجل الساعة كان والدي. عمل بقيّة الحكم مؤقت وعمل مختار بيهم مدير أمن عام هو وألبير سرسق وكانوا كلّهم سوا. أخذ والدي وطلعت أنا معه بعربية الخيل من هون لبعبدا حبيب باشا السعد وهو كبير الموارنة آن ذاك ونصّبه حاكم على جبل لبنان وأقسم على الإنجيل يمين الطاعة للملك حسين في مكّة. هذه حادثة حضرتها بنفسي وما بقدر انساها يمكن التاريخ طواها وقلال الّي بيعرفوا عنها واذا عرفوها بيطووها. هذه أذكرها من الأحداث التي شاهدتها بحياتي.

(00:59:43)
نشوء صراع بين الوحدة السّوريّة وبين لبنان

(خمس دقائق وإحدى وخمسون ثانية)

طبعاً من هنا نشأ صراع بين الوحدة السورية وبين لبنان والحكم في لبنان. ما كان في جمهورية لبنانية وقتها، كانوا قسّموها إلى منطقة العدوّ المحتلّة الشمالية، منطقة العدوّ المحتلّة الجنوبية، ومنطقة العدوّ المحتلّة الشرقيّة. جعلوا فلسطين منطقة العدوّ المحتلّة الجنوبية ولبنان وشيء من ولاية بيروت وقسم من الأقضية الأربعة تحت النفوذ الفرنساوي ومنطقة العدو المحتلّة شمالاً، والشرق كان فيها فيصل ومستقلّة. كثار بيخلطوا هون بين ما يسمّوه الأقضية الأربعة بقولوا الّي ضُمّ إلى لبنان الأقضية الأربعة، حتّى عبد الحميد كرامي كنت دائماً أقول له: صحّحها جغرافياً، الأقضية الأربعة هي: بعلبك والمعلّقة وحاصبيا وراشيا الّي اقتُطعت من ولاية سورية، نحن ما كنا ولاية سورية، كنا سورية، لكن كنا ولاية بيروت: بيروت، صيدا، صور، جبل عامل، طرابلس، عكار، واللاّذقية، كنا ولاية بيروت يسمونا لبنان.

من يومين بالضبط أوّل مبارح جاء ابني الّي اليوم في سنّي كما كنت يومذاك سنة الـ 18ـ 19 عمره اليوم 13ـ 14 سنة بينكش دفاتري يلي بالإستعدادية بيجي ليّ: "شو هذا بابا"؟ دفاتر فيزياء وجبر وأدب عربي كاتب انا فيهم "شو هذا بابا كيف"؟ قلتلّه: "شو"؟ مكتوب: صائب سلام Prep. department- Syrian Protestant College- Beirut Syria. لمّا بشوف بالدفاتر الّي كنت أكتب عليهم أوّلاً ما فهم .S. P. C يعني Syrian Protestant College ثانياً انه كيف Beirut – Syria ما قدر يفهمها، بالواقع كنا بوقتها Beirut, Syria واقعياً رغم انها كانت تحت إدارة العدو المحتلّة ونشأ الصراع على الوحدة السورية أو إعادة ما انتُزِع الها ولبنان الكبير كما سمّوه لأوّل مرّة Grand Liban، واشتدّ الصراع لدرجة. منرجع هون أيضاً للسذاجة بتذكّر سنة الـ 1920 لمّا أعلن غورو لبنان الكبير بحفل بأوّل أيلول وقامت ثورة قويّة، ما بقول ثورة، لكن ثارت العواطف عند جماعتنا كلّهم، واحتجّوا، طلب غورو ان يقابلهم في عاليه، طلعوا وفد طويل عريض على رأسهم والدي الى عاليه. قابلوه وبعد نقاش طويل عريض كانوا مطلّعين تذكرة النفوس ـ الهوية مكتوب عليها فلان: لبناني ويضعون ايضاً مسلم او مسيحي ولا أعلم إذا كانوا يضعون المذاهب في ذلك الوقت ماروني ارثوذكسي او شيعي او سني كما كانوا يضعون صفات الشخص سنّه ويوم ولادته مسلم لبناني وهذه تشهد بأنه فلان لبناني. بعد نقاش معه قرّر ان يقصّ القسم التحتاني منها ما بقول: تشهد انه فلان لبناني. لكن بقيت من فوق دولة لبنان الكبير الّي هي عاطية الهويّة وعندي هويّتي وعليها صورتي ومكتوب عليها: صائب سلام ـ مولود سنة 1905، صفاته: كذا، مسكنه: المصيطبة ـ بيروت، مذهبه: سني وتحت مقصوصة بالمقص ما في مين يشهد انه هيذا شو هو. هم يمكن اعتقدوا انه كسبوا عليه نقطة انه قصّها لكن بقيت مسجّلة انه الهويّة هويّة دولة لبنان الكبير.

وبقي هذا الصراع مستمر سنين طويلة إلى سنة الـ 1943 هذا الذي بدّل تبدّل حقيقي. هون بتسألني عن مؤتمر الساحل، مؤتمر الساحل كان احد المؤتمرات المتوالية التي عقدت هون في دارنا من رجالات الساحل والأقضية الأربعة كلّهم الذين كانوا دائماً يطالبون بإعادة الوضع إلى ما كان عليه وإلحاقهم بسورية لأن الأقضية الأربعة انسلخت عن ولاية الشام والساحل انسلخ عن ولاية بيروت والإثنين كانوا سورية. يعني إنهم عندما يخلطون بين ولاية الشام التي يسمونها ولاية سورية وبين الساحل التي هي ولاية بيروت، ولاية بيروت كانت تمتدّ من قُبيل القدس من خان اللُّبَّن التي هي الحدّ بين نابلس والقدس، لأنه نابلس كانت معنا إلى اللاّذقية، هذه كانت ولاية بيروت. ومؤكّد كانت بعد ما عشنا وأنا عشت عمر طويل وأنا سوري غير لبناني، اللبناني كان شخصاً آخر.

(01:05:34)
صائب سلام عمل ضدّ الطّائفيّة

(ثلاث دقائق وأربعة وخمسون ثانية)

وعندما جئنا بعقل وحكمة سنة الـ 1943 من اجل التخلّص من الحكم الأجنبي، قلنا اننا نتّفق على بلد مستقلّ وهو الجمهورية اللبنانية وكان هذا الأساس للّذي يسمّونه "الميثاق الوطني". مؤكّد لا يقدر الإنسان بين عشية وضحاها ان يتوقّع انه تتبدّل كل الأمور خصوصاً الأمور التي تراكمت برواسب العصور والأجيال وصراع الداخل عليها وصراع الدول وهو الأهمّ في سبيلها. ومن المؤكّد ان بقيت القصّة الطائفية قصّة مزعجة جداً وبقيت عقبة كبرى حتى انه سنة الـ 1958، عندما قمنا بثورة الـ1958، جرّبوا كلّ ما لديهم من جهد ان يعملوها مسلم ومسيحي. أنا هنا أدّعي أنّي كنت بكلّ ما لديّ من قوّة وفعل ومسعى ان أحول دونها وأقول ان هذا السلاح اللّئيم لن ينفذ. لقد نفذ قبل مئة سنة سنة الـ 1860 ولكننا سوف لن نسمح له بالنفاذ اليوم، وكان معنا من المسيحيين مَن يمكّننا من ذلك: بشارة الخوري والدستوريين والبطريرك. وأعتقد ان من أهمّ شيء بالثورة كان اننا تغلّبنا على نفاذ هذا السهم من قِبَل الأجانب، اشتغلوا فيه بصورة غريبة وكنت أسمّي صديقنا وصاحبنا مارون عرب وهو ركن السفارة البريطانية - ما كانوا الأميركان همّ الفعّالين لسّه، كانت الواجهة بالفعل للأجنبي والغربي هم الإنكليز- كنت أسمّيه "الكولونيل روز" كثار كانوا يقولون شو "الكولونيل روز" حتى انه السفير البريطاني الذي جاء بعدها واحد اسمه Crostway تساءل مين "الكولونيل روز"؟ تا فهم مين "الكولونيل روز". ذهب بإجازة إلى بريطانيا وبعد ان رجع اتّصل بي تليفونياً وقال: "لك عندي هدية" - وقليلاً السفراء ما يهدون وخاصة سفراء انكلترا، هول*(هؤلاء) بالنسبة لفقرهم أصبحوا بخلاء- "ما هي هذه الهدية؟". أجاب: "سأبعث بها مع السكرتير". ثم جاء سكريتيره مع هدية ملفوفة وكانت عبارة عن صورة بحجم كبير طولها حوالي 30 سم أو أكثر عرضها شي 20 سم مبروزة لرجل عجوز بنياشين وأبّهة وكانت الصورة "للكولونيل روز". "الكولونيل روز" الذي كان عندنا سنة الـ 1962 بالحوادث وكان هو تاريخياً مبعث الخبث والدسائس البريطانية كلّها والتي أوقعت المجازر بين المسيحيين والدروز وهو الذي اصبح فيما بعد، تقدّم بالجيش وصار جنرال ومارشال وصار نائب الملك في الهند. وقال لي: "أتيت بثلاث صور، واحدة علّقتها عندي بالسفارة، واحدة سأرسلها لك، وواحدة هديتها لمارون عرب الذي تسمّيه "الكولونيل روز".

(01:09:28)
تاريخ عائلة سلام

(عشر دقائق)

مؤكّد ما هكذا يُكتب التاريخ م

ا عم نتسلسل فيه لكن عم نقول لمحات بيقدر ينقّح ويشيل ويحطّ فيه.

(01:09:52)
س ـ كيف بدأت عائلة سلام؟

ج ـ بدأت عائلة سلام قبلي بكثير. على الصعيد القديم كانوا يشتغلون بالحقل العام وبالعمل الوطني وبيروت كانت ترتكز دائماً على تجّارها. كان والدي وكذلك جدّي وأبو جدّي كلّهم كانوا تجّار في بيروت. وبيروت ليس لها تاريخ مثبوت على عصور طويلة كما يدّعي البعض لأنها أولاً مدينة صغيرة وما من شيء يثبت تسلسل العائلات مثل المدن المستقرّة كالشام او حلب، وهو المحكمة الشرعية، لأنه انحرقت أوراق المحكمة الشرعية في بيروت من 200 سنة وفُقِدَ هـ التسلسل. ومنهم مَن يدّعي انهم كانوا ببيروت من مئات السنين، ولكن حتى لو كانوا، كانت بلد كلّنا منعرف انه حتى أوائل القرن التاسع عشر كانت 5000، فإذن ما كان لها شأن . يُروى لنا حدَثَ مثلاً عن جدّ جدّي او ابو جدّي إنهم كانوا يتعرّضون دائماً لغزوات القراصنة وخاصّة اليونان، وانه كيف انشهر ببطولة. انه يوناني طلع على السور فقتله ورماه بالبحر. وبيحكولنا كيف كانت لمّا أخذ جدّي مقرّه كانوا يسمّونه "برج المصيطبة"، وكان منزله عبارة عن بناء عقد، فبنى والدي فوقه وكان على مقربة منا هنا محل كانوا يسمونه العمارة. كانوا يبنون عليها سفن. يورد السؤال لماذا هنا وليس على شاطىء البحر؟ كانوا يبنون هنا حتى يبعدوها عن القراصنة. كان القراصنة يأتون باللّيل ويرموا النار على السفن التي على الشاطىء ويحرقوها ولهذا كانوا يبنون هنا لأنها تلّة ومنها ينزلقوا بها إلى شاطىء البحر. بعدها كانت هنا محل فسيح اسمها العمارة، كنا نلعب فيها "كلّة" ونحن صغار مع أولاد الحيّ. بعد منها كان تجار بيروت يشكّلون مرتكز العمل في المدينة وكانت الثقة موجودة في العمل التجاري. كانت المواصلات بيننا وبين الشام بواسطة سكّة الحديد. كان ينزل والدي على ترام الشام الذي كان ينطلق صباحاً ليعود مساءاً، أو ليستلم أمانة من أحد الركّاب او يبعث أمانة.

كان التجار كما قلت مرتكز المجتمع في بيروت وكان هذا المجتمع يرتكز على الأمانة، أعني كان التاجر موضع الأمانات، فمَن كان قد وفّر بعض القروش يوضعهم مع التاجر ومَن طلب استشارة او عمل يذهب إلى التاجر لمساعدته. هذا شيء رأيته والتاريخ سجّله مثلاً المعاطاة بيننا وبين الشام مثلاً، فأنا طالما كنت أنزل مع والدي صباحاً عندما كان يريد ان يرسل فلوس للشام، يرى راكباً رايح أو يكون بينهما معرفة بسيطة او ممكن انه لا يعرفه، يسلّمه الأمانة: "خذلي هـ الأمانة معك لفلان" يوصّلها لعميله بالشام، أو ربما كان ينزل مساءاً ليتلقّى أمانة من الشام. مرّة رأيته بعينيّ يستلم 200 ليرة ذهب من شخص قال لي انه لا يعرفه. قال له: "أنت فلان"؟ "نعم انا فلان". قال له: "جايبلك هـ الأمانة". مؤكّد كان هذا الجوّ يعطي صورة عن الوضع منها بيتّصل بالعمل العام.

ابتدأ والدي بما عُرِف عنه من نشاط واندفاع ومن مكانته التجارية، ابتدأ عمله بالمحكمة التجارية. وكانت المحكمة التجارية تتألف من قائد تركي وعضوين، عضو معيّن وعضو عن التجّار. فالعضو المعيّن أعتقد كانت له صفة شعبية ولكن محلّي، والعضو المُنتخَب عن التجار كان والدي. كان رئيس المحكمة قاضٍ جليل ومحترم وموثوق وأمين جداً وكان والدي يثق به لدرجة إنه سمّاني على اسمه -هوذي كانوا بكوات- سمّاني عثمان صائب، فكانوا ينادوني عثمان إلى ان بعد سنتين حدثت شوشرة بالعائلة على واحد اسمه عثمان، نسيب أو قريب، فاعتمدوا على صائب ومشيت صائب وطار القسم الأول من الإسم. أذكر هذا القاضي جيداً ربما لأن اسمي كان على اسمه، ومنها انتقل إلى مجلس عمومي. كان يوجد بالولاية مجلس عمومي ومجلس إدارة. فمجلس العمومي شبيه بالمجلس النيابي ـ تمثيلي، مؤكّد مع ضعف نفوذه يومها، لأنه كان الحكم مُستمدّاً من اسطنبول، من الوالي ومن المجلس العمومي. فمن المؤكّد انّه برز، فعيّنوه بمجلس الإدارة. فمجلس الإدارة كان هو المجلس التنفيذي للولاية كلّها، والولاية كانت دولة محترمة من أقاصي الجنوب لأقاصي الشمال. بوعا مثلاً كان أصحاب الأعمال والمصالح يتوافدون على والدي من نابلس إلى مرجعيون وجبل عامل كله إلى صور وصيدا إلى طرابلس إلى اللاّذقية، لأنه كان المركز كلّه هون وما بس من اللاّذقية، من طرابلس كانوا يجوا من البحر لأنه ما كان في طريق برّ، وما كان في اوتيلات بالمعنى الحديث، كانت الأوتيلات للأجانب وبعض الأجانب كانوا ينزلوا عندنا بالبيت على الطريقة القديمة، وما كان في شنط وقتها كانوا يحملوا الخرج الّي بيتنقّلوا فيه، منهم خرج فخم ومنهم خرج عادي يحملوه او لمّا يركبوا حصان من محل لمحلّ او لمّا يحطّوه بالبوسطة معهم وينزلوا عندنا. وهـ العائلات كانت مترابطة: عائلات نابلس، عائلات جنين، عائلات عكا - حيفا كانت بسيطة جداً صغيرة - صور وصيدا مثلها. علاقات أبناء جنين ونابلس فينا وعكا مثل ما هي اليوم علاقة صيدا ، مثل ما بقول بيت طوقان او عبد الهادي بنابلس مثل ما بقول اليوم بيت الجوهري أو الصلح من صيدا. بعدين من المجلس الإداري اشتدّ العداء على الصعيد الوطني بينه وبين الحكم التركي وكان في حزب الإتّحاد والترقّي اللي هو حزب طوراني وحزب الائتلاف الّي كانوا جماعتنا المناضلين يتوسّمون فيه خيراً اكثر، انتقل هـ النضال لجمعية الإصلاح في بيروت وابتدأ إرهاق الحكم واشتداده. وبعرف يوم اشتدّ الأمر في بيروت قبل مؤتمر باريس، طلبوا والدي وبعض زملائه للحكم ولاحقوهم. طلعوا على جبل لبنان، التجوا بجبل لبنان وما بقى في حدن يطالهم. بتذكّر إجا الأمير مصطفى أرسلان يومها، طلعوا التجوا عنده بـ عين عنوب، قعد عندنا هنا بالصالون - بتعرفي نحن والدنا مُضطَهَد ومُلاحَق من الحكومة، قالولنا بدهم يشنقوه، والذعر مولّد عندنا - قعد هيدا وردّة الفعل أثّرت عليّ وأنا في السابعة من عمري وما زلت أراه الآن وقال: "قاعدين بـ عين عنوب، خلّي الدولة العثمانية بأسطولها وجيوشها تجي تاخذهم".

(01:19:28)
عهد الحمايات

(ثلاث دقائق وستّ عشرة ثانية)

كانوا يأخذونا بالترامواي نحن وصغار، حدود بيروت ـ حدود الولاية كانت مخنوقة. كانت المدينة مخنوقة خنقة قويّة وبعدها لليوم كبلديّة مخنوقة، هذا من رواسب العصور، حدّها الشمالي جسر نهر بيروت، حدّها الشرقي فرن الشبّاك حتّى الترامواي، حدّها الجنوبي الجناح او الإيدن روك. كنا نروح نحن وصغار بالترامواي، وكان ينتهي عند منتهى الخطّ المستقيم إلى ورا البويك، هناك نهاية بيروت. هناك في دكان دخان نوصل نحن لهناك مع الّي ياخذونا ويدلّونا على قبضايات بيروت الّي هربانين من الدولة العثمانية او محكومين، قاعدين بالقهوة هناك وما حدا بيحكيهم لأنه هيذي حدود لبنان بحماية السّبع دول. من هون بيقدر يفهم الواحد ذهنيّة اللّبناني القديم الّي عاش فيها وما بيقدر يطلع من رواسبها من حماية السبع دول، ومنها انتقل لحماية الإنتداب الفرنساوي 25 سنة. ثمّ راحت فرنسا حاول لمدّة ينتقل لحماية بريطانيا المنتصرة ثمّ راح لحماية أمريكا، الدولة الغربية العظمى. مع انّه بقلّهم دائماً هيذي من رواسب العصور، إنما عملياً بالعصر الذي نعيش فيه، لم يعد لها مجال، زالت الحمايات ما حدا بدّه حماية صحيحة لا من فرنسا ولا من أمريكا ولا من الفاتيكان حتّى، كلّها صداقات معنوية منتمسّك فيها لكن ما بتقدر تتّرجم بحماية نعتمد عليها وقت اللّزوم وزالت على صعيد آخر. يلّي كانوا يفتكروا، كثار من المسيحيّين بلبنان، انّه فرنسا بتحميهم لأنّها هي كاثوليكية وهنّ مسيحيّين، ما عرفوا انّه الدّولة الفرنسية بتبيع قبر المسيح كما باعته إلى اليهود يلّي النزاع الأصلي بينهم وبينهم مسيحياً واليهود عليها وإجا الدليل القاطع انه الدولة المسيحية الكبرى باعت قبر المسيح ما وقفت عنده. اللّي ببيع قبر المسيح ببيع لبنان الاّ لنفوذهم ومصالحهم. وهون كمان كان يدخل قسم كبير فيها من السذاجة لو سلّمنا لساذج انه يعتقد انه فرنسا المسيحية الكاثوليكية كانت تحمي المسيحي لأنه كاثوليكي، طيّب بريطانيا كان دائماً السؤال كيف تبنّت الدروز؟ على أيّ صعيد؟

(01:22:44)
والد صائب سلام

(ستّ عشرة دقيقة وستّ عشرة ثانية)

من النضال الوطني نشأت الجمعية الإصلاحية وإلها تاريخ مجيد في هـ البلد منها مركز عمله في بناية المقاصد، الّي عدا الناحية التربوية كان لها ناحية إجتماعية. وهذه تشير لها كثيراً بأطروحتها الآنسة الّي وضعت أطروحة M.A. عن المقاصد من 100 سنة لليوم، لأن المقاصد صار عمرها 90 سنة او اكثر. انتقل هـ العمل السياسي لمركز في جمعية الإصلاح الّي صارت سياسية محض ومنها راحوا لمؤتمر باريس، بعد مؤتمر باريس صارت هـ الإتّفاقات الّي ذكرناها قبل وإجت الإنتخابات النيابية. كان والدي أثبت وجوده بالبلد كفعّال في الحقل العام لأنه المجلس إلّي قبله كان بدّهم ينتخبوا نواب كان في من أسياد بيروت أيضاً عائلة "بيهم" مسيطرة كانت بهذاك الزمن على طريق السيطرة الوجاهة ـ الوجيه كان Notable. اجا بدّه يحطلّهم منافس لمرشّحهم، هنّي رشّحوا واحد اسمه محرّم، جاب واحد صديق إله اسمه رضى الصلح، والد رياض الصلح. كان موظّف تركي قائمّقام ووكيل متصرّف في البصرة أظن ورشّحه وانتخبه مبعوث لمجلس المبعوثين في اسطنبول وانتخبه نائب عن بيروت في غيابه، فأثبت فعاليته. يوم اللّي اجوا بدهم ينتخبوا سنة الـ 1914 المجلس الأوّل بعد التطوّرات الّي صارت، لأنه كان المجلس اُوقف، مجلس الـ 9 أُوقف، أصرّوا عليه إلا ان يرشّح نفسه. كانوا هنّ والدي ورفقاته مرشّحين سامي الصلح. شاب طالع وكان والدي مثلي يتوسّم بالشباب خير ويتمسّك بالشباب، أجا هو رشّح سامي الصلح، رشّحه وسار فيها أشواط. اجوا الأتراك والفريق الثاني، قالوا "ما منقبل، إذا بدّك تعا انت". وكان والدي بعيد كل البعد عن المناصب. الحزب أو جمعية الإصلاح وزملاؤه ومختار بيهم كانوا معه وقالوا ما بصير الاّ تكون انت وزجّوه بهـ المركز. كان وقتها يطلّعوا 3 مبعوثين ينتخبوهم عن ما يسمّوه سنجق بيروت لواء بيروت. كانت ولاية بيروت مقسّمة إلى ألوية: لواء طرابلس، لواء اللاّذقية، لواء عكّا، لواء نابلس ولواء بيروت. لواء بيروت كان معه صيدا وصور ومرجعيون. انتخبوهم يومها 3: والدي وكامل الأسعد - جدّ كامل الحالي لوالدته مش لأبوه - وميشال سرسق. كان والدي نشيطاً، تعلّم لمّا دخل عضو بالمحكمة بمجلس الإدارة، تعلّم تركي على كبَر، لمّا راح لباريس شعر بضرورة تعلّم الإفرنسي، لمّا انتُخِب مبعوث شَعَر انه عنده وقت شوي يوفّره باسطنبول تعلّم الإفرنسي، لمّا سكن 4 سنوات بإنكلترا بعد الحرب يلاحق أشغاله بعد ما شالوه الفرنساويّي من المنفى، اضطرّ يروح لإنكلترا. قعد من سنة 1922ـ 1927، 5 سنوات. أوّل يوم حطّ رجله بإنكلترا بدأ يتعلّم الإنكليزي. فهذا يدلّ على نشاط ذهني ويعطي صورة عن نشاطه الآخر.

في تلك الأيام كان الإنتخاب في بيروت على صعيد التمثيل الثانوي. كانوا ينتخبوا شعبياً الممثّل الثانوي أو المندوب الثانوي، والمندوب الثانوي ينتخب المبعوث. كان في عندنا حوالي 23 مندوب ثانوي في بيروت، تناقصوا لحدّ الـ 19 بالوفاة او غيره، وكان هذا الرقم طيّب سنة الـ 20 لأنه ذكرت قبل عن اشتراك والدي وزملائه بالمؤتمر السوري الأوّل الّي انتخبوا فيصل ملك ووضع الدستور السوري وأصرّ ان يوضع فيه عن لبنان شيء خاص. كانوا 19 مندوب ثانوي بدهم يجتمعوا وينتخبوا المندوبين عن الساحل يلّي بروحوا ليمثّلوا الساحل الّي عم يطلب دائماً الإصرار على إبقائه مع سوريا وما بيعترف بإنضمامه إلى لبنان. صار عراك مثل بكل الإنتخابات السياسية. والدي ورفاقه معهم 19، 12 مضمونين، وهذا اكتُشف بنهاية المعركة، لأنه كان صراع وكان في بالفريق الثاني الّي سمّيته بالإنتخابات النيابية بالمبعوثين سنة الـ 1908 رضى الصلح زعّموه الفريق الآخر مع انه كان صديق والدي ومعه بعض رجالات بيروت. اشتدّ الصراع ووجدوا انه بالنتيجة جماعتنا معهم نهائياً 12 وهوذيك معهم 9. اجوا من تحت وتدخّلت الوساطات وبدهم يصطلحوا ووالدي، كانوا ينظرون له انه هو بصفته اكبر جماعته سناً وأعقل منهم بحبّ يصالح، لجأوا له، رضي يصالح، وفي معه زميل كان من زعماء البلد الأقوياء جداً وإلّي انقصف بعمر باكر بسنّ الـ 44 مع انه كان يعطي ضخامة كبيرة. - نهار أمس تقي الدّين الصلح كان عم يسألني انه مختار بيهم بس 44 سنة كان عمره؟ - اسمه أكبر كثير منه، ما بيقبل انه هوذي الّي صارعونا وصارعناهم وعاكسونا وعاكسناهم بدنا نكسرهم ما بصير بدنا نكسرهم ما بصير خلّي كلّ واحد يلزم حدّه نحن مننتخب اللي منشوف فيه الكفاءة.

اشتدّ الصراع، أجوا جابوهم لعند والدي لهون تـ يجمعوهم هنّ وجماعته. والدي صحيح من الفريق، لكن كمان آخذ صفة الحَكَم كمان. نحن مثل العادة بتقلّي كيف كنتوا بالسياسة، هذا سنة الـ 1920، كان عمري 15 سنة، وين بدّي ادرس دروسي وين بدّي أعرف ثاني يوم سمّع للمعلّمة وبالمقابل عاركة بالبيت، بهيذي الأوضة في عشرة وبهذيك في عشرين والصريخ طالع وعمّ يناقروا ويفاوضوا. بيشتدّ الصراع، مختار بيهم العنيف لا يقبل ابداً إلاّ انه يروحوا يعرفوا قيمتهم. بعد ألف عراك الساعة الثانية بعد منتصف اللّيل، مثل ما بتنتهي كلّ معاركنا، بيبوسوا بعضهم وانه قدّيش أجمل وقدّيش أصلح ونروح لسورية نحن هلّق كلّنا عمّ نطالب بالوحدة السورية كلّنا ضدّ انضمامنا إلى لبنان نروح على السفاسف على السخافات مش معقول، علا صوت الحكمة، خلص تباوسوا واتّفقوا وسمّوا اللاّئحة الّي بدّهم ينتخبوها وانه ثاني يوم بينتخبوها. نحن قمنا نمنا الساعة الثانية وقمنا بكّير إلى المدرسة أولاد 12 سنة. الله بيعلم كيف سمّعنا درسنا أو كيف تقبّلنا معلّمينا، وبدنا بقى تخلص المدرسة تا نجي إلى البيت. جينا المسا شو صار؟ قال: اجوا الـ 19 انتخبوا، انتخبوا رضى الصلح 19 صوتاً، انتخبوا أبو علي 17 صوتاً، انتخبوا مختار بيهم 12 صوتاً".

كان هذا من أوّل الضروب السياسية الّي وعّتني انه بالعالم السياسي بصير في شيء اسمه خيانات أو الاعيب. ولد ابن 15 سنة دُهِشت ذُهِلت، شو هذا كيف بصير هيك وبقلولنا يومها هيذي لعبة رياض. وكان أوّل شيء عرفناه عن شطارة وحذاقة وذلاقة رياض الصلح بالألاعيب السياسية. أبو علي كارموه اعطوه 17 فإذن الـ 12 تبعولنا عطوا هوذيك طلع رياض الصلح بـ 19، ابو علي اعطوه نقّصوله 2 عن رياض الصلح، مختار بيهم ما اعطوه ولا صوت واحد اعطوه 12. لمّا رجعنا من المدرسة قالوا هيذي لعبة رياض . أدركت لأوّل مرّة ألاعيب السياسة. شو بتتصوّر بعد منها، كان رياض عمره سنة الـ 1920، 29 سنة. بعدين تعوّدنا عليه كثير، إذا بدّك بحكيلك هلّق أشياء وأشياء أمرّ وأدهى منها، هيذي أبسط بكثير من الغدر والخيانة والطعن بالظّهر ممّن بتكوني أنت عملتيهم وأنت ساويتيهم، بكون الإنسان ساعدهم بكلّ شيء عملّهم ولا يلقى إلاّ الغدر والخيانة.

بأيّام طلعت باشا كان والدي بالمبعوثين. كان بالطبع بسمّوه عنيف وأنا مثله هلّق بسمّوني عنيف. بالواقع لمّا بيوقف الإنسان موقف حقّ، بكون عنيف، بدكم إيّاه يتنازل عن الحقّ تا يصير مايع تا ما يعود عنيف؟ لمّا دخلت تركيا الحرب راح جنابه تقدّم بسؤال للجنة المبعوثين: "لماذا دخلتم الحرب؟ وأين مصلحتنا في دخول الحرب مع المانيا وليس مع الحلفاء؟ وماذا سنجني من الحرب"؟ سؤال بديهي. كيف نائب بمجلس المبعوثين ونائب ابن عرب ويتجرأ أن يسأل هيك سؤال. قامت الدنيا وقعدت، اختبطت الدنيا، بيبعث وراه رئيس المجلس خليل بك. خليل بك كان رجل محترم بحبّه والدي كثير وهو بحبّ والدي.كان عمر والدي يومها 46 سنة. وسأله خليل بك انه بلكي بتسحب هـ السؤال. قلّه:" ما بسحبه انا وضعته وبدّي جواب عليه، أنا مسؤول عن وطني". قلّه: "ما في المسؤولين وشافوا هيك والأصلح هيك ومصلحة الدولة". قلّه والدي: "نحن بدنا مصلحة الدولة فيها شيء مصيري وهذا شيء مصيري وبدنا نتعاطى مصيرنا". ووقتها كان في 70ـ 80 نائب عربي من البلاد العربية كلّها" "ابو علي مجنون، شو بدّك من هـ السؤال؟ بكرة بودّوك ما عرفت كيف خلّصت من الحبس بكرة ما بتخلّص من المشنقة". أبداً أصرّ بعناده على سؤاله. مرّة ثانية لمّا لقي خليل بك أنّه عبث الحكي معه قلّه: "طلعت باشا، رئيس الوزارة بدّه يشوفك". عرفوا النواب العرب وأصدقاؤه وخافوا عليه انّه شو بدّه يعمل فيه طلعت باشا. دخل عند طلعت باشا بمكتبه بمجلس المبعوثين. استقبله طلعت باشا استقبال بشوش ضيّفه قهوة وسيجارة وقلّه: "أنا بدرك سؤالك وقيمته والحقّ معك فيه ونحن إذا في بأمثالك نعطي أسبابنا ما فينا نعطيها علَناً للمجلس، يتناولها العدو وبيفهم منها شو أوضاعنا، ما معقول هيذا". وأخذ فسّرله شو الأسباب لدخول الحرب، بما أقنعه يومها. خرج والدي وكلّ أصحابه النوّاب يغلي قلبهم عليه، شو راح يعمل فيه طلعت باشا. شافوه طالع عمّ يضحك: "شو في"؟ قلّهم: "حكيت أنا وإياه وفهّمني شو الأسباب". قالوله: "طيّب شو الأسباب"؟ قال لهم: "اعملوا سؤال مثل سؤالي بتاخذوا الجواب، يكنّلكم الشجاعة تعملوا هيك سؤال بتاخذوا الجواب، أما أنا فأعطاني إيّاه على صعيدي لأنه حبّ يفهّمني، فهمت وقنعت".

أنا بنظري بقولوا بالشجاعة بالحقل العام طالما بردّدولي إيّاها كمجاملة، يمكن فيها شيء من عصب الإنسان من مزاج الإنسان لكن من مقوّماتها بنظري الكبرى ، إذا لم تكن كلّ المقوّمات، شعور الإنسان بنظافته وبأن لا يكون عليه مأخذ من هنا أو هناك يوصموه فيه أو يخضّعوه فيه. لأنه الشجاعة ما بتقدر تماشي المآخذ. لمّا بكون شاعر بحاله انه ما حدا بيقدر يمسكه بمأخذ، مأكّد بيقدر يكون شجاع. آخر حادث وقع بالتاريخ الحديث، قائد الجيش عندنا وبيطلّب منه ناس كثير مواقف شجاعة، كثار بردّدوا ما بيقدر يكون شجاع. يمكن كضابط كجندي عنده عصب وعنده شجاعة وشخصيّة، لكن بيظهر بلوّحوا بأمور كثيرة ما بيقدر يكون شجاع. الشجاعة بدّها خصوصاً بالحياة العامة, بتحكيلي نائبة أميركية عن الّي بسمّوه بأميركا Anti-defamation league للحفاظ على كرامة الأشخاص تحت ستار نبيل مثل هيذا جمعية يهودية بتدور تجمّع كلّ ما أمكنها من معلومات عن الأشخاص في الحياة العامة، من مفاسد مالية أو علاقات نسائية أو أمور عائلية وبتخزّنها عندها حتّى وقت اللّزوم، بدّه يعمل أي حركة بتقلّه هون. الها فعاليتها.

الشجاعة يمكن تكون قدوة. كمان الواحد بياخذ قدوة من والده وياخذ عصب، مأكّد، لكن بدّها يكون عنده شيء من نظافة يعتمد عليه وإلاّ ما بيقدر يكون فيها. هيذا من الخبرة العملية.

(01:39:00)
صورة عن بيروت القديمة وزعماء الأحياء وكيف تطوّرت

(تسع دقائق وثلاثة وأربعون ثانية)

جماعة اللي عمّ تسأل عنهم رجال الأحياء في بيروت، بالطبع كانوا في الأجواء القديمة وعلى القاعدة القديمة، كانوا يسمّوه "شيخ الحيّ". "شيخ الحيّ" كان شخص بارز بمكانته بأخلاقه بنشاطه يضبّ الحيّ كلّه. والحيّ كان مجتمع قائم بنفسه. أنا مثلاً عشت الأيام اني أعرف الشخص من لهجته إذا كان من المصيطبة أو من راس بيروت أو من البصطة أو من الحيّ الشرقي. رجال الأحياء كان لهم كلّ هـ المقوّمات وثقة الناس فيهم. كانوا فعّالين كما قلت. أنا عشت الأيام اني أعرف الإنسان إذا إمرأة أو رجل من لهجته، إذا من زقاق البلاط الها لهجة خاصّة، المصيطبة الها لهجة خاصة، راس بيروت الها لهجة خاصة، من البصطة بتختلف عن المصيطبة وألها لهجة خاصّة. هذا يعطيك صورة قدّيش كانت الفوارق وقدّيش كانت المجتمعات منفصلة وغير مختلطة. بعرف كثار من أهل المصيطبة الّي هنّ محيطنا وحولنا، كانوا يقسموا يمين انه من عشر سنين لم تدس رجلي المدينة، من عشرين سنة ما بعرف المدينة. أولاً كانت حاجتهم للحكّام قليلة. كان في البلدية بيروت مثلاً، أنا بعرف بإيامي يفرغ فيها منصب أو اثنين أو ثلاثة، وما يتقدّم الها حدن، هلّق قبل ما يفرغ المنصب أو بيجوا الوف أو مئات بيطلبوا منّا نخلقلهم منصب ليتوظّفوا، هذا شيء جديد. بعدين انفتح الباب على مصراعيه بالديمقراطية، صار كل فرد بيعتبر حاله هو دافع لزعيم الحيّ، هو بطال الوزير وبطال النائب. هيدي "الديمقراطية". من أكثر شيء صوّر الواقع ملاحظة لـ Lipman، المعلّق المشهور يقول: "إن من أمراض العصر الكبرى الذي نعيش فيه ان زاد بالملايين عدد الناس الذين يطلبون ان يُحكموا - الناس ما كانوا يطلبوا ان يُحكموا - كما زاد واتّسع بذات الوقت عدد الطبقة الحاكمة". ولمّا الإنسان يمحّض هـ القول، انا كثير بشوفه بالخبرة الّي تطوّر لنا، هذا واحد عاش الأيام الأولى مثل ما عشناها وعايش الأيام الحالية بيقدر يشوف الفرق، يمكن الّي عايشين العصر الحالي ما بيدركوا شو معنى هذا. فشيوخ الأحياء أو رجال الأحياء أو القبضايات الّي كانوا يسموهم، كانوا جماعة محترمين. مثل ما قلنا عن الحقل العام انّه الّي كان يشتغل بالسياسة بدون مقابل أو أجر، بل بالعكس بتضحية دون أن يصل إلى شيء للقيام بواجب أو تنفيذ لهدف سامي، كمان على صعيد الأحياء ورجال الأحياء والقبضايات، كان القبضاي عنفوان وعزّ وكرامة، ما بقول ما كلّهم أخطاء، لكن تناولوهم وبدوا يتناولوهم من أيّام الإتّحادية. أنا واعي كيف صارت الملامة على رجال الأحياء انه صاروا يبيعوا البعض منهم نفوسهم للإتّحاديين، لكن كانت بعدها مغطّاية ومشلبنة وبعدهم الهم مقامهم رجال الأحياء. إجت إيام الفرنساويّي زادت، إجت بعهد الإستقلال تفاقمت حتّى ما عاد الهم جنس القيمة وصار القبضاي بيفتكر يلّي ما بقول بيضرب فرد وسكّينة فحسب بيعمل أي جرم يا بيدخل الحبس وبظهّره الزعيم، يا بيمنعه من دخول الحبس المتزعّم أو الزعيم وصار كلّه بينزل على البلد وإذا كان ما فتح باب المحافظ - سرى التعبير على السنتهم - انه بضرب الباب برجلي وبفوت على المحافظ، على الوزير، على القاضي. العدلية انفتحت لهـ النوع من الرجال الّي كثار منهم رخاص، وضاع بينهم الرجل صاحب المقام أو النفوذ أو الكرامة مثل ما ضاع بالمحيط السياسي. هيدول* (هؤلاء) رجال الأحياء كما عشتهم من قديم وجديد. مؤكّد كان يصير قتل هون بأحيائنا، فنحن عشنا على أيام الـ "vendetta"، لكن تصير عن نفرة عاطفية ما تصير عن خساسة مصلحة. مثلاً كان الواحد يقتل الثاني منشان فرد حمام، كشاشين الحمام عندنا واحد ياخذ للثاني فرد حمام ويعيّره فيه انه هيذا فرد حمام قوي كثير كيف أخذه؟ يعزّ عليه أمام الناس، تقوم المشكلة فيقتله، وهيذي كانت تصير كثير. انتقلت هلّق صارت عن خساسة فأصبحوا يدفعون قائلين: "إذهب واقتل لي فلاناً"، لمصلحة خسيسة، لمصلحة واطي أو لتخريب دول أحيان كثير. مين قتل نسيب المتني؟ فإلى اليوم ليس باستطاعة أحد ان يحدّد فإنهم يشيرون بالإشارات، هذا قتل بدوافع معيّنة مع اني نقلتها على صعيد سياسي فيهم بيقتلوا على صعيد مالي، روح اقتلّي فلان، مدفوع بأجر، ما عاد هذا شيء من روح الفتوّة والقبضايات الّي كانت، هدروها مع الأسف. بالطبع طرأ تغيير آخر على زعماء الأحياء هو نوع لباسهم. مأكّد مع الزمن كان لهم نوع لباس خاصّ يلّي يعطي شكل الزعامة: السروال والقفطان والصدريّة المطرّزة والقبّة المخمل والطربوش بشرابته العوجاء والخيزرانة بإيده، هذا كان من صفة الزعيم، إذا ما قلت انه بيلجأوا أحياناً كثيرة في ظروف معيّنة إلى العقال والكفيّة والمارتيني وكان بالطبع في فروسية عندهم. مثلاً محلّ قصر الصنوبر الّي فيه سفير فرنسا وإلّي عمّ نحاول نأخذه من فرنسا حتّى نزيل آخر أثر للإنتداب الفرنساوي، مع الأسف، انه جماعتنا ما عمّ يدركوا ذلك عمّ يجرّبوا يتساهلوا فيه، كان هناك في ميدان الخيل قبل ما يكون في سبق، كان هناك ميدان الخيل وكان كل رجل من قبضايات بيروت عنده فرس أو حصان وإلاّ ما بكون مكتمل الشروط. كنا نطلع لهناك مسويّة العصر ويوقفوا فريقين، فريق هون وفريق هون ويعملوا ميدان الجريدي، المرمح بسمّوه مرمح الجريدي، يهجم واحد على الثاني ومين نال من الثاني أكثر ومين حصانه بيسبق أكثر ومين بيضرب جريدي أصحّ، فيها كثير من الفروسية، "وخذها خوذ الجريدي" وذهبت مثلاً بأشياء كثيرة "خذها" لمّا كان يعطيه كلام مثلاً يقلّه "خذها" هيذي كان من ميدان الجريدي. زادت مع تطوّر الإنتداب، بعرف مثلاً لمّا اجا فيصل الأوّل عندما أصبح ملك الشام وجاء أوّل زيارة للبنان، جاء عن طريق حمص ـ طرابلس، بمجيئه عن طرابلس أُقيم له استقبال ضخم جداً على نهر بيروت. كان في قهوة هناك قهوة القزاز عند جسر بيروت. بعرف 40 خيّال على خيلهم ومنهم 9 روس من عند والدي، كان عندنا عربات على الخيل يسمّوهم charrettes راكبينهم شباب من شباب بيروت بعقالات وكفيّات وهيزعات وبواريد وراحوا لنهر بيروت وانطلقوا من هناك لأنطلياس واستقبلوه وأجوا قدّامه 40 خيّال. كان بعده عزّ شباب بيروت، لمّا شباب بيروت استقبلوه، استقبلوه الخيّالة. لمّا أجا بطرك الروم غريغوريو، كان معروف انه بطرك عربي وطني قوي وعمل مكانة كبرى بالشام، استقبلوه استقبال هائل على الحازمية، كمان كان خيّالة بعدد عديد، هولي كانوا من قبضايات بيروت.

(01:48:43)
إعلان الحكم العربي المؤقّت بعد زوال الحكم التركي

(إحدى عشرة دقيقة واثنتا عشرة ثانية)

بتذكّر الأمير فيصل يعيدنا للحقبة بين انقضاء الحكم التركي عن البلاد ودخول أولاً الجيوش الحليفة ثمّ الحكم المنقسم بين الإحتلال الإنكليزي، الإحتلال الإفرنسي، والإحتلال العربي بالداخل. لمّا بديت تنسحب الجيوش التركية من جنوب فلسطين، اندفعت كما هو معلوم الجيوش العربية للداخل فاستولت على الشام قبل وصول جيوش اللمبي من الساحل لبيروت وشمالها. فأوّل ما وردنا انها سقطت الشام بأيدي الجيش العربي، وكان ذلك في 1 تشرين أوّل. أوّل ما منذكر أوّل مفاجأة كانت ليلاً، بيجي عمر الداعوق وكان رئيس بلدية لعند والدي ومعه تلغراف من الشخص الذي تسلّم الحكم بالشام واسمه الأمير سعيد الجزائري. بعدني بذكر شيء من لفظة بقلّه: "أُعلن الحكم العربي باسم الملك حسين في مكّة" وعبارة ذهبت قولاً مأثوراً انه: "أسفكوا الدماء ولكن بعدل" ومعروف عن الأمير سعيد انه كان فيه شيء من رعونة وشيء من خفّة. بعدين على أثر هـ التلغراف اجتمعوا الّي كانوا يسموهم "الوجهاء". كان في نظام الوجهاء، الزعماء والوجهاء، تختلط كلمة زعيم بوجيه، كانت وجيه أكثر. زعيم ما نشأت إلاّ بالنضال ضدّ المستعمرين في ما بعد أكثر ما كانت كلمة زعيم، قبل كانت دائماً كلمة وجيه. وجهاء البلد اجتمعوا واستدعوا، بذكر كان معهم مختار بيهم ووالدي وعمر الداعوق وألفرد سرسق والمركي* (Marquis) دو فريج، كانوا مسلمين ومسيحيين بتفاهم تامّ، وراحوا للوالي ليلاً. كان الوالي يسكن بمحلّ مدرسة اللّيسيه الفرنساوية للبنات اليوم، كان بيت لدكتور فرنساوي ومستوليين عليه الأتراك وجعلوه بيت الولاية بآخر ايام تركيا. راحوا باللّيل وبلّغوا الوالي عن احتلال الشام وعن البرقية الّي اجتهم وعن طلبهم لإستلام الحكم في بيروت. عاند كثيراً الوالي في البداية وكان معهم مسلّحين بالخارج من بعض اخواتي ورفاقهم، واقفين بالخارج، قالوا لهم إذا سمعتم أي شيء من جوّا مناوشة بالرصاص ساعتها بتفوتوا. ما صار مناوشة وما فاتوا، وبعد نصف اللّيل بكثير انتهت. أعطوه عربية خاصّة للوالي ورحّلوه للشمال واستلموا الحكم العربي وأعلن ثاني يوم صباحاً في 1 تشرين. بذكر لمّا رجعوا، نحن كنّا ولاد صغار، كان عمري 12ـ 13 سنة، لمّا رجعوا بدّهم يعملوا ترتيبات الإستلام والتسليم. أعلنوا عمر الداعوق رئيس البلدية، رئيس الحكومة العربية الأولى المؤقّتة، وعيّنوا مدير أمن عام وعيّنوا مسؤول عن الإعاشة وعيّنوا كثار. عملوا بيان. بتذكّر انه كان في محيّي الدّين النصولي وأخوي محمد، توكّلوا انه يروحوا يبلّغوا. ما كان في جرائد كثير وقتها، في جرائد قليلة كثير لينشروا فيها. راحوا لعند المرحوم رامز سركيس، رامز خاف وما قبل ينشره. قيّموه بالقوّة وهو يرتجف ويلبس ثيابه تا يروح على المطبعة ليطبع المنشور، لأنه ما قدر ذهنه يتحمّل انه زال الحكم التركي الّي كان متملّك بالبلاد واجا محلّه حكم عربي ناشيء ما اله مستقرّ وحكومة عربية محليّة، ما قدر يهضمها. ثاني يوم كانت البلد بفرح عظيم وكان سبقها أشاير كثيرة عن اقتراب الجيوش الحليفة، اجت قبل بمدّة طائرات انكليزية ورميت مناشير. رميت منها منشور بصورة الملك حسين ـ محرّر البلاد العربية. الطائرات الإنكليزية رميت المنشور وبذكر الّي جبلنا إيّاه خوري اسمه الخوري يوسف الزهّار، أبونا يوسف الزهّار، كان يعلّم أخواتي بالبيت فرنساوي، واجا باللّيل ومبسوط وآخذه الفرح وفات للأوضة "وسكّروا البواب الخارجية ودخيلكم ما بدّي حدا يشوفني" وشال من عبّه عمّق ايده وشال من عبّه المنشور وعليه صورة الملك حسين، صورة كبيرة وتحته كلام بتحرير البلاد وركع وصار يقبّل الصورة، ومندفع انه خلص تحرّرنا من الأتراك وجاي الحكم العربي وجاي الملك حسين، ملك مكّة الخ. هذا الخوري ذاته بعد ما اعلن الحكم العربي وبعد ما مضى عشرة ايام على الحكم العربي وإجت بارجة إفرنسية على المرفأ لتستلم الحكم، تحت الضغط من الإنكليز والإفرنسيين، من الحكم العربي المؤقّت، كان على رأس مظاهرة يقول: "Vive La France Vive La France أمّنا الحنون، وكان على المرفأ عمّ يستقبل.

كمان بذكر بهذيك الحقبة لمّا أُعلن الحكم العربي وقبل ما توصل الجيوش الحليفة من الساحل الجنوبي، بديت تجي مناشير وأخبار انه وصل لصور ممثّل الشريف فيصل، مندوب الملك حسين، السيّد إليا الخوري. ضجّت البلاد كلّها انّه كيف السيّد وكيف إيليّا. اليوم مأكّد الناس بتاخذها بحكم العادة انه كلّ Mr. ترجمتها السيّد، أمّا يومها انّه مسيحي والسيّد، كيف السيّد ؟ ما معقول. السيّد لأولاد الرسول وبتوسّع كبير لبعض المسلمين، أمّا السيّد لمسيحي هيذي كانت جديدة كثير.

أُعلن الحكم العربي بالسرايا الكبيرة. كان الحكم التركي نقل الها من سرايا البرج اللي هدمت منذ بضع سنوات قبل مدّة قليلة، وكانت هي بالزمان ثكنة عسكرية – قشلة - واللي أصبح مقابيلها إلى شماليها قصر عدل كان مستشفى عسكري. بتذكّر بإيّام الأتراك كنا نروح لهونيك ونشوف الشباب عمّ يتدرّبوا، كانوا ياخذوا الشباب ويدرّبوهم بالساحة هناك. استلمها الحكم العربي وكان يوم رائع من أيام التاريخ يوم رُفع العلم العربي المربّع الألوان على سارية القصر الحكومي وأتوا للرّمز فيها، بالآنسة محمصاني، شقيقة الشهيدين محمّد ومحمود المحمصاني، هي رفعت العلم بإيدها. بذكر المنظر بالواقع كان في ألوف مؤلّفة من البشر. كانت قوى الأمن قليلة جداً وبالطبع عند انقلاب الحكم بتسوّل النّفس للمجرمين أن ينطلقوا وما كانوا قادرين ان يحوقوهم. بذكر كان مدير الأمن العام مختار بيهم، وكان أيضاً من الزعماء البارزين، بذكره واقف على رأس السلّم وجامع بعض رجال الأمن الّي عنده وجمهور من الناس ملتفّ حوله وعم يخطب ويقلّهم: "دون محاكمة دون مراجعة مَن يمدّ بيده لسرقة أو جرم فسيُقتَل فوراً، وإذا ما انوجد رجال الأمن ليقتلوه فأنا بيدي هذه سأرميه بالرصاص". وبالواقع كان له فعل السحر لأنه قطعت دابر الإجرام وأوقفت الناس عند حدّها. وبتذكّر لمّا تركوا كان في غرفة بالسرايا بالطابق الأرضي بالجهة الشمالية الغربية، فيها أموال الخزانة، أكياس مكدّسة من الذهب وأكياس مكدّسة من الأوراق التركي، انتدب مختار بيهم، مدير الأمن العام، انتدب أخوي محمّد وصلاح بيهم وراحوا ناموا عليهم ليلاً نهاراً. ناموا عليهم إلى ان جاء الحكم الفرنساوي للإحتلال وسلّموهم إيّاهم كما هم. ومن يومها يساورهم الندم لهم وللّذي انتدبهم انه ليش ما أخذوهم، مش لإستعمالهم الخاص، ولكن لإستعمالهم للنضال ضدّ المستعمِر وضدَ الأجنبي. لكن بالطّبع الأمانة الوقتية للأمور بتولّد هيك أشياء.

(01:59:55)
(ثماني دقائق وإحدى وخمسون ثانية)

صورة عن الحكم العثماني

هذا بذكّرني بوالي عندنا كان، اسمه عزمي بك، كان مشهور بالحزم والجديّة بالعمل والصرامة، ترك أثر بعيد جداً ببيروت، كانوا يضبطوا ساعتهم أو هكذا يُقال على مرور عربايته ذاهباً إلى السرايا أو عائداً من السرايا. بعد الحرب كان من المضطهدين في تركيا بأيام مصطفى كمال وكان صديق حميم لوالدي، حاول يعمل تجارة، جاء إلى بيروت على مركب فخم. عمّ يتاجر بالفحم، فشل بالتجارة فشل تام والمركب رابط خارج المرفأ أولاً لأنه مركب فحم وثانياً لأنه الإفرنسيين منعوا عزمي بك ينزل على البلد، خشيوا من انه يصير اله استقبال أو مظاهرة تولّد اضطراب لأنه كان اله اسم طيّب. بذكر والدي يومها أخذ شختور* (مركب صغير) خاصة وأخذ مثل العادة كميّة من الحلويات وكميّة من الفواكه ونزلنا معه لنستقبل عزمي بك على ظهر المرفأ. مركب حقير، مركب فحم عاطينه فيه غرفة القبطان لكن بعده قاعد هو كأنه الوالي القديم في عزّه وسلطانه. أذكر جيداً كان حديث طويل عريض عن تركيا وكيف انقلبت أيام مصطفى كمال. من الجملة معنا أخوي محمّد بقلّه: "باشا، بقولوا عنّك كثير وحكيوا وأنك بإلّي عملته جبت طحين وتغذية جبل لبنان - لأنه هو الحقيقة ما كان مسؤول عن جبل لبنان، كان جبل لبنان يحكمه متصرّف والولاية وحدها - شو دخّلك انت بجبل لبنان لحتّى تعمل هـ الأشياء؟ حتّى حكيوا عنّك انّك أخذت أموال وإنك استفدت؟ ولو كنت استفدت ما كنت بهـ الحالة -حكيوا عنه انّه استفاد هو وميشال سرسق، لأنه ميشال سرسق استفاد من وراه هو وعزّالدّين - قلّه: "يا ريتك استفدت وكنت اليوم بتستعمل هـ الأموال بطريقة ثانية". رفع راسه وقلّه: "انت غلطان، أنا لو مدّيت إيدي لأموال، ما كان والدك بيركب شختور وبيجي لهون على المركب منشان يستقبلني وأنا بعدني عزمي". أوّلاً مَثَل أخلاقي رائع، ثانياً عم بضربه بمناسبة انه كيف الّي حافظوا على الأموال. هذا عزمي بك لمّا كان كان صاحب والدي ومختار بيهم كثير وكانو هنّي الوجيهين البارزين ببيروت وتربطهم صداقة حميمة. كان يقلّهم دائماً انه لو بقي والي - هو ترك واختلف هو وجمال باشا قبل نهاية الحكم بشوي ترك وحطّوا الوالي الأخير - كان يقلّهم: "إذا كان بيوم من الأيام بدّهم يجوا الحلفاء أو جيوشهم، أنا قبل ما أُخلي المدينة باخذكم كلّكم رهينة معي والمدافع موجودة على تلّة بيت مري وبعطي أمر يهدموا بلدكم كلّها". ومن الخير انه لم يكن يوم دخول الحلفاء.

ذكرني لمّا عمّ بحكي عن عربية عزمي بك وكيف كان يمرق بالبلد ويعيّروا وقتهم عليه. كانت بس عربية وجوز خيل. قبل منها بذكر بأيام سابقة بالعهد العثماني، كيف كان الوالي ما يتحرّك إلاّ بموكب رسمي أمامه عشرة أو أكثر من الخيّالة على خيل بيض ووراه عشرة أو أكثر من الخيّالة على خيل بيض، وكذلك متصرّف جبل لبنان، كانوا يسمّوه باشة الجبل. باشة الجبل كان يسكن بالشتوية ببيروت وبعده البيت الّي كان يسكن فيه بعرفه وبعده البيت موجود لحدّ اليوم، أظنّ بيسكنه سفير البرازيل، وكان يسكنه الوالي ويسمّونه بيت الولاية ـ بيت باشة الجبل. كانوا يمرقوا دائماً بالبلد بهـ الموكب عشرة خيّالة قدّام وعشرة خيّالة ورا وعربية خيل، أبّهة كانت وعظَمة باشة الجبل. طبعاً باشة الجبل كان منفصل تماماً عن الوالي، ما اله عليه شيء لكن شكله مثل باشاوات الأتراك تماماً، الطربوش والطقم وغيره ويتصرّفوا تصرّف عمّال السلطان رغم انّهم محميّين من السّبع دول. بذكر واحد منهم كان مهمّ كثير اسمه رستم باشا اله حادثة مشهورة. راح مرّة للشمال، مرّ بطرابلس، بطرابلس استقبله المتصرّف - المتصرّف كان تابع لوالي بيروت، لأنه طرابلس كانت لواء متصرّفية تابعة لوالي بيروت - استقبله وعملّه استقبال فخم، باشة الجبل أهمّ بكثير من المتصرّف. هو الحقيقة هون في شيء لمّا عملوا نظام جبل لبنان بالإتّفاق بين تركيا والسّبع دول، رادوا يعملوله بروز في كيانه الخاصّ، ما سمّوه ولاية لها استقلال ذاتي Autonome مثل ما عملوا جبل لبنان، سمّوه متصرّفية، لمّا سمّوه متصرّفية حتّى يكون للمتصرّف، باشة الجبل، أهميّة كبيرة، وكان يُنتخب دائماً من الطوائف المسيحية بالإمبراطورية العثمانية وبموافقة السّبع دول سمّوه "متصرّف"، راحوا الأتراك فوراً عدّلوا نظامهم الإداري وجعلوا الوالي والولاية تحته مقسّمة إلى عدّة متصرّفيّات وسمّوا كلّ رئيس لواء متصرّف حتّى يصغّروا من قيمة المتصرّفية، وعملوا بذات الوقت متصرّفية القدس المستقلّة مع انه هي كانت ولاية صغيرة ليعملوا انه هيذي هون متصرّفية مستقلّة وكمان متصرّفية القدس مستقلّة ما تابعة للوالي. الحاصل هيذا متصرّف الجبل رستم باشا راح لطرابلس، بدّه يزيد بإكرامه المتصرّف عملّه حفلة كبيرة وقدّمله ليموناضة. كانت الدنيا رمضان ولمّا قدّمله ليموناضة استاء رستم باشا وقلّه أنا ما بفطر علَناً وسلطاني صائم، وراح عمل برقية للسّلطان فعُزِل المتصرّف فوراً. ولو انه كان على سفر فهو لا يفطر علناً. كان هناك شدّة بالتقيّد بالتقاليد واحترامها - هيذي قصّة كانوا دائماً يقولولنا إيّاها.

علاقة الوالي بالمتصرّف كانت علاقة شبه أجنبية. حكينا بالسابق انه كيف كانوا المطلوبين للعدالة بالولاية يحتموا بلبنان. الوالي كان شبه دكتاتور بولايته، لأنه مرجعه اسطنبول وقلال جدّاً الّي يقدروا يراجعوا اسطنبول. كان عنده مجلس إدارة اللّي هو شبه Executive للولاية الّي هو مجلس عمومي اللي هو شبه مجلس نيابي مع انه بعيد كلّ البعد عنه، لكن بغير هيك كان مستقلّ تماماً بولايته.

(02:08:46)
الحكم العربي الذي امتدّ عشرة أيّام

(أربع دقائق وسبعة وعشرون ثانية)

منرجع لإنتقال الحكم التركي الذي انتقل إلى الحكم العربي في بيروت عشرة أيام والناس في فرح وفي زهو وانفتحت الدّنيا الهم لأنه لأربعة سنوات الّي كانت الدّنيا مغلقة علينا كانت أيام سوداء بالواقع ما بيعرفها غير الّي عاشها. ما كان في راديو حتّى يستمع إلى الأشياء من الخارج، ما كان في صحف إلاّ القليل جداً، ما كان في برقيّات إلاّ إلّي يسمحوا بورودها. الشعب كان بظلام شبه كامل عمّا يجري في الخارج عن سير الأمور والحربية بين انتصار أو انتحار انسحاب بين المانيا والحلفاء، كانوا يعطونا صورة خاطئة عنها دائماً.

ما بعرف إذا حكيت عن المجاعة الّي وقعت أثناء الحرب وكيف كانوا يلمّوهم بالطنابر. انا شخصياٍ واعي لهـ القصة. عاشت البلد بزهوّ كامل وبديوا يجعلوا الحكم العربي يمتدّ إلى كلّ الأطراف، من الجملة أقاموا الحكم العربي بجبل لبنان. لبنان كان عند إعلان الحرب، تركيا أزالت صفته الإستثنائية وطابع الإستقلال الذاتي عنه وجعلته متصرّفية مثل كلّ القطاعات العثمانية تحت الحكم المباشر، أصبح متصرّف الجبل مثل أي والي مسؤول عن الجبل. لمّا قام الحكم العربي بتذكّر والدي ما كان له صفة رسمية فيه لكن كان المحرّك الأوّل وراء عمر الداعوق الذي أخذ رئاسة الحكومة بصفته رئيس البلدية، فاتّفقوا يعلنوا الحكم العربي بالجبل لأن الجبل فضي وقتها . اتّفقوا مع كبير الموارنة يومذاك حبيب باشا السعد. وأنا أذكر طلعت مع والدي بعربية الخيل إلى بعبدا وكيف سلّم حبيب باشا السعد باسم الملك حسين الحكم بجبل لبنان وكيف رفعوا العلم العربي على سارية بعبدا وكيف وضع يده حبيب باشا السعد على الإنجيل وقسم يمين الطاعة للملك حسين في مكّة، اللي دام عشرة أيّام مثل ما دامت الحكومة ببيروت.

ابتدأ الضغط فوراً ببيروت من قِبَل القيادة العسكرية لتسلّم الحكم من الحكم المحلّي العربي، لأنه ظهر بعدين انه كانوا مقسّمين الحكم لما أسموه يومها منطقة شرقية محتلّة الّي كانت الشام الأمير فيصل فيها، منطقة جنوبية محتلّة الّي استلموها الإنكليز حكم عسكري انكليزي، منطقة شمالية غربية محتلّة الّي هي لبنان وقسم كبير من ولاية بيروت - لأنه ولاية بيروت كانت تمتد من قبيل القدس بين نابلس والقدس الّي فوق اللاّذقية - أخذوا قسم منها إلى فلسطين لأنه ما كان في شيء اسمه فلسطين وأخذوا قسم منها إلى سوريا من اللاّذقية ورايح وأخذوا قسم منها إلى لبنان أو بالأحرى كانت المنطقة الساحلية تحت الحكم الإفرنسي منفصلة عن سوريا إلى يوم إعلان لبنان الكبير، يوم أعلنوا لبنان الكبير وضمّوله الأقضية الأربعة. كثار بيجهلوا انّه الأقضية الأربعة شيء وولاية بيروت شيء آخر. الأقضية الأربعة ضمّت إلى لبنان الكبير من ولاية سورية وهي مثل ما منعرف: بعلبك والمعلّقة وراشيا وحاصبيا. إنّما القسم الآخر اللي انضمّ هو بيروت وتابعة الها طرابلس وما يليها وصيدا وصور ومرجعيون وما يليها حتّى تكوّن لبنان الكبير الذي أعلنه "غورو".

(02:13:13)
الحكم الإفرنسي والصراع بين الإفرنسيين والمسلمين الّذين رفضوا الإنفصال عن سوريّة

(أربع عشرة دقيقة وأربعة وثلاثون ثانية)

من يوم استلام الإفرنسيين للحكم ابتدأ الصراع بين فريق كبير في لبنان الّي أكثريته السّاحقة مسلمين والسّلطة الإفرنسية، لأن رفضوا القبول بالإنفصال عن سورية. بالطبع ناس بياخذوها انّه كانوا يطالبوا بالوحدة مع سورية والإتّحاد مع سورية كأن هذا أمر طارىء، والواقع ابتدأ غير ذلك. الواقع ابتدأ برفض الإنفصال عن سورة مش المطالبة بشيء جديد. وكان صراع مستمرّ استمرّ من أوّل عهد الإفرنسيين سنة الـ 1918 إلى سنة الـ 1943، أي 25 سنة. كان بالطبع عنيف وشديد أحياناً كثيرة وكان هادىء وسلمي أحيان كثيرة. بالأيّام الأولى كان الإفرنسيون ينكّلون تنكيلاً قويّاً بمعارضيهم وكان معارضوهم يقاطعونهم مقاطعة تامّة. بذكر أخذوا من المسلمين شخص اسمه رامز المخزومي عملوه مدير زراعة، كان مهندس زراعي، كان لمّا يمرّ بشوارع بيروت، أهل بيروت اللي كانوا يومها أغلبيتهم مسلمين كانوا يتفلوا عليه ويقاطعوه مقاطعة تامّة، انّه كيف بيتعاون مع الإفرنسيين. من جهة النفرة من الإفرنسيين ومقاطعتهم والنضال ضدّهم بأشكال مختلفة، ومن جهة نظرة الإفرنسيين للمسلمين وللّذين قاطعوهم، جعلت هـ القطيعة تستمرّ سنين طويلة للإضرار بالّذين قاطعوا وتمركز الحكم أكثر وأكثر بأيدي المسيحيين وخصوصاً الموارنة. بذكر بأوائل عهد الإفرنسيين كان في الي قريب أنهى دراسته الثانوية وبدّه يدخل حقوق. بالطبع صلاتنا مقطوعة بالإفرنسيين حتّى بمعاهدهم. والدي صديقه الحميم حبيب باشا السعد، توسّط حبيب باشا تـ يتوسّطله مع معهد الحقوق الإفرنسي تـ يدخل بالحقوق. كتبله كارت* (بطاقة) حبيب باشا السعد توصية لمدير المعهد الإفرنسي - وهذا مَثَل عن الصورة الّي كانت بتلك الأيّام - راح الشاب لعند مدير المعهد بكارت من حبيب باشا، استقبله استقبال جيّد بكل الحفاوة والترحيب وأدخله إلى مكتبه وأجلسه أمامه: "مسيو طبّارة، مسيو طبّارة أهلاً وسهلاً بمسيو طبّارة تفضّل". فأجلسه وقال له ماذا فعل وما هي شهاداته ومن أين أخذها من البطركية ولماذا يريد ان يدخل ويدرس حقوق، وشجّعه كثيراً وكل الكلام الأوّلي والتمهيدي ابتدأ إلى ان وصل وبدأ يسجّل: Prenom, Nom قال له: محمّد طبّارة. قال له:"محمّد؟ Quoi? Musulman? أنت مسلم؟ "Mais Dites donc" كيف ذلك؟ et vous venez chez nous? .... Allez- vous en! يلا Allez- vous en!, Allez- vous en! ودشّره يومها. هيدي حادثة واقعية.

(02:17:16)
س ـ هون الإسلام ما بينلاموا على الـ Negative attitude؟ مثلاً الملك فيصل بالعراق كان يقول: "خذ وطالب".

ج ـ في بالتاريخ خذ وطالب بلوموهم كثير وكانوا بأوّل ما يلوموا كانوا يلوموا والدي مع ذلك راح احكيلكم حادثة من الحوادث هذه حادثة واقعية تاريخية. لمّا دخل الإفرنسيون حكيت عن التنكيل وتناولوا والدي، شو بدهم يتناولوه؟ تاجر شغله التجارة. قاموا عليه دعوى سمّوها "دعوى السكّر" الشهيرة. ليش بالحرب جاب سكّر من ألمانيا عا اسطنبول على الأناضول لهون وكان في جوع كامل للسكّر، ووزّعه وكانت أسعاره محدودة. عطيوه يجيبه من هونيك وحدّدوله الأسعار هنا حتّى يبيع فيها. لكن كتاجر، تاجر فيها تجارة شرعية مشروعة ما عليها غبار. قالوا هيذا احتكار بالحرب. والسكّر مادّة غذائية صحيح لكن منها لا طحين ولا المواد الأولى للجائعين. أخذوه دخّلوه الحبس، قعّدوه 4 أشهر بالحبس بدعوى السكّر ويطنطنوا فيها ويجرجروه من تأجيل لتأجيل ومن دعوى لدعوى ما قادرين يطلّعوا منها شيء. دفاتره موجودة تجارته مشروعة ربحه فيها كان مشروع منّه شيء غريب، ويضيّقوا عليه ويضيّقوا علينا. وحادثة كمان من الحوادث على الحاشية كانوا حاطّينه حابسينه بغرفة واسعة بالسرايا الحالية في الطابق الأرضي تحت الحاكم الفرنساوي وسامحنله بزوّار وبقراءة كتب ومعاملينه معاملة غير السجين العادي. ولو كان مجرماً مثلما قالوا لما عاملوه هذه المعاملة. أجا زاره صديق قديم يومها اسمه محمّد فوزي باشا العظم من الشام. كان زميله بالنيابة في المبعوثين في اسطنبول، بيسأله شو عم تقرأ؟ بقلّه شو عم يقرأ. شاف عنده كتب من الجملة - هي قصداً قالها والدي أو عفواً قالها بجوز يكون قصداً ليغيظ الإفرنسيين أكثر - إنه "عمّ بقرا "سرّ تقدّم الإنكليز السكسونيّين" لفتحي زغلول". انتشرت ثاني يوم بالجرائد وفوراً كما هو ردّة فعل الإفرنسي عادةً، قطعوا عنه كلّ الزيارات قطعوا عنه الكتب والصحف وصاروا يفتّشوا رغيف الخبز إذا كان في شيء مكتوب ضمنه او لا. بعد 4ـ 5 أشهر من التعذيب والإرهاق على هذه الصورة ما قدروا أبداً يطلّعوا شيء بالمحكمة فعيّنوا يوم محاكمته صدف يوم وصول الملك فيصل عائداً من مؤتمر باريس بإحدى عوداته من مؤتمر باريس من اوروبا. وكان مُتوقّع انه الحكم بدّه يصدر، فصدر الحكم ببراءته يومها وطلع بموكب من السرايا إلى بيتنا بالمصيطبة متّصل بألوف مؤلّفة من الناس ممّا يظهر ما كان عليه شعور الشّعب ضدّ الإفرنسيين وهتافات عدائية لفرنسا وللحكم الإفرنسي وللقائد الإفرنسي. بعد هذا مباشرة راحوا ليستقبلوا فيصل، كان آخذ المعتمدية العربية في دار عمر الداعوق على محطّة الداعوق. وبتذكّر انا كنت هناك كولد مراقب حشود بالخارج لا عدّ لها. طلب منهم فيصل ان يختلي بـ "الوجهاء". منرجع لكلمة "وجهاء" كانت كلمة زعماء بادية جديد، طلب يختلي فيهم ليأخذ رأيهم. كان عامل بباريس بما أسمي باتّفاق كليمنصو ـ فيصل، وجاي ليحاول ينفّذه ويطبّقه، فأطلعهم على الخطوط الكبرى. بذكر لمّا تعملي ملاحظة انه ما كان في ملامة على المسلمين أخذوا كلام والدي قلّهم: "إذا اله حدن يحكي بشعور عاطفي خاصّ نحو الإفرنسيين، بعتقد انه أنا بعدني طالع اليوم من سجنهم ومن تنكيلهم، إنّما أنا بقلّك سر على سياستك "خذ وطالب" إذا هيذا أحسن شي قدرت خذه وطبّقه ونحن معك ونحن ما عندنا استعداد لغير ذلك ولا تخلّي الناس يضلّلوك بالحماس الفائر يقولولك أبناؤنا ودماء ابنائنا وكلّنا فداك، هذا كلّه كلام بيذهب مع الهوا". حتّى جار بالكلام أكثر أنّه "ما حدا بيعطيك ابنه وما حدا بيعطيك من ماله". واعتقدنا انه الأمور ابتدأت تنفرج وانّه فيصل بالإتّفاق اللي عمله، الإتّفاق يومها كان مُعتقَد أنّه اتّفاق كويّس جداً تحت الظروف القائمة وبيعطي الإفرنسيين شيء من السّلطة على البلاد، لكن بيعطي شيء كثير من حريّة الحكم الوطني والإتّصال بين الشام والساحل وعدم الرجوع إلى التقسيم والتقسيمات. راح فيصل للشام بدينا نسمع أخبار الحماس المخلص وربما المُفتعَل وكان هناك شيخ مهيّج اسمه الشيخ كامل القطّاب، وهو الّي افتعل كل القصّة ووقف بوجه فيصل "لا نقبل إلاّ بالإستقلال التامّ الناجز، لا حماية ولا وصاية". هيذي كانت تتردّد عندنا. جاء فيصل ليستقبلوه "لا حماية ولا وصاية، ما منقبل غيرك سلطان – يرددوها دايماً - لا حماية ولا وصاية، لا فرنسا ولا انكلترا".

هون في شيء لمّا اجت لجنة "كراين" لمّا اتّفقوا بمؤتمر الصلح ولسون وفرنسا وانكلترا، اتّفقوا انّه بودّوا لجنة استقصاء تُظهر رغبة الشعوب، لأنه كان مبدأ ولسون يومها انّه الشعوب ورغبتها في كيفيّة حكم نفسها - بنود ولسون الـ أربعة عشر - وطبّقوهم الناس يومها. ولسون كان وقتها ولكن ولسون وقع بأحابيل لورد جورج وكليمنصو والأوروبيين العريقين بالدسائس والأحابيل ووقع بذات الوقت تحت تأثير الصهيونية بأميركا. بعد ما قرّرت هـ اللجنة تنكّلت إنكلترا وفرنسا عن إرسال أعضاء باللّجنة، أصرّ ولسون وألّف لجنة King Crane ودارت البلاد العربية أو بالأحرى السورية من أقصاها إلى أقصاها من سوريا الكبرى كان يومها كلّها سورية وأخذت أصوات الناس. كانت العرائض تُمضى بالألوف والوفود واشتغلت فلوس الأجانب. مش للدرجة الّي بتعرفوها اليوم، أو انه كانوا الأجانب أكثر تجربة بشراء الناس أو انه كانت الناس وهذا أكيد أبعد عن الشراء من اليوم، وقد بالغ بها اسكندر لأن هذا من اختصاصه ولا يستطيع أحد بأن يجاريه فيه ولا يرى إلاّ من هذا المنظار لأنه يعود لمن اخترع العملة الخ. لكن بالواقع ربّما كان الأجانب أقلّ خبرة بالمشترى لكن انا أصرّ بالتأكيد وبدون تحيّز انه كانت الناس أقلّ استعداداً لبيع أنفسهم، ما كانوا تعوّدوا لسّه على الأجنبي يشتريهم، فكان التّصويت تصويت قاطع مانع ضدّ فرنسا على الأقلّ من الأكثرية السّاحقة وتكاد تكون الإجماعية من المسلمين وقسم كبير من المسيحيين وخصوصاً الروم، وضدّ إنكلترا إلى حدّ بعيد ومطالبة إذا لم يكن من بدّ بإنتداب، بأميركا. بالطبع لأنهم كانوا بيجهلوا أميركا. وأنا هون بقول انّه الجامعة الأميركية الّي كلّنا انتسبنا الها وتربّينا فيها وكانت على غير عهدكم فيها اليوم، كانت معقل الوطنية الصحيحة بالعالم العربي مش بس بلبنان إلّي انطلقت منه الشّعلة العربية للبنان وللأقطار العربية جميعاً، اليوم أصبحت فيها كثير من خيوط الـ C.I.A. مثل كلّ جامعات أميركا.

(02:27:47)
ممارسات الحكم الإفرنسي

(ستّ دقائق وتسعة وأربعون ثانية)

(02:27:47)
س ـ هل يمكنك أن تحدّثنا عن دور "بلس" فيها؟

ج ـ "بلس" كان له دور عظيم فيها. أنا أقول للأميركان إن الجامعة الأميركية هي المؤسّسة الّي أوقعت أكبر ضرر في نفوس أبناء الشرق العربي، لأنها بقيت حوالي المئة سنة تغرس في نفوسنا وأقنعتنا بحقّ إن الأميركان هم ملائكة البشر في الأرض، حتّى كانت الصدمة أقوى جدّاً لمّا أتت بأنّ الأميركان أدهى وأشدّ من غيرهم من الفرنساويّي والإنكليز لمّا بتجي لمعاكسة أماني الشعوب ورغباتها وخصوصاً بتأييدهم لعدوان إسرائيل اليوم. يمكن هذا تعبير قاسي ولكن بالواقع أنا مؤمن أن الصدمة كانت أقوى بالنسبة لتصوير الجامعة الأميركية انّه هنّ كانوا بشر. لأن الجامعة الأميركية بقيت عشرات السنين تربّي أجيال على العلم والمعرفة والدعوة للخير والوطنية الصحيحة حتّى انتهت بآخر ايامها بأيّام مؤتمر الصلح والعراك والصراع القائم للإستيلاء على البلاد العربية بين الدول الحليفة، وكان الموقف الرائع للرئيس "بلس"، آخر رئيس عظيم من رؤساء الجامعة (لأنه بإيامه تغيّرت هي من الكليّة الإنجيلية السورية للجامعة الأميركية في بيروت). وبالواقع الإرهاق الذي ناله بنضاله من أجل ذلك بباريس وبأميركا، كثير من الناس بيعزوا له سبب وفاته المبكّرة.

الوعي يومها إلgي ظهر بـ King Crane ما أثّر بشيء لأنه عرفنا فيما بعد أن تقرير King Crane راح اختفى بملفّات وزارة الخارجية الّي عفّت عليها الغبرة حتّى الرئيس ولسون لم يطّلع عليها، كان مشغول بالإنتخابات وربّما مات من دون ما يشوفها. في رواية من هـ النوع.

الحكم الإفرنسي كما قلت ابتدأ يأخذ الناس بالخداع والتضليل من جهة والتنكيل من جهة أخرى، بتقلّي انّه اللي تألّبوا ضدّه كانوا مسؤولين، كمان هو جعل من الناس Indésirable، حتّى بقي لآخر أيامه لمّا استقرّ وأصبح الناس تعتقد انّه باقٍ للأبد ومنه رايح ولا بيوم من الأيّام راح يزول. كان عندي خال ساكن معنا، كان دائماً لمّا يشوف نضال والدي ضدّ الإنتداب الفرنساوي والحكم الفرنساوي، مع احترامه وتقديره لوالدي، ووالدي ما كان عقله صغير، كان صاحب عقل كبير، يؤشّر لي على رأسي ويقول :"صهري مسكين عقله ما في. بدّه يطلّع الفرنساويي؟ مين بدّه يطلّعهم هوذي اللي قاعدين بهـ الثكنات الّي هـ الجيوش موجودة عندهم، مين بدّه يطلّعهم هوذي؟ هـ السلطة القائمة مين بدّه يطلّعهم؟ في شي خلل بعقله صهري". وهذا مش عن مزح بل كان يمثّل رأي الكثير من الناس اللي بياخذوا الأمور على ظاهرها. كانوا يقولوا مش ممكن هذا يزول.

في هذا الظرف بآخر الأيام منرجع لصديقنا حبيب باشا السعد، كان صديق حميم لوالدي وكان ذو نفوذ وكان صار رئيس جمهورية بآخر ايامه. لمّا صار رئيس جمهورية راد ان يعمل شي يقرّب. كانوا بصدد إنشاء مجلس بلدي في بيروت. جاء ضمن 15 أو 20 عضو من أعضاء مجلس بلديّة بيروت، أدخل أحد أشقّائي فيها، رجعت الورقة من عند المستشار الإفرنسي إلّي كان قدّمها للمندوبية العامّة للكوميساريا، وهي مصدر الحكم الأوّل والأخير وشفنا الورقة مشطوب خطّان حمر تحت اسمه ومحطوط على الحاشية Indésirable، غير مرغوب فيه، حتّى عضو بلدية غير مرغوب فيه. ما كانت بس من صلابة المناضلين ضدّهم، بل كانت كذلك من شدّة تنكيلهم، والحقيقة أجوا ركّزوا على المسلمين وعلى كثار من المسيحيين، لأنه كان معنا كثار من المسيحيين ضدّ الحكم الإفرنسي صاروا تدريجياً يلتقوا ويقولوا ليش الموارنة وحدهم عم ينالهم المنافع خلّينا نحن كمان ننال. الحكم الإفرنسي لمّا اجا عمل أمور غريبة مثلاً "غورو" أوّل ما اجا جاب معه سكرتير عام "لوكي" جابوا الـ Personnel الموظّفين الإفرنسيين للكوميساريا، بعدني بذكر جابوا حوالي 40ـ 50 بنت بحجّة ضاربات على الآلة وسكريتارات وعُرف بين الناس يومها انه جابوهم لإغواء الناس وإغرائهم والإستيلاء عليهم أو كسبهم أو التجسّس عليهم، وبالواقع فلتوا بين الناس فلتة مزرية. بعدين كان لهم من أعمال شيء غريب من الرشوات الّي ما كان معتاد عليها الشعب. هلّق صارت الرشوات عندنا بالملايين. كانت الرشوات على أيام تركيا "بـ "شكل أو بـ شكلين" و"القرش والقرشين" و"البشلك" و"البشلكين" للموظّف اللي بيقدر يؤدّي خدمة، ما كان في مشاريع. بتذكّر من أوّل المشاريع الّي عملوها جسر الدامور الذي لا زال قائماً إلى اليوم. اجا مهندس عائد من أميركا ودرسه وتقدّم انّه يعملّهم إيّاه بـ 4000 جنيه، عطيوه لمهندسين آخرين بخصّوهم بـ 20000 جنيه، وكان شيء معروف ومشهور عند الناس ما في شكّ بهالشي وما همّهم. بعدين بديوا بعمل غريب واستمرّ هذا على مدى حكمهم واليوم الناس بتشوف آثاره وبتقول وبيتساءلوا ليش الفرنساويّي ما نظّموا بيروت مثل ما نظّموا شمالي أفريقيا مثلاً وهي كانت مستعمرة إفرنسية.

(02:34:36)
بيروت كما كانت قديماً

(ثلاث دقائق وثمانية وثلاثون ثانية)

كان عزمي بك، الوالي إلّي أشرناله، عمراني، فأدرك وجوب تطوّر بيروت. جاء هدم بيروت القديمة، بمعنى انّه فتح الشوارع الكبرى فيها. كلّ الشوارع الكبرى اليوم المفتوحة بقلب بيروت هي من آثار عزمي بك، وإلاّ قبل أنا بوعى كان في بعد بوّابات: بوّابة يعقوب – يمكن بتعرفوها - اللي عند منزل السرايا على ساحة السّور كان في درج الأميركان –أكيد بتعرفوا درج الأميركان - وكانت لسّة البوابة قائمة، "بوّابة يعقوب". بقيت إلى ان ردموها وعملوا طريق السيّارات. منها كانوا يفوتوا لسوق القطن وسوق المنجّدين وبعدين سوق البازركان وبركة السوق وبعدين من الجهة الثانية سوق الحدّادين، كلّها الأسواق القديمة، وكان مركز على السّور اليوم ساحة رياض الصلح كانت محلّ الأعياد، أيام الأعياد ننزل لهونيك، كانوا يحطّوا المرجوحة والدوّيخة والحمير الّي عليها العدّة الحلوة للرّكب والخيل وكلّ ما هنالك من لهو كان بساحة رياض الصلح بعدين انتقلت للحرج. عزمي بك فتح هـ الشوارع هدّمها وما قدر يعمّرها أثناء الحرب، عمّر بالواقع بالإستعانة برجل ذو ذوق رفيع كان البير سرسق، عمّر بارك بيروت، السور كلّه هذا والحجر المنحوت وإلّي طرافة الرؤوس إلي عليه والبنايتان الّي فيها اليوم قصر سفير فرنسا وعمل هناك نادي سمّاه نادي عزمي. حتّى بقيت الطابة موجودة طابة من رخام معلّقة فيه حتّى شالوها الفرنساويّي بسنواتهم الأخيرة. كان اسمه نادي عزمي وبوجهه عامل بناية بتشبهه وبالنصف كلّها في بركة ماء وحولها طبق وبوجه نادي عزمي عامل كازينو. لمّا أجوا الفرنساويّي وجدوا البلد مهدومة. عزمي شغّل لهدم البلد، الرجال اللي كانوا غير صالحين للخدمة العسكرية ومعهم مأذونيّات وبدّه يستفيد من وجودهم وما في أعمال صناعية وما في أعمال تجارية أثناء الحرب وبدّه يعيّشهم أحسن ما يعطيهم إعاشة مطلقة جاب شغّلهم بهدم البلد وشغّلهم بإنشاء السّور، والسّور مشغول شغل كويّس والمقاعد الرخاميّة داخل الجنينة، كلّه ناس عمّ يشتغلوا فيهم كانوا يسمّوهم "خدمة خفيفة" بأيام تركيّا بدل خدمة كاملة خدمة عسكرية يعطوه خدمة خفيفة جابهم وصار يعيّشهم. ضرب حجر صاب عصفورين.

(02:38:14)
ممارسات الإفرنسيين أثناء حكمهم

(عشر دقائق وسبع ثوانٍ)

أجوا الفرنساويّي من أوّل ما عملوه، فاتح عزمي بك مثلاً شارع الّي سمّوه اليوم شارع المعرض وشارع اللمبي على بنى يطلع من البحر إلى الحرش، اجوا الإفرنسيّين رأساً أعطوا رخصة لأولاد ثابت بنيوا Le Grand Theatre بنصف الشارع، سدّوه وذلك تنفيذاً لأصحابهم ومن أجل إفادة ماديّة. سدّوا فتح الطريق بقى لأنه هذا الطريق كان كلّه مفتوح واسمه شارع عزمي وأجوا سمّوه شارع المعرض والقسم السفلي منه شارع اللمبي لأنه ما ركبت اللأللمبي على الكلّ والإفرنسيين لم يريدوا ان يعطوا اللمبي الكثير من الأهميّة. وقد أسماه الإفرنسيون المعرض لأنه الإفرنسيين عملوا معرض بعد الحرب وأسموه Foyer فأقاموا قسماً منه هناك والقسم الثاني من الرستوران الإفرنسي الذي كان محلّ بناية البيبلوس اليوم. أعطوا هذه البناية سكّروا فتح الطريق تكمّل جنوباً. شارع آخر كان فاتحه عزمي بك الّي هو شارع رياض الصلح شارع البنوك الّي كان بدّه ينفّذه على البحر يفتح سوق الطويلة الضيّق وبادي الهدم بأوّله، جاء الإفرنسيون عطيوا هناك لالياس الحدّاد، بنى هـ البناية من 3 طوابق الّي فيها الخضرجي اليوم كمان سدّوا فتح تلك الطريق. ثلاثة طوابق يومها كانت أعظم بناية بالبلد لأنه ما كان في مصاعد. والتياترو الكبير عندما بني بوسط الشارع كان أعظم وأفخم تياترو بالشرق. فهـ العملين هوذي كانوا بارزين جداً من سوء الحكم الإفرنسي والرشوة الّي كانت تحصل والفساد الذي كان يحصل، وصار يبيّن انه كلّ مين كان بجانب الإفرنسيين بيستغلّهم.

طبعاً الحكم الإفرنسي في الحقبة كلّها، رغم الأشكال الّي اتّخذها، بقي دائماً هو المرجع الأوّل والأخير للعمل. ما كانوا الإفرنسيين في لبنان يتقبّلوا ان يكون في غيرهم صاحب كلمة. انتقلوا من حكم مباشر من حكم الحاكم الإفرنسي الأصلي إلى رئيس جمهورية ثمّ بعدين إلى دستور. وكانوا دائماً لهم الكلمة الأخيرة والدليل بقي في دستورنا إلى يوم أزلناه بالإستقلال سنة الـ 1943 بأوّل مجلس إستقلال المادّة اللي بتقول "كلّ ما يصدر عن المجلس النيابي بشطبة قلم المندوب السامي اله حق ان يلغيه". كانوا ضيّقين كثير بوجهة نظرهم بالإنشاءات العمرانية بلبنان كانوا ضيّقين. ببيروت مثلاً استلمها مجلس بلدي وموظّفين لكن كان في مستشار فرنساوي. المستشار الفرنساوي كان هو كلّ شيء أبداً وكان له الكلمة الأولى والأخيرة. مشيوا على نظام انه في تخطيط، بعض التّخطيط لبيروت بينما عزمي كان عامل تخطيط أوسع كان عامل حلقات الّي اليوم بديوا يعملوها، عاملها من يومها هو. عملوا بعض التّخطيط إنّما شذّوا عن التّخطيط بصورة غريبة حتّى انّه ضاع التّخطيط. كانوا يجوا مثلاً، بدّه انسان يبني بمكان ما بالبلد واقع على التّخطيط ولازم يتراجع عن الخطّ المضبوط، بما انه لسّه ما انفتح الشارع وما بنيوا الكلّ على التخطيط يقولوله - إذا بخصّهم وبهمّهم وإذا فيها رشوة - بقولوله "عمول ورقة تعهّد انّه هلّق بتبني وبعدين إذا اجا التّخطيط بتهدّ". فبنيوا ألوف ألوف الأبنية في بيروت على هـ الأساس وعطيوا ألوف الأوراق الطائرة وبعدين طارت الأوراق متل ما بتطير الأوراق الطائرة وذاتاً مين بقي بيقدر يهدّ البنايات الجديدة لمّا طلعت على التخطيط ومتعديّة.

غريب شو كانت نظرتهم للبلد نظرة ضيّقة غريب، مع انه الوالي التركي الأخير عزمي بك برجع بشير اله الّي كان بكلّ معنى من مجال للتقدير، أولاً بهيبته بالحكم بإدارته للبلد كان مشهور عنه مرّة مارق بالسرايا الكبيرة من كثرة النظافة – ول قصة ما حلوة بس بتنحكى - شاف أحد كبار المأمورين عم يبصق على الأرض، ناداه قلّه: "معك محرمة؟" قلّه: "معي محرمة"، قلّه: "امسحها". مسّحه إيّاها. من جهة العمران بدي يهدم البلد وبوقت هدم البلد ما قصّر انه بنى البارك* (park) الكبير الّي لولاه لما كان في بارك كبير اليوم ببيروت وأضاعوه وأخذوه للمندوب السّامي وكلّه لكن انوجد شيء.

الصنائع قبل، الصنائع مبنيّة من سكّة حديد الحجاز لمّا صاروا يجمعوا بإيّام تركيا بأوائل القرن لمّا صاروا يجمعوا من قريب ومن بعيد فلوس لبناء سكّة حديد الحجاز ظاهراً ومبدئيّاً من أجل الحجاج والواقع استراتيجياً من أجل الجيوش. بنيوا مدرسة الصنائع لتطلّع صنّاع يشتغلوا في سكّة الحديد هيذي أساساً.

(02:45:13)
س ـ ألم تكن للإفرنسيين حسنات؟

ج ـ ما بعرف يمكن طول العداء معهم والصراع الدائم. كنّا نحن دائماً في عداء أسود معهم ما بقدر بشوف حسناتهم إلاّ إذا كنت تستطيع ان تشير إلى أحدها حتّى أؤيّدها أو أنفيها ما بعرف.هيدي متل قصة الدجاجة والبيضة، تزلّف الإنسان للمستشار أو تسلّط المستشار، فمن يكون مسؤول أكثر؟ أكيد فإنه متبادل كان يوجد تسلّط المستشار وكذلك تزلّف الإنسان اله ليكون التجاوب كامل، ولكن الذي لم يكن يتزلّف إلى المستشار لم يكن بإمكان المستشار بأن يقرّبه منه مثل كلّ حكم متسلّط ما بقدر بشوف شو هي الأشياء الّي انطلقوا فيها بهـ البلاد، الحقيقة ما بقدر شوف هـ الشيء. دائماً الإنسان يقول أشدّ الأوجاع الحاضرة، صار أشياء كثيرة وتفاقمت الأمور كثيراً لمّا وُضعت السّلطة بأيدي الوطنيين هذا صحيح. كان في سلطة محصورة أكثر، لكن هذا ما كان يمنع انه سوء التدبير الّي عم يصير والرشوات الكبرى الّي عمّ بتصير بس ما حدا كان يسترجي يحكي عنها. مثلاً بقولولك انه المأمورين الفرنساويّي كانوا يحصروا الذهب من خلال الرشوات بإيدهم وياما أخذوه بصواني مصنوعة هون من ذهب من هون لأوروبا.

طبعاً أنا بذكر مثلاً مسألة تركولنا إيّاها مليحة ولكن أسأنا التصرّف فيها وخرّبناها مثلاً "الجمارك". رغم أنّهم ضيّقين هنّ حتّى الإفرنسيين بروحوا لمّا بدّهم يقولوا عن واحد ضيّق التّفكير ضيّق الأفق بقولوا "جمركجي" – doigner - لكن كانوا عاملين نظام قاسي. عندنا تركولنا "الجندرما" نظام لا بأس به، "العدلية" أنا هون بقول من أحسن ما تركوا الفرنساويّي عندنا هي "العدلية" رغم انّه كانوا يحاولوا يتجنّوا على أخصامهم الحقيقيّين. بتذكّر كان النا دعوى وبتذكّر المندوب السّامي بذاته تدخّل بالدعوى. نجح في طور من أطوارها مع قاضي ومع قاضي إفرنسي آخر (كان في محاكم مختلطة) ما نجح، أنه هوذي ضدّ فرنسا. كان في على طول الخطّ Francophobe, Francophile، أبداً ما فيها كلام هيذي Francophobe لازم يموت Francophile منعطيه الدنيا وما فيها، هيذي كانت على طول. الموارنة ما بيقدروا يشعروا بذلك لأنه كانوا Francophile على طول كانوا مدلّلين. انتوا ما بتقدروا تقولوا شو المساوىء الّي كانت تسيء إلكم وهذا نتج عنه حصر الحكم بالموارنة وليس فيه شكّ فهذا تطوّر على سنين طويلة ولقد تكلّمت عن محمّد طبّارة.

(02:48:21)
خطاب صائب سلام في اليسوعيّة: أوّل مسلم يدخل اليسوعيّة

(أربع دقائق وخمسة وعشرون ثانية)

الإصطدام مع الجامعة الأميركية كان مستمرّاً لأنه الجامعة الأميركية كانت تحوي كثير من المسلمين ومن العرب من غير أقطار. المدارس الإفرنسية كانت محرّمة على المسلمين تقريباً. أنا بذكر في آخر عهد من عشر سنوات كنت رئيس حكومة، طلبوا منّي أترأس حفلة التّخريج باليسوعيّة لأوّل مرّة. ما بنسى لمّا فتت بأي استقبال استقبلوني وشو الوجوم الّي خيّم، صفّقولي صحيح لكن لو تشوفي كيف التّصفيق إلى انّه مين هيذا جاي لعندنا، رئيس حكومة. فتت قعدت.

اجوا الطلاّب طلبوا منّي انه احكي كلمة بآخر الحفلة. وافقت بالطّبع. بيار الجميّل انزعج جداً وكلّ الوقت قعد يشدّلّي بجاكيتّي: "دخيلك هون أعطي بالك شو بتحكي دخيلك هون أعطي بالك شو بتحكي". خلصت الحفلة، طلعنا على المنبر طلعتْ معي قلّهم حديث شريف قلتلّهم: "قال نبيّنا محمّد (ص) إنّما الأرواحُ جنودٌ مجنّده ما تَعارفَ منها إئتلفْ وما تَباعد منها اختلفْ. فأنا اليوم بعد ما هنّيكم بالشهادات إلّي نلتوها وهيذي كلّها في ميادين المعرفة إذا كان في الحقوق أو في الهندسة أو في أي دراسة أخرى عملتوها، المعرفة القيّمة إللي تلقّنتوها على مقاعد الدرس في هذا المعهد العظيم، إنما في هنالك في بلدنا بيتطلّب من الأجيال الطّالعة معرفة أخرى، وهي أن نعرف بعضنا البعض. أنتوا هون في الجناح الشّرقي من المدينة بتجهلوا الجناح الغربي منها. بتجهلوا مش بس كمسيحيين ومسلمين بتجهلوا حتّى المسيحيين إلّي بيتعلّموا بالجامعة الأخرى. وما دام هـ الجهل هو السائد في محيطنا مش ممكن انّه نقدر نتعاون على النّهوض بهذا الوطن. أنا إلّي بدّي اطلبه منكم انّه مثل ما خصّصتوا أوقات وكرّستوا جهد للمعرفة الّي تلقّنتوها عن مقاعد الدرس ونلتوا الشّهادة فيها، بعدنا بعاد عن اننا ننال الشّهادة بالمعرفة الأخرى. أنا بطلب وبلحّ أن نعرف بعضنا البعض انّه تجتمعوا بإخوانكم ويجتمعوا فيكم ساعتها بتشوفوا انّه ما في فرق بين شرق المدينة وغربها، بين مسلم ومسيحي بل بين بعض المسيحيّين ببعضهم وساعتها بيصير بيقدر لبنان يتأمّل انّه المواطنين فيه يقدروا بتفاهمهم ينهضوا". وعلى هذا الغرار. أثّرت في نفوسهم، وأنا وظاهر عملولي بما يشبه مظاهرة وقالولي: " انه هيذي أوّل مرّة لرئيس وزارة مسلم في اليسوعية". اللي بدلّ انّه بالحقيقة في ببلدنا الجهل عن معرفة بعضنا البعض وما تلعب فيه الأيدي الأجنبية في هذا الميدان وتغذّيه وما تستفيد منّا نحن من أدوات منّا وفينا الّي الها مصلحة ان يبقى هذا التباعد وعدم التّفاهم لتبقى منافعهم مؤمّنة وسيطرتهم مؤمّنة.

(02:52:46)
ممارسات المكتب الثّاني اللّبناني

(ثمانية دقائق وتسع عشرة ثانية)

اليوم مثلاً الظروف العصيبة الّي عمّ نمرّ فيها المسيطرين على الحكم في لبنان الّي بسمّيهم مغتصبي السّلطة على وجه التّحديد، صارت على كلّ شفة ولسان "المكتب الثاني"، على وجه التّحديد بضع الضبّاط في الجيش اللّبناني الّي سيطروا على السّلطة والسّلطة لذيذة لمّا الواحد بيستلمها ما بعود يقدر يتخلّى عنه، والسّلطة بتدرّ منافع ماديّة كبرى. الفساد الّي استشرى بين هؤلاء ما عاد ممكن يتنازلوا عنه بسهولة لا عن اللّذة في مسك زمام السّلطة ولا عن المنافع الفاسدة الّي عمّ ياخذوها بطرق فاسدة جداً. فسبيلهم الأوّل لذلك هو التّفرقة حتّى يبقى مجموع المواطنين اللّبنانيّين متفرّقين تجمّعهم ما يولّد قوّة بيلعبوا على أكثر ما بيلعبوا عليه التّفرقة الطائفية، ثمّ التّفرقة اليوم اليمينيّة ـ اليساريّة الّي صارت اليوم موضة العصر. في وعي صار عند الناس انّه هـ الأمر عمّ يضرّ فيهم وبمصلحتهم وانكشفوا، الجماعة وانكشفوا كثير. انّه الغريب اليوم بالمجلس مثلاً لمّا صار النّقاش الأخير كانت حجّة المدافعين انّه أين الأدلّة إلّي بتثبت ذلك؟ هل حَكَمَ قاضٍ بذلك؟ في بعض الإجرام بدّها القاضي يتحرّى الوقائع ويحكم فيها لكن في بالأمور السياسية دائماً حكم الرأي العام. أنا تصوّري اليوم شعوري بالمجتمع اللّبناني انّه لو ذهبتَ بالبلاد من أقصاها إلى أقصاها سألت الكبير والصّغير والرّجل والإمرأة بلسان واحد يجاوبوك "علّة العلل المكتب الثاني". وراء التآمر الأخير المكتب الثاني ما حدا منهم هـ الألوف المؤلّفة أو هـ الملايين عنده أي دليل على ذلك، لكن تجمّعت القرائن لدرجة وثبتت لدرجة ما عاد في مجال لنكرانها، انّه هؤلاء يلعبون هذه اللّعبة. يلعبونها اليوم بالطّبع ما بيقدروا يقولوا يلعبونها لتغطية ولإستمرار اغتصابهم الحكم بصورة غير مشروعة ولا لإستمرارهم في الفساد والإغراق فيه، بل بدّهم يتغطّوا بشيء، بيتغطّوا بفؤاد شهاب. فؤاد شهاب التّغطية الكاملة لهم. انّه مصلحة البلاد بتتطلّب يجي الرّجل القدّيس النّزيه الموحّد الكلمة إلّي حامل لواء لبنان والمصلحة اللّبنانية الأمين عليها، ويضخّموه كثيراً حتّى يتغطّوا فيه، كلّ ما ضخّموه كلّ ما كان الغطاء عليهم كثيف أكثر. هلّق لمّا انكشفوا، الشّعور العامّ قدّيش هبطت أسهم فؤاد شهاب. يمكن ما كلّ الناس بيقدروا يعرفوا مزايا فؤاد شهاب ويميّزوا بين الغثّ والثّمين منها، إنّما الكل صاروا شاعرين انّه هذا غطاء فؤاد شهاب لهـ الجماعة عم يرفضوا هـ الجماعة عم يرفضوا الغطاء صاروا. هبطت أسهم فؤاد شهاب بالآونة الأخيرة إلى حدّ بعيد جداً، وبهيك ظروف مثل بكلّ المجتمعات الناس بتركض وين في القوّة عم بتميل مع الدّين القوي. بعرف مثلاً بالآونة الأخيرة بعض أفراد بقولوا "الصّاعقة" الّي هي جزء من الفدائيّين، لمّا اشتدّ عليهم الضغط وردّوا ببعض ردّة فعل، ما ردّوا بردّة فعل قويّة، حافظوا على أعصابهم وهذا كان شيء لازم نذكره بهذا الصّدد، بأنّهم منعوا كثير ما بس من المجازر ممّا كانت تولّده من تشويه الواقع، هاجموا مكتب فرعي للمكتب الثّاني بطريق الجديدة. هذا كان آخذ مكتب فوق صيدليّة العيتاني ومبعث فساد في المنطقة كلّها، كلّ الزعران كلّ المحشّشين كلّ المهرّبين الخارجين على القانون مثل الستيتيّة الّي راح، كلّهم محميّين منهم. لمّا اجوا هوذي "الصّاعقة"، ألقوا القبض عليهم 4 أشخاص موجودين، في واحد مسؤول عنهم اسمه غازي اسعد، تركوهم بعد يومين لكن في هـ الأثناء استحصلوا على السّجلاّت كلّها، سجلاّت فيها أسماء عملاء المكتب الثّاني من هـ النوعيّة. شو كان ردّات الفعل فوراً صار العشرات يجونا ويجوا لغيرنا بالمنطقة يمزّقوا أمامهم رخصة الفرد الّي معطيهم ويقولوا: "كنّا مغشوشين، نحن أبداً ضدّ المكتب الثّاني" وبدّهم يتخلّصوا لأنه انكشفوا وبدّهم يتخلّصوا من هـ الوضع وصاروا يخزّقوا الرّخص، وهذا ما معناه انّه هم ضدّ المكتب الثاني وضدّ الحماية اللي كانوا آخذينها، لكنّه لمّا انكشفوا صار بدّهم يميلوا مع القوى إللي كاشفتهم وكثير مثلهم منضربها كمَثَل على صعيد نيابي وعلى صعيد وزاري بميلوا مع الدفّة.

المعركة اليوم مفتوحة وبقسوة بين الشّعب وبين المسيطرين على القوّة الحاكمة في لبنان. هذا موضوع أخذ اليوم مداه الواسع بالرأي العام وهذا كان موضوع المناقشة بمجلس النواب الأخير. ابتدأ يتفاقم من يوم إللي كمال جنبلاط حاول بوزارة الدّاخلية الأخيرة - وهذا حاسبوه عليه بالمجلس انّه انت جيت وزير داخلية من قبل، ليش ما عملت هيك - بيوعزوها انه هلّق انت لأنك مخاصمينك الشّهابية ومخاصمهم. لكن كمان الناس بقولوا انّه وعي للحقائق وما عاد يجوّزله ضميره ومسؤوليته انّه يستمرّ بمجاراتهم.

خاصَم كمال جنبلاط المكتب الثاني قبل ما دخل الوزارة لأنه حاولوا يبعدوه عن الوزارة - مبارح رينيه معوّض بالمجلس قال انّه سبع أشهر قعدوا ما يؤلّفوا وزارة لأنه بدّهم إيّاك بالحكم - بدّهم إيّاه وما بدّهم إيّاه، بدّهم إيّاه حتّى يتغطّوا فيه وفكرهم انّه بعده شهابياً اله جذور وخيوط بتشدّ بيقدروا يكسبوه ويضعّفونا نحن الّي بالمعارضة. جابوه للوزارة ومن يومها ابتدأ يحاول انّه يطبّق القانون ويمارس سلطة. الوزراء محرومون من ممارسة ايّة سلطة، لأنه بذكر إدّه* (ريمون إدّه) بخطابه يوم الثّقة "انت وراك واحد اسمه لحود، وانت وراك واحد اسمه خطيب، وانت وراك واحد اسمه كذا" كل واحد وراه واحد. ونحن كنّا عمّ نشدّ فيه بهـ الوقت وهو بدّه يشتدّ بالمعارضة، كمال إله ماضي صعب لأنه الناس كانت تتساءل وإلى اليوم، بعدما المعركة تفاقمت، بعده السؤال يتردّد "هل سيستمرّ؟ هل سيستمر؟". وهو مستمرّ إلى اليوم. بدّهم يفشّلوه بكل عمل بدّهم يطلّعوله مشاكل وكلّ يوم يطلّعوله قصّة، الواقع انفتحت المعركة الأخيرة من قضيّة المقاصد.

(03:01:05)
قضيّة المقاصد

(ستّة وأربعون دقيقة وسبع ثوانٍ)

قضيّة المقاصد ـ جمعيّة المقاصد ما كان اسمها مشهور هـ القدّ* (القدر)، قدّ ما انشهر اليوم ما بس بلبنان لكن بالبلاد العربية، بيجوني ناس من مصر من العراق من سوريا من الخليج، المقاصد المقاصد، المقاصد جمعيّة خيريّة عمرها ثلاثة وستّون سنة اليوم بتقوم بنشاط تربوي، عندها مدارس عديدة، عندها حوالي عشرين مدرسة في بيروت وعندها حوالي مئة مدرسة في أرجاء لبنان كلّها في القرى والمدن الأخرى. بتقوم بنشاط إجتماعي ونشاط صحّي، عندنا مستشفى المقاصد. ونشأت من نشوء صغير لكن مع الزمن تطوّرت وصارت مؤكّد مؤسّسة كبيرة اليوم.

(03:02:00)
س ـ هل هي وقف؟

ج ـ هي ليست وقفاً. في دراسة عنها عاملتها مس شاتوفسكي مع الأستاذ سمير خلف بالجامعة، مغرية الأطروحة الّي عاملتها عن الـ M.A. بإشراف سمير خلف، بفسّروا كيف انقلبت من شيء شبه وقف إلى كوربوريشن حديثة. نميت كثير مؤكّد غنيّة كثير بأملاكها، بتسوى مئة مليون وما يزيد، لكن هـ الغنى هذا، فقر بذات الوقت، لأنه معظم أملاكها العشرين مدرسة في عندنا سبعة عشر مركزاً الهم بالبلد، هؤلاء بيسووا مبالغ ضخمة لكن غير منتجة هذه ليست قيمة جامدة لأنه منهم مدارس عندها أملاك حرّة إلّي أخذتها معظمها من إللي بسمّوهم الأراضي المندثرة، المقابر القديمة كما الأملاك المتروكة والمندثرة الإسلامية تأخذها الها كان في مرسوم من السّلطان أن تأخذها المقاصد. طلع عندنا في قلب البلد مقبرة قديمة كانوا يسمّوها مقبرة الخارجي أو مقبرة الغرباء اللي اليوم موقعها محل سينما الّريفولي وحواليها كلّها. تخطّطت وتقطّعت وأنشأت عليها المقاصد أبنية بتستغلّها بإيرادات بتردّ عليها لمصروفها على عملها ونشاطها التربوي والإجتماعي. جدّي من قديم كان من مؤسّسيها. والدي قعد سنوات رئيس ونائب رئيس فيها. أخوي قعد حوالي عشر سنين رئيسها، لمّا توفي حمّلوني رئاستها. حاولنا نمشي مع القيّمين عليها. هي إلها ما يشبه مجلس أمناء من أربعة وعشرين عضواً. كانت منذ نشوئها القديم هـ الأربعة وعشرين عضو هم شرفياّ ومجّاناً يقوموا بمعظم الأعمال. لمّا تضخّمت وجيت انا استلمتها لاقيت انه هذا عفا عليه الزّمن وما بقى يقدر يقوم، حدّثت الإدارة فيها. ما كان في إلها مدير وما كان إلها ناس يتعاطوا سائر شؤونها.

وجدت انه هـ الوضع بالواقع عفا عليه الزّمن وصارت هـ المؤسّسة الضّخمة إللي عندها عشرون مدرسة في البلد ومئة مدرسة في الخارج، عشرون الف طالب وطالبة، مستشفى ضخم هو المستشفى الإسلامي الوحيد في لبنان الّي اليوم صار بوضع اننا نفتخر فيه. ما بيقدر يقوم على العمل الشّرفي أو المجاني من أعضاء كشبه مجلس أمناء. عملنا إدارة قويّة. أوّلاً كان عندنا محاسبين كالسّمّانة بشكّوا قلم، بقلم رصاص وطلّع حسابات ما في حدن بيقدر يطلّعها وصار لهم ثلاثون سنة بيشتغلوا بالإدارة. جينا عملنا محاسبة وأنا برأيي إن المحاسبة أساس كلّ مؤسّسة. محاسبة قويّة بشباب جامعيّين لهم كفاءات حسابيّة أو في ميدان المحاسبة.صار فينا نضاهي فيها أي مؤسّسة تجارية أو بنك حتّى. جينا عملنا مديرية تعليم ما كان عندنا مديرية تعليم، حطّينا على رأسها مدير تعليم الدكتور هشام نشّابي، شخص من أبرز شخصيّاتنا التّربوية وبشهادات وكفاءات عالية. عندنا كلّ هـ الأملاك وما في دائرة أجور على رأسها شخص خبير وقدير. عملنا دائرة إنشاءات سمّيناها على رأسها مهندس مخصّص بالجامعة الأميركية مخصّص لها كلّ وقته. مؤكّد عندنا دائرة تفتيش صارت مهمّة. أنا مرّ سنوات وسنوات تقريباً أنا مدير الجمعية لأنه ما في مدير، تصوّري هيك مؤسّسة ما في مدير. وصعوبة هون كانت أن نلاقي مدير كفوء، بتأسّف قول انّه بشبابنا الحديث بمحيطنا الإسلامي ما قدرت لاقي مدير له الكفاءات والإمكانات وبذات الوقت يقدر يكون مدير الجمعيّة إلى أن عملتها دائرة قضائية فيها وجبت محامي متفرّغ من شبابنا من حَمَلَة الشّهادات وعملناه رئيس الدّائرة القضائيّة وبعد عدّة سنوات من التّجربة لاقيناه يناسب عملناه مدير وهذا في السنة الأخيرة.

والمهم انه قدّيش بكل خطوة من الخطوات الّي بتفتكريها بسيطة اليوم كنت أقابل معارك قاسية وضارية من القدامى اللي ما بيقبلوا، انّه كيف بدّك تدفع مبالغ وأجور عالية ورواتب عالية وتحمّل الجمعيّة ويقوموا عليّ ثورات فيها. بقول انه عملنا ثورة صامتة لكن نجحنا فيها لتحديث هذه المؤسّسة ووضعها على أسس متينة والسّير فيها بقوّة. استلمنا المستشفى اللي بالرغم انه كان تابع للمقاصد مسلّمينه لحكماء أطباء عاملينه مزرعة إلهم على الطريقة اللّبنانية مثل ما بيعملوا الوزراء والنوّاب والمسؤولين بهـ البلد. جيت حاولت أعملّه نظام ما بدّهم يعملوا نظام وعاملينه مزرعة وإذا بعمل نظام بتخفّ المزرعة. جبت هـ الأطباء وجمعتهم حوالي 30 طبيب، أوّل وثاني: "يا إخواننا يا أحبائنا، الأمور ما بتقدر تمشي على هـ الغرار على طول، اليوم عم تستفيدوا صحيح، أنا بدرك ذلك لكن إذا عملنا هـ التنظيم يمكن بتخفّ بعض إفادتكم لكن بتستمرّ على طول بتصاعد، بينما اليوم انتوا عمّ تستغلّوا هيذا ورايح للهاوية والفساد وبعد مدّة بتكتشفوا انه المستشفى خرب وزال وانتوا إفادتكم بطلت تماماً وبعدين نحن منعلّمكم وأنا ما حدا بيقدر يلومني انّي بدّي مسّكم أو ضرّكم أو خفّف من شأنكم يلّي باذل كل جهدي تا ربّي ناشئة، تا ربّي أطباء، تا ربّي محامين من محيطنا يكونوا مرتكزات مجتمع، ما أنا الّي بدّي مسّكم. لكن نحن عندنا شيء قبل ما نتطلّب من الشاب أو رجل المستقبل أن يكون طبيب عم يعالجلنا كلوتنا أو ريّتنا أو أحد أعضاء جسمنا، نتطلّب منه ان يكون عنده الأخلاقيّات Ethical Conduct اللي قبل كل شيء بيجي".

كل شيء عملت، عبث، مش ممكن، اضطرّيت ان اعمل النظام وطبّقت النظام بالمستشفى كمان بمعارك داخلية وخارجية. داخلية بمعنى مع الهيئة إلّي معي من مجلس الإدارة وما تترابط فيه من خيوط في الخارج وضدّ الثلاثين طبيب، وكانت معركة من أقسى المعارك. وأنا منّي جديد في الميدان السّياسي وخضت معارك الإنتخابات عشرات السنين بدرك تماماً انه بلبنان مثل ما بتشوفوا الطبيب بيطلع نائب بمنطقته بالنسبة لعلاقاته مع المرضى وأهل المرضى وخدمات. ثلاثون طبيباً بمنطقتي الإنتخابية اضطرّيت انّي أوقف ضدّهم لأعمل شيء مفيد للمجتمع. حاربوني حرب شعواء وقوّموا نقمة بالبلد غريبة، بالطّبع ما بقوّموها وبقولوا انّه لأنه حرمنا من المستشفى، بقوّموها جانبيّة بقوّموها معركة جانبيّة، تحمّلتها على مدى السنوات الأخيرة من خمس ستّ سنوات لليوم. ووراءهم كان شخص مثل دكتور بربير، عنده مستشفى وعزّ عليه كيف بكون مستشفى المقاصد عمّ يترقّى بينكشف مستشفاه بما فيه من تغطيات لا نريد ان نذكرها الآن فيها ما فيها من أشياء بتسمعوها، كلّ هـ القوى تألّبت ضدّي.

(03:10:45)
س ـ هناك دكتور يساري بعض الشيء وكان يتذمّر مرّة بأنّه هو عرض خدماته على المقاصد بدون معاش وشخص مشهور ومعروف وانرفض؟

ج ـ هـ الشاب اليساري الّتي ذكرتيه ورفضته المقاصد عمّ يشغّله البربير بكون أخذه البربير وشغّله يمينيّاً مع مشايخ الخليج بمنافع كبرى على وجه لا ترضاه الأخلاقيّات وعمّ يقول هل حكي فهو يجوز ان يكون كذلك ويجوز ان تكون الأسباب غير ذلك. مع انّي وضعت قاعدة يومها وكتبتها كتابة وقلتلّهم نحن مع كلّ تقديرنا للأطباء وإفساح المجال الهم بالنظام الجديد إلّي بدنا نعمله وعملناه، بدّي امشي على نظام الطّبيب المتفرّغ الذي يقبض الرّاتب من المستشفى ويعالج المريض الفقير، لأنه حطّينا قاعدة انه هـ المستشفى الإسلامي أوّلاً للمريض الفقير المسلم وثانياً للطّبيب المسلم الّي بدّه يجي يستفيد من عمله علمياً ومادياً. فإذن الأفضليّة الأولى للمريض الفقير. هون ما راح ادخل بتفاصيل انّه كيف كانوا يسيئوا الإستعمال، يجي المريض مثلا،ً فقير، ما بحكّموه إذا ما دفع وإذا ما دفع ما بحكّموه وبشوفوا الّي عنده فلوس ما بخلّوه بالمستشفى بقولوله تعا لعندنا على الكلينيك، فيها كثير وساخات كان. وإدارة المستشفى كانت وسخة. الممرّضات فيه انقلبوا إلى أشياء أخرى الـ Interne الّي بيجوا من الجامعات ليتدرّبوا بالمستشفيات كانوا زبالة الزبالة، باليسوعية بودّولنا إيّاهم مين ما نافع يودّولنا إيّاه. اليوم بيتسابقوا أي Interne بارز باليسوعية أو بالجامعة الأميركية صاروا، دخيلكم دخّلونا بمستشفى المقاصد لأنه قلبنا الصفحة إلى شيء حطّيناه على صعيد علمي وصعيد أخلاقي. وبين الـ Interne والممرّضات كانوا يعملولنا مشاكل، فهذا ولّدت نقمة وولّدت هـ الثلاثين واحد يشتغلوا فيها ومربّطين كلّهم بخيوط سياسية ومنشان هيك بتسمعوا باللّجنة الإصلاحية. اليوم كان مترئسها البربير. البربير أنا دخّلته بالمقاصد على ايام أخوي إلّي كان رئيس واستمرّيت ساعده وأيّده وهيّئه ليكون رئيس تا إنسحب انا لأني لا أستطيع بأن أكون رئيساً كلّ الوقت، لكن مع الأسف طلع منه هـ الفساد. مفتيّنا لمّا إجا أنا ساعدته لطلّعناه بالإجماع يوم كنّا بصدد الإفتاء. بعد ما قيّمنا الرأي العام وأبعدنا الشيخ شفيق يمّوت الّي كان مرشّح يومها لأسباب منها ما أُخذ عليه أخلاقياً وغيره ومنها سياسياً وغيره، انتقينا حسن خالد، وبالواقع أنا انتقيته وأنا سمّيته لعبدالله اليافي وحسين العويني ورشيد كرامي انّه تعوا نتّفق عليه. لمّا جينا بدنا ننتخبه، حتّى آخر يوم بعد ما الرأي العام تألّب كلّه ضدّ المرشّح الآخر ومع الشّيخ حسن خالد، اجتمعنا بدار الفتوى، كان عندنا أمرين: كان في عندنا مفتي عاجز وأثبت وقته انه ما بقى يجوز المفتي يكون ألعوبة بيد مَن حوله، صار ابنه يلعب بالإفتاء والحوزة المحيط العاطل من حوله يلعب بالإفتاء. كانت الأنظار متّجهة إلى تعديل قانون الإفتاء لجعل المفتي مقيّد بمجلس حوله يقدر يرشوه وينصحه ويحدّ من سوء تصرّفه إذا تصرّف تصرّفاً سيّئاً، وأن نختار مفتي جديد. اجتمعنا بدار الفتوى. وكانوا كلّ الرؤساء والنوّاب ووجهاء المسلمين إلّي بمثّلوا الهيئة الناخبة مش الهيئة الناخبة كلّها وأثاروا الموضوع. انّه نحن أمام أمرين: بدنا القانون وبدنا ننتخب المفتي. وقفوا ضدّ انتخاب المفتي، قوى، رئيس المجلس الإسلامي الدكتور كنيعو، رئيس الهيئة الوطنية أمين العريسي، رئيس النجّادة عدنان الحكيم، الدكتور بربير، شفيق الوزان وغيرهم حسين سجعان، وقفوا امام الكل، وعبدالله اليافي ورشيد كرامي وحسين العويني لا قِبَل لهم بالمصاب. وقفت أمام الكل وقلت: "أبداً إلاّ الآن وبدون تأخير بدنا بالإجماع ننتخب حسن خالد مفتي، وهو بما لنا من ثقة فيه أوّل عمل من أعماله يكون أن يصلح القانون ويعمل الّي عمّ نتطلّبه"، وخضّعتهم للأمر الواقع وقلتلّهم: "الّي ما بدّو إجماع يطلع برّه". مشيوا بالإجماع، ولذلك هو يتبجّح اليوم ويقول: "أنا ما انتُخِبت انتخاباً بل بإجماع المسلمين". هيذي بياخذوها عليّ كغلطة من أغلاطي. انتُخب مفتي وبدينا نكتشف أغلاطه. كنت أقول لهم: "إن المفتي ما بيخلق مفتي بدّه يصير مفتي بيتكوّن وبيتطوّر". كل خطواته كانت غلط، بقيت سنتين بطولة روح وأنا عالجه وجرّب وحاول، عَبَث، منّو بهـ الصدد وضَرَبَ عرض الحائط بتعديل القانون، بالعكس، راح عدّل القانون مع بعض زبانيته تعديل لمصلحة سيطرته الغير مشروعة وتعديل غير قانوني حتّى، لأنه مستمدّ من قانون مجلس النواب كيفيّة التّعديل، التّعديلات الّي عملها غير قانونيّة. المفتي من هنا والأطباء الذين استاءوا في المقاصد من هناك وبعض الّذين أُخرجوا من المقاصد في تحديث إدارتها من مجال آخر وفي انتخابات المقاصد السّابقة الّي شدّوا بخيوط الفساد مع الأطباء ولأسباب أخرى كانوا عندي عشرة من 44 عضو، عثمان الدنا ورشيد الصلح كانوا نوّاب، أنيس حجال وسعيد الشّعّار كانوا مهندسين مستلمين إنشاءات المقاصد ينشؤولنا بالسنة بمليون والسّرقات فيها على أوسعها، معهم ارتبط فاسدين آخرين مثل كمال جبر، قالوله بدّهم يعملوه رئيس وهو فاسد وقالوله هيذي فيها إفادة لأنه المقاصد فيها أجور كثيرة وفيها استئجار وفيها بناء وغيره. بضربة واحدة بالإنتخابات سنة الـ 1966 شلت عشرة وجبت شباب جداد محلّهم. دائماً بلوموني، هـ الشباب إلّي ما بيطلع منهم شي مليح، أنه أنت مسؤول، بتجيبهم ما بيطلعلك شي مليح. ما بدّي يطلع إلي بدّي يطلع إلهم شي مليح. مع الأسف هذا بلدنا وهيذي الخامة الّي عمّ ناخذ منها. برجع بكرّر مرّة ثانية إيماني قوي بالشباب دائماً لأنه إذا بدّي أفقد إيماني بالشباب معناه انّه يئسنا بمستقبل أيّامنا وأيّام مجتمعنا ولا حياة لنا، بضلّني دائماً عمّ جرّب. شلنا عشرة منهم هـ العشرة كمان موتورين، صاروا هـ العشرة ومنهم أطباء ومنهم المفتي ووراءهم عبدالله اليافي وحسين العويني ورشيد كرامي السياسيّين إلّي بدّهم يستغلّوا الوضع، بدّهم من جهة ينالوا منّي شخصياً على الصعيد العام والسّياسي ومن جهة يحاولوا يرجعوا يستعيدوا سيطرتهم على المقاصد بشراسة أكثر وبطريقة مفضوحة أكثر، انّه هـ المؤسّسة الكبرى يستعملوها لغاياتهم ويعملوها مزرعة الهم.

وهون بديت التّهم: سوء استعمالي أنا وسوء تصرّفي أنا وسوء عملي أنا الخ، والرأي العام يؤلّبوه. بحمد الله أنّه الي من ثقة الناس الشيء. ما نالوا مني كثير فيها، نالوا، ما بقول. بالإنتخابات مثلاً الأخيرة خسّروني ألوف الأصوات أنا بعرفها وما أظن واحد بيشتغل بالسياسة غيري، اسمحولي شوي، اني اقول مش للفخر، لتقرير واقع، ما كثار من إلّي بيشتغلوا بالسياسة وبيدركوا نتيجة خسرانهم للإنتخابات بيقبلوا على مصادمة هـ القوى كلّها وبيصمدوا لتحسين أوضاعنا. كنت بقدر خلّيهم ماشيين بالمستشفى على ما يشتهون وبسيّدوني وبأيّدوني. جاء اثنان من الأطباء مثلاً وهم مندوبون عنهم في آخر وقت كنت اجتمع بهم ثلاثون في وقت واحد وعشرون منهم، اجوا 2 أطباء مندوبين عنهم واحد منهم قلّي:"بدّي حاكيك وحدك خلي يظهر* (يخرج) رفيقي". ظهررفيقه طبّ على ايدي وقلّي: "إلاّ بإجبار بدّي بوس إيدك". قلتلّه: "بزماني ما بوّست إيدي لحدن وأرفض" - هيذي آخذها عن والدي اللي كان شيخ قديم وما يبوّس إيده لحدن - بألف يمين إلاّ بدّه يبوس إيدي، رفضت. وقف وشار انّه: "عليّ الطلاق بالإثنين وبالثّلاثة انّه أنا زلمتك وإلك وبس راعيني". الألم حزّ بنفسي بالواقع تطلّعت فيه وقلتلّه: "يا عيب الشّوم بعد ما عملناك كلّ هـ السنين وهيأناك وصرت طبيب ورحت لأمريكا وبتقول انّك صرت من أبرع الأطباء سنوات بترجع لهـ الإنحطاط هذا وبالطّلاق بالإثنين وبالثلاثة تا حتّى تعمل زلمتي؟ أنا أولاً أرفض أن أعمل أحد بالدّنيا زلمتي". وبالواقع هذا يمكن بالسياسة كمان غريب، لأنه كلّهم زلام زلام زلام. أنا أرفض، يا بكون صديقي ومناصري وعلى صعيد كرامة، يا إمّا أرفض أن يكون لي زلام. عم بعطيك الصّورة من جهة، شو في ببعض أطبائنا لسّة المجتمع ما نمي نموّ أخلاقي كريم، ومن جهة إلى أي مدى كانوا عم بصيروا، بس تا ينالوا منّي ومن هـ المؤسّسة. إجت في الآونة الأخيرة قالوا قربنا على الإنتخابات، فإذن هلّق منعمل المحاولة القويّة، أن نهدم صائب سلام ونستولي على المقاصد، كمان بنظري لتهديمها.

نظامنا بالمقاصد بنصّ على إنتخاب الـ 24 عضو بالمقاصد كل أربع سنوات على شرط أن يكون دائماً في كلّ قائمة بدها تنزل 12 من القدامى. ما بيمنع يكونوا الـ 24 من القدامى لكن مشروط أن يكون في 12 من القدامى والحكمة فيها ان يكون هناك استمرار. شرط آخر انه هي عضويّة المقاصد إلّي بينتخب الـ 24، هيئة عامّة، كانت تتراوح بالمئات على مرّ الزّمن 300ـ 400ـ 500، في السنوات الأخيرة صارت بحيطان الـ 1000.

(03:21:51)
س ـ هل هم من الرؤساء؟

ج ـ كلاّ أشخاص مسلمون وذلك لا يزال منذ القدم بأنّ كلّ مسلم بلغ الـ 21 سنة بيقدر ينتسب إلى المقاصد شرط أن يدفع 10 ليرات بالسنة، لكن ما حدن يهتمّ إلاّ إللي إله دفعة خير إنه يكون عمّ يدفع هلـ 10 ليرات. أعضاء المقاصد مثلاً بجيب قرايبينه أصحابه، برغّبهم انّه تعوا اشتركوا بالمقاصد تا يكون في هيئة عامّة تنتخب. مثلاً بالإنتخابات الأخيرة، إنتخابات الـ 1966 محاولة أولى ضعيفة كانت، رشيد الصلح وعثمان الدّنا ونسيب البربير والخ. نسيب البربير انفصل عنهم في آخر حين غطّى حاله وبقي معي في إنتخابات الـ 1966. أجوا يدفعوا قبل الإنتخابات بوهلة قصيرة عن 30 واحد ـ 40 واحد، أنا حسّيت على هذا وشعرت شو النيّة السيّئة الّي وراهم، سعيد حجال وأنيس الشعّار، هؤلاء الإثنين أنا أتّهمهم بأنّهم حراميّي، كانوا مستلمين الإنشاءات وإنّه مهندسين متبرّعين عم يشتغلوا بالمقاصد وهم عم يسرقوا. لمّا طلّعتهم الحقيقة كنت بقدر أن حيلهم للمحاكمة ويفوتوا للحبس، لكن قلت ما بدّي زفّت سمعة المقاصد ولا بدنا نثير أشياء، عندنا بقولوا عفا الله عن ما مضى ولا نريد ان نسيء لسمعة الجمعيّة.

في نصّ عندنا بقول انّه إلّي بدّه ينتخب بإنتخابات اي سنة، لازم يكون عضو بالهيئة العامّة ودافع إشتراكه على سنتين متواليتين سنة في سنة. سنتنا المالية تنتهي بحزيران لأن سنتنا دائماً 65ـ 66 أو 69 ـ 70. فأجوا سنة الـ 65 الّي قبل سنة الإنتخابات 66 في آذار وأتوا بالّذين أتكلّم عنهم عشرين ثلاثين فلم أتكلّم ولمن رأيتهم عم يكثروا قلت للأعضاء الآخرين جيب انت من عيلتك عشرين جيب انت من عيلتك ثلاثين. تجمّعوا، هوذيك افتكروا حالهم وحدهم عم يجيبوا، اكتشفوا آخر يوم في 30 نيسان انّه هوذيك جايبين كمان أعضاء أكثر منهم. مسكنا زمامها. هون بيتّهموا تهمة كاذبة أنه صائب سلام بآخر دقيقة جاب 700 حطّهم. هذا غير صحيح، لكن الأعضاء التانيين كل واحد كمان اله حقّ يجيب. عملوا مظاهرة واجتمعوا ببيت عثمان الدنا، ما كان في مثل المظاهرة الأخيرة، على مصغّر، وهوبروا وطوبروا وبدنا ننزل وبدنا نكسّر، قلتلّهم: "أنا هذا ما بيمشي معي". يوم الإنتخاب انهزموا كلّهم وانتُخب الـ 24 الّي انا حاطتهم وأزلنا العشرة الفاسدين.

بقيت تتفاعل معهم مع الأطباء ومع المفتي ومع السياسيّين. اجوا على الإنتخابات، افتكروا حالهم شاطرين هـ المرّة. نحن عندنا الهيئة العامّة حوالي 989، أجوا يوم السّبت 28 حزيران على إدارة المقاصد وجايبين معهم بالشوال ما ادّعوا انّه يحوي على 1559 طلب إشتراك، خذوا سجّلولنا إيّاهم أعضاء. قلّهم الموظّف المختصّ أنا ما بقدر بسجّلهم أعضاء، وأنا باخذ هـ الطلبات وبعرضهم على المرجع المختصّ تا شوف شو بقول فيهم حتّى نسجّلهم. المادّة بنظامنا بتقول: "كلّ مسلم بلَغ الـ 21 له حقّ أن يكون عضو عامل ويشترك ويدفع الـ 10 ليرات". أخذوا هـ المادّة وحدها ونسيوا انه في نظامنا الأساسي شيء يقول انه يجب ان يقدّم طلب كتابي وعلى الوجه الآتي بيانه: "حضرة رئيس الجمعية، أنا بطلب أني انتسب". فإلّي بدّه يعمل طلب كتابي معناه بدّه هـ الطلب يكون أله قبول، في إيجاب وقبول، مجرّد ما اجا دفع الـ 10 ليرات وحاملينهم بالشوال، اجوا هوذي الّي بسمّوا حالهم لجنة الإصلاح - وطالما الأسماء هون تتناقض مع مسمياتها - يعني أنصار السلام وما أشبه وAnti Defamation Society بأميركا اللي بتجمع المعلومات عن كلّ الناس تا تفضحهم وقت اللّزوم، هيذي الصّهيونية بتعرفوها، ضدّ تشويه السّمعة وهنّ بياخذوها لتشويه السّمعة. مؤكّد الموظّف رفض، كان في عضوين من الإدارة قلّهم: "ما بقدر"، نحن هـ الطلبية اعطونا إيّاها ما بدنا نشوفها بالأوّل إذا كانت حائزة على الشروط؟. أوّل كلّ شيء بقول الشّرط البسيط انّه هل عمره 21 أو عمره 19 سنة، منين بدّك تعرف، ما بدّك تشوفهم؟. خذهم دفعة واحدة وسجّلهم مين بيقدر يسجّلهم بساعة سمّاعة؟ يوم السبت راحوا جابوا كاتب العدل وعملوا محضر وانّه هنّي عرضوهم ورفضت الجمعية تاخذهم وتسجّلهم وكلّ هذا شيء غير قانوني هم يتشبّثون به. راحوا الأحد، أحد، يوم الإثنين صباحاً 30 نيسان الظهر بيتسكّر الصندوق وما بعود أله حقّ يدفع عن السنة الماضية الّي هي 68ـ 69 حتى لو دفع عن 69ـ70 ما بعود أله حقّ ينتخب.

راحوا للمفتي، بيجينا من المفتي كتاب مع مديره، مدير عام الإفتاء بقول: "أنا تقدّم لي نفَر من المسلمين وبقول انه تقدّملكم هـ الطلبات 1559 مع إشتراكاتهم وإنه رفضتوهم، وبناءاً على هذا تقدّموا لي وأنا بصفتي رئيس فخري للجمعيّة وبصفتي مفتي وأشرف على شؤون الطائفة، استلمتهم وسجّلتهم عندي وأصبحوا منذ اليوم أعضاء شرعيين ولهم حقّ الإنتخاب". نحن، هذا الكلام ما قبلناه، بعث مع مديره كمان على الإدارة تحت، خذوه سجّلوهم بـ 30 الشّهر، قالوا ما منسجّلهم، اعطينا إيّاهم لنعطيهم للمرجع المختصّ بالجمعيّة - الموظف لا يقدر ان يقوم فيها. ما قبلوها، راحوا قاموا علينا دعوى عند قاضي الأمور المستعجلة، أنّه نحن عم نزوّر وبدنا ندخّل أعضاء جدد والخ. هيذي جديدة على المقاصد انه ينقام عليها دعوى عند قاضي الأمور المستعجلة ويودّي 3 خبراء واثنين منهم مسيحيين ويكشفوا على سجلاّت المقاصد. هبّوا كل أعضاء المقاصد انّه أبداً ما منقبل. قلتلّهم أبداً هلّق بفوتوا. لأني أدركت انّه لو ما فوّتناهم راح يقولوا رفضوا حتى يعملوا شيء من التّزوير. أجوا هوذي وضعوا إيدهم على سجلاّتنا ودفاترنا. قعدوا اسبوعين وأزود وهم يمرّون على السّجلاّت حتّى قيّدوا الأسماء المسجّلة عندنا وهي لا تبلغ الألف وحتّى أخذوا عناوينها وتفاصيلها. إلّي بقول المفتي أنّه الإثنين صباحاً تقدّموا له ويوم الإثنين تثبّت منهم ومن هويّاتهم وعرفهم وسجّلهم عنده في سجلاّته وأصبحوا أعضاء لهم الحقّ. عدا الفساد القانوني في فساد واقعي يعني فيها كذب والواقع اكتشفناه انّه المفتي مضي هـ المكتوب وهو في مصيفه في بحمدون لأنه طلّعوله إيّاه من هون مضّوه إيّاه وهو على غير علم بمن أتى وبمن تسجّل. كلّها أنا ما كنت عمّ أهتمّ فيها، ماشي بطريقي. المحكمة عملت بواسطة الخبراء الّي بسموه Constat تقرير واقعي شو عندنا أخذوه ما بقى نقدر لا نزيد ولا ننقّص اللي كان تسكّر عليه السجلاّت والدفاتر بـ 30 الشّهر.

بديوا يصعّدوا الحملة هوذي 1559 لازم يكونوا 1559 ليس من الممكن بأن لا يكونوا رجعوا وصفّوهم حتّى 1300، لأنه أجوا دفعوا للمفتي دفعة ثانية عن السنة الحالية حتّى يصرلهم حقّ الإنتخاب انّه دافعين عن السنة الماضية ودفعوا عن السّنة الحالية. كيف صفّوهم عنده انتقلوا من 1559 لـ 1300 حتّى أصبح اليوم الرقم 1400 هو الّي عم يتردّد على ألسنة الناس، لا أعلم ليس لنا دخل في ذلك نحن أبداً لأننا مسكنا على المبدأ بديت تحمى إلى قبيل الإنتخابات. الإنتخابات عندنا بأواخر آذار بينتهي مجلس الإدارة الماضي بدنا ننتخب أثناء آذار. اجتمعنا بأوائل شباط وعينّا الإنتخاب لـ 8 آذار. وصارت تفور وتغلي ووراهم كلّهم بالطّبع الأجهزة اللي بتشتغل بإللي بسميه البنتاغون تبعنا. بعرفه أنا رأيي أنه مثل ما دايان عنده بنتاغون وعنده أجهزة بشرية وعنده أجهزة ميكانيكية والكترونية وبيشتغل ضدّ 14 دولة عربية، عندنا البنتاغون بأكّدلك ما عمّ قلّل من وضعه أبداً، عنده أجهزة ميكانيكية والكترونية وبشريّة ذات كفاءة متعلّمة بأميركا وأوروبا بتخطّط علينا بالدّاخل لإفساد المجتمع اللّبناني. تناولوهم وصاروا يخطّطوا لهم. أنا باخذها بكلّ برود، ما عملت ردّات فعل، ما عندي ردّات فعل.

بيجوا يوم العيد عندنا في شباط الماضي يهيئوا بيان طويل عريض عن مفاسد ومساويء وسوء التّصرّف بالإدارة بالمقاصد، وكلّه سببه صائب سلام على أربع وجاه، وبيجوا يوم العيد صباحاً وبوزّعوه على أبواب الجوامع كلها. صارت البلد تغلي وبالطّبع أصحابي وأصدقائي وأعضاء المقاصد معي كمان غليوا. إفتراء وكذب وتضليل. وبعزّ عليه الإنسان أن يُذاع بالمجتمع عنه شيء إفتراء وتضليل. لحّوا عليّ جاوب قلتلّهم: "ما بجاوب". أصرّوا قلتلّهم: "ما بجاوب أبداً ما بجاوب". فيها نظرة أنه الإنسان يجاوب لتبديد الإفتراء والتّضليل. تحت إلحاحهم عقدنا جلسة بالمقاصد، الزملاء أعضاء الجمعية، وطبعاً الحّ البعض منهم انّه نجاوب، قلتلّهم: "أنا بفهم تماماً رأي القائلين بأنه لازم نجاوب لأنه بعزّ الإنسان عليه ان يكون عمّ يُفترى عليه بهـ الطريقة العلنية وهيذي كثار من الناس البسطاء بياخذوها على ظواهرها، بيقبضوها* (يصدّقونها). قالوا علينا عشرة ملايين ليرة بالدّين لأنه صائب سلام مغرّق الجمعية بالدّيون. طبعاً هذا كذب وإفتراء، علينا مبلغ زهيد، ثلاثة ملايين، منه مليون ونصف على البناء الجديد الّي بنيناه وعمّ نطلّعه من خلوّاته وعلينا بيبقى حوالي مليون ونصف آخر بديوننا الأخرى الجارية، لأنه تصاعدت رواتب المعلّمين عندنا بالقوانين الأخيرة وبإلّي نحن عم نعمله وبتحديث الإدارة عندنا إلى ما لا يتصوّره الرّجل الغير عارف بالأمور. أنا لمّا استلمت الجمعيّة، كنّا ندفع للهيئة التّعليمية عندنا مليون ونصف ليرة، اليوم مندفعلهم ثلاثة ملايين وربع ليرة. هذا تصاعد تحديث الأجهزة الّي عملتها المقاصد. نقلنا الوضعية بالجمعية من مؤسّسة ماشية بعدها على العمل الشّرفي والعمل المجّاني إلى جهاز حديث. كمان هذا ما راق لكثيرين، تحمّلنا وتكبّدنا فيه مبالغ. قلتلّهم بالجلسة: "اسمحولي هون أعطيكم شيء من خبرتي بالحياة العامة. ما في عمل بالحياة العامة صحيح بالميّة ميّة، ولا في عمل خاطيء بالمية مية. أنا بفهم تماماً الّي عم يتحرّقوا ويقولوا كيف بذيعوا وبينشروا عنا إفتراءات وما منبدّدها للرأي العام، لكن مقابلها كمان اسمحوا لي قلّكم أنه إذا كان جاوبنا نحن الآن في حموة المعركة ستتناوله الألسن والآراء والناس ويصبح موضع نقاش في الشارع، أوّلاً لازم نحجب المقاصد من التنزّل إله، ما بدنا نغرّقها بهذا، وثانياً بضيع الحابل بالنابل ما بعود ينعرف مين معه حقّ ومين ما معه حقّ بصيروا يجادلوا". فأخذوا برأيي وما جاوبنا وقلتلّهم: "أنا علّموا عا كلامي بعد بضعة أيّام بتشوفوا أي ردّة فعل بتكون للناس على هـ البيان" وهكذا كان.

بالواقع لأوّل وهلة طلع هـ البيان علينا كان إله رجّة بأوساطنا، شو المقاصد؟ شو فيها فساد؟ شو فيها خراب؟ وإلّي بدّه ينتقم منّي بقول هذا صائب سلام الفاسد الّي عاملها، وإلّي نصف نصف لا معي ولا عليّ بقول عامل بيانات ليش ما عمّ ردّ عليها، وإلّي معي عمّ يتألّم أنّه كيف؟ هل هذا صحيح قول هذا؟ ما صحيح. ثاني جمعة على أبواب الجوامع عملوا كتيّب، كتاب أسود عن مساوئ صائب سلام. ثارت الدّنيا وإنّه جاوب، قلتلّهم: "ما بجاوب أبداً" ابتدأت ردّة الفعل ترتدّ عليهم، كلّ شيء بيتضخّم وبزيد عن عمله انّه صار باين وظاهر انّه هجوم على صائب سلام. يقرأوا الكتاب الأسود انّه ما في شي جديد. المفتي وراهم، عم يعملوا إجتماعات عند المفتي. مين؟ هـ الجماعة اللي قلت عنهم، الأطباء والأعضاء المنبوذين من المقاصد بالإنتخابات السّابقة وبعض السّياسيّين. بعرفهم كلّهم أنا وبعرف شو ثقة الرأي العامّ فيهم وقت اللّزوم، ما ابهتلّها.

اجتمعوا إجتماع عند المفتي 20ـ 30 شخص وعملوا لجنة منهم سمّوها لجنة المساعي الحميدة مؤلّفة من حسين العويني وأحمد الدّاعوق ورفيق نجا وأمين العريسي - رئيس الهيئة الوطنيّة - وجميل مكاوي وعبدالله المشنوق وعملوا موعد. بدّه يجي 3 أو 4 منهم قلتلّهم: "تعوا كلّكم تا تسمعوا الحديث كلّكم". أجوا استقبلتهم وحكي الحج حسين: "نحن اجتمعنا عند المفتي" - كان بدأ يظهر المفتي انّه فريق مع الجماعة ببيانات عملها وبقرارات عملها ومبتدؤه ذاتاً يوم الّي كتب الكتاب ولاحقه بكتابات أخرى وصار في مراسلات بيننا وبينه - نحن حافظين دائماً على الوضع القانوني على أقلّ ما يكون من الكلام لأنه عارفين انّه بالقانون ما معهم حقّ إطلاقاً وبالعمل الشّعبي أنا متوقّع انّه توصل ليوم نتصادم، كلّ ما يصعّدوا المعركة الناس تخاف منهم وأنا قلّهم لا كلّ ما تصعّدت كلّ ما راح تنكشف أكثر. بعد ما شرح: "والمفتي ما بريد ينزجّ وما بريد يكون فريق وعملنا لجنة وهلّق وأنت مسؤوليتك عن المسلمين وتعوّدنا نجي على هـ البيت" أخذوني من نواحي المسلمين ونواحي المقاصد "راح تولّد بين المسلمين تصادم وفتنة وهذا ما بجوز وأنت المسؤول وأنت الكلّ". بشيء من المجاملة والتّملّق وبشيء من التّبصير بالواقع الّي مقبل عليه. بعد ما تكلّموا قلتلّهم: "أهلاً وسهلاً فيكم، شرّفتوني بهـ الزيارة، كلّ واحد منكم بيعرف شو إله قيمة عندي وشو إله تقدير وكلّ واحد بيعرف شو بتربطه بيني وبينكم صلة مودّة، هذا على الصّعيد الفردي وعلى المجموعة كمان مجموعة كريمة ألها نفس التّقدير ونفس الإحترام عندي وكنت بحبّ أبحث معكم أي موضوع، إنّما بما أنّكم عمّ بتخبّروني انّه جايين لجنة منبثقة عن إجتماع عند المفتي، فأنا بتسمحولي أرفض انّي أبحث معكم أي بحث".

هم صُعقوا بالطبع كلّ شيء متوقّعينه إلاّ هذا. أخذوا وأعطوا: "أنه هذا شو بولّد عند المسلمين وهلّق بقولوا انّه أنت دشّرتنا". فقلت لهم: "أستغفر الله أبداً أنا لا أدشّركم أهلاً وسهلاً أبقوا هنا حتّى غد إذا كنتم تريدون أن تشاركونا العشاء أهلاً وسهلاً، لكن على صعيد البحث، منّي مستعدّ أبحث معكم كلجنة منبثقة عن المفتي. البعض منهم بنوايا سيئة قالوا: "خلّينا نمشي ونقول إنّها تفجّرت وإنّك أنت بدّك تتحمّل مسؤوليتها". قلتلّهم: "أنا بعمري ما تأخّرت عن تحمّل المسؤولية وأدرك معنى كلامي وبعرف لوين بدّه يوصل وروح علون أمام كلّ المسؤولين أنّه صائب سلام رفض وأنا أحمل كلّ مسؤولية هذا الرّفض". "فإذن أنت تصادم كلّ المسلمين الّذين اجتمعوا عند المفتي". فقلت لهم: "أنا ما عم صادم حدن، بل أنا أقول لكم وقائع هذا الرّجل أصبح فريق وأنا لا يمكن أن أعتبره واسطة، أنتوا جايين عنه، إذا جايين عن غير المفتي بحاكيكم، قولوا بأنّكم لستم آتيين عن المفتي قولوا بأنّكم ما راح ترجعوا الّي عم قلّكم إيّاه للمفتي، بكلّمكم، غير هيك ما مستعدّ أبحث معكم" قال: "هو قلتلّه أنا" - عبدالله المشنوق - أنّه "أنت أصبحت فريق وجعلوك فريق وما بجوز تكون فريق". قلتلّه: "فإذن أنت عمّ بتقول من فمك أدينك يا إسرائيل". جميل مكّاوي اعترض: "أنّه أنا ما قلتلّه فريق وما بقبل ينقال عنه فريق، أنا قلتلّه انّه أنت أقحموك بهذا الأمر وركبت مركب خشن". قلتلّه: "عال خلّيك على هذا تا يطلع أو تطلّعوه من الإقحام تا ينزل عن المركب الخشن أو تنزّلوه عنه، أنا ببحث معه، إنّما طالما مُقحَم أو راكب مركب خشن، أنا ما مستعدّ أبحث معه". "طيّب نحن بدنا نسألك ليش أنت رفضت تسجيل 1559؟" قلتلّه: "يا أستاذ مشنوق، بيظهر إما أنت عمّ بتفكّرني ولد ابن مبارح، أو أنت بعدك ولد صغير، هـ السؤال صاروا سائليني إيّاه ألف واحد من قبلك ومجاوبه بالتّفصيل والتّدقيق، إنّما الآن إذا كان بدّي أعرف أنّه جوابي بدّه يروح يُنقل للمفتي تا يكون هو المرجع، أنا لا أقبل أن أجاوب". بقيوا ساعة يعاركوني قلتلّهم: "عَبَث بتريدوا بكرة عابكرة تجوا بغير صفة بستقبلكم وبجاوبكم على أي شيء، بتريدوا بأي ساعة من اللّيل أو النهار تدعوني لأي محلّ، تدعوني لبيت أحدكم، لمكان حزب، مركز، وين ما بتريدوا، أنا حاضر، إنما إذا كان جايين على أساس ترجعوا للمفتي، أنا ما مستعدّ أقبل المفتي حَكَم إطلاقاً لا هو ولا مَن يجتمع عنده وبرئاسته، هذا أنكره كلّ الإنكار". أخذت ضجّة أكثر وصارت تكبر. ظهروا وصاروا يقولوا صائب رفضنا. بالطّبع هذا بدلّني أنّه في وعي عند النّاس لمّا الإنسان بوعّيهم. صارت المعركة تاخذ أبعاد أكثر. رجعوا اجتمعوا عند المفتي وصار يوجّهلنا مكاتيب وبرقيّات: "أنّه بصفتي رئيس الهيئة الشّرعيّة". هون فاتني قول إنّه هو عمّ يستمدّ شيء إنّه بصفته رئيس فخري للجمعيّة كلّ ما وارد في نظامنا بالمقاصد بمادّة من المواد بقول: "عندما تجتمع الهيئة العامّة يرأس الإجتماع سماحة مفتي الجمهورية بصفته رئيساً فخريّاً وهو يعيّن مَن يضبط وقائع الجلسة". هذه وُضِعَت لتكريم شخص اسمه مفتي.

بكلّ الدّنيا بدون رجل جليل مثله وجمعيّة خيريّة إسلاميّة انّه بيجي بيترأس وبيعطيها طابع وقار وجلال وتكريم له وتعزيز إله تعزيز الجمعيّة، لكن مش مفتي مثل هذا. ولا أله انه يمارس صلاحيّات إداريّة وأخذ يغرق بأشياء قانونيّة ولا اساس لها من القيمة القانونيّة. أنّه هو كمفتي من أيام العثمانيين مستمدّ سلطته. فجئنا له بدراسة تبيّن بأن في أيام العثمانيين كلّ ما قيل عن المفتي أو حُدّد للمفتي، كان أنّه أولاً يُثبت هلال شهر رمضان والعيدين وثانياً يجيب على الفتاوى الشّرعيّة عندما يتقدّم له سائل بفتوى شرعيّة. إجا يقول أنه عن إيام الفرنسيين أنّه مستمدّ، جبنا له بأنّه صار صدام بالسّابق بين Le Haut Commissariat المندوبيّة السّاميّة الفرنسيّة والمقاصد، إجا مدير الأوقاف فيها بدّه يتدخّل بالمقاصد، قاموا المسلمين بفرد قومة منعوه ، وعندنا كتاب من الجنرال ويغان المندوب السامي الّي بقول: "أبداً إنتوا فهمتونا غلط ونحن ما بدنا نتدخّل بالمقاصد وما إلنا شأن نتدخّل بالمقاصد". أجا يقول ويذيع تحت امضاه أنّه هو بيستمدّ سلطته أيضاً من المرسوم L R 30 أو 60. المرسوم L R 30 كانت تصدر عن المندوب السّامي وإلها حكم القانون: "إن المؤسّسات الخيرية والرهبانيّات الخ تتبع إلى رؤساء الطوائف". غبي أو كان غبي كثير ألّي عطاه هذا وهو أغبى منهم أنّه يومها كمان قاموا المسلمين قومتهم بسوريا وبلبنان واضطرّ المندوب السّامي يعمل L R ثاني مرسوم ويقول: "إن هذا المرسوم لا يطبّق على الطوائف الإسلاميّة ويبقى غير مطبّق على الطوائف الإسلاميّة". وحتّى يطمّنهم أكثر فنسي القسم الثاني. فالمفتي بالطّبع ما كان إله شأن، أخذوا يستعملوا أساليب الهيلمة استناداً إلى هـ المستندات القانونيّة الفارغة كلّها إطلاقاً، نحن بالطّبع ما كنت عم آخذ برأيي وحدي مع انه رأيي كان واضح بالأمر، لكن كنت دائماً أستند فيه على استشارات قانونيّة صحيحة. أبداً ما حدن قال فيها حتّى هم ما قالوا فيها.

أجاهم واحد اسمه القصّار، مع الأسف قاضي قديم لكن من جهة صار خرفان ومن جهة متزلّف للمفتي بيوعده بدّه يحطّه بمراكز ويعطيه منافع، عاملّه هـ الدراسات الخنفشاريّة. واحد مثل جميل مكّاوي، مع الأسف مع عدم تقديري الكامل لمعلوماته القانونيّة، أوّل ما جابه المفتي وأطلعه على الدّراسات قلّه: "ما معك حقّ". بعد يومين طلبه شارل حلو - وشارل حلو إله على جميل مكّاوي لأنه معيّنه بأشياء وبياخذ منافع منها وبالسَّبَق و25 الف ليرة بالسّنة الخ - قلّه: "يا جميل أنتوا عم تعملوا هـ الإشياء وأنتوا من مصلحتكم أنّه كلّكم تلتفّوا حول زعامة المفتي حتّى تكون الزّعامة الإسلاميّة". صار شارل حلو حريص على الزّعامة الإسلاميّة كثير، كلّه لضرب صائب سلام. جميل مكّاوي تحت ضغط شارل حلو رجع صفّ مع المفتي. هيذي كمان لمحة منهم غير ما بسيّرهم فيه المكتب الثّاني.

(03:47:12)
ممارسات المكتب الثّاني وإنتخابات المقاصد

(أربعة وعشرون دقيقة وخمسة وخمسون ثانية)

المكتب الثّاني تسيّيره مثل ما بقول أنّه ما بقى القضاء قادر يثبت ذلك لكن القرائن كلّها. نسيب البربير بدّه يعمل زعامة افتكر أنّه بيقدر من جملة الزّعامات يستند على شباب من الطّالعين المثقّفين. في 4 ـ 5 شباب طالعين مثقّفين، مع الأسف، مثل ما بقول دائماً، الشابّ عندنا بيطلع نظيف بيتلقّفوه بيفسدوه. كانوا أوّل بداية فسادهم. هوذي الـ 4 ـ 5 فسدوا. هنّ حكيولي كان عازمهم على غداء نسيب البربير وعم يجرّب يتنصّل من أي علاقة بالمكتب الثّاني ويقسم الإيمان أمامهم أنّه: "أنا، سامي الخطيب، (يلي هو ركن من المكتب الثاني المحلّي هون لأنه عملولنا زعيم مسلم بالمكتب الثّاني حتّى يكونوا محافظين على الشّكليّات والمظاهر) يقول أنا أقسم بالله، سامي الخطيب لو شفته ما بعرفه، كلّ ما هنالك بقولوا عنّي زوجته، إجت على المستشفى لعندي، عالجناها مثل ما منعتني بكلّ المرضى، ربحلنا جميلة، بكون هيذا مكتب ثاني؟ ما عيب هذا ينقال عنّي ما حرام ينقال عنّي". وهم في هذا الحديث مَن يدخل؟ سامي الخطيب. بيصفرّ وبيخضرّ وبيعرق البربير وبيتمنّى أنّه ما يعرّفوه، فلم يعرّفهم عليه وهم كانوا محتالين أكثر منه، فقالوا له: "سامي بك نحن لمّا كنّا مبارح، لمّا حكينا بالقصّة الفلانيّة"، أدرك البربير إنّهم كاشفينه - عمّ بروي بس شو وراها من خيوط شارل حلو والمكتب الثاني – .

صاروا يجتمعوا هـ الإجتماعات عند المفتي، صاروا يتدخّلوا معنا بتأجيل الإنتخابات. ما كان في مبرّر أبداً لتأجيل الإنتخابات لأنه كان هذا معناه إفساح المجال الهم لزيادة الزعرنات وزيادة تقوية الحملات علينا وإضعافنا، ومجتمعنا الإسلامي ما متقبّل منهم أنّه هنّ يسيطروا على وضعنا. بيجي حتّى كمال جنبلاط - وهذا شيء غير معروف - بجلستين أنا وإيّاه، همّه الأوّل والأخير كان يقنعني بتأجيل الإنتخاب، مع أنّه أخذ حجّتي هو وراح قلّهم: "إنّه يا عمّي صار لها معكم 7 أشهر من حزيران، إذا بدكم جمعتين أو ثلاثة تا تلجأوا للقضاء، ليش ما لجأتوا بهلـ 7ـ 8 أشهر؟". بس بردو يقلّي: "افسحلهم هـ المجال خلّيهم يلجأوا للقضاء، أنا قالولي القضائيين، جمعت فلان وفلان وفلان وقالوا لي أنّه الحقّ معك مش معهم، خلّيه يبيّن هذا القضاء". قلتلّه: "أبداً أنا ما مستعدّ". هو راح كمان مثلي كمال جنبلاط مع كلّ شيء حكيته أنا قانون ونظام ما قنع، إمّا تحفّظ. راح جَمَع مستشارينه بالدّولة أنطوان بارود بالعدليّة وروبير عبده غانم وجاب من برّة إدمون نعيم صديقه رئيس كليّة الحقوق وجاب الدكتور ربّاط الّي بيوثق فيه وجمعهم كلّهم وقالوله: "ما الك حقّ أنّك تتدخّل". هنّ بدهم إيّاه أنه هو يفرض تسجيل هلـ 1500 صوت. قلّهم: "أنا ما إلي سلطة أني أفرضهم". "لا أنت بدّك تفرضهم لأنه المفتي هوذي قابلهم وفارضهم". ولذلك كان يقلّهم: "أنا ما فيّي زوّر يا عمّي؟".

هنّ ما كانوا بديوا يدركوا أنّه كمال جنبلاط ما عاد بأيدي النّهجيين الشهابيّين المكتب الثاني. بكونوا بجلسة عنده الجماعة الزّمرة المطهّرة هوذي لجنة الإصلاح: نسيب البربير وعثمان الدّنا وسعيد حجال وأنيس الشعّار، بيقعدوا عنده بقلّهم: "يا عمّي أنا ما بقدرش زوّرلكم وليس بمقدوري بأن أُدخل هؤلاء". "طيّب بدّك تأجّل". "ما بقدرش هوذي دخّلهم، ما أليش سلطة أجّل ليش تا أجّل يا عمّي". وهو ماخذ كمال جنبلاط كلّ هـ المدّة تصغير حجم الأشياء حتّى ما يفرضوا عليه إدخال الجيش، مع أنّه هو واثق أنّه قوى الأمن فاسدة ولا تلبّيه، بالعكس في منها كثير عناصر عم تعاكسه معاكسات شديدة، بتعاكسه بشيء صعب لأنه إذا كان مرؤوسيه بعاكسوه بصير عمله صعب جدّاً، مع ذلك متّخذ موقف أنّه "قوى الأمن كافية يا عمّي"، وهو مقتنع أنّه مش كافية ومقتنع أنّه البلاد مش بألف خير ومقتنع أنّه هـ الأمور أكبر من أن تعالجها قوى الأمن، لكن عم يقول هذا كلّه حتّى يحول دون نزول الجيش وساعتها سيطرة المكتب الثّاني. فهون إنسان من عنده من الإجتماع فوراً بيحكيلي أنه كانوا مجتمعين، بقلّهم: "أنا ما بقدر يا عمّي، أنا منّي معكم ولا مع صائب سلام، ولكن أنا ما بقدرش ولكنّي أترجّاه رجاءاً بأن يؤجّل". وكان يأتي ويلحّ عليّ بإجتماعين متواليين بأن أؤجّل وقلّه: "أنا فهمان عليك كمال". لأنه كمال همّه ما يطلّعوله مشكلة ولو صار ضربة كفّ يمكن يصير مجزرة. نحن كنّا مستعدّين أن نصادم مجزرة بالنسبة للّي كنّا عم نشوفه. "أنا منّي معكم ولا مع صائب سلام". هنّ اندهشوا هذا أنّه كيف منّي معكم ولا مع صائب سلام، هنّ مفتكرين أنّه يكون معهم نهجيّاً، أخذوه من ناحية أخرى إنّه صائب سلام العميل الأميركاني الشّمعوني المنحرف ضدّ النّاصريّة، ما دافع عنّي بشيء لا إنّي منّي أميركاني ولا إنّي منّي عميل ولا إنّي منّي منحرف ولا إنّي ضدّ النّاصريّة، طمعوا هنّي تناول الحكي الثّاني الدّنا والبربير كمان على هـ المصبّ تا ينالوا منّي، قلّهم: "يا عمّي انتوا كلّكم مكتب ثاني بيظهر". ظهروا من هونيك قال: "شو بو هذا خرج عن النّهجيّة كلّها خرج عن الشّهابيّة كلّها"، فإذن الشّهابيّة لا تؤخذ إلاّ باتّهام الناس بالعمالة والإنحراف والشّمعونيّة وعدم النّاصريّة وغيرها.

رجع مرّة ثانية كمان جرّب يقنعني إلى ليلة السّبت مساءاً. كمال كتبلي مكتوب بقلّي: "نحن مناخذ بالقايمة تبعكم لأنه هيذي القانونيّة - القائمة المسجّلة بسجلاّت المقاصد هي إلّي بتقوم ما بيقدر ياخذ قايمة جاي من عند المفتي مين ما كان المفتي - ولكن برجع بترجّاك تجمع مجلس الإدارة وتؤجّل الإنتخاب". أنا فوراً جمعت مجلس الإدارة، أخذت قرار بالرّفض وبلّغته كتابةً السّاعة 9 "أنّه نحن مجلس الإدارة بالإجماع قرّر الرّفض". مجلس الإدارة مثل ما أنا بقلّهم بيمشي. كانوا بهـ الأثناء هنّي عاملين الإجتماع عند المفتي، المسلّح، الإجتماع المسلّح المشهور الّي في كلّ هـ الوجهاء إللي بيعتقدوا إنّهم قادة الرأي برئاسة مفتي المسلمين ومعهم ستيتيّة ومعهم أبو راشد شهاب الدّين ومعهم ابراهيم قليلات - إلّي كان عم يلفي على جنبلاط إذا كنتم تسمعون به وهو ابراهيم قليلات الّذي يدّعي بأنّه ناصري وأخذه معه لعند عبد النّاصر. هذا أنا مربّاه، مع الأسف، تلقّفوه، فَسَد راح تهريب وغيره وصار غانغستر سلاح. بهـ الأثناء جنبلاط صار يحسّ عليه وبطّل يستقبله صار يرفض يستقبله - هول افتكروا انّه بهيلمونا، وصلوا لآخر اللّيل لعند المفتي، قواس ورصاص ودنيا وحاطّين المكبّرات وجماعتنا هون عم يسمعوهم: : "صائب سلام الخائن المتآمر مع كمال جنبلاط أجا لعندي السّفير الأميركاني السّاعة 5 الصّبح وتآمرنا مع كمال جنبلاط وأحبكنا المؤامرة وبعدين عم ننفّذها". كلّه هذا وكان جماعتي يغلون هنا وكان باستطاعتهم أن يذهبوا إلى دار الإفتاء ويمسحوهم بمن فيهم وقلت لهم: "أبداً لا أحد يمدّ إيده".

هون برجع بقول انّه بالعمل العامّ الإنسان ما يخطىء،ما يعملوا faux pas. لو جاوبناهم أوّل جواب على أوّل بيان كنّا رحنا مؤكّد تزحلقنا. اضطرّينا بس جاوبناهم على شيء واحد حسّاس بالبلد ـ قصّة الفدائيين. من جملة إفتراءاتهم بقولوا انّه نحن بمستشفى المقاصد ندّعي انّه عم نعالج الفدائيّين مجّاناً وعم نتقاضى منهم الأجور الباهضة. هذا ما جاوبناهم نحن، حطّينا جواب بالزنكوغراف، 3 مكاتيب جايتنا من "فتح" ومن "الجبهة الدّيمقراطيّة" ومن "الهلال الأحمر" إللي بتتشكّر وبتقدّر معالجة مستشفى المقاصد للفدائيّين مجّاناً، فوضعناها في السّوق وكان لها فعل يساوي كلّ الأجوبة فلم نجاوب على شيء آخر لأننا لم ندخل في جَدَل سياسي. بديوا هونيك يصرّخوا، جماعتنا يغلوا وانا ضابطهم. وبالواقع هون ما بدّي أدّعي بالفضل إلي، بفتخر بأنّه شبابنا بكلّ هـ الظروف كنّا عم نضبطهم. وهنا أخبركم عن القصّة الثانية الّتي حدثت الجمعة الماضية وكانت ستودّي بالبلد كلّها، قدّيش ضبطناهم، كانوا عم يقوّسوا ويهوبروا ويطوبروا ويذيعوا علينا الخيانة والإنحراف وهذا يؤثّر بجماعتنا، فجماعتنا ليسوا جميعهم مثقّفين وليسوا جميعهم متعلّمين، لا رفعوا قطعة سلاح وما ظهر عندهم قطعة سلاح ولا جاوبوا بشيء وخلّيناهم عم يحكوا لحالهم. هيّجوها هيّجوها لدرجة نصف ليل بيمسك التليفون عثمان الدّنا، بصفته وزير وبحاكي شارل حلو ويقول له: "إسمع إسمع ويقول لستستيّه ذاته - هذا الذي صار لصّاً كبيراً والّذي قتله الفدائيون المهرّب الحشّاش الّذي كوّن عصابة عنده في قلب البلد – أطلق الرّصاص، وبقلّه سماع سماع بصير يقول بستستيّة ذاته المهرّب الحشّاش "قوّس قوّس". سماع سماع يا فخامة الرّئيس،10 آلاف مسلّح بدهم ينزلوا يحتلّوا البلد برئاسة المفتي ونحن عم نمنعهم أنا عم أمنعهم والبلد ما بقى قادرة تحمل. وقبل بيوم طالع الدكتور عبد الله اليافي بما عُرِفَ عنه من دكترة هـ الطول وهو فهمه فيها قدّ ما أنت بتفهمي بالياباني ومن شخصيّته الشّجاعة القويّة، هدّد انّه بدّه ينزل على رأس 5000 مسلّح يحتلّ المقاصد، وأنا كلّه ساكت عنه لم أكن أقول شيئاً ولم أجاوب حتّى كلّ ما هنالك بأننا كنّا سائرين في إنتخاباتنا تحت ضغط هوذي من الإفتاء وتحت ضغط رشيد كرامي من طرابلس، قلّهم: "أنا ما بقدر أتحمّل وإذا كان هيك أنا بستقيل وإنتخابات لازم توقف". وتهيّجوا كلّهم ودعيوا لمجلس وزراء الساعة 3 بعد نصف ليل وكان ما كان لأوّل مرّة بتاريخ لبنان أنّه لو اهتزّ لبنان من شروشه ما في. روالهم في مجلس الوزراء الوزير عبد اللّطيف الزّين رواية قلّهم: "يا عمّي لمّا أجوا يطلبوه على التليفون على النبطيّة، نايم ما كان يقدر يفيق على التّليفون، ودّوله الجندرمة فيّقوه قوم بدّهم ياك بمجلس الوزراء". ذُعر هذا، السّاعة 2 بعد نصف اللّيل، عمل تليفون للقصر: " شو في"؟ قالوله: "قصّة المقاصد متفاقمة". انشغل باله عليّ، طلب البيت عندي دقّ دقّ، فاق ابني فيصل، قلّه: "وين أبوك؟ قلّه: "نايم". قلّه:"وين نايم؟" قلّه:"بفرشته. وين نايم؟". قلّه: "كيف نايم؟ ما عنده حدن؟". قلّه: "لا". راح على مجلس الوزراء، كانوا رشيد كرامي من هون عثمان الدّنا من هون، ووفد طلع من عند المفتي برئاسة حسين العويني يبلّغ رئيس الجمهورية "انّه إذا ما توقّفت الإنتخابات راح تصير مجزرة بالبلد". بيرويلهم عبد اللّطيف الزّين هـ الحادثة وبقلّهم ذكّرتني بحادثة عمر بن الخطّاب واليهودي إلّي إجا شافه نايم بخيال الحيط وقلّه: "عَدَلتَ فأِمنتَ فنمتَ يا عمر". "الرّجّال نايم بفرشته روحوا شوفوه". قرّروا هـ القرار الخنفشاري إلّي ما إله ولا قيمة أبداً. الساعة 5:30 صباحاً قالوا القصر بدّه ياك، قلتلّهم: "أنا شارل حلو مقاطعه ما بجاوبه". قال: "لا ناظم عكّاري بدّه يحاكيك". قال: "هذا مجلس وزراء وكان مجتمع وفي دولة الرّئيس وبدّه يشوفك". أيمتى؟ لأنه أنا الساعة 7 بدّي أنزل على إنتخابات المقاصد. قال: "لا هو راح يوصل لعندك". أجا رشيد كرامي وبدي يبلّغني هـ القرار اللي أخذوه. قلتلّه: "أوّلاً هذا قرار لا قيمة له عندنا لأنه نحن منعتبر أن مجلس الوزراء لا شأن له بالتّدخّل في أمورنا إطلاقاً وثانياً أنتم وقعتم كدولة في لبنان تحت إرهاب وأصبحتم في رعب من بضعة زعران اجتمعوا برئاسة المفتي كلّهم زعران، منهم زعران مسلّحين منهم حشّاشين منهم سياسيّين فاسدين. أنا ما مستعدّ أوقع تحت هذا، وأنا بما أمثّل أرفض باسم مَن أمثّل وأرفض باسم المسلمين ألّي بتهمّهم هـ القضيّة بالدّرجة الأولى وباسم المواطن اللّبناني كمواطن حرّ بدّه يعيش بكرامة أن أنصاع لهـ الرعب إللي أنتوا انصعتم إله. ونحن مثل ما قلت لوزير الدّاخليّة أمس برجع بعدلك أنّه: "مستعدّين ندافع عن نفسنا ولا نطلب منكم شيء ونثبتلكم ونعلّمكم إذا بعد في مجال تتعلّموا أن لا توقعوا تحت رعب الزّعران والفاسدين ومَن يجاريهم من السّياسيّين". شال وحطّ كثير وبتعرفي رشيد كرامي بيشيل وبيحط كتير. كلّمته كلام قاسي كثير بالواقع قلتلّه: "أنا مبارح لمّا ودّعت كمال جنبلاط وصار يلمّحلي بالتّهديد قلتلّه يمكن منشوف بعضنا بالصّين، أنت بتتقمّص بالصّين يا كمال جنبلاط، هلّق الك ما بعرف إذا أنت بتتقمّص بالصّين؟ بالجنّة أنا وإيّاك ما راح نلتقي بالجنّة، بس راح ودّعك وأمشي. أنا بدّي أنزل أعمل إنتخاباتي". قال: "كلاّ لندعها إلى السّاعة العاشرة". فقلت له: "كلاّ أنا كارمتك وكنت سأنزل في الساعة السّابعة والآن سأنزل في السابعة والنّصف والآن الساعة السابعة والرّبع فبإمكانك أن تضع الأسطوانة عشر دقائق أخرى. فأكمل الأسطوانة. فقلت له: "الآن الساعة السابعة والنّصف إلاّ خمس دقائق". قال: "حسناً طيّب ما بتروّقنا الصّبح؟" قلتلّه :"تفضل تروّق وانا نازل". تركته هون ومشيت وقاموا كلّ شبابنا وانتعشوا. خافوا أنّي حنّ تحت هـ الضغط وأجّل الإنتخابات.

نزلنا وكان ما كان بأنّ الإنتخابات كانت هادية ورايقة جاؤوها زوات كرام من الـ 987 أجانا 817. قدّيش في غايب عن البلاد، قدّيش في مريض قدّيش في سمع قرار مجلس الوزراء الّي كانوا عم يردّدوه كلّ ربع ساعة عن الراديو أنّه بطلت الإنتخابات أُوقفت الإنتخابات، أخذ عيلته وطلع برّة يوم أحد. لكن الإقبال الشّديد الّي كان عليها من العائلات الأوادم لأنه متوقّعين مشاكل، فنحن نازلين على مجزرة يمكن. صحيح ما ظهر عندنا قطعة سلاح، صحيح أنّه لم تظهر عندنا عصا. فات بيّار الجميّل أجا يزورنا صار يتطلّع مذهول، جماعتنا كلّهم مدنيّين عاقلين مرتّبين ما في بيدهم عصا. قلت له: "لا يوجد سوى أبو عفيف لا أعلم إذا كنتم تعرفونه وهو يعرج وحامل عصاه". إنّما ما كنّا تاركين حالنا بالهوا، كنّا مستعدّين لردّ الشرّ، كنّا مستعدّين استعداد كلّي. انهزموا جبناء لأنه هوذي كلّهم بيعتمدوا على الزعران، الزّعران المأجورين جبناء وهنّ أجبن منهم. هوذيك بيقعدوا ببيوتهم وهوذيك ما بيتصدّوا. جماعتنا كلّهم أشراف. أنا ما كنت مستأجر حشّاش ولا غيره.عملنا إنتخابات وكانت بمنتهى الرّواق وطلعت نتيجتها عال وهذا صار يكسبنا قوّة كانت مستمرّة وعمّ تتصاعد بقدر ما تصاعدت حملتهم تصاعدت القوّة.

بعد ما طلعت الإنتخابات البلاد كلّها شعرت بإنفراج غريب، إذا ما بدّي قول، تصوّراتي هيدي، وأنا بأكّد لك أني ما عمّ بالغ وعشت دنيا الحياة العامّة كثير أخذت فيها 90 بالمية من تأييد المسلمين. 90 بالميّة ولا جَدَل. حتّى مرّة عمّ قول قدّام شخص أنه 90 بالميّة، قلّي غلطان هـ الأشخاص اللي انعدّوا بس كانوا بالجهة الثّانية وانكشفوا كلّهم عملاء المكتب الثّاني. وأخذت تأييد 100/100 من المسيحيّين يمكن لأنه شعروا أن المواطن الحرّ بدّه يمارس حقّه بكرامة ورَفَض أنّه يوقع تحت إرهاب زعران السّلطة يلّي بوجهوهم على النّاس وهوذي كلّهم زعران السّلطة يلّي بحرّكهم سامي الخطيب والمكتب الثّاني، هوذي كلّهم يلّي المفتي يوم إلّي استقبلوه دعيوه لدعوة كريمة إلى مصر من البحوث الإسلاميّة وكان بيقدر يبقى هناك الخ. كلّهم سامي الخطيب حرّكهم "اطلعوا استقبلوا المفتي"، طلعوا الزعران استقبلوا المفتي على المطار وصاروا يقوّسوله، وهيذي دوّخته للمفتي. أنّه كيف هـ الزعران بيكسحوله الأرض من تحته، وهو نفسه فاسدة الحقيقة. هلّق بقولولي كثير انزلق وبيجوا يقنعوني بعد فيها انّه لازم ترضى عليه ولازم تتساوى الأمور وهو بالحضيض وأنت الكبير وأنت الواسع والمنتصر، بيعرفوني أني دائماً أؤخذ بهذا، بالواقع هـ المرّة كنت أصمد من أني أُخذت بهذا ووراي ناس ما بقى يخلّوني لأنه بينذبحوا إذا كان هيك والمواطن الكريم كمان بينذبح. قلنا لهم: "هذا مفتي لم يعد بيصلح أن يكون مفتياً". مع الأسف بهذا البلد إلّي أنشأ لنا كيان المفتي كما يتصوّره النّاس اليوم، الإكليريكيّة المسيحيّة والتّنظيم اللاّهوتي المسيحي، بطرك وكارديناليّة وغيره، بدّهم توازن فيها طلع عند السنّة وعند الشّيعة وعند الدّروز. ما كان عندنا هذا، فاستعملوه أداة للمكتب الثّاني واستعملوا كلّ إلّي معهم. انكشفوا كلّهم وطلعنا منها الحمدلله بنجاح كامل، بينما كنّا متوقّعين نصدّ الشرّ وربّما توقع مجازر. جماعتنا ضبطوا نفسهم أكثر ما واحد بيقدر بيتصوّر. وقوى الأمن مثل ما قال عنها كمال جنبلاط كانت فاسدة، حطّها لتحرس الأمن، كانت تمنع النّاخبين يوصلوا، ويستغرب الإنسان كيف، الّذي لم أكن أتصوّر.

الحماس الّي تولّد عند شبابنا ما كان على غرار الحماس الزّائف اللي حاولوا يعملوه عند المفتي مع الظّعران والسّياسيّين الفاسدين، بيعرفوهم بيرجع الإنسان لجذور الماضي. أنا ما بعمري مشيت بشي وقلتلّهم امشوا عملولي إيّاه، بحطّ حالي قدّامهم، لمّا شافوا أنّه أنا وإثنين شباب عندي واحد 22 سنة وواحد 24 سنة نازلين معي ويمكن عا الموت نازلين مأكّد هذا بولّد من شعور عند النّاس. ونحن كنّا آخذين إحتياطنا. المدرسة ألّي بدنا نعمل فيها الإنتخابات أدركت أنّه قبل بأيّام أنّه بدّهم يجوا هوذي ألّي بدّهم يركّبوا الأمن بساعة من السّاعات قبل 24 ساعة أو 48 ساعة أن يطوّقوا المنطقة ليحاصروها وما بعود فينا ندخّل شيء نحافظ على نفسنا إذا أجانا ستيتيّة وقليلات وهـ الزعران بالأسلحة، ما في شي نحافظ عن نفسنا. أخذنا التّجهيزات وحطّينا بالمدرسة الشّيء اللاّزم لحراستها وكان ابني معهم. ما عمّ نحطّ حالنا نحن ورا ونحطّ شبابنا قدّام، أبناء عائلات نزلوا مع ابني ليحافظوا ويدافعوا عن مقدّساتهم وعن كرامة وجودهم. بيعملّي تليفون آخر ليلة بعد ما وصلّه مكتوبي أنّه منرفض التأجيل، بمجلس الأمن قاعد بالدّاخليّة كمال جنبلاط وبقول: "أنّه هيذا إذا ما عندك مانع صائب بك بلكي بفوتوا اثنين من التّحرّي بفتّشوا هـ المدرسة وبيلقوا نظرة على هـ المدرسة". قلتلّه: "ما بسمح بالتّحرّي يفوتوا على المدرسة أبداً". قال: "بس هيك بيلقوا نظرة عابرة بشوفوا شو فيها".قلتلّه: "أبداً ما بسمحلهم يتخطّوا العتبة هذا مبدأ يا كمال بك، ما بيجوز نتخطّاه، أنا مسؤول عن معهد، هذا إذا كان بدينا بهـ القاعدة بكرة كلّ يوم بدهم يفوتوا رجال الأمن، أبداً ما بسمحلهم ما ألهم مدخل". حاول يقنعني كثير قلتلّه: "أبداً. قال: "طيّب شو فيها هـ المدرسة؟" قلتلّه: "مدرسة شو بكون فيها؟ فيها طاولات وبنوك وألواح وكتب وطباشير". قال: "يعني غيرها شو فيها؟" قلتله:"ما فيها شي. شو فيها؟". قال: "ومين فيها؟". قلتلّه: "فيها حرّاس". قال: "كم واحد؟" قلتلّه: "العدد الكافي لحراستها - أنا كنت دقيق حتّى ما يقولوا عم أكذب - ومعهم الشيء إلّي بيقدروا يحرسوا فيه المدرسة، ما بقدر قلّك أبداً شو معهم لأنه لمّا الواحد بتولّجه بحراسة، بتعطيه الأشياء إلّي بدّه يحرس فيها، ما بقدر قلّك أبداً شو هو". وأنا وضعتهم هناك قبل أن يطوّقوا المنطقة بثلاثة أيام فلم يعد بمقدور أحد أن يدخل المدرسة. قال: "يعني القليل من المسدّسات بسيطة ولكن ما بكون معهم أكثر". لأنه هنّ طلّعوا صيت أنّه صائب سلام حاطت هونيك 500 رشّاش و4 مدافع والى آخره. وبالواقع نحن ما عندنا هيك شي ولا بإمكاننا، لكن حاطّين جوّا ناس حتّى إذا كان بدّهم يقحموها ويجوا يستولوا عليها، بيجوا باللّيل مثلاً قبل ما نعمل إنتخابات، بيخطرلهم هـ الزعران يروحوا يستولوا عليها وبولّدولنا المشكلة ألنا، حطّيناهم هناك قبل أيّام. وبرّا كنّا مستعدّين تماماً لكن ما أظهرنا شيء من هذا. وهذا بحبّ قول أنّه ألّي عوّدنا على ضبط النّفس الحقيقيّة أفادنا كثير. وثاني يوم جنّوا هنّ كيف صارت الإنتخابات ورا قرار مجلس الوزراء وراء إعلانه بالراديو تكراراً وراء التّهديد بالسّلاح والزّعران كلّهم، زعرانهم هربوا وهنّ هربوا وما عادوا تعاطوا هـ الشيء. بقلّهم كمال جنبلاط: " يا عمّي هيذا عبد الله اليافي كيف بدّه يعمل حاله زعيم ويتعاطى شؤون النّاس ويوم الشّدّة بروح عا الصّيد؟". دار ظهره وراح عا الصّيد بعزّ الحشرة، راح عا الصّيد هرب ما راح يتصيّد. بيثوروا ثاني يوم بحسّوا أن الأمور انتهت وبروحوا يجتمعوا عند المفتي، الإجتماع المشهور يوم الإثنين مساءاً يوم عيد الهجرة وبتطلع هـ الصورة اللي فيها المسلّحين والغوغائيّين وبدّهم يقوّسوا ويهدّوا البلد. ما ردّينا أبداً. هنّي وعمّ يعملوا هيك هناك وأنا عندي الوفود عم تجي تهنّيني ومنهم المسلمين والمسيحيّين وما بقي وزير مسيحي وما بقي نائب مسيحي ما أجا هنّأني، أنّه أنت وطّدت كرامة اللبناني في محافظته على ممارسة حقوقه. بدّهم يمنعونا عن ممارسة حقّنا الشّرعي.

هذا كان إله نتائج خطيرة أنّه انكشف المكتب الثّاني بقوّة، والرّأي العامّ اللبناني بتضامنه بتأييد موقفي بالمقاصد أزال شيء كثير من قضيّة مسلم ومسيحي، يعني ما مفروض كان المسيحيّين يجوا يؤيّدوا إنتخابات جمعيّة خيريّة كسب فيها فلان، التأييد الفظيع إلّي غير معقول إجا من المسيحيّين من بيروت ومنطقتها الحسّاسة ـ الشّرقيّة، من الشمال من الجنوب من جزّين من كسروان: نوّاب وزراء وفود وجهاء يجوني، تأييد مطلق هذا مؤكّد حساسيّة وردّة فعل للّي ظهر من أنّه المكتب الثّاني انكشف ومن أنّه رفضنا أنّه نسمحلهم يسيطروا هنّ والزّعران على حريّة المواطن في ممارسة حقّه.

(04:12:07)
ممارسات الكتائب ضدّ الأحياء الغربيّة

(ستّ دقائق وثلاث عشرة ثانية)

هذا كان مؤكّد مفرق تاريخي تمام. بقول هون هـ الإنضباط النّفسي إلّي تعوّدوه شبابنا قبل الإنتخابات شو صار عند المفتي وثاني يوم كلّ شي عملوا وسبّوا وشتموا وقوّسوا وضربوا ولا ردّة فعل، قدّيش أعانتنا لاشتداد الحملات فيما بعد يوم الكحّالة شو ضبطوا نفسهم وهون جماعتنا كلّهم بأيّدوا الفدائيّين يوم إلّّي صار على حارة حريك على الدّكوانة في نفس بيروت إجت تصاعدت كلّها للـ Climax للذروة يوم الجمعة الماضي من عشرة أيّام. كان عندنا ألوف المسلّحين بالشّارع وشعروا بشدّة الوطأة عليهم ما بقى بيقدروا يحملوا وإجوا من الأحياء الشّرقيّة على حدود المنطقة الغربيّة ينزلوا فينا رصاص، زخّ رصاص قوي، وجماعتنا ضبطناهم، ما ردّوا. لو ردّوا كانوا وصلوا لمبتغاهم كاملاً وهدفهم مسلم ـ مسيحي، مجزرة وقعت، مين بعود يسأل مين بدأها مين بعود يتحرّى مين المسؤول أكثر ومين المسؤول أقلّ وهذا إلّي بدّهم ياه. لمّا ضبطوا نفسهم جماعتنا صارت تظهر أكثر وأكثر أنّه هوذي فئة قليلة عمّال مكتب ثاني إلّّي عملوها، مع الأسف، هون للتاريخ هيك صورة انعطت أنّه هوذي كانوا كتائبيّين وهوذي كانوا أدوات المكتب الثّاني. هوذي إخواننا بالمنطقة الشّرقيّة صاروا يتّصلوا فينا ويقولوا: "هوذي ما نحن، هوذي عمّال المكتب الثّاني هوذي الكتائب" ريمون إدّه بدي يتّصل ويقلّي - كاظم الخليل أنا عم حاكيه وهو يمثّل الوطنيّين الأحرار عم حاكيه - "أبداً الكتائب ما ألهم دخل" - لأنه بعده كاظم الخليل بدّه يحافظ على "الحلف - قلتلّه: "هلّق ريمون إدّه عم يقلّي ومن الأحياء الشّرقيّة حاكوه وعم يقلّي أنه الكتائب". "صفت ريمون نعت ريمون بدّه يظلّ ينفّذ حزازاته ضدّ بيار الجميّل. هلّق وقتها هـ الحزازيات؟". الكلّ عم يقولوا إنّه "الكتائب"، ومسيحيّة المنطقة الشّرقيّة عم يتبرّوا من هـ العمل. وإذا العصر، طالعين ناس شيعة يناموا ببيوتهم راكبين كميون ومارقين من مار مخايل فيهم 3 بخصّوا كاظم الخليل مباشرة وبناموا ببيته، "كتائب"، نزّلوهم بالرشّاشات: "انزلوا". "يا عمّي نحن عمّال طالعين ننام ببيوتنا". "أبداً انزلوا". بديوا يضربوا فيهم. "نحن منخصّ كاظم الخليل، نائب الرّئيس شمعون". بدّهم يحتموا. "أبوكم عا أبو كاظم الخليل عا أبو شمعون"، ما خلّوا شي. جَنّ كاظم الخليل وعملّي تليفون: "هوذي الكتائب إللي عم يعملوها". قلتلّه: "هلّق حسّيت أنّه الكتائب؟ ريمون إدّه بقول مش الكتائب".

انكشفت بالحقيقة وهون بدّعي فضل عظيم لشبابنا كبتوا حالهم إلّي بإيدهم ألوف السّلاح بالشوارع صاروا مش ببيوتهم مش مثل يوم المقاصد انطلقوا بالشّارع وبسلاحهم والرّصاص عم ينزل عليهم وعم يجولي: "صابوا فلان، قتلوا فلان". كان عندنا 6 جرحى ألنا بمستشفى المقاصد، واحد منهم مشلول وواحد فايته رصاصة من ظهره وطالعة من صدره، وكلّهم عُزّل، واحد عم يسكّر دكّانه بدّه يهرب، الثّاني مارق على ساحة الدبّاس، منّهم* (ليسوا) مقاتلين، كلّهم مثل العصافير يقوّسوهم، وأنا قلّهم: "أبداً ما تردّوا، دخل ألله ما تردّوا" وهذا كان أكبر نجاح يومها وأثبت ان المواطن بيقدر يتوعّى. انقضت يومها على خير انكشفت تماماً، ثاني يوم بوضوح كلّي، والشّعور المسيحي ـ الإسلامي ما قدروا يطالوه، المنطقة كلّها كانت هون مسيحي ومسلم، طبعاً إجاني وفود مسيحيّة أكثر من المسلمين والمنطقة الغربيّة كانوا عم يخابروني كلّ الوقت: "أنّه هذا ما نحن، منّا مُقرّين بإلّي عم يصير".ثاني يوم انكشفت وانحصرت بالكتائب وإجا مقتل سويسراني فظّعها أكثر. كاظم الخليل وجماعته كشفها ومقتل السّويسراني فظّعها أكثر. والحمد لله أنّه قُتِل هناك ما قُتل بالأحياء الإسلاميّة، كانت عملتلنا معضلة لبنانيّة كبيرة. انكشفت كثير ـ المكتب الثّاني. بيجي لعندي ثاني يوم ريمون إدّه بقلّي: "أنا بعرف إنّك بتآمن بألله، بس إلّي ما بآمن بألله لازم يآمن بألله". قلتلّه: "ليش"؟. قال: "كيف جرت معركة المقاصد وألله أزال من أمامك وأمام هـ البلد هـ الفئة إلّي كلّها عمّال المكتب الثّاني: المفتي، عبدالله اليافي، حسين العويني، جميل مكّاوي، الدّنا – وهيدا الدنا كل يوم بيطلع عـ التلفزيون وكل مرة بيطلع الناس بتكرهه أكتر - أزالهم من وجهك ولولا ذلك، كانوا بكونوا اليوم مجتمعين بدار الفتوى مثل ما اجتمعوا بتشرين، بيدّعوا التّكلّم بإسم المسلمين وبغطّوا المكتب الثّاني ورشيد كرامي". الحقيقة فيها كثير من واقع. انتهت والحمدلله ما صار مجازر على نطاق واسع، صار ضحايا كثير مؤسفة.

(04:18:20)
دور الفدائيّين في الحياة السّياسيّة اللّبنانيّة

(خمس دقائق وثلاثة وثلاثون ثانية)

وهون يجب الإعتراف أيضاً للفدائيّين بضبط النّفس العظيم. انا رحت على المستشفى يوم إلّي كانت عم تتوالى علينا جثث الموتى والجرحى. والجريح مثل الميّت. هون بقول قدّيش مستشفانا صار مستشفى كفؤ أنّه عالجنا كلّ الموتى والجرحى، وأطباؤنا، كنّا نبعث نجيبهم تحت الخطر باللّيل ويجوا يعالجوا المرضى وقمنا بالعبء كما هو. قدّيش كنت عم شوف الفخر وفضل الفدائيّين ألّي عمّ يجوا إخوانهم قتلى ومجاريح بهـ العدد وعمّ يضبطوا نفسهم ما عم يعملوا ردّة فعل. مرّقنا هـ الزوبعة بس الأجواء لا زالت معكّرة لأنه الصّراع الأصيل صراع بين المواطن اللبناني الّذي يريد أن يعيش كريماً في لبنان وبين مغتصبي السّلطة. وحتّى أنا أدّعي وادّعيت هذا من أوّل الطّريق، قضيّة الفدائيّين كانت ذريعة ألهم زجّوها بهـ الموضوع. الفدائيّين، ما بقول ما قضيّة، قضيّة، لكن كانت معالجتها بتكون على غير هـ الصعيد. مش على صعيد الشّارع بتكون على صعيد المسؤوليّة. وكم أوّل يوم كان أسهل كثير معالجتها قبل نيسان وحوادث نيسان، صارت أصعب بعد نيسان، لكن أسهل كثير من قبل تشرين وحوادث تشرين، كانت أسهل كثير قبل حوادث تشرين من بعد حوادث تشرين، كانت أسهل من بعد تشرين عن ما هي اليوم. هنّ عم يخلّوها تتفاقم لأنه عم يستعملوها ذريعة لتوليد فتنة بين اللّبنانيّين ببعضهم. إلى اليوم ما نجحوا بتوليد هـ الفتنة وصاروا مكشوفين. أنّه معركة اثنين ثلاثة عم بعدّولهم إيّاها الكل. هلّق بيبدوا بالمقاصد، بثنّوها بالكحّالة، ببنت جبيل، بحارة حريك - إلّي عالجناه معالجة كريمة الحمد لله - بالدكوانة. هون بتقلّي كيف ما ظهرت بالصّحف؟ لأنه الصّحف بيدّهم ما ظهر عملنا. بنفس النّهار إلّي كنت عم عالج هـ الأمور وبالموت الأحمر وبتقدر تعرف من نواب المناطق المسيحيّة شو كنت عم بعمل، كلّ شي بيطلع بـ "النهار"، إنّه صائب سلام عم يعمل تجمّعات سياسيّة مع كامل الأسعد وكمال جنبلاط إلّي ما كنّا بوارده أبداً. هذا دسّ كلّه حتّى يفسدوا الصورة الأخرى. انقضت أجت لجلسة المجلس النيابي إلّّي عملوها قصّة المكلّس. كمان هنّ افتعلوا من قصّة المكلّس قصّة ضدّ كمال جنبلاط. أنا بكلّمتي بالمجلس أوّل مبارح قلتلّهم: "القضيّة ليس قضيّة المكلّس، القضيّة قضيّة كمال جنبلاط" - عندي الكلمة راح أطبعها بكرا وأبعثها لكم - بدّهم يفشّلوا كمال جنبلاط تا ما يخلّوا حكم مَدَني مسؤول ديمقراطي برلماني عمّ يمارس حقوقه تا يبقوا هنّ مسيطرين بواسطة رشيد كرامي وأشباهه. بالمجلس ما كان صوت ارتفع بالدّفاع عنهم إلاّ صوت المتملّق الأكبر رينيه معوّض وبرخص كلّي، برخص كلّي.

اليوم نظرتي للأمر بعدها متفاقمة الوضعيّة والمعركة ليست بسيطة إطلاقاً، هوذي ما بيتنازلوا عن ما في بيدهم من سلطة بسهولة وما بيتنازلوا عن موارد الفساد إلّي عندهم بسهولة. انهدّ ركن كبير من أركانهم بمقتل ستيتيّه – انتوا يمكن ما بتعرفوها هيدي - ستيتيّة Gangster حشّاش صاحب محششة مقمرة كوكايين هيروين تهريب. الفدائيّين لمّا نشأوا بهـ المخيّمات الحقيرة مأكّد مين ما أجا يساعدهم بيتمنّوا عليه ما بس ما بيرفضوه. ستيتيّه ادّعى أنّه عم يساعدهم وتحت ستار مساعدتهم صار يتطوّر بتغطية فساده وهو عميل للمكتب الثّاني. صاروا مع الوقت يكتشفوا ذلك ويجرّبوا يحدّوا من عمله، ما كان ينحدّ أبداً، وصلوا لآخر المطاف وما قدروا بقى يتقبّلوه، إنّه هو كجزء من الفدائيّين صار يلبس لباسهم ويشلّح ويهرّب ويهرّب كوكايين ويهرّب حشيش ويعمل كلّ الموبقات بحماية المكتب الثّاني. أنذروه أوّل وثاني ما كان يفهم. قرّروا إنّهم يصفّوه منهم ما بيقدروا يخلّوه مدّعي إنّه منهم. مع الأسف إنّه غياب الدّولة اللبنانيّة بل تشجيع الدّولة اللبنانيّة من خلال سلطة المكتب الثّاني لهول، إلّي بخلّي إنّه الغير ما حدن منّا بيشتهي كان، إنّه فلسطيني يصفّي مجرم لبناني. صفّوه عرفتوا المجزرة إلّي صارت بتصفايته. تدخّل رئيس الجمهوريّة مع الفدائيّين، تدخّل سامي الخطيب عن المكتب الثّاني مع الفدائيّين، تدخّل عثمان الدّنا تكراراً مع الفدائيّين. هؤلاء كلّهم جذور المكتب الثّاني.

(04:23:18)
س ـ هل تدخّلوا قبل أو بعد المجزرة؟

ج ـ هي والمجزرة واقعة وبعد منها ثاني يوم للإفراج عنه، اعتقدوا أنّه بعده موجود واضطرّ الفدائيّون يعملوا بيان يقول: "صرّح مصدر من الإعلام من فتح"، بعدين عملوا بيان وطبعوه ووزّعوه بالألوف بقولوا فيه: "إنّه عثمان الدّنا والوزير الّذي تسانده وتحميه الأجهزة الخاصّة".

(04:23:53)
دور المكتب الثّاني في الحياة السّياسيّة اللّبنانيّة

(أربع دقائق وإحدى وأربعون ثانية)

المعركة لا زالت مفتوحة وقاسية إلّي بيعتقد إنّه مكاسبنا كلّها إلّي حقّقناها هي كافية إنّها تحول دون استمرار هـ الجماعة في عملهم بكون خاطيء، أنا في رأيي إنّه لن تنتهي إلاّ بأحد أمرين إمّا انخذالنا أمامهم وسيطرتهم سيطرة مطلقة إلى آجال ما حدا بيعرف مداها إلاّ ربّنا، أو إزالتهم من الوجود، وهذا أنا ألّي طالبت فيه بمجلس النوّاب وصار لي طالب فيه سنين ودائماً بمجلس النوّاب، قلّهم: "لا يمكن أن يقوم أي حكم مسؤول في هـ البلد بعمل مفيد للبنان من أي نوع كان طالما دولة المخابرات والمكتب الثّاني قائم وبعطّل أي عمل من هـ النوع، فإذن يجب أوّل شيء تبادروا إله هو إزالة دولة المخابرات وإقصاء هـ الجماعات عن السّلطة". هيدي قصة الساعة.

أنا الّذي عشت الأحداث كاملة في أعماقها قبل الـ 1958 وخصوصاً بالـ 1958 وعشتها منذ الـ 1958 وإلى اليوم، بقدر قرّر شيء إنّ الجوّ الإسلامي ـ المسيحي في الصراع الذي يقوم في لبنان، اختلف اختلافاً كبيراً. كنت بتمنّى قول إنّه زال أو يقرب من الزوال، بعيد عن هذا، لسّه رواسب الماضي، رواسب العصور ما بتزول بين يوم وليلة، لكن أنا كرجل عاش أحداث الـ 1958 في أعماقها وعاش الأحداث الأخيرة، بقدر قرّر للتاريخ إنّ الجوّ الطائفي اختلف إلى حدٍّ بعيد جداً، ما عاد من الهيّن إثارة الطّائفيّة كفَرس صراع ِنزال وهذا شيء مهم، يمكن إجا معه شيء من التّقسيم اليساري واليميني، لكن كمان هذا جزء من وعي. رغم التّضليل اللّيل والنّهار المتوالي من وسائل الإعلام ـ الراديو والتلفزيون والصّحف وكلّها وراها تخطيط كمال جنبلاط. قلتلّهم أنا بالمجلس وقلتلّهم قبل ببيان: "أنّه جاء يكتشف اليوم بحكم ممارسته لوزارة الدّاخليّة إلّي نحن مكتشفينه من زمان". اليوم مثلاً بقول عم يكتشف هو أنّه كيف بيجوا الأوراق عا الدكتيلو، "كيف ممكن هوذي كل ليلة بيجوا الأوراق عا الدكتيلو؟" نحن من زمان عم نعاني منهم، ياما وياما بحطّوا تصاريح إلنا ذاتنا، بحطّوا علينا تصاريح من فلان وفلان، مفهوم عبيدهم بيقبلوا منهم، إلي أنا بحطّولي تصريح وفيه من الدقّة والدّراسة في الوضع إنّّي ما بقدر أنفيه، لكن غير صحيح مضلِّل. هذا طالما صار معنا. بعدين جاء يكتشف كمال جنبلاط قدّيش التليفونات. كنت عنده من مدّة وعم يحاكي رئيس الجمهوريّة قلّه: "مع الأسف ما بقدرش قلّك كل شي عا التليفون، لأنه هوذي تبع التليفون بعدهم بياخذوه وبسجّلوه وبيستفيدوا منه لضرر، أنا بدّي أجي شوفك لأحكيلك". هذا ألّي نحن مكتشفينه من زمان. ما منقدر نحكي على التليفون شي إلاّ إلي بدنا نوصّلّهم إيّاه، والإنسان بيزلق. بعد منها ما بتتصوّروا عا التليفون قدّيش عم ياخذوا أشياء، منرجع لقصّة الـ Anti defamation Society تبع أميركا، معلومات خاصّة عن فلان أو فلان تايستعملوها ضدّه، ريمون إدّه مثلاً بقلّي: "أنا بياخذوا عنّي الأشياء إللي بتعاطاها نسائياًً، أنا رجل أعزب ومنّي سألان عنهم". صحيح لكن غيره بيسأل عنهم، إلّي بيدخلوا بينه وبين زوجته وبيدخلوا بينه وبين ابنه بيسأل عنهم. مسكوا الدّنيا بخيوط الفساد كلّها. بس هيذي مهمّة الحقيقة إنّه الحساسيّة الطّائفيّة ما عم يقدروا يستعملوها بالقدر الأوّل. أنا كنت قول بسنة الـ 1958 إنّه الحمد لله مع كلّ إستعمالهم إلها ما نفذت إلى الآخر، إنّه السّلاح اللّئيم إلّي استعملوه سنة الـ 1860 ما قدروا يستعملوه سنة الـ 1958، وقتها سمّينا مارون عرب الكولونيل روز الخ. حمّوها كثير، مسيحيّاً كان معنا بطرك الموارنة، كان معنا بشارة الخوري، كان معنا زمرة من إخواننا، لكن ما كانت كافية، كانت مسيحيّة ـ إسلاميّة إلى حدٍّ بعيد. اليوم منها مسيحيّة ـ إسلاميّة.

(04:28:34)
الوجود الفدائي وممارسات المكتب الثّاني ضدّهم

(ثلاث دقائق وثماني عشرة ثانية)

(04:28:34)
س ـ هل وجود الفدائيّين غيّر مجرى الأمور؟

ج ـ ما في شكّ، أوّلاً وجود الفدائيّين أعطى شعور قوّة للمسلمين، الجمهور الأعزل تقريباً والمُضَلَّل من المكتب الثّاني والمُسَيطَر عليه أكثر من المكتب الثّاني بالنسبة لجهل مجتمعنا دخلوا فيه أكثر. نفر منه المسيحيون، إنّما المسيحيّين واقعيّون،لأوّل وهلة نفروا منه ولأوّل وهلة كانوا بريدوا إنّهم يخضّعوه بعنف، ولمّا تطوّر إلى تطوّر أقوى من أن يُخضَع بعنف، تقديري اليوم للأمر إنّه مَن يريد من المسيحيّين أن يقبل فيه أو لا يريد صار بيقبل بالأمر الواقع لأنه ما إله مفرّ منه. وبالواقع الأمر منطقي كثير. اليوم عندك 300000 فلسطيني موجوين بلبنان، كانوا على مدى سنين لاجئين، لاجئين عايشين بالذلّ، ذلّ وقهر لكونهم لاجئين ولكونهم عايشين في المناخات الإجتماعيّة إللي عايشين فيها وفي الحاجة والفاقة إلّي عايشين فيها. وفوق هذا عايشين في وضع إذلال، يمكن ما بيعرفوه كثار من الناس، إللي كانوا يلقوه من السّلطة اللّبنانيّة وهنّ ما بيعرفوا السّلطة اللّبنانيّة إلاّ إللي بيتّصلوا فيها. السّلطة إلّي بيتّصلوا فيها كانت المكتب الثّاني. الإذلال إلّي كانوا يلاقوه فيها، يجيبوا الرّجل أمام مرته ويحطّوه تحت الضرب والسّرماية ويقولوله منذبحك بهـ السرماية* (الحذاء) ويشتموه ويهزّؤوه ويهزّؤوا عروبته ويهزّؤوا ودينه. هذه حوادث جارية غير حوادث القتل أبرزها قصّة كعوَش إلّي فظّعوا فيها الخ. فأنا بقول بالواقع نَبض الفلسطينيّين بالمخيّمات إلّي نَبَضوه مش بس لأنه شعروا بالحاجة للنّضال من أجل بلدهم وللنضال من أجل حقوقهم، مش بس لاسترجاع وطنهم وبلدهم وأراضيهم، مش بس لاسترجاع مقدّساتنا إلّي إلنا وإلهم، النَبَض كمان ناتج عن ردّة فعل للذلّ إلّي عاشوا فيه، بل أكثر من هذا للإذلال إلّي عيّشوهم فيه في لبنان. وإذا عم بتشوفوا منهم اليوم شيء ضدّ السّلطة إلّي أذلّتهم، هذا شيء لازم نقدّرلهم إيّاه قدّيش قليل مقابل الإذلال إلّي وقعوا فيه. لو عرفتوا تفاصيل حادث بنت جبيل، شيء بتقشعرّ إله الأبدان، اغتيال مجرم دنيء لا يمكن لإنسان عنده إنسانيّة أن يتصوّر كيف قتلوهم. هذا شرارة كيف قتلوه وهوذيك كيف ذبحوهم وما شالوهم من السّاحة إلاّ ما تأكّدوا إنّهم قتلوه. لأنه سأل هذا الكابتن إلّي معهم آخر سؤال إنّه: "قُتل رياض؟"جاوبه الرّقيب قلّه: "قُتل". قلّه: "شيلوهم". واحد مقتول شرارة والثّاني مجروح غميان ورياض مجروح عمل حاله كمان غميان، سأله هـ السؤال، سمعه.

(04:31:52)
إختلاف اللّبنانيّين على طريقة معالجة قضيّة الفدائيّين الفلسطينيّين

(ثماني دقائق وأربعة وعشرون ثانية)

الفلسطينيّون على هـ الوجه والمسلمون بالطّبع مفهوم إنّه مبدئيّاً بأيّدوهم أكثر لأنه كمان شعورهم العربي وتحسّسهم الإتّصال العربي وأيضاً برجع بقول ما كلّه تأييد لشرف الفداء الفلسطيني ولنبل الفداء الفلسطيني ولاستعادة الأرض العربيّة السّليبة ولاستعادة مقدّساتنا، في عند المسلمين شعور إنّه هوذي صاروا قوّة مسلّحة بيرفعوا عنّا ضغط القوّة المسلّحة تبع الجيش اللبناني إلّي عم بتذلّنا، خلّينا نكون واقعيّين ونقرّر ذلك.

(04:32:24)
س ـ هل هذا تفكير مسلم صحيح؟

ج ـ تفكير مسلم؟ كلاّ، هذا حسّ مسلم بالواقع.

(04:32:38)
س ـ هل يكون في المستقبل له ردّ فعل آخر؟

ج ـ كلاّ، لأنه صارت الواقعيّة اليوم. آخر محاولة كانت من شارل حلو لمّا نفى وقال أنا لا أقبل بالأمر الواقع وقامت الدّنيا كلّها مسيحياً معه بدّه يعمل زعيم مسيحي على ظهرهم. لقيوا أنّه الأمر الواقع ما بينفع. أنا حجّتي معهم جمعتهم من مدّة هنّ وريمون إدّه، طيّب يا سيدي هوذي فدائيّين على حقّ أو على باطل انوجدوا هون، كانوا لاجئين مذلولين بالمخيّمات، بمخيّمات لاجئين. بقلّهم أحياناً الفرنج عندكم ما بتميّزوا بين كامب وكامب إلاّ ما تقولوا Militant Camp أوMilitary Camp، نحن في فرق بين مخيّم وبين معسكر، اليوم قلبوا أسماءهم صار معسكر عندهم، ما عاد يقبل يتسمّى لاجىء، صار اسمه مناضل أو فدائي ـ عائد. فإذن تبدّلت الصّورة تبدّل كلّي بين لاجىء في مخيّم ذلّ وجوع وفقر وحرمان، صار عائد مناضل في معسكر. تسلّحوا. وإذا بدّك تعترفيلهم بحقهم بالنّضال وتقدّسي العمل الفدائي مثل ما كلّ مسيحي من إخواننا بقول، لازم نقول أنّه هوذي شو عملهم؟ إذا صحيح حتّى بيار الجميّل، بيذهب إلى أبعد من ذلك وبقول: "بكون خائن الفلسطيني إلّي ما بيعمل فدائي". عمل فدائي، سمع منّك إذا ما استجاب لأشياء أخرى – قلتلّه هيك بالجلسة السرية "استجاب إلك، عمل فدائي" - هوذي 300000 صاروا، شو بدّهم يعملوا؟ بيعمل فدائي، شو يعني، بدّه يعمل فدائي عليّ وعليك ولاّ بدّه يعمل فدائي ويستعيد أرضه؟ في حدن عنده إقتراح من الإقتراحات أنّه نحطّهم بطائرات الـ BOAC الفخمة وننقلهم لأرضهم أو نحطّهم ببوابير فخمة وننقلهم لأرضهم، جغرافياً بدّهم يمشوا مشي على إجريهم تا يوصلوا لأرضهم، بروحوا عُزَّل مكشوفين لدايان وأجهزته ورصاصه ولاّ بدّهم يتسلّحوا؟. بدّهم يتسلّحوا. فإذن خطوة بخطوة عم نعترف إنّهم ما عادوا لاجئين، صاروا مناضلين عم نحرّضهم على الفداء، صاروا فدائيّين بدهم يحملوا سلاح ويرجعوا على أرضهم. ولّدت مشكلة هون. مجرّد وجود هذه المعسكرات من 300000 فلسطيني، صار فيهم العدد الكبير منهم مناضلين ومسلّحين، هذا فيه أذى للبنان وإلّي بينكر ذلك بكون عم ينكر الواقع. يمكن في ناس عم يروحوا لأبعد الحدود بقولوا فلينلْ لبنان أقصى الأذى، هذا ما اعتبار. لا، خلّينا نكون واقعيّين نقول إنّه في أذى للبنان. اللي بقول فليذهب إلى أبعد الحدود ويهدروا لبنان كلّه، أو هل بقول أنّه ما لازم يمسكوا شعرة من لبنان هذا في أذى للبنان. هل حدن عنده اقتراح معقول يقول إنه نزيل هـ الأذى؟ أنا ما بقدر افتكر فينا نمسكهم ونزتّهم بالبحر، منرجع للشعور الغير إنساني. فإذن إذا قرّرنا كل هذه الأمور وقرّرنا إنّه في أذى للبنان، لازم إذا كنّا عاقلين نحاول نحدّ هـ الأذى إلى أبعد حدوده. هذا بيقدر يصير بتصوّر البعض كان من مدّة بالعنف، إنّه بتضربهم بتوقّفهم، كنّا نقلّهم إنّه هذا ما بصير - وانا مسجّل بأحاديثي مع رئيس الجمهورية، ونبّهته من سنة قلتلّه: "ليس من قبيل التّهديد، أنا عم قلّك، إنّه يوم إلّي حدن بدّه يضربهم بعنف، بدّها تقوم الدنيا، بدّه يصبح أوّل شيء مليون وربع مسلم فدائيّين معهم". وكل مين بيجي لعندك من زعماء وبقولولك، يا حنّ بينزربوا مثل الفيران ببيوتهم، أحنّ انزربوا عثمان الدّنا وشفيق الوزان وعبدالله اليافي، كلّهم إلّي كانوا يقولوله نحن منأيّد رسالتك - هذا غير واقعي ، ليش؟ لأنه أنكر الأمر الواقع. طيّب بتنكر الأمر الواقع وأنت غير واقعي، نكرانك للأمر الواقع غير واقعي شو بتعمل فيه؟ اعطوني الحلّ. ما في حلّ، أنا عندي حلّ. ألحلّ أنّه هؤلاء تتعاطى معهم على أكرم وجه ممكن وأسلم وجه ممكن للحدّ من الأذى. لا، بدّي أتعاطى معهم بالعنف، ما بيجي هذا. بعد في حدن بيقدر يحول دون نشاطهم؟ ما حدا بيقدر يحول دون نشاطهم. هيدا موضوع البحث.

(04:36:43)
س ـ هناك فئة تقول بأن لو لم يساعد الإسلام وزعماء الإسلام الفدائيّين في لبنان بهذا القدر لكان بالإمكان الحدّ من نشاطهم أكثر من هكذا.

ج ـ أنا بحب قول بصراحة أنّه الإسلام شعروا بأنّه هوذي ساندوهم مقابل الأذى إلّي عم ينالهم من الجيش اللّبناني المسيحي المسلّح، وهؤلاء شعروا إنّه المسلمين عم يساندوهم. يمكن عم نضيّق الصّورة كثير هون لأنه بالواقع إلهم مساندة كبيرة عند المسيحيّين يمكن بتجهلوها، بس إلهم مساندة كبيرة عند المسيحيّين كثير. وهون بقول كمان لأنه زالت إلى حدًّ بعيد الحساسيّة المسيحيّة ـ الإسلاميّة وانقسمت الأمور إلى يساري تقدّمي وإلى يميني. فالخشية على لبنان هوذي اليمينيّين وفي منهم المتطرّفين إلّي نسمة الرّيح ما بدهم تهبّ، طيّب عم بتهبّ، اترك الفدائيّين واترك أمرهم واترك كلّ شيء ومجتمعنا إللي قايم.

طالما خطبنا وكتبنا وفهّمناهم، يا جماعة إنتوا جشعين منفهم، بدكم تاكلوا الدّنيا كلّها منفهم، لكن تا تحافظوا على مكاسبكم بدكم تراعوا النّواحي الأخرى إجتماعيّاً. أبداً، ما براعوا ولا بيسمعوا وما بريدوا يتنازلوا عن شيء. وفي شيء خطير بلبنان، في كلّ بلاد العالم المتموّلين جشعين والجشع لا يسأل عن الأمور الأخرى، إنّما في البلدان الأخرى مجبور يسأل إلى الحدّ إللي بحافظ على وجود البلد وإستمرارها حتّى يبقى جشعه إله مكانه. مجبور بحكم الواقع، لأنه مثلاً المتموّل والجشع بفرنسا أو بألمانيا أو بإنكلترا ما بيخطر له إنّه إذا خربت ألمانيا هو بيترك ألمانيا، ما بيخطرله انه إذا خربت فرنسا بيترك فرنسا، إنّما هون القسم الكبير جدّاً إذا ما قلت الأعظم من الجشعين والمتموّلين في هـ البلد طارئين وبل لبنانيّين ومن العائلات اللّبنانيّة الأصيلة، مع الأسف الشديد واضعين أموالهم بأميركا وسويسرا وأوروبا وناطرين أوّل خطر مداهم وجدّي بيطرأ على لبنان بيركبوا الطيّارة وبصيروا هناك. فإذن هوذي ما عادوا مشتركين يعطونا ولو شيء ضئيل من مساعدتهم لاستمرار البلد في هدوء واستقرار وهناء وازدهار. حاطّين هنا القَدَر من شخصيّاتهم وأموالهم إلّي بيستغلّوا فيها دماء البلد وحال ما يطرأ على البلد شيء مهمّ بيركبوا الطيّارة وبروحوا إلى سويسرا أو أميركا، هذا شيء مختلف جدّاً عن أي بلد آخر. في الجوهر ما مختلفين عن أمثالهم في البلدان الأخرى، لكن في التّنفيذ والعمليّات مختلفين، وهم أصحاب الفعاليّات، فإذن هم صاروا عم يشجّعوا الفساد وعم يشجّعوا عدم الإستقرار أو عم يتركوه يسيب، عم يتركوا عدم تطبيق القوانين، ما بهمّهم، بياكلوا الملايين ما بهمّهم لأنه يوم اللّزوم بروحوا. هذا فارق فظيع بين لبنان وغيره من البلدان الأخرى.



Alternative audio formats: saeb_salam.ogg - saeb_salam.flac

American University of Beirut © CAMES, 2007


Last modified: Wed Mar 21 14:00:20 2007